الدفاع و الامن

أسطول مقاتلات إف-16 الأوكراني يواجه التهديد المتصاعد من نظام الدفاع الجوي الروسي إس-400

beiruttime-lb.com|: هذا المقال يتناول موضوع "أسطول مقاتلات إف-16 الأوكراني يواجه التهديد المتصاعد من نظام الدفاع الجوي الروسي إس-400" بالتفصيل.

تُعرف مقاتلة إف-16، أو “فايتينغ فالكون”، بكونها طائرة متعددة المهام ذات محرك واحد، طُوّرت في الأصل لتحقيق التفوق الجوي، ثم تطورت لتغدو منصة متكاملة قادرة على تنفيذ طيف واسع من المهام، تشمل القتال الجوي، الضربات الأرضية الدقيقة، والدعم الإلكتروني.

يمنح تصميمها الانسيابي وأداؤها العالي (بسرعة تفوق 2 ماخ) قدرة كبيرة على المناورة، وتُجهّز عادة بمدفع M61 فولكان عيار 20 ملم، وصواريخ جو-جو مثل AIM-9 سايدويندر وAIM-120 AMRAAM، إضافة إلى ذخائر ذكية مثل قنابل JDAM الموجهة بالأقمار الصناعية.

ويمثل مدى عمليات إف-16 القتالي، البالغ حوالي 340 ميلاً باستخدام خزانات الوقود الداخلية (وقابل للزيادة عبر خزانات خارجية)، قفزة نوعية مقارنة بمقاتلات ميغ-29 وسو-27 السوفيتية، التي تفتقر لمستوى التقدم التكنولوجي ذاته.

وقد بدأ إدماج هذه الطائرات في المهام العملياتية بالفعل في التأثير على المشهد التكتيكي. وأفاد كافولي بأن إف-16 تُستخدم يوميًا لضرب مواقع في عمق المناطق الشرقية لروسيا، واستهداف التهديدات الجوية والصاروخية، وهو ما أكدته بيانات سلاح الجو الأوكراني في أواخر مارس.

وفي هذا السياق، كشف طيار أوكراني أن أكثر من 80% من الذخائر التي تُطلق من هذه الطائرات تُصيب أهدافها، بفضل الرادارات المتطورة مثل AN/APG-66 وAN/APG-68، التي توفر قدرة استهداف دقيقة على مدى بعيد.

فرق الحجم بين الصاروخ الجديد AIM-174B وAIM-120

ويمكّن صاروخ AIM-120 AMRAAM الموجه بالرادار، بمدى يصل إلى 65 ميلاً، الطيارين الأوكرانيين من الاشتباك مع الطائرات الروسية أو التهديدات الجوية الأخرى من مسافات آمنة نسبيًا، وهو ما يمثل فارقًا كبيرًا مقارنة بصواريخ R-73 قصيرة المدى.

ولا يقتصر دور إف-16 على الدفاع الجوي، إذ تم توظيفها مؤخرًا في تنفيذ ضربات دقيقة باستخدام ذخائر GBU-39 صغيرة القطر وقنابل JDAM-ER الموجهة، ما يمكّن أوكرانيا من استهداف مراكز القيادة وخطوط الإمداد والتحصينات الروسية من خارج نطاق أنظمة الدفاع الجوي الكثيفة.

ويُتوقع أن تؤدي هذه المقاتلات دورًا متزايدًا في مهام “قمع الدفاعات الجوية المعادية” (SEAD)، مستفيدة من قدرتها على حمل بودات التشويش من طراز AN/ALQ-131، القادرة على تعطيل أنظمة مثل إس-300 وإس-400، وبالتالي فتح المجال أمام طائرات ومسيّرات أخرى للعمل بأمان أكبر.

ورغم عدم تأكيد تنفيذ عمليات SEAD رسميًا حتى مطلع أبريل، إلا أن تجارب الناتو السابقة باستخدام إف-16 في البلقان والشرق الأوسط تقدم نموذجًا عمليًا لقدراتها في هذا المجال.

إلا أن تشغيل وصيانة هذه الطائرات المتقدمة في بيئة حرب عالية الكثافة تمثل تحديًا لوجستيًا كبيرًا. فبعكس الطائرات السوفيتية المصممة لتحمّل ظروف تشغيلية قاسية، تتطلب إف-16 دعمًا فنيًا متقدمًا وبنية تحتية متخصصة.

وأشار كافولي إلى أن المزيد من المقاتلات أصبحت “جاهزة للنشر”، مع استمرار تدريب الطيارين، دون الإفصاح عن أعداد محددة. وفي هذا الصدد، برز الدور الحيوي لهولندا، التي تعهدت بتسليم 24 طائرة، بدأت عملية تسليمها في عام 2024، إلى جانب مساهمات دنماركية في الطائرات والذخائر.

وتفيد التقارير أن أعمال الصيانة تُنفذ في منشآت خارج أوكرانيا لتجنب تعرضها للهجمات الروسية، في حين تعمل كييف على تكييف قواعدها الجوية، وبعض الطرق السريعة، لاستخدامها كمدارج بديلة، في استنساخ لتكتيكات الحرب الباردة التي استخدمتها دول مثل السويد.

ومع ذلك، فإن الحفاظ على الجاهزية التشغيلية لأسطول إف-16 في ظل تهديدات مباشرة من أنظمة الدفاع الجوي الروسية، وعلى رأسها منظومة إس-400 بعيدة المدى، يشكل معضلة استراتيجية لا تزال بحاجة إلى حلول مبتكرة ودعم لوجستي مستمر من الحلفاء.

نظام إس-400 ضد مقاتلة إف-16

وفقًا لمعايير التشغيل والصيانة المعتمدة لدى سلاح الجو الأمريكي، تتطلب كل مقاتلة من طراز إف-16 نحو 16 ساعة صيانة مقابل كل ساعة طيران واحدة، إلى جانب اعتمادها الكبير على سلسلة إمداد مستمرة تشمل المحركات، الأنظمة الإلكترونية، ومكونات الحماية الذاتية. وبالنظر إلى تعقيد هذا الدعم اللوجستي، يُرجّح أن الشركاء الأوروبيين قد أنشأوا مركزًا رئيسيًا لأعمال الصيانة في دول حلف شمال الأطلسي، مثل بولندا أو رومانيا، رغم غياب أي تأكيد رسمي على طبيعة هذا الترتيب.

وفي مقابل هذا التطور، لم تتأخر روسيا في اتخاذ خطوات مضادة. فمنذ الإعلان عن نية الحلفاء تزويد أوكرانيا بمقاتلات إف-16 في عام 2023، اعتبرت موسكو هذه الخطوة “خطًا أحمر”، ولوّحت بردود تصعيدية، تجلت لاحقًا في تعزيز أنظمة الدفاع الجوي ورفع وتيرة النشاط الجوي الروسي.

وتشير بيانات استخباراتية مفتوحة المصدر من أواخر مارس 2025 إلى تكثيف انتشار منظومات إس-400 الروسية على طول الجبهة، وهي قادرة على الاشتباك مع أهداف جوية تصل إلى مدى 250 ميلاً باستخدام صواريخ 40N6 بعيدة المدى، ما يشكل تهديدًا مباشرًا لأي طلعة تقوم بها مقاتلات إف-16. في ظل ذلك، يُجبر الطيارون الأوكرانيون على التحليق على ارتفاعات منخفضة أو ضمن حدود المجال الجوي المتنازع عليه، لتقليل خطر الرصد والاستهداف.

علاوة على ذلك، تبرز مؤشرات على قيام روسيا بإعادة نشر مقاتلاتها المتقدمة مثل Su-35S وMiG-31BM، بهدف التصدي للتهديد الجوي الجديد. وتُعد Su-35 خصمًا شرسًا بفضل قدرتها الفائقة على المناورة، رادارها المتطور Irbis-E، وصواريخ R-77 الموجهة، ما يجعلها نِدًّا حقيقيًا للـF-16، لا سيما في ظل تقارب الخصائص التقنية بين الطرفين.

سو-35

وتتعدى استراتيجية موسكو حدود الاشتباك الجوي المباشر، إذ تتبع القوات الروسية سياسة استباقية عبر استهداف القواعد الجوية الأوكرانية باستخدام صواريخ إسكندر الباليستية والطائرات المسيرة بعيدة المدى، بهدف ضرب الطائرات الغربية قبل دخولها مجال العمليات. وفي حادثة لافتة في أغسطس 2024، خسرت أوكرانيا مقاتلة F-16، ويُرجّح أن السبب يعود إلى نيران صديقة، ما يبرز هشاشة هذه المنظومات في بيئة صراع معقدة.

ولتقليل المخاطر، يُعتقد أن القوات الأوكرانية تعتمد استراتيجية توزيع أسطولها المحدود من مقاتلات إف-16—الذي يُقدّر عدده بـ16 إلى 18 طائرة—على عدة مواقع عملياتية، وهو تكتيك سبق أن أثبت فعاليته خلال استخدام طائرات ميغ-29. ومع ذلك، يبقى التفوق العددي الروسي في الطائرات والذخائر أحد العوامل الضاغطة التي تجعل من كل طلعة جوية مغامرة محفوفة بالمخاطر.

ولا يقتصر تأثير إف-16 على العمليات الميدانية فحسب، بل يمتد إلى حسابات التحالف الغربي وتوازنات الدعم العسكري. فتصريحات الجنرال كافولي حول جاهزية مزيد من الطائرات والطيارين تعكس التزامًا أوروبيًا مستمرًا، خاصة في ظل تراجع مستوى الدعم الأمريكي منذ وصول إدارة ترامب إلى الحكم.

وفي هذا السياق، أوردت مجلة Forbes في مارس أن الولايات المتحدة علّقت دعمها لبعض أنظمة الحرب الإلكترونية الخاصة بمقاتلات إف-16، ما قد يؤثر سلبًا على فاعليتها في بيئة مليئة بالرادارات المعادية. في المقابل، تدخلت فرنسا عبر تقديم طائرات Mirage 2000، إلا أن مقاتلات إف-16 تبقى الركيزة الأساسية للقوة الجوية الأوكرانية الغربية.

وفي حال أثبتت هذه الطائرات كفاءتها العملياتية، قد يدفع ذلك الناتو إلى تسريع تزويد أوكرانيا بطائرات الجيل الخامس من طراز F-35، رغم أن كلفتها الباهظة—التي تتجاوز 80 مليون دولار للطائرة الواحدة—تجعل من هذا الخيار غير مرجّح في المدى القريب. أما إذا تكبدت أوكرانيا خسائر كبيرة، فقد تعزز الأصوات الداعية إلى مراجعة جدوى استخدام منصات الجيل الرابع في حروب عالية الكثافة.

وتجدر الإشارة إلى أن سلاح الجو الروسي يحتفظ بتفوق عددي كبير عبر مزيج من الطائرات المقاتلة، وإن كانت متفاوتة في قدراتها. وتظل Su-35، برادارها المتطور و12 نقطة تعليق للأسلحة، أحد أخطر التهديدات التي تواجه مقاتلات إف-16 على الجبهة الشرقية.

نور الدين من مواليد عام 1984، المغرب، هو كاتب وخبير في موقع الدفاع العربي، حاصل على ديبلوم المؤثرات الخاصة، ولديه اهتمام عميق بالقضايا المتعلقة بالدفاع والجغرافيا السياسية. وهو مهتم بتأثير التكنولوجيا على أهداف السياسة الخارجية بالإضافة إلى العمليات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. إقرأ المزيد

Next post

Back to Top

JOIN US AND FOLO

Telegram

Whatsapp channel

Nabd

Twitter

GOOGLE NEWS

tiktok

Facebook

مصدر الخبر نشر الخبر اول مرة على موقع :www.defense-arabic.com بتاريخ:2025-04-22 19:02:00 ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي تم نشر الخبر مترجم عبر خدمة غوغل


اكتشاف المزيد من بتوقيت بيروت -اخبار لبنان والعالم

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

أسطول مقاتلات إف-16 الأوكراني يواجه التهديد المتصاعد من نظام الدفاع

beiruttime-lb.com|: هذا المقال يتناول موضوع "أسطول مقاتلات إف-16 الأوكراني يواجه التهديد المتصاعد من نظام الدفاع" بالتفصيل.


اكتشاف المزيد من بتوقيت بيروت -اخبار لبنان والعالم

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى