لم يعد بالإمكان توفير الاحتياجات الطبية لقطاع غزة

هآرتس 8/5/2025، جدعون ليفي: لم يعد بالإمكان توفير الاحتياجات الطبية لقطاع غزة
الحامض الكيتوتي السكري هو احد مضاعفات مرض السكري التي تهدد الحياة بالخطر، والذي فيه عدم وجود الانسولين ومستوى مرتفع لهرمون التوتر، تؤدي الى زيادة انتاج اجسام الكيتون والاحماض. م. اوشك نفاد الانسولين لديه. على خط الهاتف من بيته المحترق في بيت لاهيا، الذي عاد اليه مؤخرا، قال إنه لم يبق لديه إلا نقطتين من الانسولين، ثم قال 2 سم، ربما هو قصد وحدتين للانسولين. على أي حال الانسولين الخاص به على وشك النفاد. حتى وقت قريب كان يمكنه الحصول على الانسولين من صيدلية الاونروا، ولكن منذ أوقفت إسرائيل المساعدات الإنسانية لم يعد يوجد انسولين.
على الفور هو يحاول التهدئة: الآن هو ليس بحاجة الى الانسولين لأنه لا يوجد خبز. الانسولين هو يأخذه فقط عندما يأكل الخبز، والآن لا يوجد خبز. وجبة الانسولين الأخيرة لديه يحتفظ بها الى أن يتواجد له ولعائلته رغيف من الخبز. أمس ابنه قال إنه سيخرج للبحث عن الفوشار لتهدئة المعدة. الابن تجول بضع ساعات ولكنه لم يجد. الأب قال له أنت لن تجد.
“أنا جائع، أنا بحق جائع”، قال لي أمس. منذ بداية الحرب لم يقل لي هذه الكلمات بشكل حاد كهذا. دائما يحاول تلطيف الامر والتقليل من وصف صعوباته حتى لا يثير الشفقة ويحافظ على كرامته. حتى أمس. أمس اعترف بأنه جائع للخبز، جائع حقا.
اول امس كان يوم صعب بشكل خاص لأن الجيش الإسرائيلي قصف شمال القطاع بدون توقف. الأطفال ركضوا لاخلاء المنطقة، لكن م. سألهم: الى اين سنذهب؟ هم جلسوا داخل هيكل البيت تحت القذائف التي تهدر، واملوا الخير. لقد قرروا بأنه اذا لم تتوقف النار حتى الخامسة بعد الظهر سيغادرون. لحسن حظهم النيران توقفت قبل ذلك، وامس صمتت المدافع. م. قال انه لا يوجد مخطوفون في بيت لاهيا ولا توجد حماس، فقط اكوام من الأنقاض. فلماذا يواصلون القصف؟.
م. عاد الى انقاض بيته بعد اشهر مكث فيها في معسكر الخيام في المنطقة الإنسانية في المواصي قرب خانيونس، التي كانت في السابق مستوطنة نفيه دكاليم. عمر م. 63 سنة وهو مريض بالسكري، وأصيب بجلطة دماغية. العودة من هناك الى البيت المحروق كلفت 1200 شيكل. اربع عائلات تقاسمت هذا المبلغ. محشورون في تندر السيارة التجارية فوق الفرشات والبطانيات وكل اغراضهم.
عندما وصلوا الى ما كان بيتهم شاهدوا هيكل محروق، حتى الأبواب لم تعد موجودة. قاموا بتنظيفه ووضعوا الفرشات واقاموا البيت في ذلك الدمار. الآن هم يشعرون أنه في القريب سيضطرون الى الهرب من اجل النجاة بحياتهم، ولا يوجد مكان ليذهبوا اليه. امس مرت على الحرب 19 شهر. إسرائيل تقول بأنها ستستأنفها بكامل الزخم، أي انباء سارة هذه وتبعث على الامل.
المكالمة مع م. تبعث على اليأس الى درجة الرعب. عدم القدرة على مساعدته بأي شيء، والعجز، يبعث على الجنون. خلال سنوات سافرنا معا في شوارع قطاع غزة، وكان يقودنا وحافظ علينا من كل سوء. امس جلس على مدخل بيته امام هيكل سيارة المرسيدس التي فيها سبعة مقاعد والتي سافرنا فيها لسنين، احيانا بالوقود عندما كان متوفر، واحيانا بالزيت المستخدم في بسطات الفلافل عندما كان ينفد الوقود.
سيارة المرسيدس الصفراء سافرت تقريبا 3 ملايين كيلومتر. والآن هي هيكل محروق. م. يبكي عليها اكثر مما يبكي على بيته. لقد قضى فيها وقت اكثر مما قضى في بيته. أحيانا هو يداعب هيكلها، كما قال لي أمس بحنجرة مختنقة، يفتح صندوق السيارة المحروق ويتذكر، يفتح غطاء المحرك ويرى مكانه المحروق، قبل بضعة أيام على اندلاع الحرب اشترى أربعة إطارات جديدة ولكنه لم يتمكن من السفر عليها. الآن أصبحت هيكل، بالضبط مثل صاحبها الجائع.
اول امس تناول القليل من العدس، أمس لم يأكل أي شيء. عندما سينجح في الحصول على الطحين أو الخبز سيقوم بحقن نفسه بقطرات الانسولين الأخيرة التي بقيت لديه.
مصدر الخبر نشر الخبر اول مرة على موقع :natourcenters.com بتاريخ:2025-05-08 17:00:00 الكاتب:Karim Younis ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي JOIN US AND FOLO