الإعلام الإسرائيلي: علاقات مصر مع الصين تتجاوز البعد الأمني

beiruttime-lb.com|: هذا المقال يتناول موضوع "الإعلام الإسرائيلي: علاقات مصر مع الصين تتجاوز البعد الأمني" بالتفصيل.
وفي خضمّ ذلك، فاجأ التمرين العسكري المشترك بين مصر والصين، الذي شمل مقاتلات صينية متقدمة، حتى الصينيين أنفسهم، حيث سارعت وزارة الدفاع في بكين إلى التعبير علنًا عن اعتزازها به.


ووفقًا لما ذكره ديكل، فإن التعاون العسكري بين مصر والصين ليس بالأمر المفاجئ، بل يأتي في إطار سياسة واضحة تتبعها القاهرة منذ عقود.
وقال ديكل: “لقد حرصت مصر، ومنذ سنوات عديدة، على ألا تعتمد على قوة عظمى واحدة فقط. تقوم بذلك عن قصد، رغم أن كلفته مرتفعة من حيث الموارد. إنها تشتري الأسلحة من الجميع، وتسعى للحفاظ على علاقات عسكرية وسياسية مع عدد كبير من الدول”.
وأضاف: “كل ذلك لتفادي تكرار ما حدث لها أربع مرات في الماضي — عندما أقدمت الولايات المتحدة على ‘إغلاق الصنابير’ أمامها.”
وفي هذا السياق، أشار ديكل إلى اعتماد إسرائيل الحالي على الإمدادات الأمريكية من الأسلحة.
وقال: “في حربنا الأخيرة، لم تزودنا الولايات المتحدة بالجرّافات. وفي السابق، لم تزودنا بمحركات الطائرات، وقبل ذلك — لم تزودنا بأي سلاح على الإطلاق. الولايات المتحدة تتلاعب بنا لأنها تعلم أننا نعتمد عليها. أما مصر، فقد تعلّمت هذا الدرس عبر السنوات — ألا تعتمد على أحد.”
وأشار ديكل إلى أن التعاون مع الصين، وإن بدا مفاجئًا للبعض في إسرائيل، فهو تطور طبيعي بالنسبة للقاهرة.
وأوضح: “تحافظ القاهرة عمدًا على علاقات مع العالم أجمع — مع أي طرف يمكنها التعامل معه، ومع أي طرف له كلمة، وأي طرف يمتلك جيشًا وسلاحًا جيدًا. ولهذا، فهي تجري تدريبات مشتركة مع روسيا، من بين دول أخرى”.
وتابع: “حتى اليوم، تُجري مصر تدريبات مع فرنسا، ومع بريطانيا، وبالطبع مع الولايات المتحدة. وأؤكد بأسف أنني لا أذكر تقريبًا أي تدريبات مع الصين في تاريخ هذه العلاقات. لا أفرّق كثيرًا بين التمارين التي أجرتها مصر مع روسيا والاتحاد السوفيتي، وتلك التي قد تجريها مع الصين.”
كما أشار ديكل إلى أن سوق السلاح الصيني ليس غريبًا على مصر، حتى وإن كانت الولايات المتحدة لا تنظر إليه بعين الرضا.


حضور مصر في سوق الأسلحة
وقال ديكل: “في إطار ما يمكن تسميته بـ‘تجوال’ مصر في أسواق السلاح، بهدف تحقيق استقلالية عن الولايات المتحدة، قامت القاهرة بشراء أسلحة من الصين على مرّ السنين، رغم علمها بأن واشنطن لا تنظر إلى ذلك بعين الرضا. فمصر تدرك تمامًا أن الولايات المتحدة تموّلها بمنحة سنوية تقارب الثلاثة مليارات دولار، ومع ذلك فهي تواصل شراء الأسلحة”.
وأوضح ديكل أن مصر اشترت مؤخرًا من الصين أنظمة متقدمة للحرب الإلكترونية، من بينها أربع بطاريات نشطة، بالإضافة إلى أسلحة أخرى قد لا تكون معلنة. لكنه أشار إلى أن علاقات مصر بالصين تتجاوز الجانب الأمني.
وأضاف: “لقد اكتسبت الصين وضعًا خاصًا في مصر خلال السنوات الأخيرة، منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم. نجحت الصين في ‘غرس قدمها’ بقوة داخل السياسات المصرية، وبات لها مكانة بارزة. فعليًا، الصين هي التي تبني العاصمة الإدارية الجديدة لمصر — وهي مشروع يهدف لأن يكون تحفة عالمية من حيث الجمال والعمارة والفخامة والثراء”.
وتابع: “الصين هي المتعهد الرئيسي في هذا المشروع، وهو مثال واضح على ‘غرس القدم’. فالصين لا تكتفي ببناء العاصمة الجديدة — التي يمكن اعتبارها أهم مشروع لدى السيسي — بل تبني أيضًا ميناءين كبيرين واستراتيجيين على الأقل في أبو قير. ولها حضور واسع في مشاريع أخرى، لذلك لا يدهشني أن نراها تشارك في تدريب عسكري مشترك”.
وفي ما يخص مشاركة مقاتلات صينية في التدريب المشترك، يرى ديكل أن ذلك قد يكون جزءًا من مناورة مصرية تمهيدًا لصفقات مستقبلية.
وقال: “منذ عدة سنوات، تسعى مصر إلى توسيع قوتها الجوية. وأعتقد أنها تمارس نوعًا من اللعبة التفاوضية لرفع سقف العروض المالية من جميع الأطراف التي تعرض عليها مقاتلات. فهي في مفاوضات طويلة مع فرنسا لشراء طائرات رافال، وفي الوقت ذاته تتفاوض مع إيطاليا على طائرات مماثلة (يوروفايتر تايفون)، والآن تدخل في مفاوضات مع الصين لشراء طائرات شبحية”.
وأضاف: “أرى أن ذلك يدخل ضمن صفقة تجارية مفادها: ‘أنتم لستم الوحيدين في السوق، خفّضوا الأسعار’، ومن ثم ستتخذ مصر قرارها النهائي. وأرجّح في النهاية أنها ستختار الطائرات الفرنسية، لكن هذا مجرد تخمين. هكذا تجري الأمور”.
واختتم ديكل حديثه قائلاً إنه لا يرى في المناورة المشتركة مع الصين خطوة استثنائية أو مثيرة للقلق، بل استمرارًا لنهج سياسي واضح تتبعه القاهرة.
وقال: “لست مندهشًا من هذا التدريب المشترك. فمصر تُجري تدريبات عسكرية مع كل القوى العظمى تقريبًا — باستثناء إسرائيل”.