هآرتس: أرى تسطيح غزة وأتساءل: كم من الوقت سيستغرق تدمير باريس

هآرتس 3/2/2025، عودة بشارات: أرى تسطيح غزة وأتساءل: كم من الوقت سيستغرق تدمير باريس
في العام 1948 دمرت اسرائيل حوالي 500 قرية فلسطينية؛ دمرت وازالت الغبار عن ملابسها وواصلت قدما. من بين القرى المدمرة كانت قرية آبائي معلول. حتى أن المدمرين لم يسألوا عن سلامة من تم تدميرهم، وكيف يواجهون البرد في الشتاء والحرارة في الصيف. تجدر الاشارة الى أنه في حينه لم يكن هناك 7 اكتوبر.
مع مرور الوقت تبين أن اسرائيل كان يمكنها التدمير كما تشاء. لم يكن يوجد قانون أو قاض. مهمة اعادة الاعمار تم القاءها على الآخرين. هناك سبب لهذا الامر، حيث أنه في نهاية المطاف من غير الانساني أن نلقي مهمة اعادة الاعمار على من قام بالتدمير. هكذا، جاء التقسيم: هناك من يدمرون وهناك من يرممون. هكذا كان الامر في العام 1948 وفي العام 1967، وهكذا كان في عدد كبير من المعارك والعمليات الصغيرة. الفلسطيني يبني والاسرائيلي يدمر. الفلسطيني يرمم والاسرائيلي مرة اخرى يدمر.
التدمير في الفصل الاخير في القطاع كان الذروة، ليس فقط من حيث الكمية بل ايضا من حيث النوعية. بعد زيارة سماوية اسرائيلية هناك اصبح المكان الذي كان في السابق بيت، كومة من الحبوب الدقيقة. أحد منفذي الهدم، الحاخام ابراهام زرفيف، وهو سائق جرافة “دي 9” قال للقناة 14 مع تصفيق الحضور بأنه قام بهدم 50 بيت في غزة في غضون اسبوع. ليس مجرد بيوت، بل ابراج شاهقة. المهمة كانت مسكرة جدا الى درجة أنه شبهها باللحن، العزف على الـ “دي 9”. تذكرت أن عمي سليمان المتوفى، عندما كان يعمل في بناء الاسوار الحجرية في المدن اليهودية التي اقيمت حديثا، على اراضي العرب بالطبع، كان يعرف بالضبط أين يوجه المطرقة من اجل قسم الحجر الى قسمين، بحيث يصبح مناسب لبناء السور. المطرقة الرحيمة بنت وجرافة دي9 هدمت. هذا يهدم وذاك يبني، والحياة تستمر.
بعد مشاهد الدمار في غزة، بشكل تلقائي بدأت اقلق على مصير المدن في العالم. في التلفزيون يتم بث برامج تظهر فيها مبان واحياء في مدن كبيرة من اعلى. بعد المشاهد من غزة أنا بشكل تلقائي وبقلق بدأت اتخيل كيف ستبدو بعد هجمات تدميرية للطائرات الاسرائيلية. اذا حدث هذا في غزة فلماذا لا يحدث في اوروبا. واذا لم تكن اسرائيل فان هذه ستكون قوة اخرى عمياء ستنفذ هذه المهمة. هذا البرج الجميل كيف سيظهر بعد هجوم تسطيحي أو بعد العزف على جرافة دي 9؟. كم من الوقت سيستغرق تسطيح باريس؟ هل سنحتاج 500 طائرة حديثة مع آلاف القنابل بوزن طن؟ كم من الوقت سيستغرق تسطيح روما؟ الدمار في غزة يقوض الشعور بالأمان، ليس فقط في منطقتنا بل في ارجاء كل العالم. عندما يتم تدمير مدينة بسبب ضربة انسانية، وليس بسبب ضربة طبيعية، فان الذعر يكون مضاعف، لأن من يقوم بالتدمير هو من يشرب القهوة على الطاولة التي بجانبك.
أنا اسأل، هل الطيار أو من يشغل الجرافة اامخيفة يعرف كم هي تكلفة المبنى الذي قام بتدميره. من الجدير، فكرت، أن يتم اعطاء دورة للمدمر الاسرائيلي عن تكلفة المباني التي يقوم بتدميرها. ربما عندما يعرف المبلغ وكم هو العمل الذي استثمر في بنائها، فانه سيفكر مرتين قبل أن يضغط على الزر. ولكن نفكيري الايجابي تحطم بعد أن رأيت موجة الفرح بعد التدمير. بالنسبة لبعض المدمرين ربما هذا مصدر للتبجح. الطفل المتفاخر سيحدث اصدقاءه في الصف ويقول لهم: “اليوم أبي دمر مبان بكلفة 50 مليون شيكل”. أمر يدعو للتفاخر. صديقه في الصف سيقول، كنوع من المنافسة في الهدم، بأن والده دمر جامعة بتكلفة 100 مليون شيكل.
الآن يأتي فصل اعادة الاعمار. في هذا المقطع لا يوجد لاسرائيل ما تعرضه، حتى لاصق لوقف النزيف لا تعرض. في 1948 اسرائيل ارسلت مئات آلاف الفلسطينيين الى اماكن غريبة. بالنسبة لها القصة تم اغلاقها، لكن بالنسبة للمهجرين هي بدأت فقط. العالم، بفضل احسانه، تجند واقام وكالة الاونروا التي هدفها كان اصلاح بقدر الامكان ما قامت اسرائيل بتدميره، كنوع من المساعدات الاولية. ولكن الآن حتى المساعدات الاولية يريدون تدميرها هنا.
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :natourcenters.com
بتاريخ:2025-02-03 14:04:00
الكاتب:Karim Younis
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
/a>