إسرائيل تتحدى الكون.. اغتيال حاملة الأختام

شفقنا- ضمن استهداف تاريخي غير مسبوق للمؤسسات الأممية العاملة في الأراضي الفلسطينية، صادق البرلمان الإسرائيلي (الكنيست)، بشكل نهائي على قانون يحظر نشاط وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” في إسرائيل، وينصّ على “ألّا تقوم الأونروا بتشغيل أي مكتب تمثيليّ، وألا تقدم أيّ خدمة، وألا تقوم بأي نشاط، بشكل مباشر أو غير مباشر”.

ويؤكد مسؤولون وكتاب ومحللون سياسيون، في أحاديث منفصلة للقدس أن القانون الإسرائيلي الذي أقره الكنيست يتعارض مع اتفاقيات قانونية ودولية موقعة منذ عام 1967، ضمنت لـ”الأونروا” تسهيلات واسعة تشمل حرية الحركة والتنقل في الضفة الغربية، بما فيها القدس، وفي قطاع غزة، وحماية حصانتها والإعفاءات الضريبية، كما أن القرار من شأنه أن يُعمق الأزمة ويعيق تقديم الخدمات الأساسية للاجئين، ما قد يؤدي إلى أزمات إنسانية تضاعف معاناتهم.

ويعتبرون أن هذه القرار يأتي ضمن استراتيجية أوسع تهدف إلى إغلاق ملف اللاجئين وتقويض أساس حل الدولتين، مؤكدين أهمية مواجهة القانون الإسرائيلي الجديد من خلال توحيد جهود المؤسسات الفلسطينية الرسمية والشعبية والفصائلية والمجتمع المدني، مع التركيز على التحرك الدولي لإيقاف التعديات على الوكالة الأممية، وتعزيز التحالفات الدولية لضمان بقاء “الأونروا” كرمز دولي للحقوق الفلسطينية، وفي مقدمتها حق العودة للاجئين.

تقويض التفاهمات القانونية والدولية

يرى عدنان أبو حسنة، المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، أن القرار الأخير الذي صوت عليه الكنيست الإسرائيلي يهدد بتقويض كافة التفاهمات القانونية والدولية التي سمحت بوجود الأونروا منذ عقود، حيث يشمل القرار قيوداً جوهرية تتناقض مع الوثيقة الموقعة بين الأونروا وإسرائيل في عام 1967.

ويلفت أبو حسنة إلى أن هذه الوثيقة تضمنت التزاماً إسرائيلياً بتسهيل عمل الوكالة وضمان حصانتها والإعفاءات الضريبية الممنوحة لها، إضافةً إلى حريتها في الحركة والتنقل في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة.

ويشير أبو حسنة إلى أن مصادقة الكنيست على حظر عمل الأونروا في القدس الشرقية سيؤدي إلى آثار عميقة تتجاوز نطاق العمل المباشر للوكالة، موضحاً أن تنفيذ ذلك سيعني تقييداً لعمليات الوكالة وإعاقة تقديم الخدمات الأساسية للاجئين، ما سيؤثر بشدة على الأوضاع السياسية والقانونية في المنطقة.

ويصف أبو حسنة القرار الإسرائيلي بأنه “ضربة قاسية” لوجود الأونروا في الأراضي الفلسطينية، سواء في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة، حيث تعتمد أعداد كبيرة من اللاجئين على خدمات الوكالة في مجالات التعليم والصحة.

انتقادات دولية واسعة

أما على الصعيد الدولي، فيشير أبو حسنة إلى أن القرار لقي انتقادات واسعة، حيث عبّر وزراء خارجية كندا وأستراليا وفرنسا وألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية والمملكة المتحدة عن “قلقهم البالغ” بشأن التشريع الإسرائيلي في بيان مشترك، وحتى الإدارة الأمريكية بعثت برسائل تحث الحكومة الإسرائيلية على عدم المضي قُدماً في تطبيق القرار لما له من تداعيات سلبية على الاستقرار في المنطقة.

ويتوقع أبو حسنة أن يؤدي تنفيذ القرار الإسرائيلي إلى تحركات أممية ودولية واسعة، مع إمكانية عرض الملف على مجلس الأمن الدولي، حيث إن هذه الخطوة تشكل سابقة خطيرة على مستوى الأمم المتحدة، إذ لم يسبق لعضو فيها أن حظر عمل منظمة أممية بهذه الحيثية.

ويعتبر أبو حسنة أن هذا الاستهداف للأونروا يأتي ضمن حملة أوسع تهدف إلى طي صفحة قضية اللاجئين وإنهاء الحديث عن حق العودة، فضلاً عن القضاء على أساس حل الدولتين كإطار سياسي.

ويشير أبو حسنة إلى أن إسرائيل قد تناست أن القرارات الدولية المتعلقة بحقوق اللاجئين، بما في ذلك حق العودة والتعويض، قد صدرت منذ عام 1948، أي قبل إنشاء الأونروا نفسها في عام 1949، ما يعني أن هذه الحقوق تتجاوز الوكالة في حد ذاته.

ويتوقع أبو حسنة تحركاً جماعياً داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى جانب تحركات على مستوى محكمة العدل الدولية، سعياً لتعزيز الحماية القانونية للوكالات الأممية، مؤكداً أن القرار الذي صادق عليه الكنيست يمثل انتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان.

تهديد وجودي غير مسبوق للوكالة الأممية

يؤكد ناصر شرايعة، مدير المكتب التنفيذي للاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، أن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” تواجه تهديداً وجودياً غير مسبوق، خصوصاً بعد التصعيد الأخير الذي شهدته الأراضي الفلسطينية في أعقاب السابع من أكتوبر.

ويشير شرايعة إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تمضي في خطوات تصعيدية تجاه الوكالة، بالتزامن مع استمرار حرب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية.

ويلفت شرايعة إلى أنه بالرغم من صدور مواقف داعمة من منظمات دولية، وقرارات من محكمتي الجنايات والعدل الدوليتين، فإن المجتمع الدولي لم ينجح حتى الآن في وقف هذه الهجمة الممنهجة، المدعومة علناً من الولايات المتحدة ودول غربية أُخرى، وهو ما يعزز إصرار الاحتلال على تصعيده.

ويعرب شرايعة عن قلقه من القرار الإسرائيلي الأخير الذي يستهدف وجود الأونروا، خصوصاً في الضفة الغربية، بما فيها القدس، لافتاً إلى أن هذا القرار يمثل تهديداً جدياً لوجود الوكالة في ظل ما وصفه بالصمت الدولي والعربي، وغياب المؤسسات المدافعة عن اللاجئين ومؤسسات الخدمة التي تقدم دعمها من خلال الأونروا.

استنزاف “الأونروا” مالياً انتهاك واضح للقرار 302 

ويشير شرايعة إلى أن القرار الإسرائيلي، الذي صادق عليه الكنيست مؤخراً، يهدف إلى تصنيف الأونروا كـ”منظمة إرهابية” ومحاولة انهاء عملها، ما يعني منعها من العمل في الضفة وغزة، وتجريم أنشطتها وموظفيها، كما يتضمن القانون مطالبة الأونروا بتسديد مبالغ ضخمة بدعوى استخدامها مقرها في الشيخ جراح منذ تأسيسها حتى اليوم، وهو إجراء يهدف، حسب شرايعة، إلى استنزاف الوكالة مالياً، في انتهاك واضح للقرار 302 الذي أنشأ الأونروا وضمن لها امتيازات وحصانات تتيح لها تقديم خدماتها في مناطق عملياتها الخمس، وفق الاتفاقية الموقعة بين الأمم المتحدة وإسرائيل عام 1967.

ويؤكد أن لهذا القرار انعكاسات كبيرة على حياة اللاجئين الفلسطينيين، مشيراً إلى أن قرابة 800 ألف لاجئ في الضفة الغربية ومليون وثلاثمائة ألف لاجئ في قطاع غزة يعتمدون على خدمات الأونروا بشكل يومي، وتشمل هذه الخدمات التعليم لـ550,000 طالب في 750 مدرسة، والرعاية الصحية من خلال 140 مركزاً صحياً ومستشفى، إلى جانب برامج الدعم الاجتماعي وتوفير فرص العمل.

ويؤكد شرايعة أن إنهاء عمل الأونروا في الضفة الغربية وغزة يعني تقليصاً حاداً لهذه الخدمات الأساسية التي يعتمد عليها اللاجئون في حياتهم اليومية.

ردود فعل دولية ضعيفة

ويعبر شرايعة عن خيبة أمله إزاء ردود الفعل الدولية الضعيفة حيال القرار الإسرائيلي، موضحاً أن دولاً عدة قطعت تمويلها عن الأونروا استناداً إلى ادعاءات إسرائيلية، ما يجعل من غير المتوقع أن تتخذ هذه الدول مواقف حازمة ضد القرار الإسرائيلي الأخير.

ويستشهد شرايعة بموقف إسرائيل العدائي تجاه الأونروا منذ فترة طويلة، حيث بدأت إسرائيل تحريضها ضد الوكالة انتقاماً من مواقف الأمين العام للأمم المتحدة، والتي استخدمت كأساس لملاحقة إسرائيل دولياً بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية.

ويعتقد شرايعة أن التحريض الإسرائيلي على الأونروا يهدف إلى التغطية على جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين، خصوصاً بعد استهداف مدارس وعيادات الأونروا التي لجأ إليها النازحون هرباً من قصف الاحتلال.

أهمية مواجهة القرار الإسرائيلي

وفيما يخص مستقبل الأونروا، يشدد شرايعة على أهمية مواجهة القرار الإسرائيلي من قبل الفلسطينيين، خصوصاً في مخيمات اللاجئين التي تعتمد على خدمات الوكالة.

ويؤكد شرايعة ضرورة تحرك القيادة الفلسطينية ومنظمة التحرير للضغط على الدول المانحة لوقف الاستهداف الإسرائيلي للأونروا، إلى جانب حشد اللاجئين للضغط الجماهيري ضد هذا القرار، خصوصاً في القدس، حيث يتلقى 140 ألف لاجئ خدماتهم من الأونروا في مخيمي شعفاط وقلنديا والمدارس والعيادات داخل البلدة القديمة من القدس.

ويؤكد شرايعة أن الأونروا هي مؤسسة دولية أُنشئت بقرار أُممي، وأن وجودها يستمر حتى تحقق هدفها بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم.

إنهاء دور “الأونروا” بصورة تدريجية

يرى رئيس شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، د. محمد العبوشي أن قرار الكنيست الإسرائيلي مناهضة وكالة “الأونروا” يشكل تحدياً صارخاً للشرعية الدولية، حيث يعد سحباً للشرعية من الأمم المتحدة ومحاولة واضحة للسيطرة على مؤسساتها ومواردها، في تجاهل تام لقراراتها المتعلقة بحقوق اللاجئين الفلسطينيين وحقوقهم الإنسانية.

ويعتقد العبوشي أن هذا القرار يسعى إلى إنهاء دور “الأونروا” بصورة تدريجية، وهي خطوة تأتي بعد سيطرة سلطات الاحتلال الإسرائيلي على المقر الرئيسي للوكالة في حي الشيخ جراح بالقدس، في سياق مساعٍ إسرائيلية أوسع لتعطيل خدماتها وإلغاء دورها الفعلي الذي تمثل في دعم اللاجئين الفلسطينيين على مدى عقود.

وفي ما يتعلق بمواجهة هذا القرار، يدعو العبوشي إلى تكثيف الجهود على المستوى الأممي، مؤكداً أن مسؤولية الأمم المتحدة تجاه اللاجئين الفلسطينيين لم تنتهِ، إذ لا يزال الشعب الفلسطيني بحاجة ماسة إلى الخدمات التي تقدمها “الأونروا” والتي تمثل أقل الحقوق الإنسانية التي يستحقها هذا الشعب الذي هُجّر من أرضه قسراً.

ويشير العبوشي إلى ضرورة التشديد على هذه المسؤولية الأممية التي يتعين على الأمم المتحدة الاضطلاع بها كجزء من التزاماتها الدولية.

وفي سياق دور شبكة المنظمات الأهلية، يشدد العبوشي على أهمية التنسيق بين مختلف الأطراف الفلسطينية، لا سيما وزارة الخارجية الفلسطينية، إضافة إلى العمل على تفعيل القضية مع حلفاء الشبكة من المؤسسات الدولية المعنية.

ويرى أن مواجهة القرار الإسرائيلي تتطلب توحيد الصف الفلسطيني عبر تنسيق الجهود بين المستويات الرسمية والشعبية، ومشاركة الفصائل والمجتمع المدني، بما يعكس موقفاً فلسطينياً متكاملاً وقوياً.

بناء تحالف إقليمي ودولي

ويعتبر العبوشي أن قضية “الأونروا” ذات أهمية بالغة، إذ إنها تتعلق بحق الشعب الفلسطيني في العودة والحصول على الخدمات الأساسية، وهي مسؤولية تقع على عاتق المجتمع الدولي الذي يجب ألا يتخلى عنها.

ويدعو العبوشي إلى بناء تحالف إقليمي ودولي يشمل الدول العربية والإسلامية، إضافة إلى الدول الصديقة والمناصرة للقضية الفلسطينية، وذلك لخلق موقف قوي يواجه هذا القرار الجائر الذي يستهدف اللاجئين الفلسطينيين ويهدد حقوقهم التاريخية والإنسانية.

استهداف الوكالة يمتد إلى سنوات طويلة

يؤكد عضو لجنة تنسيق القوى الوطنية والإسلامية في فلسطين، وعضو اللجنة الوطنية للدفاع عن حق العودة عصام بكر، “أن استهداف وكالة الأونروا بكل ما تمثله من رمزية باعتبارها شاهداً على النكبة والجريمة التي حلت بشعبنا العام 1948 يمتد إلى سنوات طويلة، وكان من أهم المحطات فيه إعلان ما يسمى (صفقة القرن) التي تهدف فيما تهدف إلى تصفية القضية الوطنية للشعب الفلسطيني برمتها”.

ويرى بكر أن هناك ترابطاً بين استمرار عمل الأونروا في تقديم خدماتها لجمهور اللاجئين في مناطق عملها الخمس وبين كونها تمثل إطاراً مؤقتاً إلى حين تحقيق حق العودة، وتحقيق الحق حسب القرار الأممي 194.

وبحسب بكر، فإن تشريع قانون حظر الأونروا يمثل الإجراء الفعلي الأكثر تطرفاً على الأرض من أجل وقف خدماتها، بعد أن تفاقمت الأزمة المالية بسبب سعي الاحتلال لتجفيف مصادر تمويلها، ثم يأتي القرار الذي ستكون له تداعيات خطيرة على مجتمع اللاجئين في الأراضي الفلسطينية المحتلة أو مناطق عملها في الخارج.

من جانب آخر، يعتقد بكر أنه بالرغم من سياسة ازدواجية المعايير الدولية، فإن تنامي الرأي العام الدولي الذي يشجب سياسات الاحتلال، وتوفر المناخ الدولي الداعم للقضية الفلسطينية، بات مهيأ للعمل بوتيرة مختلفة ومغايرة من حيث حماية المؤسسة الدولية وإعادة الاعتبار لدورها، بما في ذلك حفظ الأمن والسلم الدوليين الذي يتعرض لتهديد متواصل وفظ وعلى كل المستويات من قبل قوة الاحتلال.

فرض عقوبات مباشرة على قوة الاحتلال

ويدعو بكر إلى العمل على أن تكون هناك خطوات ملموسة في رفض القرار الإسرائيلي، الذي يمثل تحدياً سافراً للإرادة الدولية، ثم العمل على إجراءات واضحة لها علاقة بتجميد عضوية دولة الاحتلال في الأمم المتحدة أمام جرائم الحرب التي تمارسها وما تتخذه من إجراءات بحق الوكالة والاستيلاء على مقراتها وإغلاق، وملاحقة، واستهداف العاملين فيها ومحاولات اخراجها خارج القانون ووصفها بانهاء منظمة “ارهابية”، رغم أن القانون الدولي يؤكد أن الاحتلال هو أعلى مراتب الإرهاب.

ويشدد بكر على ضرورة العمل بإرادة دولية على فرض عقوبات مباشرة على قوة الاحتلال من بينها مقاطعة الكنيست الإسرائيلي، ومخاطبة العالم بصورة جلية واضحة لعدم الامثتال لرواية الاحتلال وتزيفه للحقائق، والانحياز إلى جانب الحق بإعادة تصحيح الظلم التاريخي من خلال تطبيق القرارات الدولية بما فيها القرار 194 الذي ينص على حق العودة وتعويض اللاجئين عما لحق بهم من خسائر طوال السنوات الماضية ومساندة الحقوق الفلسطينية بالاعتراف بدولة فلسطين والسيادة للشعب الفلسطيني على أرضه.

ويشدد بكر على أن القرار الإسرائيلي هو تجاوز وقح لكل الأعراف والمواثيق الدولية التي على أساسها تم إنشاء وكالة الغوث بعد النكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني وتهجيره من أرضه بالقوة في إحدى أبشع عمليات التطهير العرقي في التاريخ المعاصر.

ويعتقد بكر أن القرار وما ينطوي عليه من خطورة يحمل خطر شطب الوكالة وإنهاء عملها كلياً ضمن محاولات شطب المخيم من الذاكرة الزاخرة والحية للشعب الفلسطيني باعبتاره محطة مؤقتة على طريق العودة من خلال إفقاد المخيم الخدمات الأساسية الضرورية للحياة.

ويؤكد بكر أن المخيمات ستتعرض في حال تطبيق القرار إلى المساس بها بشكل خطير ينذر بوقوع كارثة حقيقية تتعدى جمهور اللاجئين، بل تشمل الشعب الفلسطيني بأسره.

في هذه الأثناء، يشدد بكر على أن الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يقبل أو يتعاطى مع أي أفكار أو مقترحات من هذا النوع، حيث إن رفضها سياسياً ووطنياً وشعبياً هو الركيزة الاساسية للتناغم والتكامل الذي يجب ان يشمل اللجان الشعبية في المخميات، ودائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير، والاتحادات والمؤسسات والقوى السياسية بطبيعة الحال.

ويحمل بكر حكومة الاحتلال كامل المسؤولية عن التداعيات التي يمكن ان يخلفها هذا القرار، لان اللاجئ له وجهه واحدة فقط هي العودة ورفض مشاريع التوطين ينغرس هذا الهدف في عقول وقلوب الاجيال جيلا بعد جيل حتى تحقيق هذا الحق الذي لا يقبل المساومة او النيسان وتكفله جميع القرارات الدولية.

محاصرة إسرائيل ومنعها من ضرب “الأونروا

يرى الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله أن مصادقة الكنيست الإسرائيلي على قانون مناهضة “الأونروا” في الضفة الغربية وقطاع غزة تأتي في لحظة تاريخية حرجة منذ أحداث السابع من أكتوبر، حيث تستغل إسرائيل هذا التوقيت لتنفيذ مشروع قديم يتجدد مع كل فرصة.

ويلفت عطا الله إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان قد دعا في عام 2020 إلى إلغاء “الأونروا”، وقاد حينها حملة ضغط على الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أدت إلى قطع التمويل الأمريكي عنها، ما اعتُبر آنذاك بداية هجوم استراتيجي على المؤسسة الأممية.

ويعتبر عطا الله أن هذا التحرك الإسرائيلي يحمل دلالات سياسية عميقة، إذ تستهدف إسرائيل أحد أركان الدعم الدولي للاجئين الفلسطينيين، فالوكالة، التي تأسست أساساً لتقديم خدمات الإغاثة والتشغيل للاجئين، باتت اليوم رمزاً للدعم الدولي لقضيتهم.

وفي حال فقدان الأونروا، يحذر عطا الله من تدهور غير مسبوق في أوضاع اللاجئين الفلسطينيين، ما سيؤدي إلى انعدام الأمان الاجتماعي والسياسي لهم نتيجة لفقدانهم دعماً رئيسياً يضفي طابعاً دولياً على قضيتهم.

 تحول تدريجي في المواقف العالمية

وبخصوص ردود الفعل الدولية، يسلط عطا الله الضوء على تحول تدريجي في المواقف العالمية، موضحاً أن الدعم الدولي لإسرائيل كان قوياً بعد السابع من أكتوبر، حيث شهد العالم موجة تعاطف واسعة مع إسرائيل شملت قرارات مؤيدة لها دون تردد، إلا أن بعض الدول الأوروبية بدأت مؤخراً بالتراجع عن هذا الدعم، حيث أعلنت سبع دول أوروبية رفضها لإلغاء الأونروا.

ويرى عطا الله أن هذا الرفض قد يكون مؤشراً على إمكانية حدوث تحول في المواقف الدولية، لكنه يشير إلى أن هناك خشية من أن تبقى هذه المواقف في إطار التصريحات دون اتخاذ خطوات عملية ملموسة للضغط على إسرائيل.

ويشير عطا الله الى استغلال إسرائيل ادعاءات بوجود موظفين من الأونروا لهم ارتباطات بحركة حماس، كحجة لتعزيز مساعي إسرائيل القديمة في تعطيل عمل الوكالة، حيث إن إسرائيل تتذرع بهذه الادعاءات بشكل متكرر في كل فرصة سانحة، ساعيةً لإقناع المجتمع الدولي بضرورة إلغاء الأونروا لتحقيق أهدافها الاستراتيجية.

وفي ما يتعلق برد الفعل الفلسطيني، يصف عطا الله قدرة الفلسطينيين على مواجهة القرار بأنها أصبحت أضعف، نظراً للتحديات الميدانية والسياسية التي تعصف بهم.

وبالرغم من ذلك، يؤكد عطا الله أن أمام الفلسطينيين فرصة لا تزال قائمة عبر اللجوء إلى المؤسسات الدولية، كالأمم المتحدة ومجلس الأمن، لطلب دعم دولي واضح لمواجهة الهجمة الإسرائيلية ضد الأونروا.

ويرى عطا الله أن الخيار الوحيد المتبقي للفلسطينيين هو تكثيف الجهود الدبلوماسية والدولية لحشد موقف حازم من المجتمع الدولي يحاصر إسرائيل ويمنعها من الاستمرار في هذه السياسة المتعمدة لضرب الأونروا ودورها.

خطوة نحو القضاء الفعلي على دور الوكالة

يعتبر الكاتب والمحلل السياسي سري سمور أن قرار الكنيست الإسرائيلي بمناهضة “الأونروا” يشكل خطوة نحو القضاء الفعلي على دور الوكالة في الأراضي الفلسطينية، حيث اعتمدت إسرائيل على أدوات قانونية ضمن منظومتها التشريعية لتشريع تقييدها لأنشطة “الأونروا”، ما يهدد مستقبل عمل الوكالة ويعقده بشكل كبير، خاصةً في مناطق مثل القدس، ما يزيد من مخاطر تجريم موظفيها وملاحقتهم القانونية.

ويشير سمور إلى أن هذا القرار ليس الأول ضمن سلسلة التضييقات؛ فقد تعرضت “الأونروا” لمضايقات متتالية، بدأت منذ سنوات وشملت تقييد نشاطاتها وتعرض مقراتها للقصف في قطاع غزة، وصولاً اليوم إلى اتخاذ خطوات قانونية بهدف إنهاء وجودها بشكل كامل.

ومن المتوقع، حسب سمور، أن يُعقّد هذا القرار عمليات “الأونروا” بشكل أوسع في الضفة الغربية بما فيها القدس، حيث لن يكون هناك استهداف مادي كالقصف، بل سيتم استهدافها بإجراءات قانونية وإدارية شديدة التعقيد تمنعها من تقديم خدماتها كما اعتادت.

المجتمع الدولي قد يعبر عن استنكار محدود

أما بالنسبة لردود الفعل الدولية، فيرى سمور أن المجتمع الدولي قد يعبر عن استنكار محدود، لكنه لا يتوقع أي إجراءات فعالة ضد إسرائيل لوقف القرار، مذكراً بوقوف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى جانب إسرائيل في موقفها من “الأونروا”، حيث دعم وقف تمويلها آنذاك، مما ساهم في تحجيم دورها بشكل كبير.

ويتوقع سمور أنه في حال عودة ترامب إلى السلطة، ستتسارع الإجراءات الإسرائيلية لتقويض عمل “الأونروا” بسنّ قوانين إضافية تحد من دورها، في حين أن قدوم إدارة ديمقراطية، حتى في حال انتخاب كمالا هاريس، لن يؤدي إلى ضغوط حقيقية على إسرائيل للتراجع عن هذا القرار الذي جاء استباقا لما ستفرزه نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

ويرى سمور أن القرار يأتي في إطار مسعى إسرائيل لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين تدريجياً من خلال القضاء على “الأونروا”، التي تُعد رمزاً دولياً لقضية اللاجئين وحقهم في العودة.

ويعتبر سمور أن هذا النهج الإسرائيلي يتم بكل جرأة، خاصةً في ظل غياب ردود فعل دولية صارمة، لافتاً إلى أن الوكالة الأممية قامت بضغوط متزايدة على موظفيها، حيث منعتهم من الانخراط بأي دور سياسي وفرضت عقوبات على من يتم اعتقاله منهم لدى الاحتلال، ومع ذلك لم تسلم الوكالة من استهداف إسرائيل التي تعمل جاهدة على تقليص نفوذ “الأونروا” تدريجياً وصولاً لإنهاء دورها.

ويُرجع سمور جزءاً من هذا التدهور في موقف “الأونروا” إلى اعتمادها الكبير على التمويل الأمريكي، مشيراً إلى أن هذا الاعتماد جعلها عرضة لضغوط أمريكية إسرائيلية متزايدة، في حين أن تمويلها كان يجب أن يتم بمساهمات دولية أكثر توازناً لتجنب هذه الضغوط.

وفي ما يتعلق بقدرة الفلسطينيين على مواجهة هذا القرار، يرى سمور أن الأدوات المتاحة لهم محدودة للغاية، متوقعاً أن تقتصر خياراتهم على تقديم شكاوى إلى الأمم المتحدة، وهي خطوة يعتبرها ضعيفة وغير فعّالة.

ويتوقع سمور أن تمرر إسرائيل هذا القرار دون عوائق، وأن تكون له تداعيات واضحة في مناطق عديدة، بما في ذلك إغلاق مقر “الأونروا” في حي الشيخ جراح بالقدس، مشيراً إلى أن الفلسطينيين قد يحاولون البحث عن بدائل، لكن في النهاية سيضطرون للتكيف مع الوضع القائم نظراً لغياب أدوات الضغط الكافية ولعدم وجود دول تساندهم بفعالية حقيقية

انتهى

JOIN US AND FOLO

Telegram

Whatsapp channel

Nabd

Twitter

GOOGLE NEWS

tiktok

Facebook

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :ar.shafaqna.com
بتاريخ:2024-10-30 06:47:00
الكاتب:Sabokrohh
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

Exit mobile version