في سوريا وفي غزة، إسرائيل تسير نحو التصعيد

في الفترة الأخيرة دخلت الى حيز التنفيذ تغييرات أولية في قيادة الإدارة الامريكية، وعلى رأسها نقل مايكل وولتس من منصب مستشار الامن القومي الى منصب السفير الأمريكي في الأمم المتحدة. الإقالة مرتبطة بخطأ لوولتس وهو قضية تسرب النقاشات السرية قبيل قصف الحوثيين في اليمن – لكنه يرجح كفة الميزان الداخلي حول ترامب لصالح المعسكر الانفصالي الذي يتحفظ من توسيع النشاطات العسكرية الامريكية في كل الجبهات. “واشنطن بوست” نشرت أمس أن ترامب نقل وولتس من منصبه أيضا بسبب أنه كشف بأن الأخير ادار بالسر محادثات مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، تناولت إمكانية مهاجمة ايران.
نتنياهو يلوح براية النضال ضد النووي الإيراني منذ ثلاثين سنة. تجاه الخارج هو لن يطويها حتى لو كان موقف ترامب الحالي يرفض الهجوم الإسرائيلي. ولكن إزاء الأداء الفاشل للحكومة وعدم شعبيتها في أوساط الجمهور فان نتنياهو بحاجة الى الحفاظ على أجواء الحرب في اكبر قدر من الجبهات. الى جانب التحريض المستمر على معارضيه (وجهات رفيعة في جهاز الامن)، فانه يؤجج الآن تهديد التصعيد في ساحتين رئيسيتين وهما قطاع غزة وسوريا.
في القطاع الحكومة تشدد خطابها بخصوص حماس. في مشاورة جرت أول أمس تم الاتفاق على الاستعداد لتجنيد عشرات آلاف رجال الاحتياط في فترة قصيرة من اجل أن لا يتمكنوا من السيطرة على قطاعات أخرى في الشمال وفي الضفة الغربية وتحويل من هناك قوات نظامية لتعميق الهجوم البري في قطاع غزة. الحكومة تدفع قدما بهذه التحركات في الوقت الذي يزداد فيه الجدال العام حول اهداف الحرب، وفي أوساط جنود الاحتياط تحفظ كبير من أوامر استدعاء أخرى على خلفية العبء الملقى عليهم منذ المذبحة في 7 أكتوبر، قبل 19 شهر تقريبا
نتنياهو قال في خطاباته في احتفالات الذكرى والاستقلال بأن هدف تصفية حماس في القطاع يسبق هدف إعادة المخطوفين. في المقابل، رئيس الأركان ايال زمير أكد (مثلما في تصريحات سلفه هرتسي هليفي) على أن الهدف الأول هو إعادة الـ 59 مخطوف، الاحياء والاموات. الى جانب تسريع الاستعداد لعملية برية أخرى، التي لن تشمل احتلال كل القطاع، الجيش الإسرائيلي يستعد لاستئناف ادخال المساعدات الإنسانية الى القطاع بعد توقف استمر لشهرين تقريبا. في هذه المرة القصد هو نقل المساعدات بواسطة شركات أمريكية. موقف زمير من المخطوفين، ورفضه القاء مسؤولية توزيع المساعدات على الجيش الإسرائيلي، حولته الى هدف لهجمات مسممة من قبل مؤيدي نتنياهو في وسائل الاعلام وفي الشبكات الاجتماعية.
في موضوع واحد فان الحكومة والجيش يتحدثون بصوت واحد – الادعاء بأن زيادة الضغط العسكري ستخدم إعادة المخطوفين. ولكن عمليا، مرت مدة 70 يوم منذ تمت إعادة مخطوفين الى إسرائيل، ومر تقريبا 50 يوم منذ خرقت إسرائيل وقف اطلاق النار في القطاع واستأنفت القتال، ولكن لم يتم اطلاق سراح أي مخطوف آخر، بالقوة أو بالاتفاق. حماس ما زالت تعارض صفقة جزئية لتحرير المخطوفين وتطالب بصفقة شاملة، تشمل انهاء الحرب والانسحاب الكامل لقوات الجيش من القطاع. الوسطاء المصريون يعبرون عن خيبة الامل من معاملة إسرائيل، في هذه الاثناء بدعم امريكي، مع مفاوضات حول صفقة، ويحذرون من تدهور آخر للحرب في القطاع.
تحدٍ مستقبلي
سوريا تحظى في هذه الاثناء باهتمام ضئيل نسبيا، لكن المهم هو عدم تفويت ما يحدث هناك. الهجوم على أبناء الطائفة الدرزية من قبل منظمات سنية – جهادية، المقربة من النظام الجديد في دمشق، فاقم التوتر في الدولة في الأسابيع الأخيرة. نتنياهو ووزير الدفاع هددا الرئيس السوري الجديد احمد الشرع وطلبا منه وقف الهجمات. من اجل توضيح الرسالة فان سلاح الجو هاجم اهداف تتماهى مع النظام والجيش السوري. قوات من المليشيات السنية، وفي فجر يوم الجمعة قام بقصف محيط القصر الرئاسي في دمشق.
نتنياهو نشر صورة (قديمة) له مع الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل، الشيخ موفق طريف، ووعد بالوقوف الى جانب الدروز في سوريا. أفلام الفيديو التي صورت في سوريا ووثقت عمليات قتل واهانة للدروز على خلفية دينية اثارت قلق الدروز في إسرائيل. عشرات الشباب الدروز اخترقوا الحدود في هضبة الجولان لمساعدة اخوتهم في سوريا. في الأشهر الأخيرة تم توطيد العلاقات بين الدروز في إسرائيل وفي سوريا في اعقاب سقوط نظام الأسد وسيطرة الجيش الإسرائيلي على مناطق في جبل الشيخ في هضبة الجولان السوري. في الشهر الماضي استضافت قيادة الطائفة 600 رجل دين درزي في سوريا، الذين جاءوا للمشاركة في احتفالات أجريت في البلاد.
في أوساط الدروز في إسرائيل هناك خلاف بخصوص الخط الذي يقوده طريف. يوجد في الطائفة من يعتقدون أن الزعامة الروحية في إسرائيل ذهبت خطوة أبعد في الخطوت العلنية تجاه الدروز في سوريا، وأن نظام الشرع الجديد نظر الى ذلك كتحد، لذلك لم يمنع نشر افتراءات كاذبة تشجع على ارتكاب المذابح من قبل التنظيمات الجهادية. بشكل عام يبدو أن الحكومة الإسرائيلية تواجه أيضا صعوبة في صياغة سياسة مدروسة بشأن سوريا، نظرا للوضع الجديد الذي نشأ هناك. في الوقت الذي يتفاخر فيه نتنياهو بأن الهزيمة التي الحقتها إسرائيل بحزب الله في لبنان أدت الى تسريع انهيار نظام الأسد في سوريا فان كثيرين في المؤسسة الأمنية يخشون من أن الشرع ليس إلا جهادي متخفي، وأن منظومة القوات التي يبلورها حوله في سوريا ستشكل تحديا اكثر تهديدا لإسرائيل في السنوات القادمة.
رئيس الحكومة عقد مؤخرا عدة مشاورات حول التطورات في سوريا وفي قطاع غزة. في هيئة الأركان تم التعبير عن القلق المتزايد من خطوات نتنياهو في الساحة السورية، من خلال الخوف من أن هذه الخطوات ستورط إسرائيل في مواجهة أخرى وستفاقم اكثر العلاقات المشحونة مع تركيا، وهي المؤيدة الرئيسية للشرع. في إسرائيل يقلقون من إمكانية أن تساعد تركيا من وراء الكواليس التنظيمات الجهادية. وقد تم نقل الى المستشفيات في شمال البلاد اكثر من عشرة دروز من سوريا الذين أصيبوا في الاحداث، بعضهم أصيبوا كما يبدو باصابات مسيرات، التي من المرجح أنه تم تزويدها للمنظمات من قبل تركيا.
في الجيش يقلقون من أن طلبات الحكومة ستجبره على نقل قوات بصورة ضئيلة جدا، مع المطالبة بمواجهة معقدة في عدد كبير من الجبهات. في حين أنه في الطائفة الدرزية يشتكون من المعاملة الفوضوية والبطيئة من الحكومة ومن جهاز الامن مع التطورات في سوريا، حيث تفاقم التصعيد في الأسبوع الماضي خلال بضع ساعات، قبل فترة طويلة على بدء إسرائيل في الرد. في الوقت الحالي يتعامل مع الساحة السورية عدد كبير من الأجهزة مثل الاستخبارات العسكرية، قيادة المنطقة الشمالية، مقر الإدارة العسكرية، الذي يخضع لقيادة المنطقة الشمالية ولكنه يحصل أيضا على تعليمات مهنية من جهاز تنسيق العمليات في المناطق، الموساد والشباك. الدروز في إسرائيل توجهوا بدعوة مستعجلة للحكومة، وبعد ذلك اتخذوا خطوات احتجاج شملت اغلاق الشوارع في الشمال، الى أن أمر نتنياهو الجيش بالرد.
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :natourcenters.com
بتاريخ:2025-05-04 17:24:00
الكاتب:Karim Younis
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
JOIN US AND FOLO