ترامب يختار لمنصب وزير الخارجية سيناتورا طالب بفرض عقوبات على الجزائر

مدار نيوز \

يثير اختيار الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، لماركو روبيو وزيرا للخارجية، جدلا في الجزائر، بسبب مواقف الأخير المطالبة بفرض عقوبات على البلاد، خلال بداية الحرب الروسية الأوكرانية، بناء على معلومات غير دقيقة.

ووفق ما تأكد رسميا، فقد اختير روبيو ليترأس الدبلوماسية الأمريكية، وهو أبرز حلفاء ترامب ومسانديه خلال الرئاسيات الأخيرة. وتردد اسم روبيو باستمرار على مدار الأسبوع الماضي كواحد من المرشحين الأوفر حظا لقيادة الخارجية الأمريكية، إلى جانب السفير السابق لدى ألمانيا ريك غرينيل. ويمثل منصبا وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي ركيزة أساسية في صنع وتنفيذ السياسة الخارجية للولايات المتحدة. وعادةً ما تُجرى منافسات قوية على هذه المناصب بعد كل انتخابات رئاسية.

روبيو المولود في مدينة ميامي لأبوين مهاجرين من كوبا، معروف بمواقفه المتشددة، حيث انتُخب عام 2010 عضوا في مجلس الشيوخ الأمريكي بدعم من حزب الشاي الذي يضم جمهوريين متطرفين عادوا واندمجوا مع الحزب الجمهوري في أعقاب انتخاب باراك أوباما رئيسا.

وخلال شغله منصب نائب رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي، سمع الجزائريون بمارك روبيو من خلال رسالة شهيرة وجهها لوزير خارجية بلاده أنطوني بلينكن في 16 أيلول/ سبتمبر 2022، يدعوه فيها لفرض عقوبات على الجزائر، على خلفية الحرب الروسية- الأوكرانية.

وقال هذا السيناتور عن ولاية فلوريدا في رسالته، إنه يشعر “بقلق بالغ فيما يتعلق بالمشتريات الدفاعية الجارية بين الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية والاتحاد الروسي”، زاعما أن شراء السلاح الروسي يدعم موسكو في زعزعة الاستقرار، لأنه سيؤدي إلى زيادة تمكين آلة الحرب الروسية في أوكرانيا، وفق زعمه.

واعتبر روبيو الذي يوصف بأنه مقرب من اللوبي الصهيوني، أن “الجزائر من بين أكبر أربعة مشترين للأسلحة الروسية في جميع أنحاء العالم، وبلغت ذروتها بصفقة أسلحة قيمتها 7 مليارات دولار في عام 2021”.

وأدت تلك الرسالة لتأويلات كثيرة، خاصة أنها تزامنت في ذلك الوقت مع لقاء أجراه رئيس أركان الجيش، الفريق أول السعيد شنقريحة مع السفيرة الأمريكية بالجزائر، والذي لم يفصح عن مضمون ما دار فيه خارج الإشارات الدبلوماسية المعتادة حول التعاون بين البلدين.

وفتحت هذه المطالبة غير المسبوقة في تاريخ العلاقات بين البلدين، الباب لأعضاء آخرين متطرفين من الحزب الجمهوري لاتهام الجزائر. وبعدها بنحو 3 أسابيع، قادت السيناتورة الأمريكية ليزا ماكلين، حملة داخل الكونغرس بدعم من 27 نائبا آخرين، لدفع وزير الخارجية الأمريكي، من أجل فرض عقوبات على الجزائر، بزعم أنها تدعم نظام موسكو عبر مواصلة شرائها للسلاح من روسيا.

وبعد أن كررت هذه السيناتورة نفس ما قاله روبيو، أنهت رسالتها بطلب واضح موجه لبلينكن للبدء فورا في تنفيذ “عقوبات كبيرة على أولئك الموجودين في الحكومة الجزائرية المتورطين في شراء الأسلحة الروسية”، لأن “الولايات المتحدة تحتاج إلى إرسال رسالة واضحة إلى العالم مفادها أنه لن يتم التسامح مع دعم فلاديمير بوتين، وجهود الحرب البربرية لنظامه”.

واستندت المطالبات بمعاقبة الجزائر على القانون الذي أقره الكونغرس في عام 2017 المعروف بـ(CAATSA)، والذي يوجّه رئيس الولايات المتحدة لفرض عقوبات على الأفراد الذين ينخرطون عن علم في صفقة مهمة مع شخص يمثل جزءا من أو يعمل لصالح أو نيابة عن قطاعي الدفاع أو الاستخبارات في حكومة الاتحاد الروسي. وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد فوّض وزير خارجيته لتطبيق القانون بالتشاور مع وزير الخزانة.

واللافت أن المعلومات التي استند عليها روبيو وباقي السيناتورات في الدعوة لمعاقبة الجزائر كانت غير صحيحة. فقد استغرب المحلل الجزائري المختص في الشأن العسكري، أكرم خريف، في حديثه لـ”القدس العربي”، تكرار حديث السيناتورات عن صفقة بـ7 مليارات دولار سنة 2021، رغم أن الجزائر لم يسبق لها التوقيع مع روسيا على طلبية أسلحة بهذا الحجم.

ويؤكد خريف أن استيراد الجزائر للسلاح الروسي يكون غالبا في صفقات من 5 سنوات، ويتم التسديد حسب مستوى وصول الطلبية، لذلك لا يوجد رقم ثابت لحجم ما تدفعه الجزائر سنويا لروسيا. لكن المتوسط السنوي يتراوح ما بين مليار وملياريْ دولار ولا يزيد عن ذلك، ولا يمكن أبدا أن يصل لـ7 مليارات دولار كما يدعيه النواب الأمريكيون.

وفي نفس السياق، أكدت مجلة جون أفريك الفرنسية، أن الجزائر وموسكو لم توقّعا في عام 2021، أي عقد أسلحة بقيمة 7 مليارات دولار. وبحسب نفس المصدر، فقد بلغ إجمالي صادرات الأسلحة من روسيا إلى الجزائر العام الماضي 985 مليون دولار، و2 مليار دولار سنة 2020، وفقا لتقرير صادر عن دائرة الجمارك الفيدرالية الروسية تم الإعلان عنه في أيلول/ سبتمبر 2021.

وتعاملت السلطات الجزائرية مع هذا الموضوع بتجاهل، حيث لم يصدر عنها أي تعليق، خاصة أن الجزائر ظلت منذ الاستقلال تعتمد في تسليحها على السلاح الروسي حتى في فترة الحرب الباردة، ولم يمنعها ذلك من إقامة علاقات جيدة مع الولايات المتحدة.

وخلال الفترة الأولى التي تولى فيها ترامب الرئاسة، ظلت العلاقات بين الجزائر والولايات المتحدة طبيعية، باستثناء أواخر أيام الرئيس الأمريكي التي أعلن فيها في إطار صفقة أبراهام الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، وهو ما عارضته الجزائر بشدة باعتبارها تدعم حق تقرير مصير الصحراويين.

وبعد انتخاب ترامب لولاية ثانية، وجّه له الرئيس تبون رسالة ذكّر فيها بعمق علاقات الصداقة التاريخية التي تجمع الجزائر والولايات المتحدة، مشيدا بالديناميكية الإيجابية التي تشهدها الشراكة الثنائية في شتى المجالات، مُعربا في نفس الوقت عزمه على “العمل معكم من أجل ترقيتها إلى آفاق أرحب، بما يخدم مصالح البلدين المشتركة”.

وأضاف الرئيس الجزائري: “لا يفوتني في هذا المقام، أن أنوه بجهودنا الثنائية في المحافل الدولية وبحرصنا الدائم على تكثيف التشاور والتنسيق حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، والمرافعة لصالح المبادرات الساعية إلى الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، باعتبار بلدي عضوا غير دائم في مجلس الأمن الأممي”.

واستقبل متابعون في الجزائر تعيين روبيو بشيء من التوجس، مع التأكيد في الوقت ذاته على أن وزير الخارجية سيكون مختلفا تماما عن السيناتور، حيث سيفرض عليه المنصب منطق الدولة في التعامل، ناهيك عن أن اهتمامات ترامب تبدو منصبة على الصين فيما يخص أولوياته في السياسة الخارجية.

JOIN US AND FOLO

Telegram

Whatsapp channel

Nabd

Twitter

GOOGLE NEWS

tiktok

Facebook

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :madar.news
بتاريخ:2024-11-14 15:11:00
الكاتب:علي دراغمة

ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

Exit mobile version