الصحافة اليوم: 15-4-2024

الصحافة اليوم

<

p style=”text-align: justify”>تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاثنين  15-4-2024 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.

الاخبار:

إسرائيل بلا حصانة

طهران إلى صدارة المواجهة: ردّ محدود… بمفاعيل كبرى

كان بإمكان إيران الرد بشكل تناسبي على إسرائيل عبر استهداف سفارة أو قنصلية في محيطها، وانطلاقاً من أراضيها. وكان بإمكانها الرد مباشرة أو عبر حلفائها من إحدى ساحات محور المقاومة بقدرات نوعية. لكنّ القيادة العليا في الجمهورية الإسلامية قرَّرت أن يكون الرد انطلاقاً من إيران وأن يستهدف إسرائيل مباشرة. ولذلك، فإن أهم ما يُميِّز هذا الرد، كونه غير تناسبي على استهداف القنصلية الإيرانية في سوريا، على رغم استشهاد عدد من قادة الحرس الثوري الإيراني في تلك الضربة. وهو مستجدّ ينطوي على رسائل ردعية ويؤسس لمعادلة جديدة، ويكشف عن مجموعة حقائق، أهمها محدودية القدرات الذاتية لكيان العدو، والتي دفعت الولايات المتحدة إلى أن تهبّ لنجدته للمرة الثانية خلال ستة أشهر، على رغم محدودية الرد الإيراني، بعد أن فعلت الشيء نفسه، في أعقاب «طوفان الأقصى».في المقلب الآخر، كان الرد الإيراني مضبوطاً ومدروساً بحيث لا يدفع كلّاً من تل أبيب وواشنطن قهراً إلى حرب واسعة أو مفتوحة، وإنما يحقّق الأهداف عبر تجاوز خطوط حمر إسرائيلية، ومعادلات سابقة، وإظهار التوثّب لمواجهة أي تحدّ لاحق (علماً أن طهران كانت قادرة على استخدام صواريخ ومُسيّرات أكثر تطوراً). وبعيداً عما ستؤول إليه ردة الفعل الإسرائيلية لاحقاً، فقد سجّلت إيران مروحة من الإنجازات التي حضرت بشكل أو بآخر على ألسنة العديد من المعلّقين والخبراء في كيان العدو. وهي إنجازات يمكن إجمالها بكون إيران انتصرت في “معركة الإرادات”، في مقابل الولايات المتحدة وإسرائيل؛ إذ على رغم أنها لم تفعّل سوى جزء بسيط من قدراتها، فهي اضطرَّت “تل أبيب” إلى الاستعانة بواشنطن لحمايتها، فيما أكملت هذه المحطة معالم محور المقاومة كقوة إقليمية مترابطة وراسخة، لم يعد بإمكان القوى الإقليمية والدولية تجاهلها.

أيضاً، أحبطت إيران بردّها المعادلة التي حاولت إسرائيل فرضها عليها، عبر جبي أثمان مباشرة منها مقابل ما تتعرّض له “تل أبيب” من ضربات من قبل حلفاء طهران، علماً أنه لو نجحت إسرائيل في تكريس هذه المعادلة، لكنّا أمام مشهد مغاير. وبدَّدت إيران، كذلك، محاولة تصويرها كما لو أنها مردوعة عن الرد المباشر تجنباً للتورط في حرب مباشرة، مع الإشارة إلى أن خطورة تحقّق مثل هذا الهدف للعدو، هي أنه يتحوّل إلى مفهوم تتفرّع عنه خيارات وتقديرات تنطوي على مخاطر أكبر على إيران. لكنّ الرد أظهر أن طهران مستعدّة للمغامرة بخطر خوض معركة عسكرية مباشرة عندما يتعلّق الأمر بتجاوز خطوط حمر تتّصل بسيادتها، حتى عندما تعلن الولايات المتحدة وقوفها إلى جانب إسرائيل.

يضاف إلى ما تقدّم، أن طهران دحضت السردية التي تروّج لها “تل أبيب” منذ نحو عقدين، وتستند إليها كل الطروحات التي تدعو إلى استهداف المنشآت الاستراتيجية الإيرانية، بما فيها النووية، وعنوانها أن الحضور الأميركي المباشر في المنطقة يلجم إيران عن المخاطرة بردّ، تجنباً لدفع الولايات المتحدة إلى توجيه ضربات عسكرية مباشرة إليها، وهي السردية التي لم تقبلها كل الإدارات الأميركية، وإنما نظرت إليها كخيار خطير ينطوي على احتمال التدحرج نحو تورط عسكري في حرب مكلفة. وبذلك، أثبتت إيران 2024، أنها تختلف جذرياً عن إيران الثمانينيات على مستوى القدرات التي تقيّد ردودها على ضربات يمكن أن توجّهها إليها أميركا.

يكفي تخيّل ما كان سيحدث لو أن هذه الكمية من المُسيّرات والصواريخ انطلقت من لبنان

هكذا، نجحت إيران في تحويل التهديد الذي تمثّل في مهاجمة قنصليتها في دمشق، إلى فرصة من أجل التأسيس لقواعد جديدة لا تزال في مرحلة التبلور، ويمكن أن تتطوّر أيضاً نحو سقوف عليا. ولن يكون بإمكان أي رد إسرائيلي شطب هذه النتائج، خاصة الردود الأمنية أو العسكرية خارج الأراضي الإيرانية، فيما سيؤدي الرد العسكري المباشر إلى توليد مخاطر أكبر على إسرائيل، أعلنت إدارة بايدن رفضها لها. ومن أهم النتائج التي حقّقتها الجولة الأخيرة أيضاً، أن إظهار حاجة إسرائيل البنيوية والعميقة إلى مشاركة أميركية فعّالة من أجل حماية أمنها وعمقها الاستراتيجي، سيمسّ بصورتها وردعها ومكانتها الإقليمية، خصوصاً أنه يأتي بعد محطات سابقة صبّت في الاتجاه نفسه، بدأت مع «طوفان الأقصى»، واستمرّت مع فشل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وفي مواجهة جبهات الإسناد. وهو متغير استراتيجي ستكون له مفاعيل تتّصل بالمفهوم الذي تُقارَب من خلاله تحوّلات البيئة الإقليمية، وسيكون حاضراً في تقديرات كل الأطراف، المعادية والصديقة لإسرائيل على السواء.

