الليالي الحارة ودرجات الحرارة القصوى قد تزيد خطر الإصابة بالسكتة الدماغية

حسب دراسة أُجريت مؤخرًا تبيّن أن خطر الإصابة بالسكتة الدماغية يرتبط بدرجات الحرارة وقد يتزايد أكثر ببلوغها درجاتها القصوى في الليالي الحارة. وأشارت دراسة جديدة إلى أن كبار السن وخاصة النساء هم الأكثر عرضة للإصابة بالسكتة الدماغية في الأجواء الحارة.

يمكن أن تؤثر الحرارة العالية سلبًا في عمل الجهاز القلبي الوعائي وتخلّ بنظامه فهي تعمل بمثابة عامل ضغط عميق ويتجاوز تأثيرها ذلك ليصل حتى للتدخل في كيفية تقلص الأوعية الدموية وتوسّعها.

لذا يُنصح -للتقليل من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية في هذه الأجواء- بشرب كميات كبيرة من الماء والحرص على تهوية المكان دائمًا واستخدام الدش والاستحمام بالمياه الباردة، إضافةً إلى ارتداء الملابس الباردة على الجذع وتبريد الجبهة.

ينوّه البحث بخطر الحرارة العالية ليلًا باعتبارها محفّزًا حرجًا وحساسًا لحدوث السكتة الدماغية في المناخ الحار.

تبحث دراسة جديدة في إحدى الطرق التي يكون بها ارتفاع درجات الحرارة ذا تأثير ضار ووخيم في صحة الإنسان.

وجد باحثو الدراسة أن خطر حدوث السكتات الدماغية يتزايد بنسبة 7٪؜ في الليالي الحارّة خاصة عند النساء المتقدمات في العمر. فقد أشار متوسط مقياس الحرارة لكل من سطح الأرض والمحيطات بين عاميّ 2011 و 2020 إلى اعتباره العقد الأشد حرارة من غيره على مستوى العالم، متخطيًا الرقم القياسي للعقد الماضي بين عامي 2001 و 2010.

يشير مؤلفة الدراسة بإلحاح إلى ضرورة فهم تشعبّات اشتداد الحرارة وتغيّر المناخ وعواقبه أكثر على عافية الإنسان.

حلل الباحثون في الدراسة الجديدة بيانات لمرضى من مشفى أوغسبورغ في ألمانيا على امتداد 15 عامًا، فوجدوا أنه شُخّص 11037 حالة سكتة دماغية بين عاميّ 2006 و 2020 من أيار إلى تشرين الأول باعتبارها الأشهر الأكثر حرارة وكان متوسط عمر المرضى 71.3.

كانت السكتات الدماغية الإقفارية النوع الأكثر شيوعًا من بين السكتات الدماغية المسجلة في الدراسة وقد بلغت 7430 حالة بالإضافة إلى 642 سكتة دماغية نزفية و2947 نوبة إقفارية عابرة، اعتُبرَت معظم السكتات الدماغية التي شملت عليها الدراسة سكتات دماغية غير خطيرة أو متوسطة الوخامة بنسبة 85٪؜.

يعد انسداد الأوعية الدموية المسبب الأساسي لحدوث السكتة الدماغية، أما بالنسبة للسكتات الدماغية النزفية فتحدث عندما تتمزّق الأوعية الدموية وتنقطع أو عندما يصل التمزق لحد الفتق وانفتاح الوعاء، وبالنسبة للسكتات الدماغية الإنذارية أو التحذيرية أو النوبات الإقفارية العابرة فتحدث نتيجة انسداد مؤقت في الأوعية الدموية، أي تشبه السكتات الدماغية لكن من دون أعراض دائمة.

ومن أجل تقدير مدى ارتباط السكتات الدماغية بالليالي الأشد حرًا، حلل الباحثون البيانات من محطة الأرصاد الجوية المحلية التي تسجل الظروف الجوية على مدار الساعة بما فيها درجة الحرارة والرطوبة النسبية والضغط الجوي، إضافةً إلى التحكم بدرجات الحرارة وضح النهار لتقليل آثارها في إحداث السكتات الدماغية في الليل.

رصدوا زيادة طفيفة في عدد السكتات الدماغية التي تحدث في الليالي الحارة من عام 2013 إلى عام 2020 مقارنةً بالفترة الزمنية من عام 2006 إلى عام 2012 الفترة التي كانت فيها درجات الحرارة أكثر اعتدالًا وبرودةً.

وكان أكثر الأشخاص سريعي التأثر في الحرارة الليلية كبار السن وخاصة النساء والأشخاص الذين يعانون من أعراض السكتة الدماغية الخفيفة.

قال المدير العام لمركز سادلباك في كاليفورنيا طبيب القلب تشينغ هان تشين، الذي لم يشارك في الدراسة: «إن النتائج مثيرة للقلق لكنها غير مفاجئة حتى الآن. فبناءً على دراسات سابقة أصبح لدينا معرفة جيدة بمدى تأثير درجات الحرارة العالية عمومًا في زيادة التسبب بحدوث حالات قلبية وعائية مثل النوبات القلبية والسكتات الدماغية».

وأشار إلى أن مؤلفي الدراسة يعتمدون تحليلًا إحصائيًا سليمًا وقويًا امتد لسنوات عديدة، لذا يشغل اهتمامًا كبيرًا للدراسة من هذا المنحى.

كانت الطبيبة جين مورغان أكثر تحفظًا وحذرًا إلى حدٍ ما فيما يتعلق بنتائج الدراسة ولم تشارك فيها أيضًا، وهي طبيبة قلبية والمديرة التنفيذية للتعليم الصحي والمجتمعي في شركة بيدمونت للرعاية الطبية في أتلانتا، جورجيا.

في حين وافقت مورغان على فكرة عدم التفاجئ من وجود علاقة متبادلة ومماثلة بين الظروف الجوية الشديدة الحرارة والسكتات الدماغية طالما هناك ما يثبت علاقة الحرارة المرتفعة بتزايد حدوث النوبات القلبية، وحذّرت قائلة: «ومع ذلك تظل العلاقة السببية مفقودة»، وأضافت: «من غير الواضح ما إذا كان الاستقراء بذلك ممكنًا مع التنوع والاختلاف حول العالم لاسيّما أن هؤلاء السكان متشابهون بالصفات للغاية».

وتنبّه مورغان على صعوبة تحديد مسببات السكتة الدماغية للأشخاص المشمولين في الدراسة لاسيّما أن متوسط أعمارهم في حدود 70 عامًا، فقد تكون مرتبطة بالعمر أكثر من كونها مرتبطة بالحرارة بالإضافة إلى أن كونهم كبارًا في السن فهم غير محصنين ومحاطون بعوامل الخطر وأكثر عرضة له.

وتضيف في الختام: «كان ربع المشاركين في هذه الدراسة تقريبًا لهم خصائص فردية غير معروفة فعليًا، ولم تُجر لهم أي تحليلات فرعية».

ما السبب وراء قدرة الحرارة على زيادة خطر حدوث السكتات الدماغية؟

يفسر تشين: «إن الجهاز القلبي الوعائي جزء رئيسي ومهم جدًا في تنظيمنا الحراري والتحكم بدرجة حرارة أجسامنا، لذا عندما تترفع درجة حرارة أجسامنا كثيرًا يحدث تداخل وتضارب مع وظيفة الجهاز القلبي الوعائي في تنظيم الحرارة ما يجعله تحت ضغط كبير وغير مستقر».

تشير مورغان إلى أن التجفاف الذي يعقب ارتفاع درجة حرارتنا بإمكانه أن يضغط على القلب والجسم، وكذلك قد يحدث اختلال في توازن الكهارل نتيجة التعرّق المفرط.

يقول تشين : «إن قدرة الأوعية الدموية في التقلص والتوسع تتأثر أيضًا في الحرارة وقد تطول تأثيراتها للتسبب بأمراض القلب والأوعية الدموية مثل النوبات القلبية والسكتات الدماغية».

ونتيجةً لذلك توضح مورغان: «مدى خطورة الحرارة الشديدة علينا، فهي تعد عامل ضغط مهم قد تسبب ارتفاع الضغط وكذلك قد تزيد خطر حدوث الخثورية، وتضيف محذّرة فيما يخص الذين يملكون تاريخًا مرضيًا سابقًا بأمراض القلب بأنهم الأكثر استعدادًا لذلك من غيرهم على وجه الخصوص».

ما سبل الوقاية من السكتة الدماغية في الطقس الحار؟

شدد الطبيبان تشين ومورغان على ضرورة الحفاظ على إماهة الجسم ورطوبته في الليالي الحارة وفي أثناء النهار.

ويؤكد تشين على ضرورة شرب الماء بكميات كبيرة قبل النوم. ويوصي أيضًا بتهوية غرفة النوم وتجددها باستمرار قدر الإمكان وترك النوافذ مفتوحة ليبقى الهواء يتحرّك داخلها حتى لو كان دافئًا فبإمكانه المساعدة في تبخّر العرق ويؤكد تشين ذلك بقوله: «التبخّر يبرّد الجسم».

وتقترح مورغان من أجل خفض درجة حرارة الجسم الحمامات والاغتسال بمياه باردة وارتداء ملابس مبللة وباردة على الرقبة والجبهة والجذع.

عبّرت مورغان عن قلقها ومخاوفها حيال مدى تأثير المناخ في صحة القلب والأوعية الدموية وإلى أيّ مدى قد يكون مدمرًا ومهلكًا.

وأضافت: «يحمل الجو خطرًا آخر قد يؤثر بدوره أيضًا في جهاز القلب فهناك التلوث وزيادة الجسيمات المادية في الهواء التي ربما تدخل إلى الرئتين ومجرى الدم فتؤثر سلبًا في أنسجة القلب السليمة».

اقرأ أيضًا:

السكتة الدماغية عند الأطفال: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

النساء أكثر عرضة للإصابة بالسكتة الدماغية كلما ازدادت حالات الإجهاض لديهن

ترجمة: رغد شاهين

تدقيق: لين الشيخ عبيد

المصدر

JOIN US AND FOLO

Telegram

Whatsapp channel

Nabd

Twitter

GOOGLE NEWS

tiktok

Facebook

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :www.ibelieveinsci.com بتاريخ:2024-07-18 00:23:47
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

Exit mobile version