عين على العدو

المواجهة بين ترامب وحلفائه في مصر والأردن تخدم حماس

هآرتس 14/2/2025، تسفي برئيل: المواجهة بين ترامب وحلفائه في مصر والأردن تخدم حماس

خطة مصر لحل قضية غزة (الورقة المصرية)، التي تطرق اليها الملك عبد الله في لقائه في هذا الأسبوع مع الرئيس ترامب، يمكن أن تشكل السور السياسي المحصن في مواجهة فكرة الترانسفير الجماعي لترامب. تفاصيلها لم تنشر بعد، لكن حسب مصادر عربية فان الحديث يدور عن اقتراح تم تنسيقه مع الأردن، قطر، دولة الامارات والسعودية. خطة قامت بصياغة مبادئها لجنة خبراء عسكريين من مصر، وفي مركزها رفض فكرة تهجير وإعادة توطين مليوني غزي خارج القطاع.

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، عرض مسودة الخطة على نظيره الأمريكي ماركو روبيو، عندما قام في هذا الأسبوع بزيارة واشنطن. الزيارة كان يمكن أن تعد للقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي مع الرئيس ترامب، الزيارة التي تم الغاءها حتى اشعار آخر من قبل السيسي نفسه. الافتراض الذي استندت اليه الخطة هو أن التهجير غير وارد في الحسبان، في أي ظرف وأي حالة، باستثناء الحالات الإنسانية مثل بادرة حسن النية التي عرضها ملك الأردن، والتي بحسبها ستوافق المملكة على استضافة حوالي 2000 طفل مريض يحتاجون للعلاج.

الحديث لا يدور عن عرض استثنائي، لأن مصر في السابق استوعبت 5500 مريض ومصاب من غزة، وهكذا دولة الامارات أيضا. الخطة تشمل أيضا خطوط عريضة مفصلة جدا لادارة إعادة اعمار القطاع على مراحل تستمر 5 – 10 سنة بتمويل عربي، أي بتمويل من دول الخليج والذي ستنفذه بالأساس شركات مصرية وامريكية. الخطة، التي هدفت الى الرد على التحدي الذي وضعه ترامب امام الدول العربية والذي بحسبه “اذا رفضتم الخطة فان عليكم طرح افكاركم” – حتى الآن الخطة تتمسك بالافكار التي طرحتها مصر في شهر أيار الماضي، وبعد ذلك في تشرين الثاني وكانون الأول. بحسبها ستشكل في القطاع إدارة فلسطينية تتحمل المسؤولية عن إدارة وتنسيق نشاطات الأجهزة المدنية الحيوية، وضمن ذلك شبكة المياه وجهاز الصحة، وتكون مسؤولة أيضا عن معبر رفح (الذي طبيعة تشغيله تم الاتفاق عليها في اتفاق وقف اطلاق النار).

في الإدارة الفلسطينية لن يكون أي ممثلين عن حماس أو أي فصائل فلسطينية أخرى. وحول طريقة خضوع هذه الإدارة للسلطة الفلسطينية لم يتم الاتفاق على التفاصيل حتى الآن. لأن محمود عباس، الذي قبل شهر تقريبا بلور طريقة عمل لادارة غزة، يصمم على أن تكون السلطة الفلسطينية هي مصدر الصلاحية الحصرية لعمل كل الأجهزة الفلسطينية التي ستشكل في القطاع. في يوم الأربعاء نشر أيضا بأن مصر تنوي إقامة مناطق آمنة في القطاع للسكن، وفي هذه الاثناء ستبدأ مرحلة إعادة الاعمار التي في اطارها سيتم ادخال آلاف الكرفانات والخيام الى القطاع.

ليس نقص الأفكار لادارة القطاع هو الذي يعيق تطبيق خطة العمل، التي ستجيب على شروط المرحلة الثالثة في اتفاق وقف اطلاق النار وتحرير المخطوفين – المرحلة التي سيتم فيها اطلاق سراح جميع المخطوفين الاحياء وإعادة الجثامين والبدء في إعادة اعمار القطاع. الحاجة الملحة هي انقاذ المرحلة الأولى منالطريق المسدود والخطير الذي وصلت اليه، في البداية بسبب رفض إسرائيل البدء في اجراء المفاوضات حول المرحلة الثانية كما نص الاتفاق، وبعد ذلك بسبب برميل المواد المتفجرة الذي القاه ترامب على شكل فكرة تهجير سكان القطاع وتوطينهم في دول عربية، والتهديد باستئناف الحرب في غزة اذا لم يتم استكمال المرحلة الأولى. في هذه الاثناء يبدو أنه على الأقل النبضة القريبة القادمة لتحرير المخطوفين سيتم تنفيذها، لكن ليس في ذلك ما يمكنه أن يضمن استكمال كل نبضات المرحلة الأولى.

الى جانب قضية تطبيق اتفاق إعادة المخطوفين، فانه بين إسرائيل والولايات المتحدة والدول العربية تفصل فجوة كبيرة في الرؤية الأساسية بخصوص الحل المطلوب. ففي حين أن إسرائيل والولايات المتحدة تعتبر غزة مشكلة عسكرية تكتيكية ستختفي عند التدمير المطلق لحماس (أو بواسطة طرد 2 مليون غزي من القطاع وإقامة ريفييرا وملاعب غولف)، فان الدول العربية تعتقد أن تصفية حماس هي أمنية بعيدة جدا. في هذه الاثناء تتطور في غزة مشكلة بحجم استراتيجي.

“القنبلة التي القاها ترامب تضع مصر والأردن في ضائقة حقيقية، وليست هي وحدها”، قال للصحيفة شخص اردني في معهد أبحاث وهو مقرب من البلاط الملكي. حسب قوله فان المشكلة ليست فقط التهديد بالمس بالمساعدات التي تحصل عليها الدولتان من الولايات المتحدة. “المواجهة مع الولايات المتحدة يمكن أن تهز النظام الاستراتيجي الذي تم بناءه خلال سنوات، وخلق التحالف العربي – الأمريكي. الدعم السياسي الأمريكي ومنظومة الدفاع العسكري المشترك والتعاون في محاربة الإرهاب، لا سيما ضد داعش، وتحدي النظام الجديد في سوريا، وإدارة المحور المناهض لإيران، ومواجهات إقليمية أخرى مثل التوتر بين مصر واثيوبيا الذي يحتاج الى التدخل الأمريكي أو إعادة فتح مسار الملاحة في البحر الأحمر – كل ذلك هو فقط جزء من المواضيع التي يمكن أن تتضرر اذا وصلت الدول العربية الى منافسة لي الأذرع مع الإدارة الامريكية، وهذا قبل التحدث عن الامكانية الكامنة في المس باتفاقات السلام بين الأردن ومصر وبين إسرائيل.

الباحث الأردني يعتقد أنه لا يوجد يقين بأن ترامب وطاقمه قاموا بفحص كل هذه المعايير عندما عرضت الخطة كانذار نهائي خلق معادلة بين المساعدات وبين توطين الفلسطينيين في الأردن ومصر. في هذه الاثناء تم تخفيف الإنذار، واشتراط منح المساعدات للاردن ومصر باستيعاب لاجئين من قطاع غزة، حصل على صيغة معدلة ولطيفة اكثر. من التهديد المباشر بوقف المساعدات انتقل ترامب الى “نحن ساهمنا بأموال طائلة للاردن ومصر، لكن لا يجب علي أن أقوم بتهديدها. أنا اعتقد أننا ابعد من ذلك”. ابعد من ذلك أم لا، هذا التهديد سمع في السابق، وهو يلزم زعماء دول المنطقة بمواجته وكأنه قائم بالفعل.

