رغم العدد الكبير، هناك فجوة واضحة في فئة الطائرات الخفيفة متعددة المهام، خاصة تلك المخصصة لاعتراض الطائرات دون طيار، والتي أصبحت تمثل تهديدًا حقيقيًا في النزاعات الحديثة. التقييمات الدولية تضع سلاح الجو المصري في المركز العاشر عالميًا، لكنه يحتاج إلى تجديد للحفاظ على موقعه. كما تشير دراسة صادرة عن معهد الدراسات الاستراتيجية في لندن (IISS) إلى أن متوسط عمر الطائرات القتالية في مصر يتجاوز 25 عامًا، وهو رقم مرتفع في عالم الطيران العسكري الحديث. التشكيل المصري الحالي يضم نحو 220 طائرة F-16 أميركية (معظمها من البلوك 40 وبلوك 52)، و24 طائرة رافال فرنسية، و46 طائرة MiG-29 روسية. كما أن هناك أسطولًا من طائرات التدريب القديمة مثل ألفا جيت والـL-39، لكن تواجهه مشكلة التحديث، خاصة مع القيود الأميركية على قطع الغيار والصيانة، مما أدى إلى تراجع الجاهزية القتالية لبعض الأسراب إلى أقل من 60%. لهذا السبب، بدأت القيادة العسكرية المصرية تبحث عن بدائل تسد هذه الفجوة، وفي الوقت نفسه تفتح الباب لبناء قدرة صناعية جوية وطنية. ويأتي هذا في وقت تزداد فيه التحديات الأمنية على حدود مصر مع ليبيا غربًا، والسودان جنوبًا، والبحر الأحمر شرقًا، إلى جانب تصاعد تهديد الطائرات المسيرة. طائرة J-10C تابعة لسلاح الجو الباكستاني العرض الصيني شمل طائرات J-10C، وهي مقاتلة متقدمة دخلت الخدمة عام 2018، وتستخدم رادار AESA من نوع KLJ-7A بمدى كشف يصل إلى 200 كم. تبلغ سرعتها القصوى 2.2 ماخ (نحو 2700 كم/س)، ونطاقها القتالي يتجاوز 1700 كم مع خزانات وقود إضافية. وزنها وهي فارغة حوالي 9.8 طن، ويمكنها حمل أسلحة حتى 6 أطنان، بما في ذلك صواريخ PL-15 بمدى أكثر من 200 كم وPL-10 قصيرة المدى، بالإضافة إلى صواريخ جو-أرض موجهة بالليزر والرادار. العرض الصيني يتضمن 48 طائرة بقيمة 2 مليار دولار، مع تصنيع محلي بنسبة بسيطة (حوالي 15%)، وتمويل يمتد لعشر سنوات بفوائد مخفضة، يشمل تدريبًا وصيانة أولية. بذلك تصل تكلفة الطائرة الواحدة إلى نحو 41.6 مليون دولار. ووفق تقارير، عرضت الصين أيضًا تجهيز الطائرات برادارات محسّنة وأنظمة تشويش إلكترونية متقدمة، مع إمكانية تطوير قدرات إلكترونية مشتركة مع المهندسين المصريين. أما العرض الكوري، فشمل طائرات FA-50، وهي نسخة مقاتلة من T-50 Golden Eagle. دخلت الخدمة عام 2013، ومبنية على هيكل F-16، وتبلغ سرعتها القصوى 1.5 ماخ (1800 كم/س)، ويصل مداها إلى 1800 كم. يمكنها حمل 4.5 طن من الأسلحة، بما في ذلك صواريخ AIM-9X، وAGM-65، وقنابل موجهة بالليزر مثل GBU-12. تستخدم رادار EL/M-2032 بمدى كشف يصل إلى 150 كم، وتملك أنظمة حرب إلكترونية مناسبة للمهام الدفاعية. الصورة: Sebastian Romawac العرض الكوري يتضمن 36 طائرة كاملة التصنيع، مع تصنيع محلي لـ70 طائرة بنسبة توطين قد تصل إلى 40%، وإنشاء مركز صيانة وتدريب في مصر، وتوفير دعم لوجستي وقطع غيار لعشر سنوات. تكلفة الصفقة تتراوح بين 2.5 إلى 3 مليارات دولار، أي أن تكلفة الطائرة الواحدة تقارب 25 إلى 27 مليون دولار، ما يجعلها خيارًا اقتصاديًا مقارنة بالمنافسين. كما عرضت كوريا التعاون مع مصر على تطوير نسخة خاصة من FA-50 بمواصفات محلية يمكن تسميتها “FA-50 Egypt Edition”، مزودة بأنظمة مصرية أو مختلطة. هذه الطائرات ليست مجرد وسيلة للدفاع، بل وسيلة للنفوذ. الصين تسعى لدخول السوق المصرية كحليف عسكري، وكوريا الجنوبية تستخدم التكنولوجيا والعلاقات الدفاعية كجسر لتوسيع نفوذها. أما الولايات المتحدة، فهي من بعيد تفضّل الصفقة الكورية، لأنها تبقي مصر ضمن المنظومة الغربية. اليوم، 60% من صفقات السلاح في العالم تُقيّم بناءً على حجم نقل التكنولوجيا، لا فقط قوة السلاح. فالهند على سبيل المثال تنفذ حاليًا 7 مشاريع عسكرية بنقل تكنولوجيا، وإندونيسيا تسعى لرفع نسبة التصنيع المحلي إلى 70% بحلول عام 2030. بالأرقام، الصفقة الكورية تشمل 36 طائرة FA-50 جاهزة، و70 طائرة تصنيع محلي، ومركز صيانة وتدريب، ونسبة توطين تصل إلى 40%، وقيمة إجمالية بين 2.5 و3 مليارات دولار. أما الصفقة الصينية فتتضمن 48 طائرة بنسبة تصنيع محلي لا تتجاوز 15%، بقيمة إجمالية 2 مليار دولار. الفرق الجوهري أن مصر ستدخل مجال التصنيع الفعلي مع كوريا الجنوبية، بعكس العرض الصيني الذي يركز على البيع المباشر مع تجميع محدود. وبحسب تصريحات رسمية وتحليلات، مصر بالفعل اختارت عرض FA-50، لسهولة دمجها في البنية التحتية الجوية القائمة، وإمكانية استخدام خبرة الفنيين والمهندسين في التعامل مع F-16، وتقليل تكاليف التشغيل بنسبة 30%، إلى جانب وجود دعم أميركي غير معلن، مما يقلل العوائق السياسية. الطائرة الكورية أثبتت كفاءتها في الخدمة بدول مثل الفلبين والعراق وتايلاند وكولومبيا، ما يعطيها ثقة في الأسواق العالمية. أما الصين، فلديها مصالح أكبر من مجرد صفقة مقاتلات، تشمل التعاون في الغواصات، أنظمة الإنذار المبكر، وحتى الأقمار الصناعية. مصر تحاول الحفاظ على توازن استراتيجي وتنوع في مصادر السلاح. التقارير تشير إلى أن مصر ما زالت تدرس الحصول على عدد محدود من J-10C، وربما الجيل الخامس J-20 في المستقبل إذا توفرت بشروط مناسبة. المقاتلة J-20 الشبحية تملك قدرات متقدمة وسعرها يبدأ من 110 ملايين دولار للطائرة الواحدة. لكن تبقى هناك تحديات: هل سيكون هناك نقل حقيقي للتكنولوجيا أم مجرد خطوط تجميع؟ هل سيحصل المهندسون المصريون على فرص حقيقية للتعلّم؟ وهل سيكون هناك اتفاق صيانة شامل يضمن استدامة المشروع؟ وهل يمكن لمصر تطوير نسخة خاصة بها من FA-50؟ وهل يمكن فتح باب التصدير مستقبلًا إلى دول عربية وأفريقية؟ توجد كذلك مخاوف من أن تضغط الولايات المتحدة مستقبلًا وتمنع بعض المكونات الأميركية داخل الطائرة. فبعض أجزاء FA-50 تعتمد بالفعل على مكونات أميركية. في النهاية، مصر لا تسعى فقط لشراء طائرات، بل تبني صناعة وتنقل خبرات وتؤسس لوجودها كقوة إقليمية. وكما بدأت كوريا الجنوبية مشروع T-50 عام 1992 مع شركة لوكهيد مارتن وبلغت مرحلة التصنيع الكامل بحلول 2013، فمصر تستطيع أن تسلك المسار ذاته إذا توفرت الإرادة. وإذا نجحت في إنتاج هذه الطائرات بجودة مناسبة، فقد تتمكن خلال خمس سنوات من التصدير لدول أفريقية مثل السودان، تشاد أو حتى الجزائر. الطريق طويل، إذ يستغرق تطوير طائرة جديدة بالكامل من 10 إلى 15 عامًا من العمل المتواصل والميزانيات الضخمة، لكن كل طريق يبدأ بخطوة، وهذه الصفقة قد تكون الخطوة الأولى. نور الدين من مواليد عام 1984، المغرب، هو كاتب وخبير في موقع الدفاع العربي، حاصل على ديبلوم المؤثرات الخاصة، ولديه اهتمام عميق بالقضايا المتعلقة بالدفاع والجغرافيا السياسية. وهو مهتم بتأثير التكنولوجيا على أهداف السياسة الخارجية بالإضافة إلى العمليات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. إقرأ المزيد Back to Top 
 
 JOIN US AND FOLO Telegram Whatsapp channel Nabd Twitter GOOGLE NEWS tiktok Facebook مصدر الخبر نشر الخبر اول مرة على موقع :www.defense-arabic.com بتاريخ:2025-05-15 08:40:00 ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي تم نشر الخبر مترجم عبر خدمة غوغل