وفي اليوم التالي، 23 فبراير، أقلعت “Spirit of Kansas” لكنها تحطمت فورًا بعد الإقلاع بسبب خلل في أنظمة الطيران الإلكترونية (الأفيونيكس). نجا الطياران، إلا أن الطائرة تحطمت بالكامل نتيجة الاصطدام والحريق الذي تلاه. أحد الطيارين تعرّض لإصابة خطيرة في العمود الفقري، لكنه تعافى بعد فترة طويلة من العلاج. علمًا أن عملية القذف من الطائرة بحد ذاتها تُعتبر حدثًا عنيفًا وخطيرًا للغاية.
وفيما بعد، كشف التحقيق في الحادث أن تسرّب المياه أدى إلى فشل حساس أساسي. ولكن هذا لا يعني أن ما حدث كان نتيجة إهمال أو أنه كان أمرًا سهل التجنّب، حيث جاء في تقرير وكالة ناسا عن الحادث:
“كان على لجنة التحقيق استشارة مهندسي تصميم الطائرة الذين لم يتعاملوا مع برنامج B-2 منذ أكثر من 10 سنوات للوصول إلى فهم كافٍ للأنظمة التي أثارت القلق…”
ونظرًا لأن B-2 صُممت كـ”جناح طائر” بالكامل، فهي غير مستقرة في الهواء أثناء الطيران بالشكل الكافي للطيران اليدوي. وتُعتبر أنظمة الطيران المدعومة بالحاسوب (fly-by-wire) ضرورية لتسيير هذه الطائرة الشبحية العملاقة بأمان، وعند تعطل هذه الأنظمة، كانت النتيجة كارثية.
قاذفة شبح من طراز B-2 Spirit أمريكية الصنع. مصدر الصورة: Bryce Moore
الجناح الطائر
تُجسّد B-2 حلم جاك نورثروب الذي سعى لتصميم طائرة جديدة كليًا دون ذيل أو بدن تقليدي، وهي ما يُعرف بـ”الجناح الطائر”. وقد عمل على هذا المفهوم من خلال عدة نماذج أولية وتجارب على مرّ السنوات، لكن لم يرَ فكرُه النور في طائرة إنتاج حقيقية… حتى جاءت B-2.
بدأ برنامج B-2 بسرية تامة في أواخر السبعينيات، بهدف تطوير قاذفة شبحية قادرة على اختراق دفاعات الرادار السوفييتية. وقد أصبح تصميم نورثروب الفريد حجر الأساس لتقنية الشبح التي لم يكن العالم قد رأى مثلها من قبل.
الخصائص منخفضة المقطع الراداري، والشكل المنخفض للغاية، والمواد الماصة للرادار (RAM) اجتمعت كلها لتُنتج هذه الطائرة الفريدة. وعلى الرغم من أن الطائرة F-117 Nighthawk كانت رائدة في تقنيات التخفي، فإن B-2 تجاوزتها بمراحل.
لقد جمعت B-2 Spirit بين التكنولوجيا الثورية والأفكار الخارقة لتُصبح معجزة حقيقية في عالم الطيران، وأداة فعّالة في مجال القوة الجوية.
لكن، ونتيجة لتكاليف التطوير الباهظة، قرر الكونغرس تقليص الإنتاج من الخطة الأصلية التي كانت تتضمن 132 طائرة إلى فقط 21 طائرة.
ورغم أن هذا القرار ساعد على تقليل الإنفاق العام، إلا أن الالتزامات التعاقدية لشركة نورثروب غرومان لتغطية نفقات البحث والتطوير رفعت سعر الوحدة الواحدة إلى حوالي 2 مليار دولار أمريكي (تقديريًا).
القشة التي قصمت ظهر “سبيريت”
كيف يمكن لأحد أعظم وأغلى أصول القوة العسكرية الأمريكية أن يسقط ضحية لشيء بسيط مثل الماء؟ الجواب هو: مع التكنولوجيا المعقدة تأتي الهشاشة المعقدة.
في حالة “Spirit of Kansas”، كانت أمطار غوام الموسمية الغزيرة ببساطة أقوى من قدرة بدن الطائرة الخارجي على التحمل.
طلاء RAM، وهيكل الطائرة المركب، وشكلها الفريد جعلوا التصميم عبارة عن توازن هش بين التخفي والموثوقية. وعلى الرغم من أنها تظل واحدة من أكثر الطائرات فعالية في القتال وتخفيًا في التاريخ، إلا أن هذا لم يتحقق إلا بفضل جهود واستثمارات هائلة.
نور الدين من مواليد عام 1984، المغرب، هو كاتب وخبير في موقع الدفاع العربي، حاصل على ديبلوم المؤثرات الخاصة، ولديه اهتمام عميق بالقضايا المتعلقة بالدفاع والجغرافيا السياسية. وهو مهتم بتأثير التكنولوجيا على أهداف السياسة الخارجية بالإضافة إلى العمليات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. إقرأ المزيد
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :www.defense-arabic.com بتاريخ:2025-04-20 09:07:00
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي تم نشر الخبر مترجم عبر خدمة غوغل