<
p style=”text-align: justify”>تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاثنين 23-9-2024 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
الاخبار:
ما يجب فعله… وما يريده الجمهور
ابراهيم الأمين
عند كل اختبار مفصلي، تظهر من جديد، إشكالية خاصة بفهم حزب الله. هي إشكالية تخصّ الأعداء، ولكنها تظهر أيضاً عند من يفترض أنهم باتوا قريبين من عقله، وحتى من بعض قواعده.
فكيف، وقد طرأ التوسّع الكبير، الذي شهدته المقاومة، عديداً وجمهوراً ومساحة عمل، حيث فُتحت أبواب سمحت بنمو هائل على مستوى القدرات البشرية والتسليحية. لكنها أتاحت المجال أمام العابثين الذين يبحثون عن ثغرات للنيل منها.
وعند الاستحقاق، يخضع الجسم كله، لامتحان إلزامي لإظهار الحقائق الصلبة، كما يسقط المتسلّقون أو المنتفعون أو الذين يريدون ثمار الانتصارات، لكنهم يخافون التضحيات.
في معركة إسناد غزة، تصرّف البعض كما لو أن الحزب يقوم بعمل لا يريده. فكّر هؤلاء أن قراره وليد حسابات سياسية طارئة. لم يفهم هؤلاء جوهر المقاومة وموقعها في الصراع، حيث يتقدّم الالتزام على كل اعتبار آخر، سياسياً أو إنسانياً أو أخلاقياً. ولأن المقاومة تفهم العدو جيداً، نتيجة خبرة عقود من المواجهة، فقد انخرطت في معركة هدفها كسر أي محاولة لخنقها، أو النيل من دورها المركزي في المعركة من أجل فلسطين، حيث يتوجب فتح الساحات وتوحيدها.
وما فعلته المقاومة خلال عام تقريباً عكس الفهم الواقعي لطبيعة الصراع مع العدو. وشكّل توحش العدو في غزة دليلاً إضافياً على صوابية القرار بإسناد غزة. وهي مهمة كان متوقّعاً لها أن تتطور وتتوسّع، لسبب بسيط، وهو أن الإسناد لم يكن عملاً صورياً كما يفكّر كثيرون. وربما يجدر بهؤلاء مراجعة سرديتهم، في ضوء ما يقوم به العدو الذي لم يعد قادراً على تحمل حرب الاستنزاف القاسية التي تقوم بها المقاومة.
عندما بادرت المقاومة إلى هذا الخيار، كانت تعرف طبيعة المواجهة، وطبيعة الأثمان، وهي اختارت تكتيكاً عسكرياً له انعكاساته على الكثير من خططها، وعلى طبيعة تشكيلاتها.
وإذا كان العدو نجح في بعض عملياته الأمنية – العسكرية، فإن الأسئلة ضرورية حول سبب اضطراره للقيام بها، الآن، وعدم تركها إلى لحظة الحرب الشاملة، لأن هناك ما يعكس حجم المأزق الذي يجعل العدو يتصرف برعونة وتوتر، ويقدم على جرائم غير مسبوقة، مثل مجزرتي البيجر وأجهزة الاتصالات.
صحيح أن أعداء المقاومة لم يخفوا يوماً موقفهم القميء، وربما وجدوا في بعض نجاحات العدو فرصة للانقضاض عليها. لكنهم يفعلون ذلك من موقع الشريك في هذه الجريمة. وعليهم أن يعرفوا ذلك، وأن يتصرفوا على هذا الأساس. فنحن لسنا أمام نقاش حول قانون الانتخاب أو مشروع في وزارة خدمات، بل في قلب معركة يفرضها وجود هذا العدو هنا. وهي معركة ليست صنفاً يتم اختياره من قائمة طعام. ومن يعتقد أنه يمكن التعايش مع كيان متوحش يفعل ما يفعله في فلسطين، ويقدم على ما أقدم عليه في لبنان، فهو ليس ساذجاً أو خائفاً أو فاقداً للقدرة، بل خانع ومتورّط في الجريمة.
ربما يغفل أعداء المقاومة أنهم يقفون إلى جانب العدو، فالأمر لم يعد مجرّد نقاش حول خيارات سياسية
في قلب هذا النقاش، ثمة أسئلة وهواجس برزت لدى جمهور المقاومة، بين من يبدي قلقه بعد العمليات الناجحة للعدو، ومن يستعجل ردوداً معينة تستهدف زرع صورة استعراضية يمكن استخدامها في سجال السردية مع الخصوم والأعداء. لكن، يجب العودة إلى أصل الموضوع، حيث يفترض بجمهور وقواعد المقاومة وداعميها، أن يحسموا أمر ثقتهم بقيادتها، وهي قيادة مُجرّبة، وقد خبرناها خلال أربعة عقود من الحروب الكبرى، فنجحت في صوابية الخيارات والبرامج، وأذهلتنا بقدرتها على العمل تحت الضغط الكبير، وتحقيق الانتصارات، كما علّمتنا أهمية التفكير بعقل بارد لا تحكمه الانفعالات في لحظة القرار، عدا أنها قيادة أكّدت لنا، بالدم، أنها مستعدة لتحمّل المسؤولية المباشرة، وتحمل الأثمان من أجساد القياديين فيها، وعائلاتهم وأرزاقهم. وليس من دليل أقوى مما نراه في أيامنا هذه.
وفي الجانب المتعلق بمعالجة أسباب الخلل، فهو جهد أمني وسياسي ومهني وتقني. وهو عمل دقيق يحتاج إلى خبرة خاصة. وتملك المقاومة سجلّاً كبيراً من الكفاءة والمهارة والخبرة بما يسمح بالوصول إلى نتائج دقيقة في وقت غير بعيد. لكنه عمل، وإن جرى في ظل الحرب، يبقى لأهل الاختصاص. وليس من فائدة في الغرق في تفاصيله، خصوصاً من قبل من لا يملك الأدوات المناسبة للتعامل معه. مع الأخذ في الاعتبار أن قيادة المقاومة لم تمارس الإنكار، ولم تهرب من المسؤولية، وهي تصرّفت بشجاعة حيال قساوة ما حصل.
لكن ما هو أهم يتعلق بردّ المقاومة. وهي مهمة تنطلق من قاعدة أساسها تأمين استمرارية إسناد غزة. ويضاف إليها الفصل الجديد من التحدي العلني، بمنع العدو من إعادة مستوطنيه قبل وقف الحرب على غزة. وفيها ما هو أهم، لجهة إعادة برمجة آليات العمل، بما يتناسب مع قرار العدو توسيع المعركة. وهو قرار اتُّخذ، وباشرت المقاومة برنامج عمل جديداً، وما على الجميع إلا ترقب الأفعال في الميدان. وما فعلته المقاومة خلال الساعات الـ 72 الماضية، لا يتعلق فقط بتأكيد القدرة على مواصلة القتال، بل في استئناف العمل وفق آليات جديدة، تحفظ ما يجب حفظه من الدفاتر السابقة وتفتح الباب أمام فصول جديدة يكتبها جيل جديد من القادة.
لا يوجد وهم عند أحد بشأن قرار العدو السير في قرار التصعيد. بل هناك مؤشرات إلى استعداد العدو للقيام بعمليات جديدة، ربما تكون قاسية أيضاً، ولكن ما يجب الالتفات إليه، هو أن العدو نفّذ أكثر من عشرة آلاف غارة خلال 11 شهراً، وقتل قادة وكوادر ومقاتلين. لكنه، لم ينجح مرة واحدة في منع المقاومة من تنفيذ عملية، سواء كانت على شكل إطلاق صواريخ موجّهة، أو إطلاق قذائف مدفعية عادية، أو تفعيل منصات الصواريخ، علماً أنه حتى قبل أيام قليلة، لم تكن المقاومة قد لامست بعد منشآتها الخاصة بالحرب الكبيرة. وهي ما يجب على العدو انتظار اختبارها.
غزة تستغلّ «انتقال الثقل»: عمليات نوعية مكثّفة جنوباً
بعدما أعلن جيش الاحتلال البدء بنقل قواته إلى الجبهة الشمالية، على اعتبار أنه اختتم الجزء الأكبر من عملياته في قطاع غزة، كثّفت الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة عملياتها ضد تلك القوات، وتحديداً في مدينة رفح جنوبي القطاع، ولا سيما في حي تل السلطان، على رغم أن العدو أعلن تفكيك كامل الألوية والكتائب هناك قبل بضعة أيام. وكان ملاحظاً أنه مع تصاعد الحدث الميداني في الداخل اللبناني وعلى الجبهة الشمالية، فإن المقاومة قرّرت التقاط الفرصة وزيادة تكلفة البقاء في غزة على الاحتلال. وأعلنت «كتائب القسام»، أمس، أن مقاتليها استهدفوا دبابة «ميركافا» بعبوة «شواظ» في منطقة الشوكة شرق رفح، كما استهدفوا قوة راجلة بعبوة مضادة للأفراد، مؤكدة إيقاع أفرادها بين قتيل وجريح. كذلك، تحدّثت الكتائب عن استهداف قوة راجلة ثانية في المنطقة ذاتها بعبوة أفراد «تلفزيونية»، ما تسبّب في إيقاع أفرادها بين قتيل وجريح. وأفادت أيضاً بأن مقاتليها استهدفوا في اليوم السابق جرافة عسكرية من نوع «دي ناين» بقذيفة «تاندوم» شرق مدينة رفح. وأقرّ جيش الاحتلال، في المقابل، بوقوع عدد من الجنود جرحى في معارك جنوبي القطاع.
ودفعت هذه العمليات بأكثر من محلّل عسكري وضابط احتياط سابق إلى المطالبة بالبحث عن صيغة لوقف إطلاق النار في غزة، كي لا يضطر جيش الاحتلال لدفع أثمان على جبهتين، إذ اعتبر الكاتب الإسرائيلي، يوسي هدار، في مقاله في جريدة «معاريف»، أن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، «خسر الحرب أمام حركة حماس في قطاع غزة، ويجرّنا منذ عام إلى حرب استنزاف لا نهاية لها، من دون أن يترجم قدرات الجيش الإسرائيلي إلى حسم استراتيجي، ويطيل أمد الحرب للحصول على مزيد من راحة البال الشخصية».
السيطرة على عربة عسكرية مفخّخة توفّر للمقاومة أطناناً من المتفجرات
غير أن الحدث اللافت الذي سيطر على جدل قنوات المستوطنين عبر «تلغرام» لساعات، هو تمكّن «كتائب القسام» من السيطرة على عربة عسكرية مفخّخة تحتوي على ما بين 4 و5 أطنان من المواد المتفجرة العالية الأداء. وبثّ «الإعلام العسكري» التابع للكتائب مشاهد لأحد المقاومين وهو يعمل على تفكيك الآلية، للاستفادة من كمية المواد المتفجّرة الكبيرة التي كانت في داخلها. وعلّق أحد المستوطنين على الصور التي نشرتها «القسّام» بقوله: «لقد منحناهم 4000 قذيفة آر بي جي وندّعي أننا ننشر قواتنا على محور فيلادلفيا لمنع التهريب».
جدير بالذكر أن الروبوتات المفخّخة، هي أحد الأسلحة الحديثة والفتاكة، التي استُخدمت للمرة الأولى في العملية البرية الثانية في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة مطلع أيار الماضي، وتشبه في تصميمها ناقلة الجند «m113»، وقد لعبت دوراً فارقاً في عمليات التدمير والتمهيد الناري في المناطق الضيقة التي تسبق عملية الدخول البري.
وتقدّر المقاومة أن هذه العربة تحتوي على مواد متفجرة عالية التأثير، تعني السيطرة عليها في هذا التوقيت، إعادة إنتاج كميات كبيرة جداً من العبوات الناسفة الشديدة الفاعلية، والتي قد يكون المقاومون في أمسّ الحاجة إليها.
ليل ثقيل على مستوطني الجليل الأسفل: دمار غير مسبوق منذ عام 2006
ليلة ثقيلة غير معهودة مرّت على سكان مستوطنات الجليل الأسفل خصوصاً في منطقتي حيفا و«عيمق يزراعيل»، بعدما «أطلق حزب الله 150 صاروخاً، بينها صواريخ مجنحة وطائرات مسيّرة، باتجاه إسرائيل» وفقاً لموقع «واينت».
ورغم أن منظومات الاعتراض تمكنت من صدّ بعضها، إلا أن قسماً منها أصاب مباني وشوارع ومناطق مأهولة متسبباً في دمار لم يُشهد منذ عدوان تموز 2006.
في مستوطنة «مورشت» في المجلس الإقليمي «مسجاف» في الجليل الأسفل، سقط صاروخان، الأول في شارع «يافيه نوف»، والثاني في شارع «هشيلوح»، وتسبّبا في دمار جسيم كما وثّقت ذلك كاميرات المراقبة. فيما الموقع الذي شهد الدمار الأكبر كان شارع «حرتسيت» في «كريات بيالك» في ضواحي حيفا.
المستوطن موطي بريش الذي سقط أحد الصاروخين في «موريشت» أمام منزله قال للموقع إنه «لم تكن هناك صافرات إنذار هنا منذ بدء الحرب.
لكن، طوال الليل سمعنا صافرات الإنذار في كل مكان. وفي الرابعة فجراً انطلقت صافرة إنذار جديدة فقررت المبيت في الملجأ.
في السادسة والنصف صباحاً سقط الصاروخ وبالنسبة إليّ توقفت الساعة عندئذ». وتابع: «أسكن هنا منذ 27 عاماً. ولم أفكر يوماً في أنني سأكون ضمن دائرة النار. لا يمكن إبقاء الوضع على ما هو عليه. فلا طعم ولا منطق لعقد اتفاق معهم».
وذكر إيتي أبو كسيس، الذي يسكن منذ نحو عام في «مورشت»، بعدما أُجلي من «كريات شمونه»، مع أولاده الخمسة وزوجته: «كنت في المنزل لأنني في عطلة نهاية الأسبوع من (الخدمة العسكرية في) الاحتياط.
في الصافرة الثالثة ضرب الصاروخ المنطقة بالقرب منّا. جميع البيوت حولنا أصيبت، وبيتنا مليء بالشظايا، النوافذ طارت من مكانها. وسياراتنا احترقت. شعورنا صعب جداً، فلا بيت لنا في كريات شمونه التي تركناها منذ نحو عام ولا بيت لنا هنا. إنه شعور صعب بعدم الأمن».
وقال شمعون سفيسا من مستوطنة «سديه يعكوف»، التي سقط فيها صاروخ على بعد مئتي متر من منزله، في مقابلة مع راديو «103 أف أم» إن «صباح اليوم نظرت للسماء وحمدت الرب لأن الأمر انتهى هكذا، فقد كان في الإمكان أن ينتهي بطريقة صعبة جداً».
إلى ذلك، بدأت المستشفيات في منطقة الشمال العمل وفقاً لنظام الطوارئ، وأعلنت وزارة الصحة الإسرائيلية، أنه «في ظل الأوضاع الأمنية الراهنة، فإن جميع المستشفيات في شمال البلاد، بما في ذلك في حيفا والناصرة والعفولة وصفد ونهريا وطبريا، ستنتقل للعمل في مناطق محمية».
وبدأ مستشفى «رمبام» منذ ظهر أمس نقل المرضى من الأقسام المختلفة إلى المستشفى التحت أرضي الذي افتتح منذ الثامن من تشرين الأول الماضي، وهو عبارة عن موقف سيارات المستشفى الذي بُني بعد حرب تموز 2006، انطلاقاً من خلاصة مفادها بأن حرباً شاملة في المستقبل قد تشمل إطلاق صواريخ تستهدف المنشآت المدنية. وشرع المستشفى في نقل مرضى العناية الفائقة، والموصولين بأجهزة التنفس، بمساعدة جنود من الجيش ومن القوات البحرية.
حزب الله يبدّد رهانات العدو: نحو ردود تصاعدية
أظهر الردّ الصاروخي لحزب الله ليل الأحد، كـ«دفعة على الحساب»، أن الضربات التي وجّهها العدو الأسبوع الماضي لم تؤثّر في إرادة القرار لدى المقاومة، على خلاف ما كان يطمح ويراهن عليه، بالتأثير في حسابات قيادة حزب الله وتقديراتها للتراجع عن مواصلة إسناد غزة، أو على الأقل الإقدام على خطوات ما إلى الوراء تشكل مؤشراً إلى هذا الاتجاه لاحقاً. إلا أن المواقف الحاسمة للحزب وردّه الميداني أظهرا أنه ماضٍ في خياراته أياً كانت العواقب والتضحيات والتداعيات، وأن منظومته القيادية تحافظ على تماسكها وصلابتها وحكمتها حتى في ذروة الضغوط العسكرية والنفسية.الردّ وما توعّد به نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم أظهرا أيضاً أن الحزب لا يزال يحافظ على منظومة القيادة والسيطرة، كذلك على خلاف ما راهن العدو على تحقيقه من خلال سلسلة الاعتداءات غير المسبوقة (بدءاً بمجزرتي الـ«بايجر» واللاسلكي)، لإرباك الأداء العملياتي بما يمنح العدو تفوّقاً يمكن توظيفه في رفع منسوب الضغوط.
شكَّلت هذه المحطات ورهاناتها ونتائجها مناسبة لتظهير بعض ما يتمتّع به حزب الله من صلابة ومرونة في آن، وأظهرت قدرة استثنائية على الاستيعاب والتكيّف ستكون موضع دراسة وتأمل لدى خصومه وأعدائه. وعلى المستوى العملياتي، أظهرت الدفعات الصاروخية أن كل الحملة الجوية التي نفّذها العدو لم تنجح في إرباك قدراته العملياتية، وأن العدو يعاني فعلياً من محدودية استخبارية على مستوى الميدان، وفقد عنصر المفاجأة الميدانية والتكتيكية الذي كثيراً ما كان ولا يزال يراهن عليه.
من أهم ما تمّ اختباره في الأيام الماضية، أيضاً، أن بيئة المقاومة أظهرت التفافاً حولها وتفانياً قلّ نظيره وأنها تزداد صلابة مع التحديات، وهو من أهم العوامل والمؤشرات التي تكشف عن اتجاه هذه المعركة وآفاقها.
ومن الرسائل المهمة التي كشفتها الأيام الماضية أيضاً أن العدو أصبح أكثر إدراكاً لخيبته مما افترضه أوراقاً يمكن استخدامها كخيارات حاسمة في المنعطفات المفصلية. ولذلك، يمكن القول إن العدو، بعد مجزرتي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، وجد نفسه أمام محطة جديدة على مستوى القرارات، لذلك أتبعهما بخطوات عدوانية لاحقة، على أمل أن يحقق تراكم الضغوط وتسارعها شيئاً ما في هذا الاتجاه.
لكن، بعد الدفعات الصاروخية، باتت المعضلة محكمة الإغلاق انطلاقاً مما حملته معها من رسائل تشير إلى آفاق هذه المعركة، بما بات معه العدو في ضوء ذلك، أمام مروحة خيارات:
– إن تراجع – وهو ليس في هذا الوارد حتى الآن – ووافق على وقف العدوان على غزة، سيشكل ذلك هزيمة مدوّية له، تسبّب بها لنفسه عندما أصرّ على عدم التوصل إلى اتفاق مع حركة حماس.
العدو أمام التراجع أو التكيّف مع الاستنزاف أو تصعيد يطاول عمقه الداخلي
– وإن عاد وتكيّف مع منسوب الاستنزاف الذي كان قائماً ولا يزال، سيكشف ذلك محدودية خياراته ويساهم في تقويض صورته الردعية. وهذا مسار سيساهم أيضاً في استمرار تآكل هيبة إسرائيل وصورتها الإقليمية، ومن ثم العودة ولو لاحقاً إلى تسوية بحسب ثوابت حركة حماس وفصائل المقاومة في غزة.
– وإن أصرّ على مواصلة التصعيد بالمنسوب الذي نشهده، فقد شكّلت «الوجبات» الصاروخية التي أطلقها حزب الله باتجاه قاعدة رمات ديفيد ومنشآت «رفائيل» (سلطة تطوير الوسائل القتالية) مؤشراً إلى أن قواعد الاشتباك في الرد على اعتداءاته قد تغيّرت، وأنه سيُقابل بردود تصاعدية تراكمية متواصلة، ستكون ساحتها عمقه الاستراتيجي، وستكون أهدافها وأدواتها ووتيرتها وفق الإيقاع الذي تحدده قيادة حزب الله.
في الخلاصة، العنوان الأكثر تعبيراً عن واقع المشهد الميداني وآفاقه هو «الحساب المفتوح» الذي أطلقه حزب الله على المرحلة الجديدة التي دخلتها المعركة. وهو عنوان يجمع بين طياته مروحة من الخيارات المفتوحة يواصل فيها حزب الله جبهة الإسناد والمواجهة، بالتوازي مع خيارات مفاجئة «من خارج الصندوق»، يُصفّي من خلالها حساباته مع العدو «من حيث يحتسبون ومن حيث لا يحتسبون».
وهذا ما يفرض مواكبة لكل محطة يمكن أن تتحوّل إلى منعطف في هذا الاتجاه أو ذاك.
وبالإجمال، يمكن القول فعلاً إن المرحلة الجديدة التي دخلتها المعركة بين حزب الله وكيان العدو ستكون لها تداعياتها أيضاً على مستوى تقديرات وخيارات القيادتين السياسية والأمنية في تل أبيب وواشنطن.
<
p style=”text-align: justify”>
اللواء:
غوتيريش يخشى من «غزة ثانية» في لبنان.. والمقاومة تستهدف حيفا بصاروخ استراتيجي
مع مطلع أيلول، وفي الأسبوع الأخير منه، وفي أول يوم شتاء مبكر، بدا التحدّي على أشده بين اسرائيل وحزب الله، الذي استعاد المبادرة، وتجاوز محنات تفجيرات البايجرز واللاسلكي واغتيال قائد وحدة الرضوان ابراهيم عقيل ومعاونه و15 قيادياً في وحدة النخبة داخل حزب الله.
وفي وقت، ذهب رئيس حكومة دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو الى التباهي بما فعله الجيش الاسرائيلي باستخباراته وقواته الجوية من خلال ما اسماه برسائل الى حزب الله، رفض الحزب استلام الرسائل، وقال على لسان نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم في كلمة تأبينية، في تشييع القيادي الكبير ابراهيم عقيل (الحاج عبد القادر) والقيادي محمود حمد الذي كان في عداد القيادة المجتمعة، ان «ما جرى باستهداف حيفا دفعة على الحساب» مع استخدام صواريخ استراتيجية، بعيدة المدى من نوع «فادي1» و«فادي 2» التي استخدمت في حرب الـ2006، وتستخدم لاول مرة في الحرب الدائرة اليوم بين اسرائيل وحزب الله.
قال قاسم: مستمرون بالاسناد والتهديدات لن توقفنا، ولا نخشى الأخطر، ومستعدون لمواجهة كل الاحتمالات العسكرية.
اضاف: سكان المستوطنات لن يعودوا بل سيزداد النزوح ويتوسع الاسناد.
وأول طلائع الرد على تفجيرات البايجرز واللاسلكي الثلثاء والاربعاء؟ الماضيين اشعال النار في شركة «رافائيل للصناعات التكنولوجية الحربية في اسرائيل»، ورامات ديفيد، القاعدة الجوية، ضمن 3 قواعد كبرى للاحتلال، وهي محصنة وتقع في عمق حيفا.
نتنياهو يتبجح
وفي رسالة تبجح جديدة، اعلن بنيامين نتنياهو (رئيس حكومة اسرائيل) «وجّهنا في الايام الأخيرة سلسلة من الضربات لحزب الله لم يكن يتوقعها، وإذا لم يكن قد فهم الرسالة، فإنه سيفهمها بعد هذه الضربات».
وكشفت صحيفة «حدشوت يسرائيل» ان سلاح الجو الاسرائيلي سيوسع هجماته في لبنان.
واعلن المنسق الاميركي جون كيري ان الولايات المتحدة تبذل كل ما في وسعها لمحاولة منع تمدُّد الحرب بين اسرائيل وحزب الله الى حرب واسعة.
وتتحرك في نيويورك الدبلوماسية اللبنانية ممثلة بوزير الخارجية عبد الله بوحبيب، بعد قرار الرئيس نجيب ميقاتي صرف النظر عن السفر بسبب التطورات الجارية في لبنان، والتي تقتضي بقاءه لمتابعة الوضع.
غوتيريش يحذِّر من تحوُّل لبنان إلى غزة
وحذر الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش من مخاطر تحويل لبنان الى غزة اخرى.
المشهد الميداني
لم يتأخّركثيراً ردّ حزب الله «الاوّلي» على مجازر الكيان الاسرائيلي الاخيرة في الضاحية الجنوبية لبيروت ومناطق جنوبية وبقاعية وشمالية، التي ادت الى ارتقاء اكثرمن 70 شهيداً وآلاف الجرحى بتفجيرات اجهزة الاتصال «بايجر» واللاسلكي، وبالغارة على حي القائم في حارة حريك التي استهدفت قادة ميدانيين للمقاومة وعائلات كاملة من المدنيين، فقصفت المقاومة بعد منتصف ليل السبت- الاحد وبصواريخ ثقيلة (فادي1 و2) تستخدم للمرة الاولى قاعدة «رامات ديفيد» العسكرية ومُجمعات الصناعات العسكرية لشركة «رفائيل» المتخصصة بالوسائل والتجهيزات الإلكترونية والواقعة في منطقة «زوفولون» شمال مدينة حيفا المحتلة، وهي اهداف سبق ونشرت المقاومة تقارير مصورة عنها في ما عاد به «الهدهد»الاستطلاعي.
