هآرتس: هل يوجد للطرفين، الإسرائيلي والفلسطيني، مصلحة في الوفاء بتعهداتهما للامريكيين

فجر يوم الخميس، عندما ظهر وكأن المفاوضات على صفقة التبادل منتهية، ظهرت في قطر مشكلة اخرى في اللحظة الأخيرة. حسب رواية مكتب رئيس الحكومة فان حماس التي تعهدت باعطاء حق فيتو إسرائيلي على هوية جزء من كبار المخربين الذين سيتم اطلاق سراحهم في الصفقة، تراجعت عن ذلك.
بنيامين نتنياهو أمر البعثة في الدوحة بالتصميم على ذلك، لكن في هذه الاثناء ظهرت عوائق أخرى، من بينها نقاشات حول أسماء سجناء معينين، الذين طلبت حماس اطلاق سراحهم. حتى المساء بذلت الولايات المتحدة جهود كبيرة للتغلب عليها والتمكين من الاعلان النهائي عن الصفقة. عند الفجر اعلن مكتب رئيس الحكومة بأن المشكلة تمت تسويتها نهائيا، وأنه في هذا الصباح يتوقع عقد الكابنت للمصادقة على الاتفاق.
قبل ذلك ازدادت أيضا المعارضة من الداخل في إسرائيل، أحزاب اليمين المتطرف عادت الى نشاطها الفعال لتخريب المفاوضات. في كل هذه التطورات لم تكن هناك انباء حقيقية، باستثناء إضافة الحزن والقلق اللذين لا حاجة اليهما لعائلات المخطوفين. ولكن كان يمكننا معرفة أن هذا هو الشرق الأوسط لو أن الأمور لم تتشوش قبل لحظة من التوصل الى الاتفاق؟.
لقد بقيت حتى الآن تخوفات أخرى. المخطوفون من المرحلة الأولى في الصفقة الحالية سيبدأون في العودة الى بيوتهم رويدا رويدا كما يبدو من يوم الاحد القادم. من المتوقع أن يكون لدينا تعذيب صيني في كل مرة من جديد. من الواضح أيضا أن بعضهم سيعودون في حالة جسدية ونفسية صعبة. حول كل نبضة صغيرة من التطبيق ستثور مشاكل معينة، أيضا هذه ما زالت ليست القلق الأساسي. العائق رقم 1 ينتظر بعد استكمال المرحلة الأولى، بعد ستة أسابيع على بدء تطبيق الصفقة. عندها، في المرحلة الثانية، سيبقى في القطاع 65 مخطوف، اكثر من نصفهم ليسوا على قيد الحياة.
هنا يمكن أن تكون صعوبات كثيرة: هل حماس ستقوم بالوفاء بتعهدها واعادتهم جميعهم؟ هل ستنجح في العثور على كل جثث المخطوفين؟ إضافة الى ذلك هل الطرفين، نتنياهو من جهة ورئيس حماس في القطاع محمد السنوار من جهة أخرى، لديهما مصلحة في الوفاء بتعهداتهما للامريكيين وتنفيذ الصفقة بالكامل؟. نتنياهو تجاوز بذلك كل تصريحاته السابقة عندما تعهد بعدم ترك محور فيلادلفيا وممر نتساريم وعدم وقف الحرب قبل تدمير سلطة حماس. بالنسبة للسنوار، يجب عليه التنازل عن بوليصة التامين الأفضل الموجودة لديه، وحزام الأمان الذي يتمثل بالمخطوفين الذي يوجد حوله.
القلق يقسم هيئة المخطوفين الآن بين عائلات الذين سيتم الافراج عنهم في المرحلة الأولى وبين عائلات الذين سيتم الافراج عنهم في المرحلة الثانية، والخوف من أن تحرير اعزاءهم سيتعثر. في القسم الأخير من المفاوضات تم تسجيل انجاز كبير لإسرائيل: من المفروض أن يعود في المرحلة الأولى عشرة رجال أحياء تحت سن الخمسين بسبب حالتهم الصحية الخطيرة. ولكن لا أحد يمكنه ضمان وفاء حماس بتعهدها وتنفيذ المرحلة الثانية أيضا. كثيرون يشككون بنوايا نتنياهو مثلما برهن على ذلك سلوكه أمس. أيضا في قيادة جهاز الامن يشككون باعتباراته. هل لا توجد هنا فقط لعبة سياسية، تستهدف اظهار لمؤيديه في القاعدة بأنه لم يستسلم بسهولة؟.
من سيحسم في النهاية الى أين ستتدحرج الأمور هو الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب. تأثيره على الاتفاق يتم طرحه الآن كنوع من قوى الطبيعة التي لا يمكن كبحها. كل ما حاول تحقيقه عبثا بطريقة ودية الرئيس التارك جو بايدن، يحققه ترامب الآن بالقوة المطلقة التي وضعها امام الطرفين وامام دول الوساطة. اهداف ترامب السامية تشمل اتفاقات إقليمية – فرض حل لكبح المشروع النووي الإيراني بدون الحاجة الى هجوم امريكي – إسرائيلي مشترك، وتحالف مربح للولايات المتحدة (وعائلة ترامب) مع السعودية، أيضا يبدو تطبيع بين السعودية وإسرائيل.
كل ذلك يجب أن يحدث بسرعة. لا يوجد لدى ترامب الكثير من الصبر حول التفاصيل الصغيرة. في النهاية تنتظره حسب رأيه جائزة نوبل للسلام. وهو يلمح لإسرائيل بأنه من الأفضل لها السير مع خططه. الموضوع هو أن هذا التقدم مرهون بدفع ضريبة كلامية على الأقل لحلم الدولتين. التوقيت الذي يقتضيه هذا الامر سيكون صعب، ليس فقط من ناحية معسكر اليمين. الكثير من الإسرائيليين يناوئون الآن فكرة الدولة الفلسطينية ويتساءلون هل هذه هي الهدية التي سيحصل عليها الفلسطينيون عن المذبحة الفظيعة في 7 أكتوبر؟.
في اليمين المتطرف المعارضة يمكنها أيضا أن تكون ناجعة. هذه مجموعة مسيحانية تريد مواصلة الحرب وضم الضفة الغربية وقطاع غزة وإعادة الاستيطان في شمال القطاع. في الأسبوع الأخير الأعضاء في هذه المجموعة يشهدون يقظة مؤلمة على واقع فيه ترامب لم يسمع عن احلامهم. يتبين أن الزعماء ملأوا عقولهم باحلام عبثية.
إسرائيل أنهت الحرب في الشمال بانتصار واضح على حزب الله. لكنها حتى لم تقم بترجمته الى واقع ثابت وايجابي من ناحيتها في جنوب لبنان. بعد أسبوع تقريبا ستنتهي الستين يوم التي خلالها يجب أن ينتهي انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان، وفي اعقاب ذلك يجب أن تتبلور قواعد وقف اطلاق النار بعيد المدى. حماس والفلسطينيون في غزة تعرضوا لضربة قاسية أكثر من حزب الله، لكنهم يرفضون تحمل المسؤولية عن ترتيبات الاستسلام. بالعكس، الفلسطينيين يقومون الآن بحياكة رواية جديدة في اطارها حقيقة أن نظام حماس ما زال يقف على قدميه في نهاية الحرب هو الدليل على نجاح استراتيجية صموده ضد آلة الضغط العنيفة جدا الذي استخدمته إسرائيل.
انهاء الحرب، اذا تحقق، سينعكس أيضا على قيادة جهاز الامن. طلب نتنياهو انهاء التحقيقات واستقالات واسعة في قيادة الجيش سيدخل الى حيز التنفيذ، لكن في نفس الوقت سيطرح مجددا سؤال: لماذا هو نفسه لا يستقيل. بينما يحبس معظم الإسرائيليون الانفاس على أمل الحصول على انباء جيدة من قطر، يستمر الانقلاب النظامي في المضي قدما. هذا الأسبوع صادقت الكنيست في جلسة في الليل على استمرار اعمال النهب، هذه المرة بواسطة قانون وظائف للحاخامات. وزير العدل ياريف لفين ما زال ينشغل بتسويق تحركات شاملة ضد المحكمة العليا. مع ذلك، هذه الأمور تظهر وكأنها أنباء الأمس.
ترامب يحاول فرض تغيير من الخارج على إسرائيل، الامر الذي لن ينهي الحرب فقط، بل سيقوض التحالفات القائمة هنا ويعيد تنظيم المستوى السياسي حسب خطوط عريضة مختلفة كليا.
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :natourcenters.com
بتاريخ:2025-01-17 15:50:00
الكاتب:Karim Younis
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
/a>