عين على العدو

يديعوت احرونوت: نهج ترامب نتنياهو

يديعوت احرونوت 19/2/2025، رون بن يشاي: نهج ترامب نتنياهو

عندما قال نتنياهو في جلسة الحكومة هذا الأسبوع ان لترامب وله توجد استراتيجية مشتركة ومنسقة، فانه وصف الواقع. فالرئيس الأمريكي ورئيس وزراء إسرائيل الحاليان يتقاسمان بالفعل الفكر الاستراتيجي إياه الذي خلاصته: القاء فكرة كبيرة الى الهواء أو حتى تنفيذ خطوة دراماتيكية هامة في الأرض – وعندها انتظار لوقت ما لاجل السماح لكل الجهات أن ترد؛ ليريا ماذا سيكون رد الطرف المقابل، كيف سيتعاطى الجمهور في الداخل مع الخطوة، ماذا سيكون الرد في الساحة الدولية والإقليمية وماذا سيقترح الوسطاء كبديل للاقتراح الأصلي؛ بعد ذلك التصرف حدسيا “سماعيا” (العبها بالأذن) الى أن تتحقق تسوية دائمة ما للمشكلة. وهذا لن يكون بالضرورة ذروة اماني ترامب او بيبي لكن هما ومؤيديهما السياسيون يمكنهما أن يتعايشوا معها.

النقيصة الأساس لهذه الاستراتيجية هي كونها عديمة هدف وغاية نهائيين محددين مسبقا وواقعيين للتحقيق. وعليه فانهما لا يخدمان بالضرورة المصالح الحيوية للامن القومي او أي مصلحة قومية أخرى بل، في هذه الحالة المصلحة الشخصية لترامب او لبيبي أساسا او لكليهما. نقيصة مركزية أخرى لهذه الاستراتيجية هي أنها تستوجب سلوكا بطيئا، مضيعا للوقت وكنتيجة لذلك تجبي ثمنا باهظا في حياة الانسان ومعاناة المخطوفين، مقاتلين وغزيين غير مشاركين وتستهلك مقدرات باهظة الثمن بكميات غير معقولة.

بالمقابل، يوجد للفكر الاستراتيجي الترامبي – البيبي هذا أيضا ميزتان عظيمتان: فهي مبادرة وبالتالي في أحيان قريبة تخرج الطرف المقابل ومؤيديه عن توازنهم وتجبرهم على أن يقبلوا بعض مطالب الطرف الذي بادر الى الخطوة الأولية. الميزة الثانية الهامة جدا لهذا الفكر هو المرونة في اتخاذ القرارات تسمح للقادة باتخاذ القرارات. معظم الخيارات تبقى مفتوحة امام من بدأ الخطوة. يمكنه أن ينفذ الفكرة العظيمة بكاملها، ان يتخلى عنها تماما او يجري عليها تغييرات واسعة دون أن يكون ملتزما بنتيجة او انجاز واضحين وقابلين للقياس تحددا مسبقا. ما يسمح لبيبي أو لترامب ان يتصرف وفقا للمصالح وسلم الأولويات المرغوب فيها وفي كل حال رسم نقطة التصويب حيث أصاب السهم. حتى لو اخطأ الهدف الذي هو إعادة اكبر عدد ممكن من المخطوفين الاحياء وتحسين الامن القومي على مدى الزمن.

ليس صدفة أن ترامب ونتنياهو يتخذان الاستراتيجية ذاتها. كلاهما نرجسيان يتملكهما الغرور يعانيان من ثقة مبالغ فيها بالنفس تدفعهما للتصديق بانهما قادرين على أن يشخصا ويستغلا الفرص الطائرة ويعطلا مخاطر والغام في المفاوضات. كلاهما مقتنعان بان كل واحد منهما قادر على أن يدير، من خلال حفنة صغيرة من رجال السر والثقة سياسة بطريقة حرة ليست مقيدة بخطة مرتبة ذات اهداف مصاغة بغموض.

لدى ترامب، هذا الفكر الاستراتيجي يجب تعبيره بجواب “ سنرى” (نحيا ونرى، يلقيه الى الصحافيين الذين يسألونه مثلا اذا كانت مصر والأردن ستوافقان على أن تستوعبا مئات الاف الفلسطينيين الذين يجلون من القطاع في اطار خطة الاخلاء – البناء التي بادر اليها. وعليه فهام جدا أن نتذكر كيف أنه في عهد رئاسته الأولى أجاب ترامب هكذا للصحافيين الذين سألوه اذا كان حقق اتفاقا عن نزع السلاح النووي من كوريا الشمالية، وكيف عاد بيدين فارغتين مكللا بالعار من لقاءات القمة العظيمة التي بادر اليها مع كين يونغ اون.

بيبي أكثر تجربة في التصرف حيال الاعلام المعادي وغير المؤدب، كما أنه اكثر حذرا من ترامب. لان سموتريتش، ستروك وبن غفير ينفخون في قذالة الائتلاف الهش الداعم له. وعليه فهو يتحدث عن “نصر مطلق” وببساطة يصمت حين يُسأل ما هو معنى هذا المفهوم الغامض والى أين يتجه، مثلا، في “اليوم التالي”. نتنياهو يسمح لليوم التالي بان يتبلور “في إطار الحركة”. في إسرائيل كان بوسعهم منذ قبل أشهر غير قليلة، حين حقق الجيش الإسرائيلي من خلال المناورة معظم الأهداف التي حددت له، ان يصلوا الى صفقة لتحرير المخطوفين تأخذ من المنظمة الإسلامية الاجرامية إكسير الحياة والاعمار لديها: السيطرة على نقل وتوزيع المساعدات الإنسانية. لكن نتنياهو، وفقا لاستراتيجية “نحيا ونرى” فضل الا يحدد أهدافا واضحة، بل أن يراوح في المكان وأن يترك الجميع يخمنوا ما هي نواياه وفي هذه الاثناء، في ظل الانتظار لانتخاب ترامب، ان يجري اتصالات سرية بلا نهاية وغاية عملية مع اتحاد الامارات ومصر.

ينبغي الاعتراف انه في كل ما يتعلق بالمخطوفين، كان الانتظار لترامب رهانا ناجحا لبيبي، كون ترامب نجح في ترجيح الكفة في صالح الصفقة الحالية وعلى ما يبدو سينهيها بعد المرحلة الثانية والثالثة. ترامب كفيل بان يحقق تطورا إيجابيا أيضا في مسألة اليوم التالي في غزة. خطة ترامب لتنظيف غزة من الغزيين ترعب العالم العربي وبالتالي رغم أن احتمالاتها هزيلة، فانها تجبر العالم العربي على ان يعمل على بلورة بديل لحكم حماس في غزة يسمح لإسرائيل والولايات المتحدة بالموافقة على اعمار غزة بتمويل سعودي، اماراتي وقطري. مما هو معروف عن هذا المنحى هو أنه لا يتطابق بعد مع مطالب الحد الأدنى لنتنياهو وبالتأكيد لا يتطابق مع تطلعات الجناح اليميني القومجي في الائتلاف. لكنه سيسمح لنتنياهو بان يناور ويتملق لترامب الى أن يحقق مبتغاه.

لكن بالقدر ذاته قد يحصل العكس أيضا، وهذه هي النقيصة البارزة لهذه الاستراتيجية. فليس واضحا على الاطلاق بان تسوية اليوم التالي التي سيعدها ترامب حسب المنحى الذي تقترحه مصر، السعودية، اتحاد الامارات والأردن، سيقدم جوابا للمصالح الأمنية الوجودية لدولة إسرائيل ويحسن أمن بلدات النقب. لنتنياهو ستكون عندها معضلة. إما أن يستأنف الحرب رغم أنف ترامب ام يشرح بانه ما كان يمكنه أن يرفض المنحى الذي وافق عليه رئيس الولايات المتحدة فيدعمه ويأمل في أن يشتري هذا أيضا شركاؤه في الائتلاف، الجمهور في إسرائيل وبخاصة سكان غلاف غزة.

مركز الناطور للدراسات والابحاث فيسبوك

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :natourcenters.com
بتاريخ:2025-02-19 16:12:00
الكاتب:Karim Younis
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

JOIN US AND FOLO

Telegram

Whatsapp channel

Nabd

Twitter

GOOGLE NEWS

tiktok

Facebook

/a>

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى