وبحسب تقارير إعلامية غربية، فقد طرح ترامب هذا الموضوع خلال مكالمة هاتفية مع الرئيس عبد الفتاح السيسي قبل أربعة أسابيع، مقترحاً أن يكون المرور المجاني “مساهمة” من مصر في الجهود الأمريكية لوقف هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر، والتي أثّرت سلباً على إيرادات قناة السويس.
وجاء منشور ترامب بعد أسابيع من إعلان لجنة الشحن الفيدرالية الأمريكية فتح تحقيق حول “نقاط الاختناق البحرية العالمية”، بما في ذلك قناة السويس، و”الظروف غير المواتية” للتجارة الأمريكية.
وقد رفض أساتذة القانون الدولي وخبراء في التجارة البحرية ونواب في البرلمان اقتراح ترامب.
وقال الدكتور إبراهيم العناني، أستاذ القانون الدولي بجامعة عين شمس، إن لمصر كامل الحق في فرض رسوم على السفن المارة عبر قناة السويس، وهو ما تفعله منذ اتفاقية القسطنطينية عام 1888. وأي محاولة من دولة أخرى للانتقاص من هذا الحق يُعد خرقاً للقانون الدولي وتدخلاً في الشؤون الداخلية المصرية.
وأوضح العناني أن الاتفاقية تضمن حرية الملاحة لكافة السفن التجارية والعسكرية، باستثناء سفن الدول المتحاربة مع مصر، على أن لا تتوقف السفن العسكرية في القناة أو تُنزل قوات أو معدات عسكرية.
من جهته، أكد أستاذ القانون الدولي أيمن سلامة في منشور عبر “فيسبوك” أن مطالبة ترامب بإعفاء السفن الأمريكية من الرسوم “تفتقر لأي أساس قانوني أو منطقي” وتتجاهل مبدأ المساواة بين الدول وأحكام القانون الدولي.
وقال سلامة إن “حركة الملاحة في قناة السويس تنظمها اتفاقية القسطنطينية التي تمنح مصر الحق الكامل في فرض رسوم على المرور عبرها”.
اللواء أركان حرب أسامة محمود، مستشار كبير بكلية القادة والأركان، قال لقناة “العربية” إن الاتفاقية تعترف بالقناة كممر ملاحي دولي يحق لجميع الدول العبور منه مقابل رسوم محددة.
وأضاف أن تصريح ترامب بأن “القناة ما كانت لتوجد لولا أمريكا” يُفهم منه أن “أمريكا تحمي القناة من هجمات الحوثيين، وعلى مصر أن تساهم في الحملة العسكرية الأمريكية ضدهم بإعفاء السفن من الرسوم”.
وكان ترامب قد أعلن قبل شهر أن الجيش الأمريكي سيواصل قصف الحوثيين يومياً حتى يُنهي تهديدهم للملاحة في البحر الأحمر.
وفي هذا السياق، قال النائب في مجلس الشيوخ وسكرتير عام تحالف الأحزاب المصرية، تيسير مطر، لـ”الأهرام ويكلي”، إن تصريح ترامب بأن القناة ما كانت لتوجد لولا أمريكا “مبالغ فيه”.
وأضاف: “مصر لم تطلب من أمريكا مهاجمة الحوثيين لحماية قناة السويس. نحن قادرون على حماية مصالحنا، ونعتقد أن هجمات الحوثيين لن تتوقف إلا إذا أوقفت إسرائيل حربها على غزة”.
وأشار مطر إلى أن الحملة العسكرية الأمريكية هدفها الرئيسي “حماية إسرائيل والسفن الأمريكية التي تتعرض لهجمات منذ اندلاع حرب غزة في أكتوبر 2023”.
من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس والنائب السابق جمال زهران إن رد الفعل الرسمي المصري على تصريحات ترامب “هادئ”.
وأضاف: “المسؤولون المصريون يفضلون عدم الانجرار إلى مواجهات كلامية مع قادة أجانب، خصوصاً مع الولايات المتحدة التي تجمعنا بها علاقة استراتيجية”.
ويرى زهران أن طرح ترامب للمرور المجاني محاولة للضغط السياسي. وقال: “ترامب رجل أعمال لا يعترف بالقانون الدولي ويؤمن بأن لا شيء يُمنح مجاناً. يريد من أوروبا أن تزيد مساهمتها في الناتو، ومن الخليج أن يستثمر تريليونات في أمريكا، ومن أوكرانيا تقديم تنازلات مقابل الدعم العسكري، والآن يسعى لانتزاع تنازلات من مصر مقابل مهاجمة الحوثيين”.
ورغم الضغوط الناتجة عن دعوة ترامب لترحيل الفلسطينيين من غزة ومطالبته بإعفاء السفن الأمريكية من الرسوم، يؤكد زهران أن “المسؤولين المصريين يتعاملون ببراغماتية ولن يصدروا أي ردود مباشرة”.
وأكد زهران أنه من غير المرجح أن تُعفي مصر أو بنما السفن من الرسوم، لأن ذلك يمس بسيادتهما.
ونقلت وسائل إعلام غربية عن مصادر دبلوماسية في واشنطن أن مصر لم تقدّم أي وعود بالمرور المجاني، بل تركز على جهود التهدئة السياسية وإنهاء الحرب في غزة.
وفي جلسة عامة بالبرلمان يوم الأحد، قال النائب المستقل والإعلامي مصطفى بكري إن تصريح ترامب بشأن قناة السويس يهدف إلى الضغط على مصر للانضمام إلى الحملة الأمريكية ضد الحوثيين، لكن “الهدف الحقيقي هو عسكرة البحر الأحمر والسيطرة على مضيق باب المندب”.
يُذكر أن قناة السويس أنشأتها شركة فرنسية بقيادة فرديناند دي لسبس، وبدأ العمل بها عام 1859 واكتمل في 1869. وعندما أممها الرئيس جمال عبد الناصر عام 1956، تعرضت مصر لعدوان ثلاثي من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، وهو ما انتهى بتأكيد السيادة المصرية الكاملة على القناة.
تمر عبر القناة 10% من التجارة البحرية العالمية، لكن هجمات الحوثيين المتكررة على السفن المرتبطة بإسرائيل وأمريكا وبريطانيا أدت إلى انخفاض عدد السفن العابرة إلى النصف تقريباً.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد أعلن الشهر الماضي أن خسائر مصر بسبب الهجمات الحوثية بلغت نحو 7 مليارات دولار خلال عام، حيث انخفضت الإيرادات من 10.2 مليار دولار عام 2023 إلى 3.9 مليار دولار في 2024.
نور الدين من مواليد عام 1984، المغرب، هو كاتب وخبير في موقع الدفاع العربي، حاصل على ديبلوم المؤثرات الخاصة، ولديه اهتمام عميق بالقضايا المتعلقة بالدفاع والجغرافيا السياسية. وهو مهتم بتأثير التكنولوجيا على أهداف السياسة الخارجية بالإضافة إلى العمليات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. إقرأ المزيد
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :www.defense-arabic.com بتاريخ:2025-04-30 15:48:00
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي تم نشر الخبر مترجم عبر خدمة غوغل
