هآرتس: هل 82 في المئة يؤيدون الترانسفير؟ لقد بالغتم

beiruttime-lb.com|: هذا المقال يتناول موضوع "هآرتس: هل 82 في المئة يؤيدون الترانسفير؟ لقد بالغتم" بالتفصيل.
الاستطلاع الذي اجري مؤخرا في اوساط يهود اسرائيليين (“هآرتس”، “نعم للترانسفير”، 22/5) اظهر نتائج صادمة حقا: 82 في المئة يؤيدون الطرد القسري من غزة، 56 في المئة يؤيدون طرد الفلسطينيين من مواطني اسرائيل. الاستطلاع يرسم صورة واقع متطرف، وقد حصل على قدر كبير من الاستحسان. ايضا نحن اصبنا بالصدمة عند قراءة النتائج ولكن لسبب آخر: نحن نؤمن بأنها خاطئة.
تقريبا في موازاة هذا الاستطلاع اجري في جامعة تل ابيب استطلاع معمق وواسع النطاق في اطار بحث حول الانتخابات الاسرائيلية، سئل فيه المستطلعون هل يوافقون على حل في غزة يشمل نقل السكان. في اوساط المستطلعين اليهود كانت نسبة التاييد 53 في المئة، وفي اوساط مجمل الاسرائيليين، بما في ذلك المواطنين العرب، النسبة كانت 45 في المئة. بكلمات اخرى، نسبة التاييد الحقيقية لاقتراح الترانسفير لا شك انها مرتفعة، لكنها بعيدة عن ان تعكس اجماع الجمهور.
كيف يمكن انه في الاستطلاع الذي نشر في “هآرتس” كان تاييد الترانسفير اعلى 30 في المئة مما هو في استطلاع جامعة تل ابيب؟ اولا، تحليل المعطيات الخام، الذي شارك كتاب هذا المقال فيه بشفافية كاملة، يشير الى مشكلات في العينة، المسؤولة بدرجة كبيرة عن تضخيم تاييد الترانسفير. وهي تشمل التمثيل الزائد لمجموعات يمينية مثل الشباب والمصوتين لليكود، مقابل نسبتهم الحقيقية في السكان، ومستطلعين “مشبوهين”، مثلا 30 في المئة ممن عرفوا انفسهم في الاستطلاع كمصوتين لحزب العمل قالوا انهم يؤيدون قتل جميع سكان المدن التي احتلها الجيش.
عامل اخر للنتائج القاطعة يرتبط بالاسئلة. المستطلعون كان يجب ان يختاروا “طرف”. اجابة مثل “لا اعرف، غير متاكد” لم تكن خيار. عندما يتم فرض على المستطلعين التعبير عن رأيهم، فهم يعبرون ايضا فيما اذا لم يكن لديهم موقف. للمقارنة، في استطلاع اجراه معهد “ايكورد” في شهر شباط الماضي، سئل فيه المستطلعون اليهود عن تاييد الترانسفير لسكان غزة، ربعهم لم يكن لهم موقف. ايضا غياب الرأي هو رأي وتوجد له اهمية كبيرة.
اضافة الى الجوانب التقنية نحن نؤمن ان اختيار اسئلة الاستطلاع يطمس بدون وجه حق التعقيد والتشوش العميق، اللذان يمثلان الرأي العام في اسرائيل الآن فيما يتعلق بمستقبل النزاع. عندما نوسع المنظور نكتشف من جانب عداء شديد، تشكك ونزع انسانية بالنسبة للفلسطينيين، التي ازدادت منذ 7 اكتوبر. ولكن في موازاة ذلك لم يكن هناك تجمع فيما يتعلق بحلول النزاع، ولا يوجد الآن أي خطة تحصل على اغلبية واضحة في اوساط الجمهور. في بحث اجرته جامعة تل ابيب، 37 في المئة من الاسرائيليين ايدوا حل الدولتين، 34 في المئة ايدوا حل الدولة الواحدة بدون حقوق للفلسطينيين.
في هذا البحث عرض على المشاركين ايضا قائمة لطرق العمل المحتملة فيما يتعلق بغزة، اضافة الى الترانسفير، وتبين أن 44 في المئة من المستطلعين يؤيدون نقل السيطرة في غزة الى جهات دولية او دول اجنبية – نسبة مشابهة لنسبة المؤيدين للترانسفير. في المقابل، 15 في المئة فقط ايدوا اعادة بناء المستوطنات في القطاع. حتى في اوساط نفس الـ 45 في المئة الذين يؤيدون الترحيل الصورة تبدو اكثر تعقيدا: النصف عبروا في نفس الوقت عن دعم ايضا نقل غزة الى سيطرة اجنبية، الربع فقط عبروا عن دعم بناء المستوطنات هناك.
لا شك أنه بطريقة معينة الحديث يدور عن نتائج قاسية، لكن هل هي تعكس مواقف ثابتة أو شفافية الظروف. شيطنة العدو وتاييد القتل لم تتم ملاحظتها، وطرد السكان هو للاسف الشديد ما يميز النزاعات العرقية مثل نزاعنا، خاصة اثناء قتال نشط. الخوف وغياب الامل تقوي ذلك، على الاقل حسب بحث جامعة تل ابيب نحن حقا نخاف. ثلثا الاسرائيليون يؤمنون بان الطموح النهائي للفلسطينيين هو احتلال اسرائيل والقضاء على عدد كبير من السكان اليهود. النتائج يجب فهمها ايضا بالنسبة لهذه الحقيقة، والحذر من الافتراض بانهم سيبقون صامتين لفترة طويلة اذا انتهت الحرب.
لا يقل عن ذلك اهمية هو حقيقة ان تاييد حلول مختلفة يرتبط تماما بالقائمة السياسية التي يعرضها علينا زعماؤنا. عندما وزراء حكومة نتنياهو يشجعون “حلول ترانسفير” متطرفة، التي تعني ارتكاب جرائم حرب، بدون ان تسمع معارضة زعماء المعارضة، وبالتاكيد عندما رئيس الدولة الاقوى في العالم يتبنى فكرة الترانسفير، فانه يتم خلق شرعية معيارية لمثل هذه الخطوات. عندما المعارضة لا تقوم بصياغة رؤية بديلة لحل النزاع فهي تترك الساحة العامة للافكار المتطرفة.
بكلمات اخرى، الراي العام يتحرك وفقا للمكان المتغير لحدود الحوار. التاريخ يثبت انه يمكنه التغير ايضا بالاتجاه المعاكس. ففي الثمانينيات وبداية التسعينيات تقريبا ثلثي الجمهور ايدوا تشجيع هجرة العرب من اسرائيل. بعد بضع سنوات، بعد التوقيع على اتفاق اوسلو واقامة السلطة الفلسطينية، فقط 11 في المئة من الاسرائيليين ايدوا ضم المناطق وطرد السكان. اقامة دولة فلسطينية التي في الثمانينيات تاييدها كانت نسبته اقل من 10 في المئة، اصبح خلال فترة قصيرة الحل الافضل بالنسبة لنصف الاسرائيليين.
باختصار، تاييد الترانسفير الآن، تقريبا بشكل مؤكد ايضا تاييد جرائم مثل ابادة السكان، هو اقل بكثير من الصورة التي تظهر في استطلاع “هآرتس”. رغم ان الاستنتاج الذي يقول بان نصف الجمهور يؤيد طرد سكان غزة هو تهديد، الا ان هناك اسباب جيدة للاعتقاد بان هذا التاييد لا يستند الى قناعة ايديولوجية عميقة. وهناك احتمالية عالية بانه لا يرتبط باقوال الهراء للحاخام اسحق غينزبورغ، التي عرضت في وسائل الاعلام كمسؤولة عن هذه العملية، رغم انه لا توجد ادلة مقنعة على ان نظريته البربرية وجدت لها مكان في اوساط معظم الجمهور.
فعليا، تاييد الترانسفير في اسرائيل يجري في موازاة الاستعداد لتاييد حلول اخرى، ووجوده مرهون بالمناخ السياسي والفضاء العام للشرعية. نحن نؤمن انه يوجد في اسرائيل امكانية كامنة لدعم عام واسع لحلول انسانية قابلة للوجود للنزاع بشكل عام، والحرب بشكل خاص. من اجل تطبيقه فان هناك حاجة الى زعماء سياسيين وشخصيات عامة تحارب من اجل هذه الافكار بشجاعة وتصميم وتضع رؤية بديلة لليوم التالي للحرب.
مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :natourcenters.com
بتاريخ:2025-06-04 16:58:00
الكاتب:Karim Younis
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
/a>
