سلاح الجو المصري يغازل مقاتلة J-20 الشبح الصينية في تحدٍ للولايات المتحدة

beiruttime-lb.com|: هذا المقال يتناول موضوع "سلاح الجو المصري يغازل مقاتلة J-20 الشبح الصينية في تحدٍ للولايات المتحدة" بالتفصيل.
ورغم عدم وجود أدلة مؤكدة على وجود مفاوضات جارية بشأن الـ J-20، فإن مجرد تداول هذه الفرضية يعكس احتمالاً لتحول استراتيجي في المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط، ويطرح تساؤلات حول الحسابات الاستراتيجية لمصر، وتوتر علاقاتها مع الولايات المتحدة، وتأثيرات ذلك على توازن القوى الإقليمي.


بالنسبة للولايات المتحدة، يشير هذا التطور إلى تعقيدات تحول أحد حلفائها الأساسيين نحو خصم عالمي، وما لذلك من تبعات على نفوذ واشنطن في منطقة شديدة التقلب.
ويمثل تمرين “نسور الحضارة 2025″، الذي يستمر من منتصف أبريل وحتى أوائل مايو، محطة بارزة في مسار التعاون العسكري بين مصر والصين. ووفقاً لوزارة الدفاع الوطني الصينية، فإن المناورات تهدف إلى تعزيز “التعاون العملي، وبناء الثقة المتبادلة والصداقة” بين القوات الجوية للبلدين.
وقد شملت المشاركة الصينية مقاتلات J-10C، وطائرات التزود بالوقود جواً Y-20U، إلى جانب طائرة الإنذار المبكر KJ-500 التي تظهر لأول مرة خارج الصين. أما مصر فقد نشرت مقاتلات MiG-29M/M2، التي تتميز بأنظمتها الإلكترونية المشابهة لنظيرتها الهندية، ما يمنح الصين فرصة لدراسة هذه المنظومات عن قرب.
ويتضمن التدريب طلعات جوية مشتركة، وتمارين قتال جوي محاكية، وجلسات تخطيط عملياتي لتنسيق المفاهيم القتالية، بحسب ما أفاد به متحدث باسم القوات المسلحة المصرية.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، أكدت مصر تشغيلها لمنظومة HQ-9B، وهي منظومة دفاع جوي متطورة يصل مداها إلى 300 كيلومتر، وقادرة على التصدي للطائرات والصواريخ الجوالة والبالستية.
هذه التطورات، إلى جانب الزيارة الأخيرة التي قام بها قائد القوات الجوية المصرية، الفريق محمود فؤاد عبد الجواد، إلى بكين، قد زادت من حدة التكهنات حول اهتمام القاهرة بالمقاتلات الصينية، ولا سيما الـ J-20، التي تُعد درة التاج في صناعة الطيران الحربي الصيني.
ولفهم دلالات هذه التكهنات، لا بد من التوقف عند طائرة Chengdu J-20، وهي مقاتلة شبحية ثنائية المحرك من الجيل الخامس، طورتها شركة “تشينغدو لصناعات الطيران”. قامت بأول تحليق لها عام 2011 ودخلت الخدمة الفعلية في القوات الجوية لجيش التحرير الشعبي الصيني عام 2017. وهي واحدة من ثلاث مقاتلات شبحية من الجيل الخامس في الخدمة التشغيلية حول العالم، إلى جانب الأمريكية F-22 Raptor وF-35 Lightning II، والروسية Su-57 Felon.


ويبلغ طول الـ J-20 نحو 20.4 مترًا، ويصل باع جناحيها إلى 12.9 مترًا، وتعمل بمحركين من طراز Shenyang WS-10C، وتبلغ سرعتها القصوى نحو 2.0 ماخ، مع مدى قتالي يقدر بنحو 2000 كيلومتر.
أما خصائص التخفي فتشمل هيكلًا منخفض البصمة الرادارية، ومواد طلاء ماصة للرادار، ومآخذ هواء بدون فواصل خارجية (DSI) لتقليل البصمة الرادارية. كما زُوّدت الطائرة برادار من نوع AESA (مصفوفة المسح الإلكتروني النشط)، قادر على رصد الأهداف من مسافات تصل إلى 200 كيلومتر، وتحمل مجموعة من صواريخ جو-جو، أبرزها PL-15 بمدى يبلغ نحو 300 كيلومتر، إلى جانب ذخائر موجهة بدقة لضرب الأهداف الأرضية.
وتمتاز الـ J-20 أيضًا بمنظومة استهداف كهروبصرية وروابط بيانات متقدمة تتيح لها العمل ضمن منظومات قتالية شبكية، ما يجعلها منصة فعالة لمهام السيادة الجوية والضربات العميقة.
وعند مقارنتها بمقاتلة F-22 الأمريكية، فإن J-20 تضحي بجزء من المناورة لصالح مدى أطول وحمولة أكبر، في حين أن خصائص التخفي لديها، وإن كانت متقدمة، إلا أنها لا ترقى إلى مستوى F-35 نظرًا لتفاوت تطور المواد الماصة للرادار. أما بالمقارنة مع Su-57 الروسية، فتتفوق J-20 من حيث جودة الإنتاج، إذ لا تزال روسيا تواجه صعوبات تمويلية وتأخيرات في برنامجها.


ينبغي النظر إلى اهتمام مصر المحتمل بمقاتلة J-20 الصينية في ضوء قدراتها الجوية الحالية واحتياجاتها الاستراتيجية. تمتلك القاهرة أسطولًا متنوعًا من الطائرات الحربية، يشمل أكثر من 200 مقاتلة أميركية من طراز إف-16 الصقر المقاتل، ونحو 50 مقاتلة فرنسية من طراز “داسو رافال”، إلى جانب عدد من المقاتلات الروسية من طراز ميغ-29، وطائرات “ميراج 2000” القديمة.
تشكل مقاتلات إف-16، التي بدأت مصر في اقتنائها منذ الثمانينيات، العمود الفقري لقوتها الجوية، لكنها تخضع لقيود أميركية تحدّ من إمكانية تحديثها، لا سيما فيما يتعلق بإدماج رادارات حديثة أو صواريخ جو-جو متقدمة. أما طائرات رافال، التي تسلّمتها مصر بدءًا من عام 2015، فتتميز بإلكترونيات طيران متطورة وصواريخ “ميتيور” بعيدة المدى، إلا أن تكلفتها المرتفعة تحدّ من إمكانية التوسع في اقتنائها.
من جانبها، توفر طائرات ميغ-29 قدرات فعالة في القتال الجوي، لكنها تفتقر إلى ميزات التخفي والقدرات الشبكية المتقدمة التي تميز مقاتلات الجيل الخامس. وفي مقابل ذلك، تسعى مصر إلى تعزيز دفاعاتها الجوية؛ إذ أعلنت رسميًا في أبريل 2025 عن تشغيلها لمنظومة HQ-9B الصينية، التي تنضم إلى شبكة الدفاع الجوي المصرية التي تشمل منظومات أميركية من طراز “باتريوت” وأخرى روسية من طراز S-300VM.
وتُعد HQ-9B، التي طورتها شركة CASIC الصينية، منظومة دفاع جوي بعيدة المدى تستخدم رادارًا شبكيًا (phased-array) وتستطيع الاشتباك مع أهداف على ارتفاعات تصل إلى 30 كيلومترًا. وعلى الرغم من أن قدراتها في مواجهة الطائرات الشبحية لم تُختبر في ظروف قتالية، فإنها تثير قلقًا إسرائيليًا خاصًا بسبب احتمال تشكيلها تهديدًا لطائرات F-35I “أدير” التابعة لسلاح الجو الإسرائيلي، خصوصًا مع تصاعد القدرة العسكرية المصرية.


يعكس هذا التوجه المصري نحو الصين تحولًا استراتيجيًا أوسع. تاريخيًا، كانت مصر أحد ركائز النفوذ الأميركي في الشرق الأوسط، إذ حصلت منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1979 على أكثر من 1.3 مليار دولار سنويًا كمساعدات عسكرية أميركية، مولت صفقات مثل إف-16 ومروحيات أباتشي، وربطت القاهرة بعلاقات وثيقة مع واشنطن.
لكن العلاقة شهدت توترات متكررة، لاسيما بعد 2013، عندما أوقفت واشنطن المساعدات وعلّقت تسليم طائرات إف-16، ما دفع مصر إلى تنويع مصادر تسليحها. فدخلت فرنسا وروسيا على الخط، بتوريد مقاتلات رافال وميغ-29، وبرزت الصين كمورّد جديد يقدم أنظمة عسكرية متقدمة بتكلفة منخفضة وشروط سياسية أقل تعقيدًا.
ويرى محمد سليمان، الباحث البارز في معهد الشرق الأوسط، أن القاهرة توجّه رسالة واضحة لواشنطن مفادها أنها مستاءة من القيود المفروضة على تطوير أسطولها من إف-16، وأنها تملك بدائل، وهي مستعدة لاستخدامها.
في هذا السياق، يكتسب تمرين “نسور الحضارة” دلالة رمزية وجيوسياسية مهمة، إذ يُجرى على بُعد 6000 كيلومتر من بكين، مما يبرز طموح الصين في توسيع نفوذها، ويُظهر استعداد مصر للتعامل مع خصوم الولايات المتحدة لتعزيز استقلالية قرارها العسكري.
إقليميًا، فإن أي خطوة مصرية نحو اقتناء مقاتلات J-20 ستُحدث صدى واسعًا. إسرائيل، التي تهيمن جويًا على المنطقة بفضل مقاتلات F-35I “أدير” وشبكة دفاعها الجوي المتقدمة، أعربت عن قلقها إزاء تعاظم القدرات العسكرية المصرية. ووفقًا لتقارير القناة 12 الإسرائيلية، أعرب مسؤولون عسكريون في تل أبيب على نحو خاص من مدى HQ-9B، ومن تمركز القوات المصرية قرب سيناء، حيث كثفت القاهرة وجودها العسكري.
من الناحية النظرية، فإن الـ J-20، بفضل قدراتها الشبحية وصواريخها بعيدة المدى، قد تمثل تحديًا لتفوق إسرائيل في القتال خارج مدى الرؤية البصرية (BVR). غير أن فعاليتها الفعلية ستتوقف على قدرة مصر على دمجها ضمن منظومة جوية يغلب عليها الطابع الغربي من حيث التدريب والتسليح والبنية التحتية.
أما بالنسبة للولايات المتحدة، فإن انفتاح مصر على الأنظمة الصينية يهدد شراكة عسكرية امتدت لعقود. وفي ظل ارتفاع صادرات الأسلحة الصينية إلى الشرق الأوسط بنسبة 80% خلال العقد الأخير، وفقًا لتحليل الخبير العسكري بيتر سينغر، فإن البنتاغون قد يرى في التحول المصري تحديًا مباشرًا لنفوذه في المنطقة.