وإعترفت وسائل اعلام عبرية ظهراً بسقوط 13 جريحاً أحدهم إصابته خطرة واندلاع حرائق وأضرار كبيرة في المباني والسيارات، نتيجة إطلاق صليات الصواريخ من قبل حزب الله.
وحيث تم إطلاق اكثرمن 150صاروخاً. وكشفت القناة 12 الإسرائيلية: «أن أكثر من مليون إسرائيلي باتوا في نطاق نيران حزب الله». وأن نصف مليون مستوطن في تل ابيب باتوا ليلتهم في الملاجيء.
وحسب مصادر مقربة جداً من المقاومة فإنّ هذا «الردّ الاوّلي الثقيل» يُثبت بما لا يدع مجالاً للشك ان بنية المقاومة العسكرية ما زالت متينة برغم الضربات الموجعة التي تلقتها الاسبوع الماضي وخسارتها لعدد من كبار القادة الميدانيين، وانها فعلاً ما زالت تحتفظ بمفجآت كبيرة للعدو الاسرائيلي، برغم شدة التصعيد الذي قام به العدو خلال الاسبوعين الماضيين بمئات الغارات على مناطق الجنوب والبقاع عدا المجازر الاخيرة منذ الثلاثاء الماضي.
وتشير مصادر ميدانية في المقاومة الى «ان الصواريخ الثقيلة التي استخدمتها امس، تؤكد فشل أهداف الحملات الجوية العنيفة التي ينفذها العدو عبر طائراته الحربية على الأودية في جنوب لبنان والبقاع، وتكشف زيف ادعاءاته بتدمير مئات منصات الاطلاق حيث تم اطلاق الصواريخ الثقيلة من الجنوب، وتؤكد قدرة المقاومة على تكبيد العدو خسائر موجعة بالقدر الذي تتطلبه طبيعة المواجهة».
وافادت مصادر مقربة جداً من المقاومة لـ «اللواء» ان آليات التنظيم والعمل في هيكلية المقاومة مرنة ودقيقة، بحيث انها تستطيع ان تجدد نفسها بسرعة وتلبّي اي متغيرات او خسائر بشرية بسرعة نظراً للإعداد الدائم للكوادر وتطوير قدراتها واعادة تنظيم الوحدات، لذلك من المنتظر أن يأخذ حزب الله قليلاً من الوقت لملء الشغور في المراكز القيادية العليا وما دونها من مساعدين وكوادر، بحيث تعود بنية المقاومة الى سابق عهدها بعد الخسائر التي منيت بها جراء تفجيرات اجهزة الاتصالات والاغتيالات، بخاصة ان لديها عشرات آلاف المقاتلين المدربين والمُجهّزين.
وفي المقابل، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية امس، «أن اغتيال القائد العسكري للمقاومة ابراهيم عقيل ومعاونيه كان بمثابة رسالة واضحة للحزب أن حرب الاستنزاف انتهت وقواعد اللعبة تغيّرت». لكن مصادرمتابعة اكدت لـ «اللواء»: ان قصف اهداف حيوية للعدو في حيفا ومناطق اخرى في عمق الكيان الاسرائيلي يؤكد ايضاً ان قواعد المواجهة لدى المقاومة تغيرت ايضاً، وانها نفذت كلامها بأن حيفا ستكون هدفاً مقابل الضاحية الجنوبية، واذا تمادى العدو اكثر بالإعتداء على بيروت ستكون تل ابيب مقابل بيروت. ولدى المقاومة القدرة على تنفيذ ما تقوله حسبما ظهر امس من قصف حيفا.
وقالت قناة «كان» الاسرائيلية ان حيفا ومحيطها قد تصبح كصفد وروش بنا، بحيث يستخدمها حزب الله بشكل دائم، بعد وصول صواريخ «فادي1» و«فادي 2» إليها.
أميركا – إسرائيل
وفي واشنطن ذكرت وزارة الدفاع الاميركية ان الوزير لويد أوستن أعرب لنظيره الإسرائيلي «عن قلقه بشأن سلامة وأمن المواطنين الأميركيين في المنطقة».
واعلن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان يوم السبت: انه بحث مع القادة الإسرائيليين كيفية إيجاد طريقة للمضي قدماً للتهدئة مع حزب الله وعودة سكان الشمال إلى منازلهم. وقال: خطر التصعيد بين إسرائيل وحزب الله مرتفع.واعتبر سوليفان: أن الطريقة التي قدّم بها نصرالله خطابه هذا الأسبوع فتحت جبهة الشمال.و أن حزب الله هو من بدأ هذا التصعيد بعد هجوم حماس في تشرين الأول الماضي.
ورأى سوليفان أن (الشهيد) «إبراهيم عقيل يحمل دماء أميركيين قتلوا، وقد رصدنا مكافأة مقابل القبض عليه…ومن الجيد أن يتم تقديم الأشخاص للعدالة» .
وذكرت صحيفة «بوليتيكو» الاميركية ان إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تخشى اندلاع حرب واسعة النطاق بين إسرائيل وحزب الله بعد الهجمات التي نفذتها تل أبيب خلال الأسبوع الماضي ومقتل قادة كبار في الحزب.
اضافت: أنّ مسؤولَيْن أميركيَّين لم يفصحا عن هويتهما يعتقدان أنّ الهجمات الإسرائيلية يمكن أن تكون بمثابة بداية لحملة عسكرية أكبر في جنوب لبنان.
وقال مسؤولان أميركيان كبيران مطلعان على المناقشات للصحيفة: يتوقع المسؤولون الأميركيون أن يشتد القتال بين إسرائيل و«حزب الله» بشكل كبير في الأيّام المقبلة، مما قد يؤدي إلى اندلاع حرب شاملة بين الطرفين.. ويشير أحدث تحليل من داخل إدارة بايدن إلى أنّه سيكون من الصعب على الجانبين وقف التصعيد.
وقال مسؤول أميركي للصحيفة: إنّ الهجمات في لبنان، وتحديدًا في (ضاحية) العاصمة بيروت ستستمرّ، وتعتقد الولايات المتحدة أنّ حزب الله سوف ينتقم من إسرائيل، ربما عبر هجمات بطائرات مسيَّرة. بالإضافة إلى ذلك، وفقًا لمسؤول أميركي آخر، فإن القتال سيشمل أيضًا عمليات اغتيال لقادة حزب الله، وشن هجمات على مستودعات الأسلحة، وكذلك على البنية التحتية لاتصالات الحزب.
اضاف المسؤولان: إنّ الاشتباكات الدورية في شمال إسرائيل من غير المرجح أن تؤدي إلى مواجهة مباشرة مع لبنان، لكن الهجمات على الأراضي الإسرائيلية أو اللبنانية تثير القلق ولن تؤدي إلا إلى زيادة التوتر.
ونقلت «واشنطن بوست» عن مسؤول أميركي قوله:«إن مسؤولين بالبيت الأبيض يعتقدون أن استراتيجية إسرائيل الأوسع في لبنان غير واضحة».
ميقاتي يُلغي سفره إلى نيويورك
الى ذلك، صدر يوم السبت الماضي عن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بيان قال فيه: كنت عزمت على السفر الى نيويورك في اطار تكثيف التحرك الديبلوماسي اللبناني،خلال أعمال الجمعية العمومية للامم المتحدة، لوقف العدوان الاسرائيلي المتمادي على لبنان والمجازر التي يرتكبها العدو.
مهمة لودريان
ومن المتوقع ان يصل في الساعات المقبلة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت، في مهمة اصلية، تتصل بتحريك الملف السياسي، والبحث بإمكان الاستفادة من التطورات الجارية لإنهاء الشغور في الرئاسة الأولى.
وفي اطار حراك سفراء اللجنة الخماسية في بيروت، استقبل الوزير والنائب السابق وليد جنبلاط مساء السبت السفير السعودي وليد البخاري، في كليمنصو بحضور عضو كتلة اللقاء الديمقراطي النائب وائل أبو فاعور.. وجرى حسب معلومات «اللواء» استعراض آخر المستجدات والبحث في الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على لبنان. وتطرَّق النقاش الى المخاوف على لبنان من تطور الأمور بشكل أسوأ من قبل العدو الاسرائيلي.
وفي اطار متابعة مناقشة موازنة العام 2025، يعقد مجلس الوزراء جلسة اليوم الاثنين في السراي الكبير.
الراعي لوقف الحرب
في المواقف، ناشد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي مجلس الامن وضع حد للحرب الجارية بكل الوسائل المتاحة.
وطالب بانتخاب رئيس للجمهورية يعيد لمجلس النواب صلاحياته التشريعية والمحاسبة ولمجلس الوزراء كامل صلاحياته الدستورية، رئيس جدير بثقة اللبنانيين والدول الصديقة.
وقال الراعي من الديمان: نصلي من اجل نهاية الحروب، واحلال سلام عادل وشامل في جنوب لبنان وغزة، ونصلي لراحة نفوس القتلى وشفاء الجرحى الذين سقطوا من حزب الله الاسبوع المنصرم.
عدد الشهداء
في عمليات رفع الانقاض في المبنى المستهدف استمرت خلال اليومين الماضيين، أعمال رفع الانقاض في موقع المبنى الذي انهار في محلة الجاموس نتيجة العدوان الإسرائيلي بحثاً عن مفقودين، وتم التنسيق مع الأجهزة الأمنية المختصة، وباشرت الأدلة الجنائية في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي أخذ عينات من جثامين شهداء في المستشفيات لم تحدد هويتهم بعد وذلك لإجراء فحوصات الـ DNA وتحديد هويات أصحابها.
وأعلن الدفاع المدني امس، أن الحصيلة الأخيرة للشهداء الذين تم انتشالهم من المبنى ارتفعت الى 51 شهيداً بعد انتشال جثامين 5 شهداء بينهم طفلان من تحت الأنقاض، أما الجرحى فبلغ عددهم ٦٦ جريحاً. أما المفقودين لغاية الآن فيبلغ عددهم 10 مواطنين.
واوضح الدفاع المدني، أن عمليات البحث والإنقاذ والمسح الميداني الشامل ستستمر في الموقع الى حين العثور على كافة المفقودين.
وقالت وزارة الصحة اللبنانية ان 3 شهداء سقطوا و4 مصابين في غارات اسرائيلية على بلدات جنوبية.
وقال حزب الله انه قصف قاعدة رامات للمرة الثانية.
وشنت اسرائيل ليلا غارات على بلدة الخيام ومجرى الليطاني.
وأعلنت الإذاعة الإسرائيلية عن العثور على مسيَّرة مفخخة داخل مستوطنة في الشمال.
البناء:
الشيخ قاسم في تشييع عقيل: تجاوزنا الصدمة ونحن أقوى… والرد دفعة في حساب مفتوح
نتنياهو للتصعيد وهاليفي يتوعد: مليون مستوطن في الملاجئ وربع مليون مهجر
كتب المحرّر السياسيّ
لم يطل الانتظار حتى أثبتت المقاومة أنها استثنائية وقد أظهرت المزيد من الإبهار في أدائها، وكان خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مجدداً صادق الوعد مع الرد الأولي، كما قال بيان المقاومة الإسلامية، وقد استهدفت صواريخ تستخدم للمرة الأولى في نطاق جبهة الشمال، هي صواريخ فادي 1 وفادي 2، كلاً من قاعدة رامات ديفيد الجوية ومصانع رافائيل للتجهيزات العسكرية الإلكترونية الاستخبارية، وأصابتهما إصابات مباشرة، بينما أصاب الذعر كل منطقة خليج حيفا حيث يقع الهدفان، وقد سقطت بعض شظايا الصواريخ التي اصطدمت صواريخ القبة الحديدية، في مستوطنات تقع في المنطقة تسبّبت بإشعال حرائق هائلة ودمار كبير، نشرت صورها على وسائل التواصل الاجتماعي من مستوطنين وعادت القنوات العبرية ونشرت بعضها.
حزب الله الذي شيّع أحد قادته الكبار من رعيل المؤسسين الشهيد القائد إبراهيم عقيل، أعلن بلسان نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، أن الحزب تجاوز الصدمة، وأنه اليوم أقوى بكثير من قبل ويدرك حجم المسؤولية والتحدي وهو جاهز للتعامل مع ما تفرضه المرحلة ولن يتراجع، مؤكداً تمسّك حزب الله بمواصلة مهام الإسناد لغزة من جبهة لبنان وفق معادلة لا وقف إطلاق نار ولا عودة لمهجّري شمال فلسطين المحتلة إلا عبر التوصل الى اتفاق يُنهي الحرب على غزة، واصفاً الردّ الذي نفّذته المقاومة أمس، باعتباره دفعة على الحساب في حساب مفتوح بين المقاومة والاحتلال.
في الكيان مزيد من خطاب التصعيد لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، وحديث عن رسائل القوة التي يجب أن يفهمها حزب الله حتى تتحقق عودة المهجرين، وتهديدات رئيس أركان جيش الاحتلال تلاقيه في الاتجاه نحو المزيد من التصعيد، بينما تكفل رد المقاومة أمس، بنزول مليون مستوطن الى الملاجئ، كما قالت القنوات التلفزيونية العبرية، بينما قدّرت وسائل الإعلام الإسرائيلية عدد الذين غادروا شمال فلسطين المحتلة يوم أمس، بربع مليون أصابهم الذعر من تساقط الصواريخ على منطقة حيفا.
دخل لبنان مرحلة جديدة من الحرب الإسرائيليّة عليه، تتمثل بتكثيف العدو الغارات وتوسيع رقعة الاستهداف، حيث شهد الجنوب اللبناني، سلسلة مكثفة وطويلة الأمد من الغارات، في محاولة من حكومة بنيامين نتنياهو لإنشاء أحزمة ناريّة على امتداد جنوب نهر الليطاني وشماله.
وفي سياق الجنون الإسرائيلي، أعلن جيش العدو الإسرائيلي، أن «الضربات ضد حزب الله ستتواصل وتتصاعد»، مشيراً إلى أنه «نفذ هجمات استهدفت بعض الأهداف للحزب في لبنان». وشن الطيران الحربي الإسرائيلي سلسلة من الغارات استهدفت بلدات حدودية ومناطق حرجية ومفتوحة في الجنوب والبقاع الغربي، وسجّل تنفيذ اكثر من 60 غارة جوية تركزت على الوادي بين أنصار والزرارية، عيتا الشعب، الوادي المحاذي لطريق النبطية – الخردلي، المنطقة بين المعلية والمالكية، أطراف زبقين لجهة شيحين، وادي حسن عند أطراف مجدل زون، أطراف بلدة ياطر، أطراف الطيبة ومركبا وطلوسة، ومدينة الخيام، أطراف بلدة كفرملكي، ومجرى نبع الطاسة – اللويزة في منطقة إقليم التفاح، أطراف فرون، المحمودية، أطراف لبايا، منطقة الدمشقية، أطراف رب الثلاثين ويارون وبلدة عديسة كما نفّذ الطيران الحربي الاسرائيلي عدواناً جوياً حيث شنّ غارات مستهدفاً أطراف بلدتي جباع وعين قانا. وقد أدّت الغارات إلى سقوط 6 شهداء أحدهم في القليلة، والآخر في عيترون والثالث في الخيام، بالإضافة إلى 3 شهداء سقطوا في المالكية.
ورداً على الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على مختلف مناطق لبنان، وسّع حزب الله مدى استهدافاته، حين أطلق رشقات صاروخية متعددة على مناطق واسعة في مناطق الجليل والجولان وضواحي حيفا، حيث دوّت صافرات الإنذار بشكل متكرر في جميع أنحاء “الشمال”. وأعلن حزب الله عن استهداف قاعدة ومطار “رامات دافيد” جنوب شرق حيفا بعشرات الصواريخ من طراز فادي 1 وفادي 2.
وفي غضون ساعة، أطلق حزب الله عشرات الصواريخ على 3 دفعات، باتجاه مناطق في “إسرائيل”، وطالت الرشقات الصاروخية الجديدة مناطق في شرق حيفا والجليل الأسفل، وتسببت بأضرار واشتعال النيران في بعض المناطق.
وأصدرت قيادة الجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي تعليمات جديدة بسبب الأوضاع الأمنية، والتصعيد مع حزب الله، وشملت التعليمات فرض نشاطات جزئية مع منع الأنشطة التعليمية في “الجولان الجنوبي، والجليل الأعلى، ومركز الجليل، والجليل الأسفل، ومنطقة حيفا، والأغوار”. وتم الإعلان عن إلغاء التعليم لليومين المقبلين في الجولان والجليل الأعلى والجليل الأسفل وخليج حيفا والمروج وغور الأردن.
وأعلن “حزب الله” عن استهدافه للمرة الثانية قاعدة ومطار “رامات ديفيد” الواقعة جنوب شرق حيفا بعشرات الصواريخ من نوع فادي 1 وفادي 2. وهذه القاعدة هي واحدة من 3 قواعد جوية رئيسية في “إسرائيل”. لها أهمية استراتيجية لجهة ساحة لبنان وسورية. تقع في مثلث بين حيفا وجنين وطبريا. مساحتها لا تقلّ عن 10 كيلومترات وهي الأكبر في القطاع الشمالي. تنطلق منها طائرات محاربة وتجسّسية وهي محاطة بمنظومة دفاع صاروخي وجوية متطوّرة. أما الصواريخ المستخدمة، فصاروخ “فادي 1” هو من عيار 220 ملم ومداه 80 كلم، وصاروخ “فادي 2” هو من عيار 302 ويصل مداه إلى 105 كلم.
وفي بيان ثانٍ، أعلن حزب الله أنه “في رد أولي على المجزرة الوحشيّة التي ارتكبها العدو الإسرائيلي في مختلف المناطق اللبنانية يومي الثلاثاء والأربعاء، قصفنا مجمّعات الصناعات العسكرية لشركة رفائيل المتخصّصة بالوسائل والتجهيزات الإلكترونية والواقعة في منطقة زوفولون شمال مدينة حيفا بعشرات الصواريخ من نوع فادي 1 وفادي 2 والكاتيوشا”.
وفي المقابل، أشار رئيس وزراء العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى “أننا نفضّل عدم الذهاب إلى حرب شاملة في التصعيد مع حزب الله ولكن يجب إبعاده”. ولفت رئيس الأركان الإسرائيلي، إلى “أننا كثفنا عملياتنا ضد حزب الله خلال الأيام الأخيرة وسنواصل ضرباتنا إذا لزم الأمر”. ونقلت إذاعة جيش العدو الإسرائيلي عن وزارة التعليم إعلانها عن “استمرار تعليق الدراسة في مستوطنات الشمال غدًا الاثنين تنفيذًا لتعليمات الجبهة الداخلية”.
وفي الضاحية الجنوبية لبيروت، واصلت فرق الدفاع المدني وكشافة الرسالة الإسلامية والهيئات الصحية والصليب الأحمر انتشال جثث الشهداء والمصابين ورفع الأنقاض من مكان الغارة المعادية، حيث دمّر المبنى المستهدف بشكل كلي وتضررت بعض المباني المجاورة بشكل جزئي، وتمّ العمل على إخلاء بعضها، وضرب الجيش طوقًا امنيًا حول المنطقة. وتمّ انتشال عائلة بكاملها استشهد أفرادها الأربعة من تحت أنقاض المبنى الذي استهدفه العدوان.
ويقوم أمين عام الهيئة العليا للإغاثة اللواء الركن محمد خير، بتوجيهات من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وبالتعاون مع بلديات الضاحية، بجولة تفقدية لمنطقة القائم في الضاحية الجنوبية يرافقه فريق فني للكشف والاطلاع على الأضرار وأوضاع المواطنين هناك. وأعلن الدفاع المدني، أن “الحصيلة الأخيرة للشهداء الذين تم انتشالهم من موقع المبنى الذي انهار في محلة الجاموس نتيجة العدوان الإسرائيلي ارتفعت الى 50 شهيداً بعد انتشال طفلين من تحت الأنقاض أما الجرحى فبلغ عددهم ٦٦ جريحاً. أما المفقودون لغاية الآن فيبلغ عددهم 11 مواطناً”.
وأشار نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في مراسم تشييع القائد الجهادي الكبير الشهيد إبراهيم عقيل في الضاحية الجنوبية الى أن “جبهة الإسناد في لبنان مستمرة إلى أن تتوقف الحرب على غزة ولن يعود سكان الشمال، بل سيزداد النزوح وسيتوسع الإسناد والحل “الاسرائيلي” يزيد مأزقهم فاذهبوا الى غزة واوقفوا الحرب، ولسنا بحاجة إلى إطلاق التهديدات ولن نحدد كيفية الرد على العدوان فلقد دخلنا في مرحلة جديدة عنوانها معركة الحساب المفتوح”.
وقال: ليلة أمس قدّمنا دفعة على الحساب في معركة الحساب المفتوح وراقبوا الميدان لينبئكم عن دفعات الحساب، نتابع جبهة الإسناد والمواجهة وبين الحين والآخر نقتلهم ونقاتلهم من حيث يحتسبون ومن حيث لا يحتسبون.
وفي سياق التحقيقات، بدأ حزب الله تحقيقاته الداخلية للوقوف على أسباب الخرق وتتولى إيران من جهتها التحقيق في توريد أجهزة اللاسلكي، وهي أرسلت وفداً إلى بيروت مهمته كشف الخروق المتعددة في حزب الله. وكان القضاء العسكري باشر بجمع المعطيات الأمنية والفنية المتعلقة بتفجير أجهزة الـPagers، وأجهزة اللاسلكي فضلاً عن الأدلة حول الشركة المصنّعة للأجهزة.
وكانت إذاعة العدو أعلنت أنّ مصدرًا استخباريًّا موثوقًا نقل معلومة بشأن اجتماع قادة “فرقة الرضوان” ما جعل الجيش ينفذ عملية الاغتيال في الضاحية الجنوبية لبيروت.
الى ذلك يواصل لبنان الرسميّ، اتصالاته مع الأطراف الخارجيّة الدولية والغربية لوضع حدّ للتصعيد الإسرائيلي، وجدّد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي التزام لبنان بكل قرارات مجلس الأمن للتهدئة، وقال: “نسعى لوقف الحرب الإسرائيلية وتفادي الوقوع في المجهول ونداؤنا لكل الدول الصديقة للعمل على وقف إطلاق النار ومنع الانزلاق في الحرب”.
وقال: “أنا اقوم باتصالاتي ومشاوراتي مع اطياف المجتمع اللبناني للوصول الى السلام والاستقرار في لبنان وتجنيبه دخول الحرب، كما ونبحث إعادة تطبيق القرار 1701 كجزء من استقرار طويل المدى”، موضحاً أن “الدور الأساسي في تطبيق القرار 1701 هو للجيش اللبناني في حين ان دور قوات اليونيفيل هو دور مساند”.
والتقى وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب، خلال مشاركته في الأعمال التحضيرية للجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها التاسعة والسبعين في نيويورك، وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي. واتفق الوزيران، على “أهمية الاستفادة من اجتماعات الجمعية العامة لحشد دعم المجتمع الدولي للعمل على تجنب حرب واسعة، خاصة في ظل التصعيد الخطير الإسرائيلي وأحداث الأيام الأخيرة، وذلك يتمّ عبر وقف إطلاق النار في غزة، والوقف الفوري للأعمال العدوانية على لبنان”.
كذلك التقى بو حبيب وزير الخارجية النروج اسبين بارث، حيث أعربا عن “قلقهما الشديد من التصعيد المتدحرج، وضرورة العودة الى وقف إطلاق النار الشامل على كل الجبهات، ومعالجة اسباب الصراع”.
ووضع بو حبيب أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين، في أجواء جلسة مجلس الأمن الأخيرة حول لبنان ومواقف الدول الأعضاء في المجلس. وقد توافق الجانبان على “أهمية اعطاء أصوات الاعتدال والعقل فرصة بدلاً من ترك الساحة للمتطرفين، وأهمية وقف إطلاق النار في كل من لبنان وغزة”.
وتوافق المجتمعان، على “أهمية الانتخاب الفوري لرئيس الجمهورية نظراً للانعكاس السلبي للفراغ الرئاسي على التحديات التي يواجهها لبنان”.
هذا ويصل الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان لبيروت اليوم، بهدف متابعة تطوّرات الوضع اللبنان على المستويين السياسي والأمني، حيث سيلتقي رئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي وعدداً من القيادات السياسية ورؤساء الأحزاب والكتل النيابية. وتشير مصادر فرنسية إلى أن زيارة لودريان الى لبنان مهمة أكثر من أي وقت وتشير المصادر الى أن الرئيس ايمانويل ماكرون يعمل مع الأميركيين من أجل خفض التصعيد وإيجاد حل لما يجري بالدبلوماسية. وليس بعيداً ترى مصادر سياسية ان ما حصل في الايام الماضية على مستوى المجازر التي ارتكبتها “إسرائيل” الثلاثاء والاربعاء والجمعة فضلا عن تكثيف غاراتها في الجنوب يؤكد ان الاهتمام اليوم منصبّ على مستوى التهدئة وليس على الملف الرئاسي، مشيرة الى أن ما يجري من اتصالات في ما خص الملف الرئاسي سيبقى يدور في حلقة مفرغة طالما أن الحرب مستمرة.
الى ذلك يعقد هذا الأسبوع في باريس الاجتماع العسكري الدولي الذي يهدف إلى البحث في تعزيز تجهيزات الجيش اللبناني، بحضور ممثل عن قائد الجيش العماد جوزيف عون الذي لن يشارك في الاجتماع نظراً للظروف التي يمر بها لبنان جراء العدوان الإسرائيلي الذي استهدف الضاحية الجنوبية لبيروت الأسبوع الفائت.
ويعقد مجلس الوزراء جلسة عند الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم الاثنين في السراي الحكومي لمتابعة البحث في مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2025.
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :www.almanar.com.lb بتاريخ:2024-09-23 04:10:50
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي