قائد قوات الصواريخ الاستراتيجية الروسية مُهددًا أوروبا: “أوريشنيك قادر على ضرب أهداف في أي مكان في أوروبا”

الجنرال سيرجي كاراكاييف، قائد قوات الصواريخ الاستراتيجية الروسية:

“أوريشنيك قادر على ضرب أهداف في أي مكان في أوروبا”.

والآن، كاراكاييف ونائبه يحثون الرئيس بوتين على إصدار أمر انتقامي سريع – فالأهداف محددة، والأعداء في الأفق. pic.twitter.com/vTezpQlY8m

— الموجز الروسي | Russia news 🇷🇺 (@mog_Russ) June 2, 2025

صاروخ “أوريشنيك”، الذي لم تُكشف كل تفاصيله التقنية حتى الآن، يُعد من الجيل الحديث للصواريخ الباليستية الروسية. تشير المعطيات المتاحة إلى أنه يتمتع بمدى يتراوح بين 3000 إلى 5500 كيلومتر، ما يضع كامل أوروبا ضمن نطاقه. ويُعتقد أن الصاروخ مزود برؤوس حربية من نوع MIRV (رؤوس متعددة قابلة للتوجيه بشكل مستقل)، تتيح له ضرب عدة أهداف في وقت متزامن، أو تجاوز أنظمة الدفاع الجوي عبر توزيع الأحمال التفجيرية ضمن مسارات متفرعة.

يتميّز صاروخ “أوريشنيك” بسرعة خارقة تفوق سرعة الصوت، إذ تصل سرعته إلى 10 ماخ، ما يعادل قطع مسافة تتراوح بين 2.5 إلى 3 كيلومترات في الثانية الواحدة، أو ما يزيد عن 13,600 كيلومتر في الساعة. وتمنحه هذه السرعة الهائلة قدرة فائقة على تقليص زمن الاستجابة لدى الخصم، والحدّ من فعالية أنظمة الإنذار المبكر والدفاع الجوي.

إضافة إلى ذلك، يتمتع الصاروخ بقدرات مناورات متقدمة خلال تحليقه، ما يُصعّب بشكل كبير على الرادارات وأنظمة الاعتراض الغربية تتبّعه أو إصابته بدقة. هذه القدرة على المراوغة تمنحه ميزة استراتيجية في تجاوز طبقات الدفاع الصاروخي الحديثة.

يعتمد “أوريشنيك” في دفعه على وقود صلب عالي الكثافة، ما يعزز جاهزيته ويقلّل من الزمن اللازم للإطلاق مقارنة بالصواريخ التي تعمل بالوقود السائل. وتُشير التقديرات إلى أن طاقته الحركية وحدها كفيلة بإحداث دمار واسع النطاق، حتى في حال استخدامه برأس حربي تقليدي، دون الحاجة إلى حمولة نووية.

الصاروخ مصمم أيضًا بقدرات شبحية تقلل من بصمته الرادارية، ما يُصعّب من مهمة اعتراضه من قِبل منظومات الدفاع الغربية مثل “باتريوت” و”آيريس-تي” و”سامب/تي”. كما يُرجَّح أن “أوريشنيك” يستخدم تقنيات متطورة للمناورة في المرحلة النهائية من الطيران (terminal phase), ما يمكنه من تغيير مساره والتهرب من أنظمة الاعتراض الصاروخي.

ضربة انتقامية منتظرة

يأتي هذا التصعيد الكلامي في توقيت حساس، وسط تصاعد التوتر بين موسكو وحلف شمال الأطلسي على خلفية الدعم العسكري المتزايد لأوكرانيا، وامتداد العمليات الهجومية إلى عمق الأراضي الروسية. ففي ما يُعتبر أعقد عملية أوكرانية عبر الحدود حتى الآن، نفذت وكالة الاستخبارات الداخلية الأوكرانية، جهاز الأمن الأوكراني (SBU)، عملية سرية باستخدام طائرات مسيّرة، استهدفت خلالها 41 طائرة عسكرية استراتيجية روسية، من بينها القاذفات طراز Tu-95 وTu-22M3، وألحقت بها أضرارًا جسيمة أو دمرتها بالكامل.

وبحسب مصادر استخباراتية أوكرانية، فقد استغرقت التحضيرات للعملية، التي حملت الاسم الرمزي “Pavutýna” (أي “شبكة العنكبوت”)، أكثر من 18 شهرًا.

نُقلت طائرات FPV المسيّرة وملاجئ خشبية متنقلة إلى داخل الأراضي الروسية، حيث جرى تمويه منصات الإطلاق لتبدو كمباني صغيرة مثبّتة على شاحنات. وما إن تموضعَت هذه المنشآت قرب قواعد جوية روسية، حتى فُتحت أسقفها عن بُعد، لتنطلق الطائرات المسيّرة في وقت واحد باتجاه الطائرات الروسية المتمركزة في قاعدتَي أولينيا وبيلايا الجويتين.

وأكد جهاز الأمن الأوكراني أن العملية استهدفت تحديدًا الطائرات الروسية بعيدة المدى، والتي تُستخدم في شن ضربات صاروخية على المدن الأوكرانية. وأوضح أن التحكم بالطائرات المسيّرة تم عن بعد، من مراكز قيادة متنقلة.

وفي هذا السياق، يبدو أن رسالة كاراكاييف تتجاوز مجرد استعراض القوة، لتكون بمثابة تحذير ضمني من أن أي توسع في نطاق العمليات ضد روسيا قد يقابل برد استراتيجي غير تقليدي.

صاروخ “أوريشنيك” قد لا يكون مجرد سلاح إضافي في الترسانة الروسية، بل يمثل تحوّلًا في قواعد الاشتباك، حيث لم تعد موسكو تعتمد فقط على الردع النووي التقليدي، بل تدخل مرحلة ما يُسمّى بـ”الردع الديناميكي”، أي القدرة على استخدام الأسلحة الاستراتيجية في نطاقات محددة دون الوصول إلى حد الضربة النووية الشاملة.

ورغم أن الكرملين لم يصدر تعليقًا رسميًا يُحدد طبيعة الاستخدامات المحتملة للصاروخ، فإن التصريحات المتكررة حول “الرد السريع على التهديدات الغربية” تؤكد أن موسكو تُبقي هذا النوع من الأنظمة قيد الجاهزية الدائمة، سواء في إطار الردع أو الاستخدام العملياتي إذا ما تدهور الوضع الأمني إلى مستويات غير مسبوقة.

نور الدين من مواليد عام 1984، المغرب، هو كاتب وخبير في موقع الدفاع العربي، حاصل على ديبلوم المؤثرات الخاصة، ولديه اهتمام عميق بالقضايا المتعلقة بالدفاع والجغرافيا السياسية. وهو مهتم بتأثير التكنولوجيا على أهداف السياسة الخارجية بالإضافة إلى العمليات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. إقرأ المزيد

Back to Top