شرك للملك

الملك عبد الله الذي تفاجأ من الاستعراض العلني المغطى إعلاميا في البيت الأبيض (الذي حسب جهات اردنية لم يكن مخطط له واعتبر مثابة شرك متعمد للملك)، تجاوزه الملك بلباقة، ووجد بحكمته الرد الذي اثنى فيه على ترامب عندما قال: “مع كل التحديات التي نواجهها في الشرق الأوسط، أنا أخيرا أرى شيء يمكن أن يجعلنا نتجاوز خط النهاية والتوصل الى الاستقرار، السلام والازدهار، للجميع في المنطقة. ولكن فيما يتعلق بالخطة نفسها قال الملك إن “الموضوع هو فحص كيفية عملها بصورة تكون جيدة للجميع. من الواضح أنه يجب علينا رؤية مصالح الولايات المتحدة وسكان المنطقة، خاصة مصالح الشعب الأردني”. هذا كان الرد الارتجالي والمتعرج، وقد أغضب كثيرين في الأردن، واستدعى انتقاد الجمهور للملك لأنه لم يكن فيه رفض مطلق وحازم لخطة التهجير. في اليوم التالي رئيس الحكومة الأردنية، جعفر حسان، حدد اللاءات الثلاثة للاردن: “لا لاعادة توطين الفلسطينيين، لا للتهجير ولا لحلول على حساب الأردن”. ما هو ذلك ومتى، هكذا يأمل وزراء خارجية الدول العربية التوصل الى خطة متفق عليها في لقاء القمة القريب، الذي سيسبق الخطة المخطط لعقدها في 27 شباط. الدعم الأساسي للخطة العربية يمكن أن تقدمه السعودية، التي يمكنها أيضا أن تكون الكابح الرئيسي أمام التهديد الأمريكي.

السعودية، التي طرحت في العام 2002 المبادرة العربية التي تمت المصادقة عليها في مؤتمر القمة العربية في بيروت، وأصبحت المركب الثابت في كل عملية سياسية منذ ذلك الحين، تحمل في جعبتها ثلاث أدوات ضغط ثقيلة. امام تهديد تقليص المساعدات الذي يلوح به ترامب، الرياض تستطيع طرح حزام أمان اقتصادي للاردن ومصر (الموجودة أصلا في قائمة زبائنها الدائمين). هكذا، إزالة على الأقل قسم التمويل الكامن في تهديد ترامب. في يدها قرار اذا كانت ستوقع على اتفاق السلام مع إسرائيل – ما يطمح اليه ترامب ونتنياهو. وقد وعدت أيضا باستثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة في سنوات ولاية ترامب الأربعة.

السعودية، التي حتى 7 أكتوبر اكتفت بحل سياسي يوفر للفلسطينيين “ظروف حياة افضل” كشرط للتطبيع مع إسرائيل (بدون تفصيل هذه الظروف المحسنة)، تصمم الآن على صيغة “الدولتين”. ومثل كل الدول العربية هي تعارض بصورة حاسمة تهجير سكان القطاع وإعادة توطينهم في دول عربية. هكذا تتطور الآن حول غزة جبهة سياسية فيها المفاوضات الأكثر أهمية سيتم اجراءها بين الدول العربية والإدارة الامريكية، التي فيها سيتعين على ترامب التقرير أين توجد مصالح أمريكا.

موقف عربي متبلور في مثل هذا الاطار يعمل على إقامة تحالف عربي، الذي يعتبر في هذه الاثناء مناويء لسياسة ترامب، ويبدو أنه يعطي الروح الداعمة لحماس، التي سبق واغدقت الثناء على الملك الأردني والرئيس المصري بسبب صمودهما”. ولكن سواء حماس أو التحالف العربي، يعترفان بأن خطة إعادة الاعمار واقتراحات الحل السياسي والمعارضة الموحدة لتهجير مليوني فلسطيني ليست البديل لمواجهة الموضوع الرئيسي الذي يتعلق بمستقبل حماس في القطاع. مرة أخرى يطفو الاقتراح القديم الذي بحسبه رجال حماس سيتم نفيهم من القطاع كما تم نفي رجال م.ت.ف من لبنان في 1982.

لكن الفرق الفكري بين م.ت.ف في لبنان وبين حماس في غزة هو أن لبنان اعتبرت بالنسبة لـ م.ت.ف دولة مستضيفة فقط، في حين أن قطاع غزة هو بالنسبة للفلسطينيين الوطن الذي يجب المحاربة على وجوده. أيضا اذا وافقت كتائب عز الدين القسام على التهجير من غزة، على فرض أن التحالف العربي سينزل ترامب عن شجرة الترانسفير، فانه سيبقى في القطاع اكثر من مليوني مواطن، بالنسبة لهم ستكون هناك حاجة الى العثور على حل في داخل القطاع.

مركز الناطور للدراسات والابحاث فيسبوك

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :natourcenters.com
بتاريخ:2025-02-14 17:46:00
الكاتب:Karim Younis
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

JOIN US AND FOLO

Telegram

Whatsapp channel

Nabd

Twitter

GOOGLE NEWS

tiktok

Facebook

/a>

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى