السفلس الولادي مرض إنتاني متعدد الأجهزة تسببه جرثومة اللولبية الشاحبة التي تستطيع الانتقال عبر المشيمة من الأم المصابة إلى الجنين. تُصنف مظاهر السفلس الولادي إلى خلقية باكرة تظهر منذ الولادة وحتى عمر السنتين، وخلقية متأخرة.
تشمل المظاهر الخلقية الباكرة:
- الآفات الجلدية المميزة.
- ضخامة العقد اللمفية.
- ضخامة الكبد والطحال.
- فشل النمو.
- سيلان أنفي مدمى.
- شقوق حول الفم.
- التهاب السحايا.
- التهاب المشيمية.
- استسقاء الرأس.
- نوبات صرعية.
- تأخر عقلي.
- التهاب العظم والغضروف.
- الشلل الكاذب أو ما يعرف بضمور الوليد لبارو.
أما المظاهر المتأخرة فهي:
- التقرحات.
- الآفات السمحاقية.
- الشلل الجزئي.
- التابس الظهري.
- ضمور العصب البصري.
- التهاب القرنية الخلالي.
- الصمم الحسي العصبي.
- تشوهات الأسنان.
يُشخص السفلس الولادي سريريًا، ويؤكد التشخيص بالفحص المجهري أو الفحوص المصلية، ويعالج المرض بالبنسلين.
يبلغ الخطر الإجمالي لانتقال المرض عبر المشيمة للجنين نحو 60-80%، ويزداد هذا الاحتمال في أثناء النصف الثاني من الحمل. يختلف هذا الاحتمال أيضًا باختلاف مرحلة المرض عند الأم، فلا ينتقل السفلس الكامن أو الثالثي إلا بنسبة 20% فقط من الحالات عكس السفلس الأولي أو الثانوي غير المعالج. ويزيد السفلس غير المعالج في أثناء الحمل من خطر الإجهاض وموت الأطفال حديثي الولادة.
ارتفع معدل السفلس الخلقي في الولايات المتحدة جدًا في السنوات الأخيرة مع زيادة أكثر من 500% في الحالات منذ عام 2010، وفي 2020 بلغ العدد أكثر من 2000 حالة شملت ما لا يقل عن 149 حالة وفاة أطفال حديثي الولادة ورضّع.
زاد انتشار السفلس الخلقي أيضًا في بعض مجموعات الأقليات العرقية، خصوصًا لدى الهنود الأمريكيين أو سكان ألاسكا الأصليين، ويعكس هذا اختلافًا في الوصول إلى الرعاية الصحية.
أعراض السفلس الولادي وعلاماته
قد يكون المرض لا عرضيًا، وقد يبقى صامتًا سريريًا مدى الحياة. ولكن يتظاهر السفلس الولادي الباكر عادةً خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحياة. تشمل هذه التظاهرات: اندفاعات حويصلية فقاعية مميزة أو طفح جلدي بقعي نحاسي على الراحتين والأخمصين، وآفات حطاطية حول الأنف والفم وفي منطقة الحفاض، إضافة إلى آفات نمشية. يحدث غالبًا اعتلال عقد لمفية معمم مرافق وضخامة كبدية وطحالية. قد يحدث فشل نمو، تحدث أيضًا إفرازات أنفية مخاطية مميزة مدماة. تصاب نسبة قليلة من الأطفال بالتهاب السحايا والتهاب المشيمية واستسقاء الرأس أو النوبات الصرعية، وقد يُصاب آخرون بإعاقة ذهنية.
قد يتسبب التهاب العظم والغضروف في الأشهر الثمانية الأولى من الحياة خاصة في العظام الطويلة والأضلاع في حدوث شلل كاذب للأطراف مع تغيرات شعاعية مميزة.
يتظاهر السفلس الولادي المتأخر عادةً بعد عامين من الولادة ويسبب صموغًا تصيب الأنف والحاجز الأنفي والحنك الصلب وآفات سمحاقية تؤدي إلى ظهور علامة قصبة السيف وتضخم العظام الجبهية والجدارية. يكون السفلس العصبي لا عرضيًا عادةً، ولكن قد يحدث خزل أو تابس ظهري. قد يحدث ضمور العصب البصري، الذي قد يؤدي إلى العمى.
يُعد التهاب القرنية الخلالي أكثر آفات العين شيوعًا، ويتكرر غالبًا مؤديًا إلى تندب القرنية. وقد يحدث الصمم الحسي العصبي في أي عمر. ومن المضاعفات المميزة النادرة أيضًا: أسنان هتشنسون، والأرحاء التوتية، والشقوق المحيطة بالفم، وسوء نمو الفك العلوي.
تشخيص السفلس الولادي
يتضمن تشخيص السفلس الولادي الباكر التقييم السريري، والفحص المجهري بالمجهر ذو القعر المظلم للآفات أو المشيمة أو الحبل السري، إضافة إلى اختبار مصلي للأم والوليد، وتحليل السائل الدماغي الشوكي(CSF).
أما تشخيص السفلس الولادي المتأخر فيتضمن التقييم السريري، والاختبار المصلي للأم والطفل.
تشخيص السفلس الولادي الباكر
يُشتبه عادة في تشخيصه عند إجراء الاختبارات المصلية الروتينية باكرًا في الحمل، التي تكرر في الثلث الثالث من الحمل وعند الولادة.
وبالنسبة للأمهات اللواتي لديهن دليل مصلي على الإصابة بالسفلس، فيجب أن يخضع أطفالهن حديثي الولادة لفحص شامل وفحص بالمجهر ذو القعر المظلم أو الومضان المناعي لأية آفات جلدية أو مخاطية، واختبارات مصلية كمية غير نوعية مثل اختبار RPR و اختبارVDRL. ولا يجوز استخدام دم الحبل السري لإجراء الاختبارات المصلية لأن النتائج أقل حساسية ونوعية.
وبالنسبة للرضّع والأطفال الصغار الذين يعانون علامات سريرية للمرض أو نتائج اختبارات مصلية مرجحة للإصابة يجب إجراء بزل قطني مع تحليل السائل الدماغي الشوكي من حيث تعداد الخلايا فيه، و اختبار VDRL والبروتين، إضافة إلى تعداد الدم الكامل (CBC) واختبارات الكبد والتصوير الشعاعي للعظام الطويلة وغيرها من الاختبارات اللازمة كالتقييم العيني، وتصوير الصدر بالأشعة السينية، وتصوير الأعصاب، واستجابة جذع الدماغ السمعي.
قد يسبب السفلس عدة تشوهات مختلفة في العظام الطويلة مثل:
- تفاعلات السمحاق.
- التهاب العظم المنتشر أو الموضعي.
- التهاب كردوس العظم.
يُؤكد التشخيص برؤية اللولبيات مجهريًا في عينات من حديثي الولادة أو من المشيمة. يتعقّد الأمر عند محاولة التشخيص اعتمادًا على الاختبارات المصلية لحديثي الولادة بسبب انتقال أضداد الأم IgG عبر المشيمة التي قد تسبب حدوث إيجابية مصلية كاذبة. لكن رغم ذلك لا ينتج ارتفاع الأضداد غير النوعية للولبية الوليدية أكثر بأربعة أضعاف عيار الأم عمومًا عن الانتقال السلبي عبر المشيمة، بل يُعد مؤكدًا للتشخيص أو مرجحًا له بشدة. قد ينتقل مرض الأم المكتسب في وقت متأخر من الحمل قبل إنتاج الأضداد. لذلك يعد وجود المظاهر السريرية النموذجية عند حديثي الولادة حتى ذوي عيار الأضداد المنخفض مرجحًا للإصابة. ويُعد السفلس محتملًا عند حديثي الولادى حتى بدون أعراض وبسلبية الاختبارات المصلية.
يدور الجدل حول فائدة معايرة أضداد اللولبية الشاحبة من نمط IGM التي لا تنتقل عبر المشيمة، ولكن هذه المعايرات للكشف استُخدمت عن عدوى حديثي الولادة. ويجب تأكيد أي اختبار إيجابي من الاختبارات اللانوعية للمرض باختبار نوعي. لكن هذا يجب ألا يؤخر قرار العلاج لدى الرضّع العَرَضيين أو الرضّع المعرضين لخطر الإصابة.
تشخيص السفلس الولادي المتأخر
يُشخص السفلس الولادي المتأخر بالقصة السريرية والعلامات الجسدية المميزة والاختبارات المصلية الإيجابية، يُعد ثالوث هتشينسون المؤلف من التهاب القرنية الخلالي وأسنان هتشينسون وصمم العصب السمعي مُشخصًا.
تكون الاختبارات المصلية القياسية غير النوعية للسفلس أحيانًا سلبية، لكن يكون اختبار FTA-ABS إيجابيًا. ويجب أن يأخد التشخيص بالحسبان حالات الصمم غير المبرر أو التدهور العقلي التدريجي أو التهاب القرنية.
المتابعة:
يجب أن يُتابع جميع الرضّع إيجابيي المصل وأولئك الذين كانت أمهاتهم إيجابيات المصل بمعايرة VDRL أو RPR كل شهرين أو ثلاثة حتى يصبح الاختبار سلبيًا أو ينخفض العيار 4 أضعاف. يكون عيار الأضداد غير النوعية للولبية سلبيًا عادةً طوال 6 أشهر عند الرضّع المعالجين بنجاح أو غير المصابين. قد تكون أضداد اللولبيات المكتسبة عبر المشيمة موجودة لفترة أطول تصل إلى 15 شهرًا عند الأمهات وحديثي الولادة والرضّع والأطفال الصغار بمرور الوقت. إذا ظل VDRL أو RPR متفاعلين بعد 6 إلى 12 شهرًا من العمر، فيجب إعادة تقييم الرضيع، ويتضمن ذلك البزل القطني لتحليل CSF، وتعداد الدم الكامل مع عدد الصفيحات الدموية، والأشعة السينية للعظام الطويلة، وغيرها من الاختبارات السريرية.
علاج السفلس الولادي
العلاج هو البنسلين حقنًا.
النساء الحوامل
تتلقى النساء الحوامل في المراحل الباكرة من السفلس جرعة من benzathine penicillin G قدرها 2.4 مليون وحدة في جرعة واحدة عضليًا.
قد يحدث تفاعل شديد باسم ياريش-هركسهايمر بعد هذا العلاج، ويؤدي إلى حدوث الإجهاض التلقائي.
بالوسع إزالة حساسية المرضى الذين يعانون حساسية تجاه البنسلين ثم معالجتهم بالبنسلين.
تنخفض نتائج اختبار RPR و VDRL بعد العلاج المناسب بمقدار 4 أضعاف خلال 6 أشهر إلى سنة لدى معظم المرضى وتصبح سلبية خلال عامين في جميع المرضى تقريبًا.
العلاج بالإريثروميسين غير مناسب لكل من الأم والجنين ولا ينصح به. أما التتراسيكلين فهو مضاد استطباب.
السفلس الولادي الباكر
توصي إرشادات العلاج لمراكز السيطرة على الأمراض في الحالات المؤكدة أو المحتملة بالبنسلين G البلوري المائي 50 ألف وحدة للكيلوغرام وريديًا كل 12 ساعة خلال الأيام السبعة الأولى وكل 8 ساعات بعد ذلك مدة 10 أيام، أو بروكائين بنسلين G بجرعة 50 ألف وحدة للكيلوغرام عضليًا مرة يوميًا مدة 10 أيام.
يجب تكرار الدورة بأكملها إذا أُهمل العلاج ليومٍ واحد. ويوصى بهذه الخطة العلاجية أيضًا للرضّع الذين تحتمل إصابتهم إذا انطبق على الأم أيًا من المعايير التالية:
- غير معالجة.
- وضع العلاج غير معروف تمامًا.
- معالجة لمدة أقصر من 4 أسابيع قبل الولادة
- علاج غير كافٍ.
- دليل على النكس أو الإصابة مرة أخرى كحدوث زيادة بمقدار 4 أضعاف في المصليات.
بالنسبة للرضّع المحتمل إصابتهم بالسفلس الذين لم تُعالج أمهاتهم بما يكفي ولكنهم يتمتعون بصحة جيدة سريريًا ولديهم تقييم كامل سلبي تمامًا، قد تكفي جرعة واحدة من بنزاثين بنسلين 50 ألف وحدة للكيلوغرام عضليًا إذا كانت المتابعة مضمونة فقط.
كذلك هو العلاج عند الرضّع المحتمل إصابتهم بالسفلس والذين عولجت أمهاتهم كفايةً وعولجوا سريريًا جيدًا.
يؤجل بعض الأطباء البنسلين وإجراء الاختبارات المصلية غير النوعية شهريًا لمدة 3 أشهر ثم بعد ذلك في عمر 6 أشهر، إذ تُعطى الصادات الحيوية إذا ارتفع العيار أو كان موجبًا في عمر 6 أشهر.
الرضّع الأكبر سنًا والأطفال الذين شُخّصوا حديثًا بالسفلس الولادي
يجب فحص السائل الدماغي الشوكي قبل بدء العلاج، يوصي مركز السيطرة على الأمراض بعلاج أي طفل مصاب بمرض السفلس الولادي المتأخر بالبنسلين G المائي البلوري 50 ألف وحدة للكيلوغرام وريديًا كل 4-6 ساعات مدة 10 أيام. يمكن أيضًا إعطاء بنزاثين بنسلين G جرعة وحيدة 50 ألف وحدة للكيلوغرام عضليًا عند الانتهاء من العلاج الوريدي.
أما إذا كان التقييم الكامل سلبيًا تمامًا وكان الطفل غير عرضي، فبالإمكان استخدام بنزاثين بنسلين G بجرعة 50 ألف وحدة للكيلوغرام في العضل مرة أسبوعيًا مدة 3 أسابيع. لا يعود كثير من المرضى إلى السلبية المصلية ولكن يحدث لديهم تناقص بمقدار 4 أضعاف في عيار الكاشف كاختبار VDRL مثلًا.
يجب إعادة تقييم المرضى على فترات منتظمة لضمان حدوث الاستجابة المصلية المناسبة للعلاج وعدم وجود مؤشر على النكس.
يُعالج التهاب القرنية الخلالي عادةً بالكورتيكوستيرويد وقطرات الأتروبين تحت إشراف طبيب العيون. قد يستفيد المرضى الذين يعانون نقص السمع الحسي العصبي من البنسلين إضافةً إلى الكورتيكوستيرويد كالبريدنيزون بجرعة 0.5 ميليغرام للكيلوغرام فمويًا مرة واحدة في اليوم لمدة أسبوع، تليها 0.3 ميليغرام للكيلوغرام مرة واحدة يوميًا لمدة 4 أسابيع، ثمّ تقلل الجرعة تدريجيًا لأكثر من 2 إلى 3 أشهر.
الوقاية من السفلس الولادي
يجب إجراء الاختبارات للنساء الحوامل في الثلث الأول من الحمل روتينيًا للكشف عن السفلس، ويعاد الاختبار في الثلث الثالث وعند الولادة إذا كانوا يعيشون في مجتمع ذي نسبة عالية من المصابين أو لديهم أي عوامل خطر للإصابة بالسفلس.
العلاج المناسب في أثناء الحمل يشفي الأم والجنين في 99% من الحالات. وفي بعض الحالات يزيل علاج السفلس في وقت متأخر من الحمل العدوى رغم ظهور بعض علامات السفلس عند الولادة. لكن تأخر علاج الأم إلى أقل من 4 أسابيع من الولادة لا يقي من عدوى الجنين. عندما يُشخص السفلس الولادي، يجب فحص أفراد الأسرة الآخرين بحثًا عن أدلة جسدية ومصلية للإصابة. إعادة معالجة الأم في حالات الحمل اللاحقة ضرورية فقط إذا كانت الاختبارات المصلية تشير إلى الانتكاس أو الإصابة مرة أخرى. قد تكون النساء اللائي بقين إيجابيات المصل بعد العلاج المناسب قد أُصبن بالعدوى مرة أخرى ويجب إعادة تقييمهن.
يجب أن تعالج الأم التي لا تعاني آفات التي تكون سلبية المصل ولكنها تعرضت جنسيًا لشخص مصاب بالسفلس، لأن نسبة إصابتها بمرض السفلس تصل 25-50%.
اقرأ أيضًا:
ترجمة: هيا منصور
تدقيق: بدور مارديني
مراجعة: محمد حسان عجك
المصدر
الكاتب:هيا منصور
الموقع : www.ibelieveinsci.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-04-10 19:49:41
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي