يديعوت احرونوت: معركة في ثلاث مراحل

يديعوت احرونوت 7/5/2025، رون بن يشاي: معركة في ثلاث مراحل
لمن يسعى الى التعمق في ما يخططه الجيش الإسرائيلي لغزة للاشهر القريبة القادمة نوصي أن يتجاهل الأصوات الصادرة عن الكابنت وان يركز على تفاصيل معركة “مركبات جدعون”. المعركة العسكرية التي يخطط لها الجيش الإسرائيلي اذا ما نفذت بكاملها – من شأنها أن تعرض للخطر المخطوفين الاحياء الذين يوجدون في أسر حماس، لكنها بنيت بهدف تقليص هذا الخطر الى الحد الأدنى الممكن.
“مركبات جدعون” هي عمليا معركة عسكرية – مدنية – سياسية غايتها تحقيق هدفين: الأول دفع حماس والجهاد الإسلامي للموافقة على صفقة تحرير مخطوفين ذات مغزى بشروط مقبولة على إسرائيل. الثاني، ضربة ذات مغزى للقوة القتالية والبنى التحتية لحماس، بهدف السماح بتسوية في القطاع “في اليوم التالي”. في اطار التسوية المحتملة، ينزع عمليا سلاح المنظمة، وقيادتها في القطاع لا تنجح في السيطرة على مجموعات المخربين الذين سيتوزعون في القطاع وربما يحاولون خوض حرب عصابات ضد الجيش الإسرائيلي.
يفترض بالحملة ان تتم في ثلاث مراحل: الأولى -التي بدأت منذ الان – الاستعدادات؛ الثانية – نار تمهيدية من الجو ومن البر وتحريك معظم مواطني القطاع الى مآوى آمنة في منطقة رفح؛ والثالثة – مناورة برية قوية لاحتلال أجزاء من القطاع والاستعداد لبقاء عسكري طويل فيها.
المرحلة الأولى: اعداد وتجنيد
مرحلة الاعداد ستستمر على الأقل عشرة أيام أخرى الى أن ينهي رئيس الولايات المتحدة زيارته الى الشرق الأوسط في 16 أيار وربما حتى بعد ذلك. في هذه المرحلة، تتم، وهي تتم منذ الان استعدادات في منطقة رفح لبقاء طويل لنحو مليوني غزي يأتون الى هناك في المرحلة الثانية. الأراضي التي توجد في جنوب – غرب القطاع، بين محور موراغ ومحور فيلادلفيا، في منطقة رفح، عمليا فارغة من الناس ومعظم المباني فيها مسوية بالأرض، وفي الجيش الإسرائيلي يؤمنون بان معظم الانفاق هناك أيضا لا يمكن لحماس أن تستخدمها.
في هذه المرحلة، إسرائيل بمشاركة شركة أمريكية، تنشيء مراكز لوجستية توزع فيها الشركة على الغزيين مساعدا بالغذاء والدواء وكذا الماء ووسائل النظافة. المساعدات تصل الى كرم سالم وتجتاز فحصا، والجيش يرافقها في الطريق الأقصر الى المناطق الامنة التي يكون فيها المواطنين وفيها تقام مراكز لوجستية للشركة الامريكية. الجيش، بمشاركة الشباك، يقيم نقاط تفتيش في المحاور الرئيسة التي تؤدي الى المناطق التي سيسكنها الغزيون. هذه “المرشحات” يفترض بها أن تمنع مخربي حماس والجهاد الإسلامي من الهروب من مناطق القتال التي سيدخل فيها الجيش الإسرائيلي ويستخدم المدنيين كدرع بشري ويجندوا مقاتلين منهم. كما تستهدف المراكز منع حماس من إمكانية سلب ونهب المساعدات لاجل تمويل اعمالها.
في مرحلة الاستعدادات ينفذ تجنيد احتياط محدود، وبخلاف المنشورات، لم يجند حتى الان الا قادة في وحدات الاحتياط، فيما أن المقاتلين سيتجندون بعد بضعة أيام. وحدات الاحتياط التي ستجند ستحل محل وحدات نظامية تتواجد على حدود سوريا ولبنان، التي ستنزل الى القطاع تمهيدا لبدء مرحلة المناورة التدريجية لاحتلاله.
الأيام حتى نهاية زيارة ترامب في المنطقة يفترض أن تخلق “القدم السياسية” التي قد تعفي من المناورة العسكرية. في إسرائيل يتوقعون أن يؤثر ترامب على القطريين ليعودوا الى وساطة فاعلة، في ظل ممارسة ضغط على القيادة السياسية لحماس لتليين موقفهم في موضوع المخطوفين – والموافقة على تسوية تتفكك فيه المنظمة من سلاحها ومن قيادتها.
منذ بدأ تحقيق قطر غيت مع رجال مكتب نتنياهو اتخذت قطر موقفا كديا ضد إسرائيل. رحلة رئيس الموساد دادي برنياع الى قطر قبل نحو أسبوعين لينت قليلا عداء القطريين. في إسرائيل يأملون لان ينجح ترامب في اقناع امير قطر ورئيس وزرائها بالتجند مقابل مهر – استئناف المساعدات لمواطني غزة مقابل استئناف الوساطة القوية. في أسبوعين من الاستعدادات، تعتزم إسرائيل السماح لزعماء حماس في القطاع، واساسا لمحمد السنوار ان يعيدوا النظر في مواقفهم من موضوع المخطوفين – وربما ان يوافقوا على منحى ويتكوف الذي بموجبه يتحرر جزء من المخطوفين (بين 11 و 5) في دفعتين مقابل وقف نار لشهر او اكثر، ويمنعوا إسرائيل من التقدم في “مركبات جدعون”.
المرحلة الثانية: نار قوية وتحرك السكان
في المرحلة الثانية يبدأ الجيش الإسرائيلي بنار تمهيدية قوية، ويدعو الغزيين حتى في الأماكن التي لم يناور فيها الجيش بعد – للاخلاء الى المناطق الآمنة. ويفترض بـ “المرشحات” ان تنقي العابرين جنوبا الى رفح منعا لعبور مخربين الى المآوي. وهكذا يقاتل الجيش المخربين المتبقين في القطاع، دون الخوف من المس بالمدنيين.
لهذه المرحلة يوجد هدفان: ضغط على حماس للتوقف عن القتال وتقريب الكثير من الغزيين الى معابر الحدود الى مصر وإسرائيل بل وشاطيء البحر، لتشجيعهم على المغادرة الطوعية. بالتوازي، تجري إسرائيل مفاوضات مع بضع دول لتستوعب الغزيين ممن يرغبون في المغادرة.
توزيع المساعدات الإنسانية في غزة سيبدأ في هذه المرحلة، وسيحرس الجيش الإسرائيلي القوافل. المساعدات ستكون اصغر من الماضي لكن السكان في المآوي الجديدة في منطقة رفح سيحصلون على احتياجاتهم. في هذه المرحلة يخلى أيضا مرضى وجرحى الى خارج القطاع.
المرحلة الثالثة: قتال، احتلال وبقاء طويل
في المرحلة الثالثة سيناور الجيش الإسرائيلي في المناطق التي اخليت وتبقى فيها مخربون أساسا. المهمة من تحت سطح الأرض ستنفذ وفقا للنموذج الذي جرب في رفح وفي اطراف خانيونس في حملة قيادة المنطقة الجنوبية التي انتهت. الهدف: قطع الاتصال بين ألوية وكتائب حماس والجهاد ومعالجتها بواسطة قوة تبقى لزمن طويل في المنطقة.
مرحلة السيطرة التدريجية على أجزاء في القطاع ستستمر بضعة اشهر وبعدها القوات التي تبقى في المنطقة تمنع حماس من الصعود الى سطح الأرض وتقضم المخربين الذين لا يزال يقاتلون – واساسا في شبكة الانفاق والمباني التي يستخدمونها.
“محطة خروج” لحماس
لحماس توجد “محطة خروج” في ختام كل مرحلة في المعركة او في اثنائها. في مرحلة الاستعدادات، كما يقدرون في القدس، حماس كفيلة بان توافق على تحرير مخطوفين وفقا لمنحى ويتكوف كي تمنع إسرائيل من تنفيذ مرحلة تحريك السكان.
محطة الخروج الثانية هي قبل بدء المناورة البرية لاحتلال الجيش ولبقاء طويل في القطاع او في اثنائها.
محطة الخروج الثالثة ستكون قبيل انهاء المعركة، وقبل أن تنفذ إسرائيل تجنيد احتياط اقصى وتحتل القطاع. كما أسلفنا سيتطلب تنفيذ الحملة تجنيد محدود للاحتياط.
من بين الخطط الثلاثة التي اعدها قسم العمليات بالتعاون مع الشباك، منسق الاعمال في المناطق، شعبة الاستخبارات ومحافل أخرى في الجيش وبالتنسيق مع الأمريكيين – رئيس الأركان ايال زمير فضل خطة معركة “مركبات جدعون”. لكن كل الخطط – التي كان فيها أمن المخطوفين والاستخدام التوفيري للاحتياط عنصرا مركزيا – رفعت الى وزير الدفاع إسرائيل كاتس ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. بعد إقرارها عرضت على الكابنت فيما ان رئيس الوزراء يوجه القرار فيما هو ووزير الدفاع يفضلان “مركبات جدعون”.
تستخدم الخطة خمس روافع ضغط على حماس. الرافعة الأولى هي احتلال أراضي وحيازتها في ظل قطع ما تبقى من كتائب حماس والويتها الواحدة عن الأخرى وتدمير منهاجي لبناها التحتية القتالية. هذه الرافعة تتضمن توسيع مناطق الفصل في هوامش القطاع وبتر القطاع كوسيلة لزيادة ثقة بلدات الغلاف. الرافعة الثانية التي تضغط حماس، هي تحريك السكان عبر “مرشحات” الى مناطق لا يوجد فيها اتصال مباشر بين السكان الذين يوجدون فيها وبين البنى التحتية لحماس التي ربما تكون تبقت هناك.
الرافعة الثالثة التي تقلق حماس جدا هي منع سلب ونهب المساعدات. الرافعة الرابعة هي القطيعة بين حماس والسكان المدنيين وبين كتائب حماس في المناطق المختلفة. الرافعة الخامسة هي في الوعي: إسرائيل تريد لحماس أن تفهم ماذا سيحصل لها وللسكان الغزيين في اثناء مراحل “مركبات جدعون” – وان تعيد النظر مرة أخرى فيما اذا كان مجديا لها ان توافق على تحرير مخطوفين وتسوية تكون مقبولة من إسرائيل في “اليوم التالي”.
ولهذا اطلق اول امس الناطق العسكري ايفي دفرين، تصريحا كان يستهدف أيضا آذان زعماء حماس في القطاع. بشكل عبثي، فان تصريحات الوزير سموتريتش أيضا تخدم رافعة الوعي التي تمارس على حماس وستتصاعد حين يصل ترامب الى المنطقة.
للمعركة المخطط لها يوجد معارضون كثيرون لكن يبدو أن الحكومة والجيش مصممان على تنفيذها. الفضل الأكبر للخطة هو انها متدرجة، تعطي حماس سلالم للنزول عن الشجرة، يوجد فيها حظر كثير بالنسبة لمصير المخطوفين وهي موفرة في استخدام مقدرات الاحتياط المتآكلة. يتبقى فقط تمني النجاح للجيش والامل في ألا يفوت المستوى السياسي الفرص التي تخلقها العملية له. نتنياهو وحكومته ملزمان بان يستوعبوا بان الجمهور في إسرائيل يريد انهاء الحرب في غزة، وبدون ادخال السلطة الفلسطينية الى الحكم في القطاع “في اليوم التالي” – فانها لن تنتهي.
مصدر الخبر نشر الخبر اول مرة على موقع :natourcenters.com بتاريخ:2025-05-07 16:33:00 الكاتب:Karim Younis ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي JOIN US AND FOLO