في الخلاصة، نجحت إيران في وضع كيان العدو أمام معضلة حقيقية: فإن قرّر الذهاب بعيداً في رد عسكري مباشر ضدها فإنه سيعرّض نفسه لرد أشدّ خطورة؛ وإن امتنع عن ذلك، فهو يسلّم بتقوّض قوة ردعه، الأمر الذي سيُعمّق مأزق الكيان (مع الإشارة إلى أن السقوف الأمنية في الردود، ليس من شأنها تغيير المعادلة). وللخروج من هذه المعضلة، طلب الرئيس الأميركي، جو بايدن، من رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، تقديم صورة تفيد بأن ما جرى هو «انتصار» من خلال نجاح عملية الاعتراض. وبذلك، يستطيع النزول عن السلم الذي صعد إلى أعلاه، لكن مشكلة هذا الخيار أنه يتعارض مع ما تلمّسه كل إسرائيلي، ومع الصورة التي بدا عليها الكيان أمام الرأي العام الداخلي والعالمي.

وفي كل الأحوال، شكّل الرد الإيراني متغيّراً نوعياً فاقم التحديات أمام مؤسسة القرار السياسي والأمني في كيان العدو، ومكَّن طهران من مراكمة إنجازاتها الاستراتيجية التي ستبذل واشنطن و”تل أبيب” جهودهما للحد من مفاعيلها في الرأي العام العربي، والفلسطيني خاصة. كما كشف ما حدث، حقيقة التحوّل في معادلات القوة لمصلحة محور المقاومة؛ إذ يكفي تخيّل ما كان سيقع لو أن هذه الكمية من المُسيّرات والصواريخ انطلقت من لبنان إلى العمق الإسرائيلي، الذي كان سيبدو مكشوفاً تماماً نتيجة تقلّص فعالية منظومات الاعتراض الصاروخي، والعائد إلى قرب المسافة.

تحريض حزب القوات ينقلب عليه: تفاهم التيار والثنائي يفوز بـ «المهندسين»

استنفر حزب القوات اللبنانيّة كلّ أدواته الطائفية لوضع يده على نقابة المهندسين، تماماً كما فعل منذ أشهر في نقابة المحامين. لكن الخطاب الطائفي أودى بمرشّحه إلى منصب النقيب بيار جعارة ولائحته، ولم يجد استثماره في مقتل مسؤول القوات في جبيل باسكال سليمان في عملية سطو لتأليب الناخبين المسيحيين ضدّ مرشّح التيّار الوطني الحر إلى منصب النقيب، فادي حنّا، باعتباره متحالفاً مع حزب الله وحركة أمل وجمعيّة المشاريع الخيريّة. صحيح أنّ ذلك ساهم في حشد الناخبين المسيحيين الذين وصل عددهم إلى أكثر من نصف الناخبين (10 آلاف)، غير أن حزب القوات فشل في انتزاع أكثر من نصفهم، كما ارتدّت هذه الحملة عليه بين المقترعين السُّنة الذين أحجموا عن المُشاركة الكثيفة، رغم التحالف مع «تيار المستقبل».الفشل «القواتي» قابله نجاح حزب الله في «تشبيك» تحالفٍ متين بين حركة أمل والتيّار، ونجاح الأخير في استنهاض جمهوره واقتسام الأصوات المسيحيّة (نحو 5 آلاف و300) «فيفتي فيفتي» مع خصومه. كذلك تمكّن «الثنائي» من القفز على الصعوبات في تأمين أصوات ناخبيه في الجنوب بفعل الاعتداءات الإسرائيليّة وحشد أكثر من 2500 ناخب، إضافة إلى أصوات «المشاريع». عليه، كانت معركة «على المنخار» وانتهت بفوزٍ كاسح للائحة حنّا التي نالت 4634 صوتاً مقابل 4129 صوتاً لجعارة، وفاز بالعضويّة كل من: بول ناكوزي (مستقل مقرب من أمل)، وأحمد نجم الدين (مشاريع) وهيثم إسماعيل (أمل) وحسن جواد (حزب الله) وفكتوريا دواليبي (تيار)، إضافة إلى فوز مرشحي اللائحة إلى عضوية لجنة إدارة الصندوق التقاعدي ولجنة المراقبة عليه، وهم سهير فواز وهشام الرهاوي ومحمد علي الجنون وسعيد غصن. سياسياً، انتهت المعركة إلى أربع خلاصات أساسية: أولاً، عودة التيار بقوة نقابياً بعد انكفاء طويل رافق حرب الإلغاء السياسية التي تعرّض لها منذ عام 2019؛ ثانياً تأكد التيار من أنه لا يعيش في جزيرة ومن أهمية عقد التفاهمات مع الحلفاء لتحقيق الفوز؛ ثالثاً اتساع الهوة بين القوات اللبنانية وتيار المستقبل الذي لم يستطع إقناع قاعدته بتأييد مرشح مدعوم من القوات رغم تنازل معراب عن ترشيح شخصية حزبية؛ ورابعاً انتهاء «التغييريين» الذين جاؤوا عقب «ثورة على أحزاب السلطة» ملحقين بحزب القوات اللبنانية

طوت نقابة المهندسين أمس تجربتين نقابيتين خفتت خلالهما سطوة الأحزاب. عهدا جاد ثابت وعارف ياسين اختُتما بـ«نكسات» متتالية جعلت «المعارضة» تتقبّل مصيرها بشيء من الاستسلام. المُعارضة التي استفادت من «مومنتم» الانتفاضة الشعبيّة والانهيار المالي سُرعان ما «أكلت نفسها» وخذلت من تدافعوا قبل 3 سنوات للتصويت لصالح ياسين، بسبب سوء أداء الرجل الذي حمل «كرة نار» من دون أن يكون مسلحاً بخطّة واقعية للنهوض بالنقابة وتحرير الودائع من المصارف.

كلّ ذلك، «شلّع» المعارضة وأنتج خلطاً في المفاهيم التطبيقيّة للانتفاضة على السّلطة، وقاد إلى انتهاء زمن «وحدة السّاحات والخيم» حتّى صار لكل تكتّل من المجموعات مرشّح. التشتّت داخل البيت الواحد وعودة الأحزاب إلى أدواتها أرخيا شيئاً من «القدريّة» على المُعارضين الذين كانوا يعرفون النتيجة مسبقاً، ومع ذلك قرّروا المواجهة. ولذلك، كان من الطبيعي أن يعمل «مصمّمون» لصالح اللائحة التي يرأسها روي داغر وكأنّها سُتمنح الفوز، تماماً كما فعل المرشّح لمنصب النقيب جوزيف مشيلح ومثله جورج غانم، فيما لم يتمكّنوا مجتمعين من تجيير أكثر من ألف صوت من أصل نحو 10 آلاف!

أخفق المستقبل في إقناع ناخبيه بالتصويت لمرشح مدعوم من معراب

هؤلاء وقفوا يُشاهدون كيف انقلبت اللحظة السياسيّة عليهم وراقبوا عودة الأحزاب إلى النقابة بانقسامها العمودي المعتاد بين «8 و14 آذار»؛ التيّار الوطني الحر مع حزب الله وحركة أمل وجمعيّة المشاريع والحزب السوري القومي الاجتماعي يدعمون لائحة يرأسها فادي حنّا مرشّحاً لمنصب النقيب في مواجهة لائحة يرأسها مرشّح القوات اللبنانية بيار جعارة مدعوماً من تيار المستقبل والكتائب. واستشعر الحزب التقدمي الاشتراكي باكراً هذا الانشطار ما جعله يبحث عن خيارٍ مستقل: جورج غانم إثر انسحاب مرشحيه إلى عضوية الهيئة العامّة. لكنّ المختارة لم تترك «الثنائي» نهائياً، فرجّحت كفّة مرشحيه إلى الهيئة العامّة ولجان الصندوق التقاعدي من دون أن تُجيّر للقوات في المقابل، باعتبار أنّ «الاشتراكيين» كانوا أقرب إلى لائحة حنّا، لكن الشروط السياسيّة التي طرحها المسؤولون الحزبيون خارج النقابة جعلت التحالف مستحيلاً.

التحالفات في الأصل كانت بالسياسة. لذلك حمل حزب الله لائحة حنّا على كتفيْه وضحّى بمرشّحه في الفرع السابع وارتضى بمرشّحٍ واحد إلى عضوية مجلس النقابة و«شبّك» تحالفاً من دون تشطيب بين التيار وأمل، لم يهزه تسريب تسجيلات صوتيّة لمسؤول ماكينة التيّار في محاولة لتأليب جمهور أمل على حنّا الذي خرج من المفاوضات بوعدٍ بالحصول على أمانة السر وترشيح مسيحي مستقل من حصّته، هو بول ناكوزي الذي انقلب في الساعات الأخيرة من لائحة مشيْلح المدعومة من المستقلين إلى لائحة «الثنائي». سُلّفت «عين التينة» انتصارات في توزيع الحصص ما سهّل على جمهورها دعم التيّار، خصوصاً في ظل خطاب القوات التحريضي.

حمل «القوات» الثقيل

في المقابل، حملت «القوّات» بقوّتها الناخبة لائحة بتحالفات لم تكن على قدر آمالها، إذ إنّ الكتائب لم يزد إلى غلّتها الكثير، ولم يتمكن تيّار المستقبل وجمعيّة المقاصد الخيريّة الإسلاميّة من رفدها بأكثر من 800 صوت (من أصل 1300 سني). كما أن المُقايضة بين القوات والمستقبل في نقابتي بيروت والشمال، هشّمت صورة التيّار الأزرق الذي خرج خالي الوفاض في طرابلس، وعرّى نفسه في العاصمة بعد التأكّد من فقدانه القدرة على الحشد السني.

وخاض حزب القوات الاستحقاق بعناوين سياسيّة، وعمل على استنهاض الشّارع المسيحي مستثمراً في دم مسؤوله في جبيل باسكال سليمان، مستخدماً صورة زوجة الأخير وهي تقترع صباحاً، وصوّر المعركة بأنها ضد «القتلة» الذين يتحالف حنّا معهم. ومكّن ذلك القواتيين من تأمين حشدٍ مسيحي وصل إلى أكثر من 5 آلاف ناخب. وبالفعل كادت النتيجة ترجّح لمصلحة جعارة قبل أن تقلب ماكينة «الثنائي» المعادلة في فترة ما بعد الظهر التي شهدت مشاركة واسعة من مهندسي الجنوب، فارتفعت المشاركة الشيعيّة إلى نحو 2700 ناخب، غالبيتهم العظمى من حصة «الثنائي».

أمّا التيّار الوطني فكان حاسماً لجهة تمكّنه من حشد جمهوره ليقتسم الأصوات المسيحيّة مناصفةً – تقريباً – مع «القوّات»، بعدما أكّدت ماكينته أنّه قادر على تجيير أكثر من 2200 ناخب مسيحي وهو ما حصل فعلاً.

في النتيجة، فاز «التيّار» وإلى جانبه وقف «الثنائي»، وجمعيّة المشاريع يرفعون شارة النّصر: نقيب من «لونهم» السياسي ومعه أكثريّة في مجلس النقابة تؤهله لبسط سلطته على مدى السنوات الثلاث المقبلة. في حين جرجرت «القوات» خيبتها بعدما أخفقت في حصد غالبية مسيحية، وكانت هزيمتها مدوّية أكثر في الحصول على الصوت الإسلامي بعدما تقوقعت في خطابٍ طائفي.

من ورّط جعجع: خوفه أو مسؤول أمنه؟

حين دقّ الخطر المالي أبواب اللبنانيين وحساباتهم المصرفية، لم تستشعره القوات اللبنانية. وكذلك حين دقّ خطر الأقساط المدرسية والاستشفاء والفساد والشؤون الاجتماعية. وحتى حين أشارت بكركي إلى خطر الديموغرافيا والهجرة والشغور الإداري، قال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع – بالصوت والصورة – إنها «طبخة بحص» لا ينبغي إضاعة الوقت حولها. لم يكن التكفيريون خطراً بالنسبة إلى القوات، ولا النزوح السوريّ، ولا «صفقة القرن» الأميركية بما تتضمنه من تطبيع وتوطين، ولا القرار الدولي بعدم استخراج الغاز، ولا إسرائيل طبعاً. كل هذه الأخطار لم تحفّز حزب القوات اللبنانية كما حفّزته حادثة السرقة والقتل التي أودت بحياة مسؤوله في قضاء جبيل باسكال سليمان.

قبل الجريمة ببضعة أيام، تحديداً في 26 آذار، فاجأ جعجع أحد الوفود التي زارته في معراب بسعادته، أو على الأقل عدم انزعاجه، من الانهيار الحاصل كونه الوسيلة الأنسب لإعادة البناء من جديد، مستعيداً مراحل الثمانينيات ليقول ما مفاده إن التدخل السلبي للرئيس ميشال عون يومها أوقف مساراً كان سيوصل إلى إعلان دولة مسيحية. بعض المشاركين في الجلسة ممن توقّفوا عند ما قاله جعجع في مقابلة تلفزيونية قبل نحو شهرين عن عدم وجود منطق أو عقلانية أو واقعية سياسية في الطروحات الفيدرالية، خرجوا بانطباع مناقض تماماً. ومع تقارير إسرائيلية تتحدث عن اجتياح برّي إسرائيلي شامل، كان جعجع يعلّق آمالاً، أمام وفود أخرى، على هجوم إسرائيلي موسّع يضعف بموجبه الجميع إلا هو.

وسط هذا كله، وقعت الجريمة. وبعد أربع ساعات من انتشار تسجيل صوتي حول خطف سليمان، وصل جعجع إلى مقر القوات في جبيل، على غرار «نزوله على الأرض» في كل انتفاضاته السابقة في الثمانينيات، لكن من دون الـ«ألّوسة» السوداء التي اشتهر بارتدائها في تلك الأيام. انقسمت آراء الأمنيين بين من وضع حركته في سياق تسريبات سابقة ليستنتج أنه يحضّر لشيء كبير، مثّلت الجريمة لحظة الصفر لانطلاقته؛ ومن اعتبر أنه يخشى من اعتداء منظّم وكبير على قواته فسارع إلى الهجوم بدل الدفاع. ورغم أن «الحراس لا ينامون»، نامت القوات اللبنانية ليل الأحد مفترضة أنها ستكون بعد ساعات قليلة أمام يوم آخر على جميع المستويات. غير أن استخبارات الجيش لم تنم وهي تتنقّل بين «داتا» الاتصالات وكاميرات الطرقات ومعلومات المخبرين، لتكشف قبل صباح الاثنين معظم ملابسات الجريمة. وهنا برز عاملان أساسيان: أولاً، كل المعطيات العملية التي تشمل الأدلة والاعترافات والفيديوات صبّت جميعها في أن خطف سليمان جاء في سياق عملية سطو؛ وثانياً، التحليل الذي يمكن لكل شخص في منزله أو مكتبه أو سريره أن يتخيّله. وبسرعة توازي سرعة جعجع في الانقضاض على الحدث يوم الأحد، انقضّ الجيش هذه المرة لتنتهي الأمور بسبع صفعات مدوّية:

أولاها من الجيش الذي قام بواجباته المهنية على أكمل وجه، من دون أيّ مراعاة لجعجع الذي خالف الإجماع المسيحي على عدم التشريع في غياب رئيس للجمهورية، معتبراً معركة التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون معركته الشخصية. وقد كان في وسع الجيش عدم التسريب ريثما يؤمن جعجع المخرج المناسب لنفسه، لكنه لم يراعِه في هذه حتى. وكان لافتاً، في اليوم التالي لإعلان وفاة سليمان، تقديم جعجع العزاء لأسرة الراحل هاتفياً، فيما ذهب عون إلى الكنيسة ووقف مع الأسرة لتلقي التعازي. وبدا ما كان يشاع عن نظرة عون الحقيقية لجعجع واقعياً جداً في الحدث الأخير.

ثانيتها من تلفزيون المرّ، الذراع الإعلامية الرئيسية لجعجع في أي حدث مماثل. فلو كانت ثمة إشارة خارجية أو مالية، كان يُفترض أن يتجاوز التلفزيون البرامج الرمضانية ويفتح هواءه للتعبئة والتحريض كما في حادثتَي الكحالة والطيونة وغيرهما. إلا أنه قدّم أداء مختلفاً تماماً هذه المرة، وكان أول من سرّب عن استخبارات الجيش أن السيارة التي اعترضت طريق سليمان حاولت سرقة سيارتين قبله، بما يناقض الرواية القواتية عن الاغتيال السياسي والاستهداف المقصود ويدمرها بالكامل. واستبق التلفزيون تشييع سليمان وواكبه وتبعه بثلاثة محللين نقضوا رواية القوات من أساسها.

«حين دقّ الخطر على الأبواب» دعا قائد القوات إلى حشد الناس في الطرقات وتحصّن هو في معراب

ثالثتها من بكركي التي لم تلتزم الحياد على الأقل، بل راكمت المواقف المؤيدة للجيش في وجه الحملة التشكيكية والتخوينية التي قادتها القوات. وبعد موقف البطريرك بشارة الراعي من الجنازة نفسها، والذي قطع الطريق تماماً على الاستغلال السياسي للجريمة، عاد ليؤكد في عظة أمس على «ثقافة الوحدة في التنوع، بما تمثله من صميم للنظام اللبناني الذي يقوم على ثقافة العيش معاً كمسيحيين ومسلمين بمساواة واحترام متبادل ومشاركة متساوية في الحكم والإدارة»، مشدداً على ضرورة أن تتوقف القوى السياسية عن إثارة «النعرات المتبادلة» وعلى «شدّ أواصر العائلة اللبنانية لمواجهة المخاطر الإقليمية الكبرى الراهنة».

رابعتها من السفارة الأميركية التي لم تطلب من وزارة الخارجية إصدار البيان التقليدي لإدانة الاغتيال السياسي كما يحصل عادة فور مقتل أي ناشط سياسي في لبنان، وقبل المباشرة في التحقيق، فيما أبلغ موظفون في السفارة من راجعهم بأن «الحادث جنائيّ وليس سياسياً حتى الآن»، مع التشديد على الثقة بالتحقيقات التي يجريها الجيش وعلى أهمية الاستقرار والهدوء وعدم رفع السقوف.

خامستها من السفارة السعودية التي يمكن أن يزور سفيرها معراب اليوم أو غداً بعدما هدأت الأمور، لكنه غاب عن السمع حين كانت معراب في أشدّ الحاجة إليه. فقد أعلنت القوات أنها تلقّت التعازي من عدد كبير من السفراء بمن فيهم الأميركية والفرنسي والبريطاني والأسترالي والأردني وغيرهم، لكنها لم تأت على ذكر القطري والمصري والكويتي والإماراتي والسعودي، علماً أن العطل والأعياد وعدم وجود سفير (الإمارات) لا تؤثر عادة على أداء مثل هذه الواجبات إذا كان ثمة قرار سياسي.

الصفعة السادسة جاءت من الرأي العام اللبناني عموماً والجبيلي خصوصاً. فقد كان يفترض أن تجمع جنازة سليمان مشاركة شعبية ضخمة. فإلى جانب الحشد المعتاد في تشييع ضحايا جرائم القتل وخصوصاً حين يتعلق الأمر بشاب محبوب في محيطه، هناك القوات التي لا ينافسها حزب مسيحي اليوم في القدرة على الحشد السريع. غير أن المشهد أتى مخيّباً جداً للقوات بعدما أدّت حملة التعبئة إلى نتائج عكسية ففضّل كثيرون البقاء في منازلهم.
وبدل أن تكون جنازة سليمان جامعة على المستوى الشعبي لنبذ القتل والسرقة، تحولت إلى جنازة حزبية متواضعة.

وأخيراً وجّه سمير جعجع إلى نفسه الصفعة السابعة بخطاب ضعيف شكلاً ومضموناً. فـ«حين دق الخطر على الأبواب» حاول قائد القوات حشد الناس في الطرقات وتحصّن هو في معراب، وخاطبهم من خلف شاشة بلغة ركيكة ونص تطغى فيه الشعارات على الأفكار.

وعليه بدا واضحاً أن التشويش الإلكتروني على أجهزة البحث والرصد في المنطقة يؤثر على «رادارات» جعجع الذي وجد نفسه ينتقل خلال بضع ساعات من لعب دور رأس الحربة المفترض في مواجهة الطائفة الشيعية، كما قال في مقابلته الأخيرة، إلى لعب دور رأس الحربة في مواجهة النازحين السوريين ومن خلفهم الطائفة السنية التي استنفرت مرجعياتها السياسية والدينية بهدوء ضد ما تم تداوله من شتائم قواتية للنازحين ومعتقداتهم.

كان يريد مقاتلة الشيعة بالسنّة، وإذا به يقاتل السنّة فيما الشيعة يتفرجون. كان يريد تقسيم المناطق وإذا به يجد نفسه في أتون داخليّ يشمل كل منطقة وبلدة وحي وشارع وبناية، بما في ذلك المناطق التي لم تشهد أي قتال سابقاً مثل كسروان وبشري (التي يفترض أن يتطوع فيها عناصر القوات للحلول محل العمال السوريين لري بساتين التفاح هذا الأسبوع والقطاف لاحقاً).
كان يقدم نفسه حامياً للمسيحيين، وإذا به يعرّض أرمن عنجر الذين تزدهر مطاعمهم لخطر هائل جراء الاعتداء على السوريين في برج حمود، كما عرّض كل العابرين في عاليه والبقاع لخطر أكبر جراء الاعتداءات على مراكز القوميين. كان يتّكل ويعوّل على الخليج والغرب، وإذا به يستفزّ هؤلاء ضدّه بهجوم عناصره على العمال السوريين العزّل.

هكذا بدأ البحث، عبر مواقف متتالية، عما يخرجه من الحفرة التي لم يتوصل جهازه الأمني إلى معرفة ما إذا كان قد أوقع نفسه بنفسه فيها أو استدرج إليها.

وإذا كان قلق جعجع المفهوم في ظل المتغيرات الإقليمية وخوفه الدائم مما يمكن أن يحضر له يفسران تسرّعه غير المسبوق، فإنه يحتاج إلى مراجعة دقيقة لكل ما حصل منذ تسريب التسجيل الصوتي حول حادثة الخطف، ليعرف من ضلّله ومن شجّعه، وما دور مسؤول جهاز الأمن لديه في هذا كله، وخصوصاً أن الاختراقات التاريخية في القوات غالباً ما كانت تحصل عبر شخص رئيس جهاز الأمن. المحاسبة ضرورية. يمكن للزعيم وليد جنبلاط أن يقول إنه «تحمّس» ويكمل حياته السياسية من دون خسائر تذكر، فيما لا يمكن لجعجع التساهل مع من حمّسه، وخصوصاً أنه كاد أن يدمّر في بضع ساعات ما اجتهد خلال عقدين لبنائه، إذ استفاق ناشطو المجتمع المدني في الداخل والخارج وسفراء الاتحاد الأوروبي وغيرهم كثيرون من الغيبوبة: جعجع وقواته عصيّون على التغيير.

الأكيد في سياق متابعة الحدث الأخير أن جعجع كان يستفيد خلال السنوات القليلة الماضية، وخصوصاً منذ 17 تشرين، من التماهي مع الجيش اللبناني أولاً والبطريركية المارونية ثانياً والجمعيات بما تمثله من ثقل توظيفي ثالثاً، لتحصين المزاج المسيحي العام وحشر التيار الوطني الحر في الزاوية مسيحياً. لكنه وجد نفسه هذه المرة، للمرة الأولى منذ سنوات، في مواجهة كل من الجيش واستخباراته وبكركي والجمعيات، فيما التيار الوطني الحر يربّت على كتفه ويقول له إنه معه، وهو ما نقله فوراً من موقع «المتفرعن» إلى موقع «المحشور».

وهو ما يفترض أن يتحوّل إلى استراتيجية ثابتة في مواجهة جعجع: رد الحزب أو التيار الانفعالي على جعجع لا يفيد، رد الجيش العلمي يفيد. مع التيار يمكنه المزايدة مسيحياً، مع بكركي لا يمكنه ذلك. وطالما هو متحصن خلف الجيش واستخباراته والكنيسة ورهبانياتها والجمعيات وخدماتها لا يمكن الوصول سياسياً إليه. لا بد من تفكيك علاقة هؤلاء الأفرقاء ببعضهم البعض لينكفئ إلى الزاوية بنفسه كما حصل في الحدث الأخير. ولا بد قبل هذه وتلك من استدراجه بشكل متكرر ودائم إلى التصريح: كلّما صرح خسر.

اللواء:

ارتداد حذر للضربات الإيرانية: تشاور وزاري وعودة الملاحة إلى المطار

يترقب لبنان مضي ساعات إضافية، بدءاً من اليوم، ليبني مسؤولون وسياسيون على الشيء مقتضاه، مع أول يوم عمل بعد عطلة عيد الفطر السعيد المديدة، التي كادت أن تقترب من أسبوع، في ضوء وما يترتب على الردّ الإيراني بضربات صاروخية ومسيّراتية قبيل منتصف ليل السبت – الاحد (13-14 نيسان) على مراكز محددة باسرائيل، رداً على استهداف القنصلية الايرانية في دمشق، وما أدت إليه من خسائر بشرية ومعنوية ودبلوماسية.

ولاحظت مصادر سياسية أن لبنان الرسمي كان الغائب الوحيد عن التطورات المستجدة والمتسارعة التي حصلت في الايام الماضية،ان كان في الاتصالات والمشاورات التي سبقت الرد الإيراني لطمانته واستبعاد اية ارتدادات سلبية عليه، او من الدول الفاعلة والصديقة التي تولت مواجهة الرد الإيراني واستيعاب فاعليته وتاثيره، وكأنه غير معني بما يحدث اومستبعد بسبب وجود حزب الله الذي يتولى التواصل مع الجانب الايراني.
واشارت المصادر إلى اقنية اتصال ثانوية اميركية ،تولت إبلاغ الجانب اللبناني صباح امس بانتهاء الرد الإيراني على إسرائيل عند هذا الحد،واستبعدت حدوث رد إسرائيلي على ايران،لرفض الولايات المتحدة الأمريكية لهذا التصرف.

وكشفت المصادر إلى ان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي دعا لعقد جلسة لمجلس الوزراء في السراي اليوم، بداية مخصص للتشاور بمستجدات الاوضاع المتدهورة اقليميا، واستبدله بجلسة تشاور وزارية بعدما فوجيء بغياب ثلاثة وزراء خارج البلاد،ما يؤدي إلى فقدان نصاب الجلسة.

من جهة ثانية،يترقب لبنان نتائج الاجتماع المقرر لرؤساء الدول الاوروبيه الخميس المقبل في بروكسل، والذي يبحث في موضوع اللجوء السوري في لبنان وسبل معالجتها.وعلم ان الرئيس القبرصي الذي زار لبنان الاسبوع الماضي، سيقدم خطة متكاملة لمعالجة موضوع النازحين السوريين الذي يهدد لبنان وقبرص وسائر الدول الاوروبيه، ويقترح حلولا لهذه المشكلة.
ولئن بدت الضربة الايرانية محسوبة بعناية بين انفاذ التهديد بالردّ، وإقامة الحسابات الكفيلة بعدم الذهاب بالمنطقة الى خط اللاعودة، وكانت على اتصالات مباشرة مع الأطراف الدائرة في فلكها، واخطرت الولايات المتحدة بالوسائل الدبلوماسية ان الضربة تهدف الى الردّ وليس الى إحداث خسائر كبيرة حتى في «دولة الاحتلال»، فإن المشهد اللبناني تماهى مع هذه الوضعية، وتحركت مسيّرات الحزب وصواريخه نحو أهداف مرسومة، في حين تولت مدفعية الاحتلال وسلاح الجو لديه بضربات متفرقة من الجنوب الحدودي الى اقليم التفاح، وصولاً الى البقاع، مع غارة صباحية على سرعين في البقاع، والقريبة من قرية النبي شيت.

واحتلت وضعية الطيران المدني والرحلات، سواء الى بيروت، او منها الى دول الاغتراب وأوروبا نقطة الاهتمام، سواء في مطار رفيق الحريري الدولي، او سائر مطارات المنطقة القريبة، بما في ذلك بيانات شركات الطيران العالمية.

وبعد توقف اضطراري أسوة بالتوقف والاقفال في المطارات المتأثرة بالضربات الجوية، اعيد افتتاح المطار امام الملاحة الدولية، واعلنت شركة طيران الشرق الاوسط (الميدل ايست) ان رحلاتها المجدولة لليوم الاثنين ستبقى في مواعيدها، مع رحلات معدلة، وفقا لجدول معلن.

في حين أجلت بعض شركات الطيران (Air France) رحلاتها الى اليوم، اشار وزير الاشغال العامة والنقل علي حميدة الى ان «المديرية العامة للطيران المدني تتواصل مع كل شركات الطيران لجدولة رحلاتهم»، مؤكدا ان «أجواء مطار بيروت مفتوحة لكل الطائرات والشركات هي المعنية بجدولة رحلاتها عبر طائراتها، والمديرية العامة للطيران المدني تقوم بكل ما هو مطلوب منها لتسهيل العمل على أكمل وجه».

جلسة تشاور

حكومياً، استبدلت جلسة مجلس الوزراء التي كانت متوقعة اليوم، بجلسة تشاورية، في ضوء ما استجد من تطورات.
وصدر عن الامين العام لمجلس الوزراء محمود مكية ان الرئيس نجيب ميقاتي قرر استبدال جلسة مجلس الوزراء، التي كانت مقررة صباح اليوم بجلسة تشاورية تعقد في نفس التاريخ والمكان والزمان عند التاسعة والنصف من صباح اليوم، وذلك لاستمزاج آراء الوزراء والاستماع اليهم، لا سيما في هذا الظرف الدقيق الذي تمر به البلاد.
وقالت مصادر سياسية مطلعة عبر لـ «اللواء» أن انعقاد لقاء تشاوري اليوم عوضاً عن جلسة حكومية يهدف إلى تجنب إصدار أي قرار يشكل محور انتقاد من بعض القوى السياسية بشأن تعاطي الحكومة مع التطورات الأخيرة. وقالت هذه المصادر أن ذلك لا يعني عدم توقف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والوزراء عند ما سجل مؤخرا من احداث، الأمر الذي يتطلب المزيد من الوعي ، وقد يصدر موقف في هذا السياق لاسيما أن الوضع في المنطقة يشهد وضعاً غير مستقر.
أما بالنسبة الى ملف النازحين فإنه ليس مدرجا للبحث الموسع في اللقاء، إلا أنه قد يحضر من باب التأكيد على أنه أساسي وهناك متابعة له.
وكان الرئيس ميقاتي، الذي عزّا بمنسق «القوات اللبنانية» في جبيل بسكال سليمان، زار البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وصرح بعد اللقاء بأنه استمع الى هواجس البطريرك الامنية والسياسية والاجتماعية للاقتصاية، معتبرا ان بداية الحل تكون بانتخاب رئيس جديد للجمهورية.

الراعي: عدم انتخاب الرئيس يفكك العائلة

في المواقف شدد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي على ان الوحدة الوطنية وثقافتها تقتضي أمرين: اجراء التطورات في مؤسسات الدولة وهيكليتها، وحمل رسالة السلام والتفاهم وبين شعوب المنطقة العربية والعالم، واحترام حقوق الانسان في مجتمعنا المشرقي، داعيا القوى السياسي إلى الكف عن النعرات المتبادلة، والعمل على شد اواصر العائلة اللبنانية، معتبرا ان الامعان عمداً بعدم انتخاب رئيس الجمهورية يزعزع الميثاق وثقافة الوحدة في التنوع، ويؤدي غيابه الى تفكك العائلة اللبنانية كما هو حصل.
وفي المواقف من الضربة الايرانية لاسرائيل اعتبر الرئيس نبيه بري ان الرد الايراني أرسى قواعد اشتباك جديدة على مستوى المنطقة برمتها.
ووصف حزب الله ما حصل بأن ايران مارست حقها الطبيعي والقانوني بالرد على العدوان الصهيوني، ووصف الرد بالقرار الشجاع والحكيم بالرد الحازم على العدوان الصهيوني على القنصلية الايرانية في دمشق، وأن العملية حققت اهدافها العسكرية بدقة.
واليوم تزور النائب ستريدا جعجع وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي لنقل شكر «القوات» على الجهود التي بذلت لكشف تفاصيل حاسمة في جريمة اغتيال الناشط سليمان، فضلا عن التباحث بموضوع الانتخابات البلدية والاختيارية وعدم الامكانية على اجرائها في مواعيدها في كل المحافظات اللبنانية.

الوضع الميداني

وسجل يوم امس، سلسلة غارات اسرائيلية على بلدات الظهيرة وكفركلا والعديسة والخيام، ونعت المقاومة الاسلامية شهيداً من بلدة الخيام.
ووسط التوتر، حلق الطيران الحربي المعادي بشكل كثيف فوق الأراضي اللبنانية، فيما انفجرت صواريخ اعتراضية في الأجواء. كذلك، سجل انفجار صاروخ قرب مكتب مخابرات مرجعيون في بلدة جديدة مرجعيون. وقد نجت العناصر العسكرية بأعجوبة، حيث تسبب الصاروخ بأضرار مادية جسيمة في المكان والمنازل المجاورة.

البناء :

ردع إيرانيّ استراتيجيّ للكيان بإطلاق 331 طائرة مسيّرة وصاروخاً موجّها

أميركا تستنفر الغرب والعرب.. والفلسطينيون في غزة والضفة والقدس يحتفلون

واشنطن تطلب من تل أبيب عدم الردّ تفادياً لاستهداف القواعد الأميركيّة في المنطقة

كتب المحرّر السياسيّ

قامت إيران بتنفيذ قرارها بالردّ على الغارة الإسرائيلية التي استهدفت قنصليّتها في دمشق، وتحت اسم الوعد الحق والوعد الصادق أطلقت إيران 331 طائرة مسيرة وصاروخاً موجهاً من طرازات ليست هي الأحدث لديها، ووجهتها نحو جغرافيا فلسطين المحتلة من أقصى شمالها إلى أقصى جنوبها، محدّدة أهدافاً عسكريّة ليس هدف مدني أو منشأة مدنية بينها. وأصابت منها بشكل مؤكد مقرّ غرفة عمليّات استخبارية هي التي تمّ التخطيط فيها لعملية القنصليّة، ومطار حربيّ هو الذي انطلقت منه الطائرات التي استهدفت القنصلية، بينما تصدّت الصواريخ والطائرات الأميركية للطائرات والصواريخ الإيرانية في سماء الأردن، وخرج الفلسطينيون في الضفة الغربية وغزة والقدس يزغردون للردّ الإيرانيّ والمشهد الذي رسمته الصواريخ والطائرات الإيرانية في سماء فلسطين.

الخبراء العسكريون الغربيون ومحللو الصحف الكبرى في الغرب والكيان أجمعوا على الطابع المبهر للردّ الإيراني، كما أجمعوا على وظيفة الردع الاستراتيجي الذي أنجزته العمليّة الإيرانيّة المبهرة، بحيث انقلبت عمليّة القنصليّة من عنصر مفترض لاستعادة الردع الإسرائيلي إلى مصدر لتظهير قدرة الردع الإيرانيّة.

التحذيرات الإيرانيّة التي سبقت العملية بقي مفعولها بعدها، خصوصاً لجهة التحذيرين الرئيسيين، الأول لـ”إسرائيل” بأن أيّ ردّ على الردّ سوف يدفع إيران لتظهير كامل قدرتها على إلحاق الأذى بالكيان وعندها لن تجدي المساعدة الأميركية في حماية الكيان، والأميركي قد ظهر مسؤولاً عن حماية الكيان، لكنه عجز عن السيطرة على أي طائرة أو صاروخ وحرف مسارها أو تعطيل انطلاقها، بحيث تستطيع الطائرات والصواريخ الإيرانية الحديثة تجاوز الاعتراض الأميركي، وبحيث لا يمكن فهم الرد الإسرائيلي خارج الموافقة والتشجيع الأميركيين، والتحذير الثاني لأميركا نفسها، ومضمونه أن الردّ الإسرائيلي إذا تمّ فسوف يكون سبباً لاتهام واشنطن بالوقوف وراءه، وأن أي مساعدة أميركية سوف ترتّب استهداف القواعد الأميركية في المنطقة، وألحقت إيران بهذين التحذيرين ملحقا يتمثل بالتحذيرات الموجّهة لدول المنطقة التي تستضيف قواعد أميركية بأن استخدام هذه القواعد لاستهداف إيران سيجعل منها أهدافاً مشروعة لإيران.

التعليق الأميركي على الكلام الأولي الذي صدر عن حكومة الكيان بنيّة الرد، كان بالتحذير من القيام بأي خطوة غير منسّقة مع واشنطن، ولاحقاً تحدّث الرئيس الأميركي جو بايدن مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أبلغه خلالها أن واشنطن لا ترى مناسباً القيام بأي رد على العملية الإيرانية، وأنها تدعو تل أبيب للمشاركة بالرد بالطرق الدبلوماسية، التي كان أول تجسيداتها ما شهده مجلس الأمن الدولي من مناقشة للرد الإيراني أعاد تظهير الانقسام الذي برز في الجلسة التي عقدت قبل أسبوع بدعوة من روسيا والصين لمناقشة الغارة الإسرائيلية على القنصلية الإيرانية، ورفضت خلاله واشنطن ودول غربية أخرى إدانة الاعتداء الإسرائيلي وفقاً للاقتراح الروسي الصيني، بعدما اعتبرت إيران أن تعطيل إدانة مجلس الأمن للغارة على القنصلية كان أحد الأسباب التي جعلت الردّ خياراً حتمياً للدفاع المشروع بوجه العدوان.

وتستمرّ الدعوات الدوليّة لثني الأطراف عن تصعيد الحرب، بعد تنفيذ إيران هجوماً بمسيّرات وصواريخ ليل السبت الأحد على مواقع «إسرائيل» ردّا على استهداف قنصليتها في دمشق. وأبلغ وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان نظيره التركي أن «العملية الانتقامية» ضد «إسرائيل» انتهت، مضيفاً أن إيران لن تشنّ عملية جديدة ما لم تتعرّض للهجوم. وكانت طهران أبلغت الولايات المتحدة، بحسب عبد اللهيان أن هجماتها ضد «إسرائيل» «ستكون محدودة وللدفاع عن النفس». في حين تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية بأن الردّ الإسرائيلي المتوقع على إيران سيكون خلال الـ48 ساعة المقبلة وأن تل أبيب أبلغت واشنطن أنها لا تسعى إلى تصعيد كبير مع إيران.

وأكد رئيس مجلس النواب نبيه بري أن الرد الإيراني أرسى قواعد اشتباك جديدة على مستوى المنطقة برمّتها.

وأعلن حزب الله في بيان أن العملية الإيرانية حققت أهدافها العسكرية المحدّدة بدقة على الرغم من مشاركة الولايات المتحدة وحلفائها ‏الدوليين وأدواتها الإقليميّين في ردّ الهجوم الصاعق غير أن الأهداف السياسية والاستراتيجية بعيدة ‏المدى لهذا التطور الكبير ستظهر تباعاً ومع الوقت وسوف تؤسس لمرحلة جديدة على مستوى القضية ‏الفلسطينية برمّتها وعلى مستوى الصراع التاريخيّ مع هذا العدو في طريق الانتصار الحتّمي لأمتنا ‏العربية والإسلامية وللشعب الفلسطيني المقاوم.

وأكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الأمين أسعد حردان حق الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الردّ على الهجوم الذي شنّه العدو الصهيوني على قنصليتها في دمشق واستهداف عدد من قادة الحرس الثوري.

وتحدّث حردان عن حرب الإبادة التي يشنّها العدو على قطاع غزة والعمليات العدوانية على مناطق الضفة الغربية والعدوان المتواصل على جنوب لبنان، فأكد أنّ ما تقوم به “إسرائيل”، يُملي على كلّ قوى المقاومة أن تتصدّى لهذا العدوان، وبكلّ الوسائل المتاحة. فالعدو “الإسرائيلي” لا يستهدف غزة والضفة وحسب، بل يستهدف لبنان والشام وكلّ بلادنا، لذلك فإنّ منطق الحياد والنأي لا يستقيم في وقت نتعرّض فيه للقتل والعدوان والتدمير.

وأدان حردان الاعتداءات على النازحين السوريين في لبنان، معتبراً أنّ مشاهد الاعتداءات تظهر سلوكاً عنصرياً مرفوضاً ومداناً.

وأكد أنّ الحزب السوري القومي الاجتماعي كان أول الداعين لمعالجة موضوع النزوح السوري، ودعا مراراً وتكراراً الحكومة اللبنانية الى تحمّل مسؤولياتها والتنسيق مع الحكومة السورية التي أبدت كلّ استعداد للقيام بكلّ ما يلزم بما يسهّل عودة النازحين، غير أنّ القوى الخارجية ضغطت لإبقاء النازحين ورقة بيدها ضدّ سورية، وتماهت معها قوى لبنانية معروفة، شجعت على النزوح السوري إلى لبنان للغاية الخارجية ذاتها، وهذه القوى اللبنانيّة ترتكب اليوم اعتداءات عنصرية بحق النازحين.

وجدّد حردان دعوته الحكومة اللبنانية الى التواصل والتنسيق مع الحكومة السورية لمعالجة هذا الملف بمسؤولية وطنية، لا تترك ندوباً في العلاقات المميّزة مع دمشق.

وأفرد حردان حيّزاً للحديث عن الاعتداء على مكتب منفذية زحلة في بلدة جديتا، ورأى أنه يعكس حجم التحريض الكبير ضدّ من يعمل في فكره وسلوكه ونضاله لوحدة لبنان وصون سلمه الأهلي. ونحن نرى أنّ أبعاد حادثة الاعتداء على مكتبنا في جديتا، هي أكبر بكثير من حجم الاعتداء الذي حصل، هي نتاج خطاب غرائزيّ تقسيميّ موغلة في تنفيذه أجندات تتربّص بلبنان واللبنانيين فتنة وشراً وخراباً.

وبُعيد ساعات على استهداف “حزب الله” مواقع العدو الإسرائيلي نفح ويردن وكيلع في الجولان السوري المحتل بعشرات صواريخ الكاتيوشا، استهدفت غارة جوية إسرائيلية أحد المباني في بلدة النبي شيت ودمّرته، وضُرب طوق حول المكان حفاظًا على سلامة الأهالي، وشنّ العدو غارة على بلدة الضهيره استهدفت منزلاً، يعود لال أبو ساري، مؤلفاً من ثلاث طبقات دمّر بالكامل. وتوجهت سيارات الإسعاف الى المكان ونفذ العدو عدواناً جوياً حيث شنّ غارة مستهدفاً منزلاً في بلدة مارون الراس في الحي المحاذي لمدينة بنت جبيل، وملقيا صاروخي جو – ارض. وتعالت سحب الدخان الكثيف من المكان المستهدف. وأتبع القصف الجوي بآخر طاول الأحياء السكنية في بلدة عيتا الشعب.

إلى ذلك، وشعوراً من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بالمسؤولية الوطنية وضرورة استمزاج آراء معظم الوزراء والاستماع إليهم لا سيما في هذا الظرف الدقيق الذي تمرّ فيه البلاد، قرّر ميقاتي استبدال جلسة مجلس الوزراء التي كانت مُقررة صباح اليوم بجلسة تشاورية تُعقد في التاريخ والمكان والزمان نفسه المُقرر للجلسة عند الساعة ٩:٣٠ من صباح اليوم.

إلى ذلك علمت “البناء” أن تأجيل الانتخابات البلدية قد حُسم، وسوف يدعو رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى جلسة نهاية الشهر الحالي من دون ان يتحدد بعد جدول أعمالها الذي سوف تحدده هيئة مكتب المجلس عند اجتماعها. وبحسب المعلومات فإن النصاب سوف يؤمن لكن ثمة خلاف على مدة التمديد، وبينما يتجه النائب جهاد الصمد إلى تقديم اقتراح قانون من أجل التمديد لمدة سنة نظرًا إلى الوضع الذي تشهده قرى وبلدات الجنوب، أفادت مصادر مطلعة إلى أن الحزب التقدمي الاشتراكي الذي سيحضر الجلسة لديه ملاحظات على المدة الزمنية وهذا الأمر سيكون محل نقاش. في حين أكدت مصادر القوات والكتائب مقاطعتهما الجلسة ورفضهما التمديد للبلديات.

وعلى خط الرئاسي، تلتقي كتلة الاعتدال الوطني اليوم مجدّدًا رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب لـ “البناء” أن الأخير لا يزال متمسّكا بأهمية الحوار كطريق من أجل التفاهم على انتخاب رئيس، مع إشارة المصادر إلى أن الحزب يعتبر أن هناك ضرورة لأن يترأس رئيس مجلس النواب نبيه بري الحوار، وهذا الأمر سيسمعه نواب الاعتدال من النائب رعد.

انتخابيًّا فاز مرشح التيار الوطني الحر فادي حنا بمركز نقيب مهندسي بيروت. كما أسفرت انتخابات نقابة المهندسين في الشمال عن فوز شوقي فتفت بمنصب النقيب بـ 1707 أصوات.

وأشارت أوساط التيار الوطني الحر إلى أن فوز فادي حنا هو تأكيد جديد على تجذّر التيار في مجتمعه وفي بيئته اللبنانيّة، مذكّرة بانطلاقه في النقابات والمجالس الطالبية. واعتبرت لـ”البناء” أن الانتصار في نقابة المهندسين مع ما مثّلته من تحالفات انتخابيّة، هو علامة على أن التيار الوطني الحر، وعلى الرغم من كل ما واجهه من 17 تشرين وحتى اليوم، لا يزال الرقم الصعب في المعادلة الوطنية، وتعبّر عن استنهاضه التنظيمي والشعبي.

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :www.almanar.com.lb بتاريخ:2024-04-15 05:09:55

Exit mobile version