هراري، وهو من كبار منتقدي نتنياهو، كتب منذ فترة مقالا وفي ثنايا انتقاداته التي كتبها عن أداء حكومة تل أبيب، استخدم عبارة لو أن أحدا غيره كتبها فلن تكون هناك حاجة للرد عليها.
كتب هراري: لقد ألحقت حكومة نتنياهو كارثة إنسانية كبرى بـ 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة، ونتيجة لذلك أضعفت الأسس الأخلاقية والجيوسياسية لوجود “إسرائيل”.
إن عبارة “الأسس الأخلاقية لوجود إسرائيل” متناقضة في مفهومها الى درجة انني ارتأيت كتابة هذه السطور وتوجيهها إلى يوفال نوح هراري:
سيد هراري!
أنت أستاذ مشهود له في التاريخ وفي كتاب “العاقل” تروي تاريخ العالم من 13 مليار ونصف مليار سنة إلى حين ظهور المادة والطاقة ، وتعرف حتى أن الإنسان صنع أول الأدوات الحجرية منذ 2 ونصف مليون سنة في افريقيا ، وتعرف أن إنسان النياندرتال انقرض قبل 30 ألف سنة، بل وتعرف عن أول اسم مسجل في التاريخ كان مرتبطًا بمحاسب اسمه “كوشيم” منذ 3400 سنة.
أنت، الذي تعرف تاريخ العالم منذ مليارات السنين وحتى الآن بمثل هذه التفاصيل، وهذا هو سبب شهرتك، يجب أن تكون على دراية بتاريخ “إسرائيل” أفضل من أي شخص آخر.
أنت الذي تعرف تفاصيل انقراض الحيوانات العملاقة في أستراليا قبل 45 ألف سنة، لاشك بأنك تعلم ان المكان الذي يسمى اليوم “إسرائيل” حتى 76 عاما مضت، لم يكن له وجود خارجي في الأساس، وكان دائما يسمى “فلسطين”.
لابد أنك تعلم أن البريطانيين “احتلوا” هذه الأرض أولاً عام 1917 بالقوة العسكرية (نعم! احتلال) ثم أعلنوا أنهم يريدون إنشاء وطن لقوم اليهود هناك.
أيها السيد المؤرخ!
أنت على علم بكيفية نقل اليهود من مختلف أنحاء العالم إلى فلسطين من قبل البريطانيين بين عامي 1917 و1948، وكيف تم الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية ومنحها للمهاجرين اليهود بدعم من القوات البريطانية.
ولابد أنك تعرف أيضا كيف تم في عام 1948 ببيان قيام دولة اسمها “إسرائيل” في أرض فلسطين وكيف قُتل واغتصب أصحاب الأرض على يد المهاجرين المسلحين وحماتهم البريطانيين.
يا أستاذ التاريخ!
أنت تعرف جيدا عدد الفلسطينيين الذين قتلوا أو أصيبوا أو طردوا على يد المهاجرين الصهاينة في كل عام من وجود “إسرائيل”. لابد انك تعرف جيدا أن بعض كبار السن من رجال ونساء فلسطين الذين طردوا من منازلهم، ما زالوا يحتفظون بالوثائق والمفاتيح القديمة لمنازل آبائهم؛ المنازل التي تم اغتصابها والآن أنتم تعيشون فيها.
انت الذي تعرف ان البشر غادروا افريقيا لاول مرة منذ 70 ألف عام، وانتشروا في جميع أنحاء العالم، يجب أن تعرف أيضا أنه خلال السبعين عاما ونيف الماضية، يتم كل عام تدمير عدة كيلومترات مربعة من الأراضي السكنية والزراعية الفلسطينية وتؤخذ من الفلسطينيين قسراً وتقدم للمهاجرين الذين يتوافدون من القارات الخمس.
كما تعلم أنه في عام 1948، في الطنطورة، تم وضع الفلسطينيين في أقفاص وإحراقهم، كما تعلم كمؤرخ، أنه في نفس العام في دير ياسين، هاجم رجال ونساء صهاينة حفل زفاف وقتلوا العروس والعريس وضيوفهما، أنت تعلم أنه في عام 1956، أعدم رعايا كيانك 275 مدنيا فلسطينيا في خان يونس، وأنت على علم بمذبحة العمال الفلسطينيين في نفس العام في كفر قاسم، وربما تجدها في الأرشيف التاريخي للجامعة العبرية في القدس، ويمكنك العثور على الوثائق، وشاهد صور مخيم البرج الشمالي كيف هاجمت “إسرائيل” المدنيين بالقنابل الفسفورية وأحرقت وقتلت 115 شخصا في دقائق معدودة.
ويمكنك حتى أن تقرأ تقارير مذبحة قانا في جنوب لبنان في 8 أبريل 1996، وتتذكر كيف قتلت حكومتك 106 مدنيين، من بينهم 4 من قوات حفظ السلام، وكانت الجريمة بشعة لدرجة أنه لم يتم التعرف على بعض الجثث بما في ذلك بعض النساء والأطفال.
أيها السيد المؤرخ!
لابد إنك تعلم أن “إسرائيل” قتلت 4412 فلسطينيا وأصابت 48 ألفا و322 آخرين خلال الانتفاضة الثانية، وتعلم أن 154 مدنياً قُتلوا في مخيم جنين في أبريل 2002، وتعلم ايضا أنه في ديسمبر 2008 قتلت حكومتك 1300 شخص آخرين. وفي عام 2014، قُتل أكثر من 2000 شخص، 711 منهم من النساء والأطفال، وفي عام 2021، قتل 248 شخصا آخر، وآلة القتل الجماعي الإسرائيلية تواصل جرائمها وعملها دون انقطاع حتى اليوم وأمام أعين الجميع العالم بكل وقاحة .
ولابد أنك تعرف أكثر من أي شخص آخر أن ما ورد في السطور السابقة ما هو إلا نزر يسير من الأمثلة وليس سوى جزء من الجرائم المستمرة والمنظمة والمتعمدة التي ترتكبها حكومة “إسرائيل”.
سيد هراري!
كأستاذ في التاريخ، أخبرني أن بلداً تشكلت نطفته من الاحتلال والقتل، ولم يكن أي جزء من تاريخه خالياً من الجريمة والانتهاك الممنهج لحقوق الإنسان، في الأساس، ما الأساس الأخلاقي الذي كان يتمتع به حتى يتم انتهاكه في الحرب الأخيرة !
إذا كان إنشاء وتنقل دولة ما وحكومتها يقوم على الاحتلال المستمر والقتل والنهب والتهجير ويزعم بان له أسس أخلاقية، فأي دولة وحكومة يمكن تصورها بدون أساس أخلاقي؟ فهل يمكن تصور أسوأ مما حدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال هذه العقود؟ لو تم تبديل مكان الجاني والضحية في هذه الأحداث وكنت أنت وأقاربك ترزحون تحت الاحتلال والقتل والنهب والتهجير، فهل ستظل تعتبر الطرف الآخر صاحب أساس أخلاقي؟.
يا أستاذ التاريخ!
إن المؤرخ الذي يقف في الجزء الخطأ من التاريخ هو أكثر وقاحة من السياسي الذي يقف في ذلك الجزء. كمؤرخ، قم بواجبك العلمي، وانقذ هويتك التاريخية، وقف في الجانب الصحيح من التاريخ. فلا يجوز أن يكتب في التاريخ أن المؤرخ الشهير وقف إلى جانب جناة التاريخ! .
الاعلامي جعفر محمدي
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :www.alalam.ir بتاريخ:2024-05-29 12:05:06
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي