التهاب الأقنية الصفراوية الأولي (PBC): كيفية التعايش مع هذا المرض المزمن

يعرف التهاب الأقنية الصفراوية الأولي بأنه اضطرابًا مزمنًا ومترقيًا يضر الكبد ويضعفه، إذ لا يشفى المريض منه بكل بساطة، فقد تنقص المضاعفات الناتجة عن التهاب الأقنية الصفراوية الأولي متوسط العمر المتوقع للمريض.

رغم ذلك، يعيش عدد كبير من مرضى التهاب الأقنية الصفراوية الأولي لأعوام طويلة، وذلك لاتباعهم نمط حياة يومي يحافظ على صحة الكبد والجسم عامةً فترة أطول. يفيد كل من اتباع حمية غذائية مناسبة، وممارسة الرياضة، وتناول الأدوية في إبطاء تطور المرض.

يوضح الطبيب الاختصاصي في الأمراض الهضمية ديان تشانغ كيف يستطيع مريض التهاب الأقنية الصفراوية الأولي الخضوع لإجراءات استباقية في التعامل مع المرض.

نصائح بشأن التعامل مع التهاب الأقنية الصفراوية الأولي

يعد الكبد عضوًا إسفنجي البنية ذو شكل إسفيني، حجمه بحجم كرة القدم. يؤدي الكبد مئات المهام المختلفة والضرورية في الجسم، التي تتضمن تشكيل العصارة الصفراوية المساعدة على هضم الطعام.

عرف الطبيب تشانغ التهاب الأقنية الصفراوية الأولي بوجود التهاب يضيق الأقنية الصفراوية، ما يعيق تدفق الصفراء من الكبد وإلى جهاز الهضم. تتجمع العصارة الصفراوية التي لا تستطيع العبور في الأقنية مؤذيةً بذلك الكبد.

قد يؤدي ذلك إلى تندب دائم في نسيج الكبد (أي تشحم الكبد)، وفي نهاية المطاف فشل كبدي، وما يترافق مع ذلك من مشكلات صحية أخرى.

يتضمن ما يلي بعض الأساليب التي تساعد على إبطاء تطور المرض:

اتباع نظام غذائي صحي

تساعد العصارة الصفراوية التي ينتجها الكبد الجسم على تحطيم الدهون الموجودة في الطعام. يفضل مع ذلك تجنب الأطعمة التي تحتاج إنتاج العصارة الصفراوية من أجل تحطيمها وهضمها.

يوضح الطبيب تشانغ فوائد اتباع مرضى التهاب الأقنية الصفراوية الأولي لحمية البحر الأبيض المتوسط، ويعود ذلك لاعتمادها كثيرًا على الأطعمة النباتية والدهون الصحية. يعني ذلك اتباع نظام غذائي يركز على:

•  الخضار والفواكه: يقدم القسم المحتوي على الخضار والفواكه في المتجر مجموعة من الخيارات المتنوعة الغنية بالمغذيات. تحوي الكثير من الخضار والفواكه كميات كبيرة من فيتامين A وD وE وK، وهي فيتامينات ذوابة بالدهون توجد بكثرة في اللحوم ومنتجات الألبان غير المناسبة لنظام مريض التهاب الأقنية الصفراوية الأولي الغذائي الصحي.
•  الأغذية كاملة الحبوب: تعزز الحمية الغذائية الغنية بالألياف وظيفة الكبد وتحميه من تشحمه. تساعد الأطعمة كاملة الحبوب مثل الشوفان، وخبز الحبوب الكاملة، والأرز البني على إبقاء المريض مشبعًا فترة أطول، ما يقلل بدوره من الوجبات الخفيفة غير الصحية.
•  الدهون غير المشبعة: تصنف الدهون في مجال الأنظمة الغذائية إلى دهون جيدة وأخرى سيئة. تُعد الدهون غير المشبعة، مثل الحمض الدهني أوميغا 3، أحد الدهون الجيدة جدًا للصحة. تتحطم الدهون السابقة بسهولة خلال عملية الهضم، ما يخفف عن الكبد حمل إنتاج العصارة الصفراوية.

ينصح مريض التهاب الأقنية الصفراوية الأولي بتجنب تناول الأغذية الغنية بالدهون المشبعة، أو السكر، أو الصوديوم. قد يضع شرب الكحول حملًا إضافًيا على الكبد، وهو أمر ينبغي تجنبه أيضًا.

ممارسة الرياضة بانتظام

أظهرت الدراسات أن نحو 30% من مرضى التهاب الأقنية الصفراوية الأولي يصابون بترقق العظام، أو فقدان تدريجي لقوة العظام. يُعد ضعف العظام أحد أكثر مضاعفات أمراض الكبد وتشحمه شيوعًا.

قد يساعد التزام مرضى التهاب الأقنية الصفراوية الأولي بنظام رياضي مناسب في مرحلة مبكرة من تشخيصه على حمايتهم من فقدان كثافة العظام وكتلة العضلات. يقول الطبيب تشانغ في ذلك: «يوصي الأطباء عادةً بالتمارين الهوائية وتمارين المقاومة».

قد تفيد ممارسة الرياضة باستمرار على معاكسة أحاسيس الضعف والتعب التي تترافق مع المرض. يقود ذلك إلى دور الرياضة في زيادة جريان الدم إلى العضلات، إذ يساعدها وصول كمية أكبر من الأكسجين إليها على العمل على نحو أفضل. يساعد التمرين الجسم على تحرير كمية كبيرة من هرمونات الطاقة.

تجنب السقوط والأذيات

تعرض إصابة مريض التهاب الأقنية الصفراوية الأولي بهشاشة العظام لخطر الكسور والرضوض إذا فقد المرض توازنه وسقط على الأرض. يعود ذلك إلى ضعف العظام ومن ثم سهولة تأذيها. وضح الطبيب تشانغ قائلًا: «تُعد الأذيات الناتجة عن السقوط إحدى أكثر الأمور التي تهدد حياة المريض المصاب بحالة متطورة من التهاب الأقنية الصفراوية الأولي».

بالتأكيد، تساعد ممارسة الرياضة على الحفاظ على قوة الجسم وتأمين الرشاقة التي تجنب المريض التعثر والسقوط. ينصح الطبيب تشانغ أيضًا بالبحث عن المسببات المحتملة للتعثر في المنزل وما حوله وتجنبها.

يضيف قائلًا: «يستطيع المريض أن يقلل مخاطر تعثره وسقوطه في المنزل من خلال الانتباه إلى البيئة المحيطة به وتعديلها».

تتضمن بعض طرق تأمين المنزل من أية مسببات للتعثر كلًا من:

•  إزالة الأمور التي قد توجد في الممرات وتعيقه، مثل الأحذية.
•  التخلص من السجادات أو تثبيت أطرافها.
•  إضافة قضبان للتثبت عليها وسجادات ثابتة في الحمامات، وأحواض الاستحمام، والمرشات.
•  إضاءة المناطق المظلمة من المنزل لتفادي وجود ظلال.

الالتزام بالفحوصات الدورية

يعد الالتزام بالفحوصات الدورية لدى طبيب مختص بأمراض الكبد أمرًا ضروريًا، وذلك لمراقبة المرض والتحري عن أي علامات تدل على تطوره، وقد يصف الطبيب أدوية وعلاجات مختلفة حسب احتياجات المريض وحالته.

أكد الطبيب تشانغ قائلًا: «لا يوجد أسلوب علاجي واحد يناسب جميع مرضى التهاب الأقنية الصفراوية الأولي. يوجد عدد من الأدوية التي قد يصفها طبيب أمراض الكبد للمريض حسب حالته، ويفضل مع ذلك استشارة الطبيب لمعرفة النظام والجرعات الدوائية المناسبة له».

قد يطلب الطبيب أيضًا إجراء تحاليل لمعرفة ما إذا كان المريض يعاني أي نقص في الفيتامينات، ومنه توصيته بتعديل نظامه الغذائي وإضافة المكملات الغذائية التي يحتاجها لعلاج أي مشكلات.

خلاصة القول

يتطور غالبًا التهاب الأقنية الصفراوية الأولي تطورًا بطيئًا، قد يستطيع المريض على ذلك إبطاء سرعة تقدمه إلى الحد الأدنى بإجراء بعض التعديلات على روتين الحياة لديه. يملك كل من اتباع نظام غذائي صحي، وممارسة الرياضة، وتناول الأدوية اللازمة معًا تأثيرًا هائلًا على حالة المريض.

أنهى الطبيب تشانغ كلامه قائلًا: «لا يوجد حتى الآن علاج لالتهاب الأقنية الصفراوية الأولي، لكن إجراء تغييرات صغيرة على نمط الحياة يساعد على تحسين جودة حياة المريض».

اقرأ أيضًا:

تصوير البنكرياس والقناة الصفراوية بالمنظار (ERCP)

سرطان الأوعية الصفراوية: الأعراض والأسباب والتشخيص والعلاج

ترجمة: رهف وقّاف

تدقيق: جنى الغضبان

مراجعة: هادية أحمد زكي

المصدر