في الحرب العالمية الثانية استخدمت القوات النازية سلاح المجاعة بهدف الضغط على الحكومات والشعوب المعارضة لها فهددت بها المناطق التي قامت ورفضت التعاون معها، وحدثت أكبر مجاعة بين عام 1941 و 1944 في الاتحاد السوفيتي حيث مات الملايين بسبب الجوع والأمراض المرتبطة به.
ويعمد كيان الإحتلال الإسرائيلي منذ بداية الحصار الكامل لقطاع غزة، وبعد السابع من اكتوبر الى استخدام سلاح تجويع الشعب الفلسطيني عن سابق تصوّر وتصميم وفق تصريحات علنية أدلى بها مجرمو الحرب كوزير الحرب الاسرائيلية المقال يواف غالانت الذي صرّح علنا بذلك.
وفي وقت يهدر العالم نحو مليار ونصف المليار طن من الطعام سنويا أصبح الجوع هو السلاح الذي يفتك بحياة الفلسطينيين إذ تعاني غزة خاصة في المناطق الشمالية من نقص حاد في الغذاء والمياه بينما تلقى المساعدات بعد اشهر من الحرب والحصار والانتظار فتفتك بها الصواريخ ويختلط الخبز بالدم.
اذ تؤكد الأمم المتحدة وجود أدلة إحصائية دامغة على الكارثة الانسانية في غزة وانها تحولت الى مجاعة من صنع البشر وأن “إسرائيل” تتحمل مسؤولية كبيرة لاستخدامها المجاعة كسلاح في حربها ضد غزة.
سياسة التجويع وسيلة من وسائل الحرب منذ القدم
وتعتبرسياسة التجويع كوسيلة من وسائل الحرب منذ زمن بعيد، بدءا من الحصار وحتى قطع المياه بهدف الضغط على العسكريين لإجبارهم على الاستسلام، إلا أن هذه السياسة وخاصة بعد الحربين العالميتين اعتبرت أمرا غير أخلاقي، فحظرت العديد من مواثيق القانون الدولي – كالقانون الجنائي الدولي والقانون الدولي الإنساني- استخدام التجويع كوسيلة في جميع النزاعات المسلحة، بينما اعتبر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في عام 2018 سياسة تجويع المدنيين جريمة حرب.
كما نص نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أن تجويع المدنيين عمدا من خلال “حرمانهم من الأشياء التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة، بما في ذلك تعمد إعاقة إمدادات الإغاثة” يعد جريمة حرب. ولا يتطلب القصد الإجرامي اعتراف المهاجم، بل يمكن أيضا استنتاجه من مجمل ملابسات الحملة العسكرية، إلا أنه حصر هذه الجريمة بالنزاعات المسلحة الدولية.
لم تكن سياسة التجويع أمرا مستجدا على “الحكومة الإسرائيلية”، فقد بدأت بتجويع الفلسطينيين منذ أن فرضت عليها الحصار قبل أعوام، وتحكمت بدخول المساعدات التي أصبحت عصب الحياة للعديد من السكان المحاصرين، وتسارعت هذه السياسة منذ أحداث السابع من أكتوبر بعدما اتبعت سياسة الأرض المحروقة، فدمرت المحاصيل الزراعية ومنعت السكان من الوصول لها، وأغلقت المعابر ومنعت دخول شاحنات المساعدات.
ويؤكد تصريح المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في الغذاء أن السياسة الإسرائيلية السابقة خلقت حالة من الهشاشة في غزة، وهو ما مكنها من افتعال مجاعة سريعة لأن الوضع السابق كان على حافة الهاوية، مشيرا إلى أن هذا الانهيار السريع في الوضع الإنساني وخاصة بين الأطفال لم يحدث سابقا على مستوى العالم في هذه المدة الزمنية القصيرة.
وتظهر الأنباء الواردة من غزة إلى أن معدل سوء التغذية الحاد بين الأطفال دون العامين ارتفع بشكل مخيف ليصل إلى نسبة 15% من الأطفال في شمالي غزة و5% في جنوبها، وقد أصبح البحث عن الأعشاب البرية أو اصطياد السمك جريمة تستدعي العقوبة والاستهداف وقد تؤدي بصاحبها للموت.
وتعمد الاحتلال الإسرائيلي الإضرار بالمرافق الأساسية التي تعين في البقاء على قيد الحياة، ولجأ منذ بدايات الحرب على قطاع غزة لاستهداف المخابز والمطاحن.
وكان برنامج الغذاء العالمي قد حذر منذ الأيام الأولى للحرب بأن الطعام في غزة لا يكفي، لافتا إلى أن الحصول على رغيف الخبز بات أمراً بالغ الصعوبة نتيجة الطوابير الطويلة وقضاء الأهالي ساعات متواصلة يمكن أن تصل إلى أسبوع على أمل الحصول على رغيف خبز أو طحن بعض القمح.
وأضحى كثير من المواد الغذائية غير متوفر، وحتى إن وجد الطحين، فلا يوجد ما يكفي من المال لشرائه، وشكا بعض المواطنين من أن الطحين غال جدا وقد بلغ سعر كيس الطحين في غزة إلى 100 دولار.
وحتى الأطفال والخدج يعانون الجوع، حيث لا يتوفر حليب أو طعام الأطفال، ويعتقد الأطباء أن كثيرا منهم إما فقدوا أوزانهم بشكل كبير أو لقوا حتفهم بسبب الجوع الشديد.
تحذير منظمات حقوقية “إسرائيل”باستخدام السلاح كأداة للتجويع في غزة
تحذر الأمم المتحدة من أن أكثر من نصف مليون شخص في غزة يواجهون خطر المجاعة في ظل الحصار الذي فرضته إسرائيل على القطاع، في حين اتهمت منظمات حقوقية “إسرائيل” باستخدام السلاح كأداة للتجويع، وهي اتهامات نفتها الأخيرة.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية مؤخرا إن ربع سكان غزة على بعد خطوة واحدة من المجاعة، محذرا من أن مثل هذه الكارثة ستكون “شبه حتمية” إذا لم يحدث تغيير ملموس.
وإذا انتشرت المجاعة بين السكان في غزة، فإن عدد الذين سيموتون بسبب الجوع أو المرض قد يفوق عدد الوفيات بين المدنيين في الحرب بين “إسرائيل” وحماس، بحسب تحليل نشرته مجلة “فورين أفيرز”.
وتؤكد منظمات أممية أن “نافذة العمل تضيق” لمواجهة مخاطر المجاعة ما لم يتوقف القتال وتحد” إسرائيل” من أساليب الحصار التي تمنع تنفيذ عمليات إغاثة واسعة النطاق، وفق المجلة ذاتها.
وبعد خمسة أشهر على اندلاع الحرب، يشعر سكان غزة باليأس إزاء قلة المساعدات الإنسانية التي تدخل القطاع، حيث يقول بعض السكان إنهم يلجأون إلى أكل أوراق الشجر وعلف الماشية.
حذر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان من أن حرب التجويع الإسرائيلية المفروضة على قطاع غزة المحاصر بلغت ذروتها مع استمرار منع الإمدادات الغذائية وقصف المخابز وخزانات المياه.
وأشار المرصد في بيان إلى أن”إسرائيل” صعّدت بحدّة -الساعات الأخيرة- من حرب التجويع التي تمارسها بحق المدنيين في غزة، بهدف مفاقمة الوضع المعيشي الذي وصل مستويات كارثية.
ولفت إلى تعمد “إسرائيل” تركيز هجماتها على المولدات الكهربائية ووحدات الطاقة الشمسية التي تعتمد عليها منشآت تجارية ومؤسسات مدنية تعد الطعام، مما يحد من قدرتها على مواصلة عملها.
وكان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أكد اليوم أن تقديرات برنامج الغذاء العالمي تشير إلى أن الإمدادات الغذائية في متاجر قطاع غزة لن تكفي إلا لبضعة أيام.
واتهم خبراء حقوقيون في الأمم المتحدة، “إسرائيل” بشن “حملة تجويع متعمدة وموجهة” أسفرت عن زيادة ملحوظة في وفيات الأطفال بقطاع غزة.
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :www.alalam.ir
بتاريخ:2024-12-23 19:12:00
الكاتب:
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
/a>