هآرتس: في ظل عدم وجود حدود واضحة، اسرائيل ستكون في حالة خوف وجودي دائم

هآرتس 29/4/2025، ديمتري شومسكي: في ظل عدم وجود حدود واضحة، اسرائيل ستكون في حالة خوف وجودي دائم
هل فكرة الدولة المستقلة، كبيرة على الشعب اليهودي؟”، هكذا تساءل قبل شهرين البروفيسور آسا كيشر في مقابلة اجرتها معه غيلي ايزكوفيتش (“هآرتس”، 20/2). “هل نحن مرة اخرى نسير في طريق المتعصبين، ومرة اخرى سيتم نفينا من بلادنا؟”، تساءل بخوف عنوان المقال اللاذع للبروفيسورة انيتا شبيرا في ملحق “هآرتس” في صيف 2023 (14/7/2023).
كيشر طرح التساؤل على خلفية الازمة الاخلاقية التي وجدت اسرائيل نفسها فيها في اعقاب كارثة 7 اكتوبر. ومقال شبيرا كتب في ذروة ازمة الانقلاب النظامي، التي اثارها كارهو اسرائيل المسيحانيين. ولكن عدم اليقين فيما يتعلق باستمرار وجود دولة اليهود يؤثر على الوعي الاسرائيلي، ليس فقط في وقت الازمات. ففي الواقع هذا نوع من القلق الوجودي المتواصل الذي يعشعش في العقل الباطن الاسرائيلي كنوع من الروتين الوطني الطاريء.
الطريقة السهلة والبسيطة لتفسير هذا الخوف هي تعليقه على تهديدات عسكرية وجودية، حقيقية ووهمية، التي تقف دولة اسرائيل امامها في حي الشرق الاوسط المعادي. بنيامين نتنياهو صنع حياة سياسية مجيدة من خلال العزف على وتر هذا الخوف – يكفي تذكر كيف تحدث بانفعال عن هذه المسألة في دورة تعلم التوراة التي استضافها في منزله في تشرين الاول 2017. في حينه قال مدمر أمن دولة اسرائيل، والشخص الاساسي المسؤول عن اكبر كارثة للشعب اليهودي بعد الهولوكوست، بأن مملكة الحشمونائيين لم تكن إلا مدة 80 سنة تقريبا. بينما هو يعمل على ضمان بقاء دولة اسرائيل، التي تتعرض للتهديد الوجودي، على قيد الحياة وأن تصل الى عامها المئة.
لكن الحقيقة هي أن الاسرائيليين لا يشككون وبحق، سواء بالقوة العسكرية لدولة اسرائيل أو القوة الداخلية للشعب الاسرائيلي. الشكوك بشأن الوجود السياسي لاسرائيل في المستقبل تنبع من سبب اعمق بكثير، اساسه حقيقة أن مجرد الوجود السياسي في الحاضر هو مشكوك فيه. اسرائيل هي دولة في حالة نهوض مستمرة، ليس بالمعنى الاجتماعي العادي، أي ليست مجتمع في حالة تشكل، الذي يميز دول شابة كثيرة، بل بالمعنى المادي – الجغرافي الملموس. اسرائيل ليس لها حدود سياسية ثابتة بشكل كبير.
حدود اسرائيل الشرقية تعتبر في الوعي الوطني للمجتمع الاسرائيلي كحدود مؤقتة، ازاء الفجوة الجغرافية بين خارطة الوطن القومي الاسطورية وخارطة الدولة القومية الحقيقية. الامر لا يتعلق فقط بالمستوطنين والمسيحانيين والمؤمنين الايديولوجيين بأرض اسرائيل الكاملة. المستوطنون والمسيحانيون والمؤمنون بارض اسرائيل الكاملة يرفعون علنا وبتفاخر العلم الوطني الاقليمي، الشرعي الوحيد الموجود في الخطاب الوطني الاسرائيلي، في حين أن معظم انصار التسوية الاقليمية ينظرون بحرج الى هذا العلم ويعترفون في اعماقهم بأنه لا يوجد لهم علم آخر. مصطلح الاحتلال لا يزعج أذنهم اقل من ازعاج اذن اليمين الايديولوجي. فهو بمثابة لدغة في قلب “الأنا الوطنية” اليهودية الاسرائيلية. لو أن الحدود الدولية المعترف بها والشرعية لدولة اسرائيل كانت تتمتع بالاعتراف والشرعية في الروح الوطنية الاسرائيلية ايضا لكان قد تم انشاء “معسكر وطني” كبير هنا منذ زمن، يطالب بتقسيم البلاد، ليس باسم “التسوية الاقليمية” – المفهوم غير الجذاب بشكل واضح في الخطاب الوطني – بل باسم التطلع الى العقلانية الوطنية والوضع الطبيعي الوطني، وبالتالي، السلام الوطني الدافيء الذي لم يوجد أبدا في هذه الدولة.
النتيجة هي وضع فكري غير مستقر من عدم سلامة المشروع الوطني الصهيوني، وضع يميز حركات قومية اكثر من دول قومية. ايضا الآن اسرائيل تعتبر نفسها حركة قومية استيطانية، أو اذا شئتم “دولة في الطريق”، وهي تتصرف وفقا لذلك. من هنا يأتي التمسك الذي لا ينقطع بمفهوم “صهيونية”، الذي يعني حركة قومية، والصعوبة الكبيرة للخطاب الاسرائيلي في التخلص منه (لذلك، مفهوم “ما بعد الصهيونية” هو بعيد جدا ومقطوع عن الواقع وعن الوعي في اسرائيل). وقد احسن وصف ذلك صديقي رجل القانون والفيلسوف السياسي الدكتور رئيف زريق عندما قال: “الاسرائيليون يقاتلون على السيادة في دولتهم. ومن الواضح أن اعضاء الحركة الوطنية التي تناضل على سيادتها ولا تعرف ما الذي سينتج عن ذلك، هم اقل يقينا بشأن مستقبلهم من مواطني الدولة القومية العادية، وبالتالي فهم يعانون من قلق وجودي مستمر.
هناك طريقتان لانهاء هذا الوضع السياسي الشاذ. الاولى هي ضم مناطق ارض اسرائيل التي توجد خارج الحدود “المؤقتة” للدولة، وخلال ذلك فرض السيادة الكاملة عليها وعلى سكانها، بحكم القانون وليس فقط بحكم الامر الواقع. النتيجة ستكون حرب اهلية، يهودية – عربية، دموية، التي في نهايتها سيتم طرد ملايين الفلسطينيين من وطنهم بمباركة دونالد ترامب، وبعد ذلك ستوجه الآلية العرقية، القومية – المتطرفة، العنصرية واليهودية، الى الداخل، الى داخل المجتمع الاسرائيلي، بحثا عن الابادة التي لا تتوقف لـ “الاعداء في الداخل”. هذه الطريقة ستؤدي بالتأكيد الى تصفية دولة اليهود.
الطريقة الثانية هي النهضة الوطنية الحقيقية، تقسيم الفضاء بين النهر والبحر الى دولتين قوميتين، على اساس مبدأ الحرية والمساواة بين الشعوب. لقد حان الوقت لتبني هذه الطريقة. وحان الوقت لاقامة الدولة.
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :natourcenters.com
بتاريخ:2025-04-29 14:00:00
الكاتب:Karim Younis
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
/a>