حين يكتب العالم عن سهيل فرح، وهو ما زال يكتب عن العالم..

beiruttime-lb.com|: هذا المقال يتناول موضوع "حين يكتب العالم عن سهيل فرح، وهو ما زال يكتب عن العالم.." بالتفصيل.
حين يكتب العالم عن سهيل فرح، وهو ما زال يكتب عن العالم..
سهيل فرح: حين يصبح الفكر جسرًا بين الحضارات”
ليست كل المسيرات تُروى في كتب، وليست كل الكتب تُؤلف عن أصحابها وهم أحياء، يمشون على دروب المعرفة بثبات العارف، وقلق المتسائل.
لكن سهيل فرح، الذي قضى أكثر من نصف قرن يتأمل في الإنسان والكون والحضارة، أصبح هو نفسه موضوعًا لكتاب… لا تكريمًا فقط، بل اعترافًا نادرًا بأن بعض الأرواح تسكن الزمن وهي تصنعه، وتنسج خيوط المعنى في تقاطعات الثقافات والمعتقدات،
في موسكو، وفي حضرة فكرٍ ما زال ينبض، احتفى الفكر بصاحبه، كما لو أن الزمن قد توقف ليقول: هذا رجل، لم يكتب عن العالم فحسب، بل منحنا طريقًا لفهمه.
في مشهد ثقافي استثنائي، نظّم اتحاد الكتّاب الروس بالتعاون مع دار القوميات في العاصمة موسكو، ندوة تكريمية احتضنتها القاعة الكبرى للندوات الثقافية والعلمية، احتفاءً بمسيرة المفكر اللبناني الروسي البارز د. سهيل فرح، بمناسبة صدور كتابٍ جديد عن عطائه العلمي والاجتماعي بعنوان:
“على تقاطع الثقافات والحضارات: الإسهامات العلمية والاجتماعية لسهيل فرح”.
الكتاب أعدّته وقدّمته الكاتبة والفيلسوفة الروسية الدكتورة ليديا دوفيدينكو، أمينة سر اتحاد الكتّاب الروس، ورئيسة تحرير المجلة الأدبية-الفلسفية “بيريغا”، ويمثل توثيقًا فريدًا لمسيرة فكرية وإنسانية استثنائية امتدت عبر أكثر من خمسة عقود.
البداية… موسيقى وكلمة وفاء
افتُتحت الندوة بمقطوعات كلاسيكية لشوبان وباخ قدّمها عازف الكمان الشهير فيلانوف سيميونوف، ملهبةً مشاعر الحضور وذاكرة الثقافة السمعية. ثم توالت المداخلات من نخبة من الشخصيات الفكرية والدبلوماسية والعلمية من روسيا وأوراسيا والعالم العربي، الذين قدّموا شهادات حية في فكر فرح وإسهاماته الجليّة في الحوار الحضاري، ومشروعه الطويل في التقريب بين الثقافات والأديان.
من رهبة البدايات إلى نضج التجربة…
في مداخلة ذاتية نادرة، شارك د. فرح ببعض تأملاته حول مسيرته الفكرية، مسترجعًا لحظة البداية في عمر السابعة عشرة، حين كتب مقارنة بين برتولد بريخت وستانيسلافسكي، وقدّمها برهبة إلى القاص اللبناني المعروف محمد عيتاني، الذي شجّعه على النشر.
ثم روى كيف انتقل إلى موسكو بمنحة دراسية، حيث بدأ رحلته بين المسرح والإعلام، قبل أن يتحوّل إلى البحث الفلسفي والمقارنة الحضارية، مدفوعًا بشغف اكتشاف الإنسان والكون والروح، وهربًا من الانغلاق الإيديولوجي وضجيج الدعاية.
مناهج مقارنة وهاجس الكونية…
يرتكز مشروع سهيل فرح المعرفي على مقاربة مقارنة بين العقل الغربي الحداثي والعقل الشرقي المتخم بروح العصر الإيماني. ويجمع في معالجاته بين الفلسفة والدين والاجتماع والكونيات، في محاولة لرسم خريطة عقلية وأخلاقية جديدة لعالم متعدد، ومضطرب.
أسلوبه يتميّز بلغة فلسفية – أدبية، مشبعة بروح سوسيو-ثقافية وقيمية، تُضيء مفاهيم الإنسان والعدالة والحق والخير والجمال.
حصيلة هذه المسيرة الممتدة لأكثر من خمسين عامًا تجاوزت ربع مئة كتاب، ما بين تأليف وإعداد وتحرير، باللغات الروسية والعربية والفرنسية والإنكليزية، إضافة إلى لغات أوروبية وآسيوية أخرى.
تواضع الباحث ..وقلق الإنسان
رغم هذه الإنجازات، يصف د. فرح نفسه بأنه “طالب صف الحضانة” في مدرسة الوعي البشري. ويرى أن كل ما توصّل إليه من معرفة، ليس إلا خطوات صغيرة في رحلة لا تنتهي لفهم هذا الوجود المدهش والمضطرب.
وهو، كما قال، ما زال يطلب من “ربة الحكمة ومحرك الكون وكوكب الأرض” أن تبقي في داخله روح الطفولة والتواضع والاندفاع الدائم لاكتشاف الجديد، والإصغاء إلى نبض المحبة والجمال والحق.
شهادة حيّة وكتاب يُؤلّف عن صاحبه وهو حيّ!
أن يُؤلف عنك كتاب وأنت ما زلت على قيد العطاء، هو حدث نادر
لكن في حالة سهيل فرح، لا يبدو الأمر تكريمًا شخصيًا فحسب، بل احتفاءً بمشروعٍ إنساني وفكري عابر للغات والثقافات والحدود، ومثالًا حيًا على قدرة الشرق والغرب على اللقاء في كنف الفلسفة والروح والعلم.
ظهرت المقالة حين يكتب العالم عن سهيل فرح، وهو ما زال يكتب عن العالم.. أولاً على تلفزيون برافدا.
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :pravdatv.org
بتاريخ:2025-05-29 16:59:00
الكاتب:قسم التحرير
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
