قدر الباحثون إصابة نحو 15% إلى 20% من الأطفال بالتهاب الجلد التأتبي. يسبب هذا المرض المزمن -المعروف أيضًا بالإكزيما- جفاف الجلد والحكة والاحمرار والتهيج.
بينت دراسات سابقة أن الأطفال المصابين بالإكزيما يزداد لديهم خطر الإصابة بآفات أخرى، مثل الربو والتهابات الجلد وحساسيات الطعام.
ربط الباحثون بين إصابة الأطفال بالإكزيما وازدياد خطر إصابتهم بالأمراض العصبية التطورية، مثل نقص الانتباه وفرط الحركة، واضطراب طيف التوحد وصعوبات التعلم.
تعمق باحثون من كلية الطب في جامعة جونز هوبكنز، في دراسة العلاقة بين الإكزيما وضعف الإدراك المعرفي لدى الأطفال، الذي يتمثل في صعوبات التعلم والذاكرة، وفقًا لدراسة حديثة.
بيّن العلماء أن الأطفال المصابين بالإكزيما كانوا أكثر عرضة لمواجهة صعوبات في التعلم والذاكرة مقارنةً بغيرهم من الأطفال الأصحاء، وأفادوا أيضًا بأن الأطفال المصابين بالإكزيما كانوا معرضين لأحد الأمراض العصبية التطورية مثل نقص الانتباه وفرط الحركة أو صعوبات التعلم، إضافةً إلى خطر مواجهة صعوبات الذاكرة، أكثر بضعفين إلى ثلاثة أضعاف مقارنةً بغير المصابين.
ضعف الإدراك المعرفي لدى الأطفال:
يعاني 17% من الأطفال في الولايات المتحدة، ممن تتراوح أعمارهم بين 3 و17 عامًا، من واحدة أو أكثر من إعاقات النمو، التي قد تؤثر في مهارات الطفل في التعلم واللغة والسلوك.
قالت الطبيبة جوي وان، أستاذة مساعدة في علم أمراض الجلد في كلية الطب جامعة جونز هوبكنز، المؤلفة الرئيسية لهذه الدراسة: «يرتبط ضعف الإدراك -خصوصًا في المراحل المبكرة من الحياة- بعواقب سيئة، تشمل النتائج الأكاديمية والمهنية والاجتماعية والاقتصادية المتدنية. على هذا، تُعد الدراية بضعف الإدراك أمرًا ضروريًا، حتى في مراحله المعتدلة، ما يسمح بإجراء تدخلات فعالة تساعد الطفل في أسرع وقت ممكن».
أكدت وان وجود مجموعة متزايدة من الأدبيات والمقالات التي تربط الإكزيما بتشخيصات أخرى، مثل نقص الانتباه وفرط الحركة وصعوبات التعلم، في حين تُعد الدراسات التي تركز على أعراض ضعف الإدراك المعرفي –على عكس الاعتماد على التشخيصات المُبلغ عنها سابقًا بوصفها مقياسًا- أقل عددًا، وتُظهِر نتائج غير متناسقة.
أضافت وان: «اهتم فريق البحث بالاستعانة ببيانات من عينة لأطفال من الولايات المتحدة، من أجل معرفة: هل للإكزيما علاقة بصعوبات التعلم والذاكرة؟ أراد الفريق أيضًا معرفة تأثير الأمراض التطورية العصبية، لدراسة: هل بعض مجموعات الأطفال المصابين بالإكزيما أكثر عرضة للإصابة بضعف الإدراك من غيرهم؟».
علاقة الإكزيما لدى الأطفال بصعوبات التعلم والذاكرة:
عاينت وان وفريق البحث بيانات أكثر من 69 مليون طفل بعمر 17 عامًا أو أقل، جُمعت من استطلاع الصحة الوطنية الأمريكية عام 2021.
شكل المصابون بالإكزيما أكثر من 9 مليون، أي نحو 13% من المشاركين في الدراسة.
وجد الباحثون أن الأطفال المصابين بالإكزيما كانوا أكثر عرضةً لمواجهة صعوبات التعلم والذاكرة مقارنةً بغير المصابين بمشكلات جلدية. أضافت وان: «لم تفاجئ هذه النتائج فريق البحث، لتوافقها ودعمها نتائج دراسات سابقة أجراها الفريق وغيره من الباحثين، تتمثل بارتباط الإصابة بالإكزيما مع صعوبات التعلم والنسيان».
الإكزيما مع نقص الانتباه وفرط الحركة:
اكتشف العلماء أن الأطفال المصابين بالإكزيما، إضافةً إلى إصابتهم بأي نمط من أنماط الأمراض التطورية العصبية مثل نقص الانتباه وفرط الحركة أو صعوبات التعلم، أكثر عُرضة لخطر الإصابة بمشكلات في الذاكرة بضعفين إلى ثلاثة أضعاف.
أضافت وان: «لم يُفاجأ الباحثون بالنتائج السابقة، فهو أمر منطقي أن يعاني الأطفال المشخصون بنقص الانتباه وفرط الحركة أو بصعوبات التعلم من ضعف الإدراك المعرفي أكثر من أقرانهم الأصحاء».
«لاحظ الفريق وجود علاقة بين الإكزيما والاضطرابات التطورية العصبية، تحديدًا ضعف الذاكرة، ما يشير إلى احتمال أن يكون للإكزيما تأثيرات أخرى في ضعف الإدراك. بمعنى آخر، من بين الأطفال المصابين بنقص الانتباه وفرط الحركة أو غيره من صعوبات التعلم، كانت مجرد إصابتهم بالإكزيما وحدها كفيلة برفع خطر إصابتهم بصعوبات الذاكرة بضعفين إلى ثلاثة أضعاف مقارنةً بالأطفال الأصحاء».
قالت وان إن فريق البحث توصل إلى اكتشاف مثير يغني الأدبيات الموجودة حول هذا الموضوع، وأوضحت أنه لا يوجد ارتباط واضح بين الإكزيما وصعوبات التعلم والذاكرة لدى الأطفال الأصحاء من الاضطرابات التطورية العصبية.
«يُعد هذا الاكتشاف مطمئنًا، إذ يساعد على علاج مرضى الإكزيما مع مراعاة خطر إصابتهم بضعف الإدراك. ما زال الاستفسار عن مدى تأثير الإكزيما في وظائف الطفل اليومية أمرًا مهمًا، متضمنةً أنشطته المدرسية. مع ذلك، تشير نتائج الدراسة إلى أن الأطفال الأصحاء من الاضطرابات التطورية العصبية مثل نقص الانتباه وفرط الحركة أو صعوبات التعلم، ليسوا معرضين لخطر الإصابة بضعف الإدراك، إذ يجب أيضًا إجراء فحص ضعف الإدراك للأطفال الذين يعانون تحديدًا مشكلات النمو والتطور».
«لم يتضمن مصدر بيانات الدراسة أي معلومات حول شدة الإكزيما أو العمر الذي بدأت فيه، على هذا يجب إجراء مزيد من الأبحاث لفهم مدى تأثر خطر الإصابة بضعف الإدراك باختلاف العوامل السابقة. ما زال فريق البحث يتحقق من تأثير عوامل أخرى مثل النوم أو تغيرات المزاج التي قد تتوسط العلاقة بين الإكزيما وضعف الإدراك، خاصةً بين الأطفال المصابين بأمراض تطورية عصبية».
لغز الإكزيما لدى الأطفال:
قال الطبيب بيتر ليو، أستاذ مساعد في أمراض الجلد والأطفال في كلية الطب في جامعة نورث ويسترن فاينبرغ، إن هذه الدراسة تؤكد نتائج الأبحاث السابقة، وتضيف معلومات جديدة تفيد في فهم الإكزيما لدى الأطفال.
قال الطبيب ليو، غير المشارك في الدراسة: «تبين لفريق البحث منذ وقت طويل وجود علاقة بين الإكزيما وبعض اضطرابات النمو والتطور. ما يُعد أمرًا مهمًا جدًا، نظرًا إلى تأكيد الحاجة إلى الانتباه لهذه العلاقة، خصوصًا لدى الأطفال الذين تتراوح شدة حالاتهم من المتوسطة إلى الشديدة».
أضاف ليو: «ما زال السبب الكامن وراء هذه العلاقة مجهولًا. قد يعود ذلك إلى أعراض الإكزيما بحد ذاتها بما تسببه من حكة ومشكلات في النوم، ما يؤثر في القدرة على التعلم والتركيز. يُعد إجراء مزيد من الأبحاث حول سبب هذه العلاقة أمرًا ضروريًا، ما يسمح بمعرفة: هل هذا الارتباط أمر مستقل، أم يمكن تحديد العوامل الكامنة وراءه؟ ما يمكّن الباحثين من تطوير خطط علاجية لمنعه».
قال الطبيب دانيال غانجيان، طبيب أطفال في مركز بروفيدنس سان جونز الصحي في كاليفورنيا، غير المشارك في الدراسة: «تدعم هذه الدراسة المجال الذي يجمع طب الجلد بالطب النفسي بالكامل. يظهر العلم العلاقة القوية بين الجلد والعقل، ويواصل الباحثون التحقيق في الأسباب المحتملة لضعف الإدراك لدى الأطفال».
«يفيد فهم أسباب ضعف الإدراك في تطوير خطط علاج وتدخلات أفضل لتحسين جودة حياة الأطفال المصابين بهذه الأمراض، إذ تساعد الأطفال المعرضين لخطر أكبر للإصابة بهذه الاضطرابات على تلقي الدعم المبكر والتدخل الأنسب».
اقرأ أيضًا:
ماذا يحدث في الجلد عند إصابتك بالأكزيما؟ العلماء وجدوا الحلّ أخيرًا
ترجمة: رهف وقّاف
تدقيق: نور حمود
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :www.ibelieveinsci.com بتاريخ:2024-05-03 02:09:27
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي