يديعوت احرونوت: ترامب رجل العرب

beiruttime-lb.com|: هذا المقال يتناول موضوع "يديعوت احرونوت: ترامب رجل العرب" بالتفصيل.
يديعوت احرونوت 16/5/2025، ناحوم برنياع: ترامب رجل العرب
في 4 حزيران 2009 بعد الظهر وصل براك حسين أوباما الى مدرج جامعة القاهرة. كان رئيسا جديدا بالنايلون، محوط بهالة انتصاره في الانتخابات، نجم شعبي. كنت هناك، بمناسبة مقابلة صحفية أراد أن يعطيها لمجموعة صغيرة من الصحفيين من دول الشرق الأوسط. واحد منهم، بجلابية بيضاء، مباشرة من السعودية كان جمال خاشقجي، لاحقا الصحفي الذي قطعه إربا رجال محمد بن سلمان، الذي هو اليوم الشريك الرئيس، المحبوب لامريكا في الشرق الأوسط. خاشقجي كان الوحيد الذي تجرأ على مصافحتي والحديث معي هناك، امام الوجوه المفزوعة لزملائه، لكن ليست هذه هي القصة.
القصة هي عن التشبيه بين الخطاب الذي القاه أوباما في القاهرة في 2009 والخطاب الذي القاه الرئيس دونالد ترامب يوم الثلاثاء من هذا الأسبوع في قاعة حفلات فاخرة في الرياض. الاختلاف مذهل؛ وكذا وجه الشبه.
“السلام عليكم”، حيا أوباما الحضور في بداية خطابه. “جئت الى القاهرة كي أدعو الى بداية جديدة في العلاقات بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي. توجد لنا مباديء مشتركة – مباديء العدل والتقدم، التسامح والاحترام لكل انسان”.
كانت القاعة الكبرى مليئة بالطلاب الذين حرصوا على أن يردوا بالهتافات على كل نقطة طرحها أوباما، باستثناء المقطع الذي تحدث فيه عن التزام أمريكا بإسرائيل. الرئيس المصري حسني مبارك اختار الا يأتي: ولم يكن التغيب صدفة.
“الارتباط بين الولايات المتحدة وإسرائيل يقوم على علاقات ثقافية وتاريخية وعلى دروس المحرقة”، قال. “لا يمكن قطعها. من جهة أخرى…”.
في الجهة الأخرى كان الفلسطينيون. “لا يمكن التنكر لحقيقة أن الشعب الفلسطيني عانى كثيرا في كفاحه لاجل الاستقلال”، قال أوباما. تحدث عن عذابات النزوح، عن الانتظار المضني في مخيمات لاجئين لعصر سلام وأمن، عن الذل اليوم الذي يتسبب لهم به الاحتلال. “أمريكا لا تعترف بشرعية استمرار المستوطنات”، قال أيضا. لا يوجد أي شك: وضع الفلسطينيين لا يطاق. أمريكا لن تدير الظهر لتطلعاتهم لدولة خاصة بهم”.
بين الخطاب والمقابلة تحدثت هاتفيا مع رون يرون، محرر الصحيفة في تلك الفترة. الرد في البلاد جد صعب، روى. بعد المقابلة تحدثت مع رام عمانويل وديفيد اكسلورد، المساعدين اليهوديين لاوباما. رويت لهما عن الرد. “قلنا له مسبقا”، رد عمانويل. “لم يوافق على تغيير كلمة”.
الفصل الفلسطيني في الخطاب اشعل الإسرائيليين، لكن في العالم العربي اولوا أهمية اكبر للفصول الأخرى. أوباما دعا عمليا الى انقلاب نظامي في العالم العربي. “التزامي هو لحكومات تعكس إرادة الشعب”، قال أوباما. “أمريكا لا تفترض انها تعرف ما هو الخير لكل واحد، لكني اؤمن بان كل الناس بصفتهم هذه موحدون بالمطالبة ببضعة أمور: حرية التعبير، قدرة تأثير على قرارات الحكومة، ثقة بسلطة القانون ومساواة امام القضاء، الحرية لكل انسان لان يعيش كما يشاء. هذه حقوق انسان. نحن سندعمها في كل مكان”.
كانت هذه هي النقطة التي فهمت فيها لماذا قرر مبارك التغيب عن الحدث. فقد كان يعلم أو أوباما يلعب بالنار. وعندما نشب بعد اقل من سنتين الربيع العربي، كان هناك من حملوا خطاب أوباما المسؤولية عما حصل: هو الذي غرس البذرة.
وكانت النتيجة انهيار أنظمة استبدادية في العالم العربي، بما في ذلك مصر، وحروب أهلية مضرجة بالدماء في ليبيا وفي سوريا. المحاولات لاقامة أنظمة ديمقراطية تخضع للقانون ولارادة الجمهور فشلت. الدكتاتوريات عادت؛ وكذا الفساد، وكذا الفوضى؛ وكذا المس المتواصل بحقوق الانسان. الملوك فقط نجوا. وهم استقبلوا بتنفس للصعداء مملكة ترامب.
مكان للامل
فيما كان علم ضخم للسعودية خلفه اكثر خضرة من الأخضر، نهض ترامب ليلقي بكلمته. مرة أخرى رئيس جديد، مرة أخرى بداية جديدة، تاريخية، في العلاقات مع العالم العربي والإسلامي. الرياض حلت محل القاهرة: هذا لم يكن صدفة. عن مصر قفز ترامب مثلما قفز عن إسرائيل: هو لا يحصي دولا تحتاج الى مساعدة أمريكية.
محمد بن سلمان القى الخطاب الافتتاحي، كله تملق للضيف. بعد ذلك جلس في الصف الأول في جلابية بيضاء على اريكة ملوكية. في الجمهور لم يكن طلاب – كان فيه رجال اعمال من العالم العربي ومن أمريكا. أناس يرتبطون الواحد بالاخر بحبال المال.
الخطاب كان مصقعا اقل ليس تاريخيا أقل. فقد بدأ بوابل من الثناء الذاتي على أداء إدارة ترامب في أربعة اشهر وجودها واحتقار تام لولاية سلفه. بعد ذلك انتقل الى ثناء لا يقل مبالغة للثورات التي تجري في دول محمد بن سلمان وحكام النفط الاخرين. “العالم يجب أن يفهم”، قال ترامب. “هذا الانتقال الرائع يجري ليس كنتيجة للضجيج الذي يثيرونه في الغرب، الناس الذين يأتون في طائراتهم الجميلة ويعطون لكم محاضرات منمقة كيف تعيشوا وكيف تحكموا. تريليونات الدولارات بذرت على هذه الجمعيات الليبرالية، المحافظة الجديدة. الشرق الأوسط الجديد ولده أناس المنطقة أنفسهم. في النهاية كل أولئك الذين ادعوا بناء الأمم، هدموا الأمم. تدخلوا في حياة مجتمعات مركبة لم يفهموها. قالوا لكم ما تفعلوه، لكن لم يكن لهم أي فكرة عما ينبغي لهم هم أنفسهم أن يفعلوه. السلام، الازدهار والتقدم جاءت ليس جراء رفض متطرف لتراثكم بل جراء تبني التراث الذي تحبونه جيدا. صنعتم معجزة بطريقتكم، الطريقة العربية. هذه هي الطريقة الجيدة”.
أوباما اقترح على حكام العرب حلولا أيديولوجية: اذا ما حرصوا على حقوق الانسان، اتبعوا الديمقراطية الليبرالية مع سلطة القانون، حقوق النساء والأقليات، اجماع وطني بدلا من اكراه – أمريكا ستكون معهم. اما ترامب فيقترح عليهم حلولا شخصية: ولي العهد السعودي رائع، هو يحبه. هو يحبه لدرجة أنه وافق، كبادرة طيبة شخصية، أن يرفع العقوبات التي فرضتها أمريكا على النظام السوري وان يلتقي الرئيس السوري، الجهادي السابق، احمد الشرع.
هذا حل والآخر حل. ومع ذلك، الفارق شاسع: أوباما يقيم موقف السيد الذي ينتهجه على أساس فكر ومشاعر ذنب عميقة بسبب مظالم الاستعمار الغربي والرأسمالية الامريكية؛ اما ترامب فيعلق كل شيء بعلاقات شخصية وتجارية. من جهة هو انعزالي: ما يحصل في دول أخرى لا يحرك له ساكنا؛ من جهة أخرى هو مستثمر يلتقط كل صفقة. ليس صعبا أن نتخيل ترامب يقول بعد لقاء مع هتلر، يا له من حاكم رائع وكيف يقد المانيا الى مستقبل لامع.
ليست واثقا أي من الحلول ضار اكثر، خطير اكثر على استقرار منطقتنا ورفاهها. الناس الذين التقت الصحافة بهم هذا الأسبوع في شوارع القاهرة، دمشق، الرياض، بيروت، اضفوا هالة على خطاب ترامب. أخيرا قام رئيس امريكي يرفض رفضا باتا الاستعمار الغربي. اسهم محمد بن سلمان ارتفعت الى السماء. “القاهرة هي قلب العالم العربي”، قال أوباما في 2009. الرياض هي محفظته، فهم ترامب. رغم أن إسرائيل بقيت في الخارج، الولد الذي بقي في البيت، يحتمل أن تكون رحلة ترامب تبشر لها بالخير. صحيح أن إسرائيل فقدت مكانة الصدارة التي كانت لها في أمريكا كدولة قوية، مستقرة، ديمقراطية، الوحيدة في منطقة التي يقبلها الحزبان؛ صحيح أن التوقع لقرار ترامب بهجوم عسكري على النووي الإيراني لم يتحقق ولعله لن يتحقق ابدا.
لكن يوجد أيضا مكان للامل: في الشرق الأوسط الذي يجري على أساس تجاري، فان للكراهيات القديمة وللحسابات التاريخية توجد أهمية اقل. الازدهار بدلا من الثأر، الثمار بدلا من الدم. هذا هو ا لفكر الذي حرك حاكم الامارات، محمد بن زايد لان يبادر الى ما اصبح اتفاقات إبراهيم. لقد أمسك بإسرائيل في هذا الانتقال وهي مع الحكومة غير الصحيحة في الزمن غير الصحيح. لم يفت الأوان بعد.
مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :natourcenters.com
بتاريخ:2025-05-16 17:39:00
الكاتب:Karim Younis
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
/a>
