ماذا نعرف عن منظومات الدفاع الجوي التي تمتلكها إيران؟

تملك إيران شبكة واسعة من منظومات الدفاع الجوي، تتوزع على نحو 3500 موقع وقاعدة تغطي أنحاء البلاد، وتهدف إلى رصد واعتراض التهديدات الجوية على مختلف الارتفاعات والمديات، لتوفير حماية مستمرة للمنشآت الحيوية والمراكز السكانية. وتتنوع هذه المنظومات بين ثابتة ومتحركة؛ فالثابتة تشمل أنظمة مثل “إس-300″ الروسية و”آرمان” المحلية، في حين تتيح الأنظمة المتنقلة كـ”باور 373″، و”رعد”، و”طبس”، و”خرداد 3″، و”كمين 2″ مرونة أكبر من حيث الحركة والانتشار في ميادين العمليات.
وتعتمد منظومة الدفاع الجوي الإيرانية في معظمها على أنظمة محلية الصنع، طُورت في إطار سياسة الاكتفاء الذاتي، إلى جانب عدد محدود من الأنظمة الأجنبية، أبرزها منظومة “إس-300” الروسية، وبعض الأنظمة الصينية والأميركية القديمة التي تعود إلى ما قبل الثورة الإسلامية.
وقد شكّلت العقوبات المفروضة على إيران بعد عام 1979 دافعًا رئيسيًا نحو تطوير صناعاتها العسكرية محليًا، بعد أن كانت تعتمد بشكل كبير على الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية في تأمين معداتها الدفاعية. وجاءت الحرب العراقية الإيرانية (1980–1988) لتزيد من حدة هذا التوجه، خاصة في ظل الحظر العسكري المفروض آنذاك، مما دفع طهران إلى الاستثمار في بناء قاعدة صناعية عسكرية مستقلة.
وفي تسعينيات القرن الماضي، عززت إيران تعاونها الدفاعي مع كل من روسيا والصين، وهما من الدول القليلة التي لم تلتزم بالعقوبات الغربية بشكل صارم. وقد مكّنها هذا التعاون من الحصول على تقنيات تصنيع عسكرية متقدمة، بما في ذلك تكنولوجيا الصواريخ ومنظومات الدفاع الجوي، وهو ما شكّل ركيزة أساسية في دعم قدرات الصناعات الدفاعية الإيرانية وتطويرها لاحقًا.
وفيما يلي نظرة شاملة على أبرز هذه المنظومات:
1. إس-300
تُعد منظومة إس-300 الروسية واحدة من أبرز منظومات الدفاع الجوي الصاروخي بعيدة المدى في الترسانة الإيرانية. صُممت هذه المنظومة لاعتراض وتدمير مجموعة واسعة من التهديدات الجوية، بما في ذلك الصواريخ الباليستية، وصواريخ كروز، والطائرات الحربية، والطائرات المسيّرة.
تتميز إس-300 بقدرات تقنية متقدمة، أبرزها امتلاكها لرادار قادر على كشف الأهداف الجوية ضمن مدى يصل إلى 350 كيلومترًا، وتتبع حتى 100 هدف في الوقت ذاته، مع إمكانية الاشتباك المتزامن مع 12 هدفًا. وتبلغ قدرة اعتراضها الفعالة حتى 150 كيلومترًا، ما يمنحها موقعًا مهمًا في منظومة الدفاع الجوي بعيدة المدى.
تستخدم صواريخ المنظومة رؤوسًا حربية شديدة الانفجار، وقادرة على إصابة أهداف تتحرك بسرعات تتراوح بين 4300 و10,000 كيلومتر في الساعة، تبعًا لطراز الصاروخ المستخدم.
وقد حصلت إيران على هذه المنظومة في عام 2016، بموجب صفقة أبرمتها مع روسيا، وشملت تسليم عدد من النسخ المتطورة منها، من بينها طرازات “إس-300 بي” و”إس-300 في إس”، لتعزيز قدراتها في مواجهة التهديدات الجوية الإقليمية، لا سيما من الطائرات الحديثة والصواريخ بعيدة المدى.
2. باور 373
تُعد أقوى منظومة دفاع جوي إيرانية حتى الآن، بقدرات متقدمة على الرصد والتصدي. تستطيع راداراتها النشطة كشف الأهداف على مسافة تصل إلى 320 كلم، وتتبعها حتى 260 كلم، مع القدرة على الاشتباك المتزامن مع تسعة أهداف جوية في آنٍ واحد. تعمل بصواريخ “صياد 4” و”4بي”، وتغطي كامل المجال بزاويه 360 درجة بفضل رادارات نشطة، مما يتيح لها مواجهة الطائرات الشبحية، والصواريخ الباليستية والمجنحة، والطائرات بدون طيار.


3. خرداد 15
منظومة متوسطة إلى بعيدة المدى، متخصصة لحماية المدن والمنشآت الحيوية. تمتلك قدرة على كشف الطائرات الشبحية من مسافة تصل إلى 85 كلم، وتستطيع الاشتباك مع ستة أهداف دفعة واحدة ضمن مدى يبلغ 120 كلم. تُعرف بسرعتها في الرد على الهجمات المفاجئة، وتُعد من أكثر الأنظمة الإيرانية مرونة في حالات الإنذار المباغت.
4. تلاش 4
تمثل الجيل الأحدث من منظومات الدفاع الجوي الإيرانية، بقدرات عالية على التعامل مع الطائرات الشبحية والصواريخ الباليستية. يصل مداها إلى 120 كلم، بارتفاع اشتباك يبلغ 27 كلم. تعتبر تطويرًا محليًا لمنظومة S-200 السوفيتية، مع تحسينات كبيرة في الأنظمة الإلكترونية والتوجيه.
5. طبس
منظومة دفاع جوي متوسطة المدى، متخصصة للتعامل مع التهديدات الجوية ضمن نطاق يتراوح بين 70 إلى 75 كلم. قادرة على الاشتباك مع أربعة أهداف في آنٍ واحد، وتُدار بواسطة رادارات “بشير”. تُستخدم أساسًا لحماية الخطوط الأمامية والمواقع ذات الأهمية التكتيكية المتوسطة، وتمتاز بسهولة النقل وسرعة الانتشار.
6. زوبين
منظومة قصيرة إلى متوسطة المدى، موجهة بشكل خاص لمواجهة الطائرات المسيرة، وصواريخ كروز، والذخائر الذكية الدقيقة. يمكنها الاشتباك مع ثمانية أهداف في وقت واحد ضمن مدى يصل إلى 20 كلم، مع تغطية كاملة بزاوية 360 درجة. تتميز بتصميم مدمج وقدرة عالية على الحركة، مما يجعلها مناسبة لحماية المنشآت الحساسة من الضربات الدقيقة والمباغتة.
رغم الترويج الإيراني المكثف لهذه المنظومات على مدار السنوات الماضية، فإن الحرب الجارية كشفت محدودية فعاليتها أمام الهجمات الإسرائيلية واسعة النطاق والدقيقة، ما يطرح علامات استفهام كبيرة حول الفجوة بين الدعاية العسكرية الإيرانية والواقع الميداني.
مصدر الخبر
| نُشر أول مرة على: www.defense-arabic.com
| بتاريخ: 2025-06-18 08:11:00
| الكاتب: نور الدين
إدارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب أو الخبر المنشور، بل تقع المسؤولية على عاتق الناشر الأصلي
اكتشاف المزيد من بتوقيت بيروت -اخبار لبنان والعالم
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.