مدار نيوز \
أكد مسؤولون أمنيون إسرائيليون أن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، أفشل المفاوضات حول صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس، منذ مطلع العام الجاري، وأنه استند في ذلك إلى معلومات استخباراتية حساسة وسرية، واستخدمها بشكل تضليلي، وفق ما نقلت عنهم صحيفة “هآرتس” اليوم، الأربعاء.
في أعقاب استئناف المفاوضات، في منتصف كانون الثاني/ يناير الماضي، كانت إستراتيجية طاقم المفاوضات الإسرائيلي، التي صادق عليها كابينيت الحرب، عدم التحدث مع الوسطاء حول المبادئ التي تحدد عدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيحررون مقابل أي رهينة إسرائيلية، معتبرين أن هذه قضية من شأنها أن تفشل المفاوضات، وأنه ينبغي إنشاء الظروف الملائمة للتفاوض حولها.
إلا أن نتنياهو بدأ، بشكل مناقض لقرار كابينيت الحرب، بتسريب معلومات إلى صحافيين حول موضوع تحرير الأسرى الفلسطينيين وطرح مواقف مشددة، من دون التداول حولها في الكابينيت. واتهم طاقم المفاوضات نتنياهو بأنه يُنشئ معارضة للصفقة لدى الجمهور.
وفي 17 كانون الثاني/ يناير، منح كابينيت الحرب تفويضا لطاقم المفاوضات حول المواضيع التي بإمكان رئيس الموساد، دافيد برنياع، التحدث عنها خلال “قمة باريس”، بين إسرائيل والوسطاء، والنقاط التي بإمكانه تقديم تنازلات فيها. لكن في ختام مداولات الكابينيت، قرر نتنياهو تشديد الموقف الإسرائيلي وألغى القرارات التي اتخذها الكابينيت من دون التشاور مع أعضائه.
واجتمع برنياع مع الوسطاء في باريس، في 28 كانون الثاني/ يناير، في إطار تقدم في المحادثات. ولدى عودة برنياع إلى إسرائيل، أصدر نتنياهو خمسة بيانات صحافية تحدث فيها عن خلافات في المحادثات. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين قولهم إن نتنياهو استخدم في البيانات التي أصدرها المضامين التي جرى التداول حولها في اجتماعات أمنية مغلقة وتحدثت عن مواقف الأطراف وحيز ليونتهم في المفاوضات، كما ذكر تفاصيل من شأنها أن تتسبب بالتراجع عن تفاهمات جرى التوصل إليها في “قمة باريس”.
وقال نتنياهو في أحد البيانات إن “التقارير حول الصفقة ليست صحيحة وتشمل شروطا ليست مقبولة على إسرائيل. مستمرون حتى الانتصار المطلق”. وأضاف في خطاب في الكلية العسكرية في مستوطنة “عيلي” قائلا “أنني أسمع أقوالا حول صفقات متنوعة، ولذا أريد أن أوضح. لن نسحب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة ولن نحرر آلاف المخربين”.
وخلال شباط/ فبراير الماضي، سمح نتنياهو لطاقم المفاوضات بالسفر لإجراء محادثات مع الوسطاء، لكنه حظر على الطاقم أن يعبر عن موقف وأن يطرح مقترحات، وإنما بالاستماع للوسطاء فقط. وفي 6 شباط/ فيراير، أصدرت حماس بيانا جاء فيه إن الحركة تعاملت مع مقترح الصفقة المطروح “بروح إيجابية”، فيما أصدر نتنياهو بيانا اعتبر فيه أن “رد حماس يعني رفض الصفقة. لا نعتزم وقف الحرب”. وذكرت القناة 13 أن نتنياهو أوعز للوزراء بمهاجمة الصفقة.
وفيما تواصلت المفاوضات، سرب نتنياهو لصحافيين أنه إذا لم تلين حماس موقفها فإن إسرائيل ستتوقف عن التفاوض. وبعد ذلك سمح لطاقم المفاوضات بالتوجه إلى القاهرة، لكن ضم إلى الطاقم مستشاره الشخصي، أوفير فيلك. وقال مقربون منه إن “نتنياهو يريد التيقن من أن رئيس الموساد لا يتجاوز صلاحياته”. وبعد ذلك طلب نتنياهو عدم إيفاد طاقم المفاوضات إلى محادثات أخرى مع الوسطاء، خلافا لموقف رئيس الشاباك، رونين بار.
في بداية نيسان/أبريل الماضي، كانت إسرائيل وحماس قريبتان من صفقة، وفي حينه أعلن الجيش الإسرائيلي عن انتهاء عمليته العسكرية الواسعة في خانيونس وانسحاب قواته منها، حسب الصحيفة.
في حينه، وبسبب معارضته لأي صفقة، قرر رئيس حزب الصهيونية الدينية ووزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، عقد “مداولات طارئة” لحزبه، وفي اليوم نفسه دعاه نتنياهو إلى محادثة شخصية بينهما. وبعد المحادثة أعلن نتنياهو أن “الانتصار في الحرب يستوجب الدخول إلى رفح وتصفية كتائب حماس هناك”. وامتنع نتنياهو في الأيام التالية عن عقد اجتماعات لكابينيت الحرب، رغم أنه طرأ تقدما ملحوظا في المحادثات حول صفقة.
وقال مصدر رفيع في طاقم المفاوضات للقناة 12، في 11 نيسان/ أبريل، إن نتنياهو اعتاد على الالتفاف على كابينيت الحرب بعد مصادقة الكابينيت على التفويض الممنوح لطاقم المفاوضات. وأضاف أنه “لا أدري إذا كنا من دون وجود نتنياهو سنتوصل إلى صفقة، لكن بإمكاني القول إن احتمالات الصفقة ستكون مرتفعة جدا. ومنذ كانون الأول/ ديسمبر نحن لا نجري مفاوضات. وهذا يتكرر: نحصل على تفويض في النهار، وبعد ذلك يجري رئيس الحكومة محادثات هاتفية في الليل، ويوعز بأن ’لا تقولوا هذا’، ’لا أصادق على هذا’، وهو يلتف بهذا الشكل على رؤساء الطاقم وعلى كابينيت الحرب أيضا”.
وقرر كابينيت الحرب، في 25 نيسان/ أبريل، عدم الإعلان عن الحد الأدنى للرهائن الذي ستوافق إسرائيل عليه في صفقة. ووُصف القرار بأنه سري، لأن تسريبه سيدفع حماس إلى ذكر العدد الأدنى وليس الأعلى. ووافق نتنياهو مضطرا على القرار بسبب إجماع أعضاء الكابينيت عليه.
إلا أن نتنياهو التقى في اليوم نفسه مع سموتريتش وأبلغه بالقرار السري، وإثر ذلك سرب سموتريتش المعلومة بشكل مزيف إلى الوزراء ووسائل الإعلام، بحسب الصحيفة. وقال سموتريتش في بيان إن “الموافقة على الصفقة ستكون استسلاما مهينا. وإذا قررت رفع راية بيضاء لن يكون هناك لحكومة برئاستك حق بالوجود”.
إثر ذلك، أعلن نتنياهو أن إسرائيل ستدخل إلى رفح ولن توافق على وقف الحرب، الأمر الذي دفع حماس إلى الابتعاد عن المفاوضات. كذلك أبلغ الطاقم بالتراجع عما تم الاتفاق عليه في كابينيت الحرب وألغى التفويض الممنوح للطاقم، الذي قال إن المقترح قد نُقل إلى الوسطاء. وبعد ذلك كرر نتنياهو الإعلان عن رفضه إنهاء الحرب بدون أن تحقق الأهداف التي وضعها.
أشارت تقديرات الاستخبارات الإسرائيلية، في بداية أيار/ مايو، إلى أن رد حماس على مقترح الصفقة المطروح سيكون إيجابيا. لكن نتنياهو يقترح خلال اجتماع الكابينيت، في 2 أيار/ مايو، الإيعاز للجيش فورا بالتوغل في رفح، وسط معارضة جميع المشاركين في اجتماع الكابينيت، وتم رفض الاقتراح بالتوغل.
لكن بعد يومين، أصدر نتنياهو بيانا باسم “مسؤول سياسي”، جاء فيه أن “إسرائيل لن توافق بأي شكل من الأشكال على إنهاء الحرب كجزء من اتفاق تحرير المخطوفين. والجيش الإسرائيلي سيدخل رفح سواء ستكون هناك هدنة مؤقتة لتحرير المخطوفين أو لن تكون”.
والاعتقاد السائد في كابينيت الحرب كان أن هذا البيان هو السبب المركزي لفشل المحادثات. ومنع نتنياهو طاقم المفاوضات من التوجه إلى جولة محادثات أخرى في القاهرة، من دون اطلاع الكابينيت. وفي اليوم التالي طرح نتنياهو قانون حظر بث قناة الجزيرة، رغم أن المفاوضات جارية بقيادة قطر.
وسلمت إسرائيل الوسطاء مقترحا جديدا لصفقة، فيما رفض نتنياهو استعراضه. إلا أن الرئيس الأميركي، جو بايدن، استعرض المقترح الإسرائيلي في خطاب ألقاه في الأول من حزيران/ يونيو. وهذا المقترح ذاته الذي تجري محادثات حوله بين إسرائيل والوسطاء.
وبعد خطاب بايدن، سارع نتنياهو إلى إصدار عدة بيانات بهدف عرقلة تقدم الاتصالات، وقال فيها إن “شروط إسرائيل لإنهاء الحرب لم تتغير، وهي تشمل القضاء على قدرات حماس العسكرية والسلطوية. ولن يكون هناك وقف إطلاق نار قبل إنجازها”. وفي موازاة ذلك، أرسل مقربون من نتنياهو بيانات إلى صحافيين، جاء فيها: “احتمال ضئيل لصفقة، نتجه إلى طريق مسدود”.
وقال نتنياهو في خطاب في الكنيست، في 23 حزيران/ يونيو، إنه “مستعد لصفقة تعيد قسما من المخطوفين، لكني ملتزم باستمرار الحرب”، ما يعني أن إسرائيل لا تعتزم تطبيق المقترح الذي استعرضه بايدن، الأمر الذي أبعد حماس عن قبول المقترح.
وقالت مصادر ضالعة في تفاصيل المفاوضات إن أقوال نتنياهو منعت الصفقة. وأضافت المصادر أن “نتنياهو أوضح اليوم أنه ليس معنيا بتحرير جميع المخطوفين وليس مستعدا لتزويد المقابل الذي تطالب به حماس. وفي وضع كهذا، لن يكون السنوار معنيا بدفع صفقة”.
وتعالت خلال الأسبوع الأخير من حزيران/ يونيو تقديرات بأن تقدما حاصلا في مواقف الأطراف نحو اتفاق على صفقة. ووفقا للصحيفة، فإن مضمون هذه التقديرات معروف لنتنياهو وطاقم المفاوضات فقط، ولم يعلم بها أي من أعضاء الكابينيت. ورغم ذلك، قال سموتريتش لاحقا، إنه “لن أستغرب إذا رد السنوار فجأة بالإيجاب على المقترح الذي تلقاه، لأنه في حالة ذعر ويدرك أننا قريبون من الانتصار”.
في أعقاب ذلك، اتهم مسؤولون في جهاز الأمن الإسرائيلي نتنياهو بأنه أطلع سموتريتش على التقديرات السرية. وعندما جاء رد حماس الإيجابي، وصفه طاقم المفاوضات بأنه “أفضل رد تلقيناه”. لكن قبل نشر رد حماس، سارع مكتب نتنياهو إلى إصدار بيان جاء فيه باسم “مسؤول سياسي رفيع” أن “حماس تستمر في الإصرار على بند مبدئي في المقترح. وهناك فجوات أخرى لم يتم إغلاقها. وإسرائيل ستستمر في المفاوضات من خلال مواصلة الضغط العسكري”. وأشارت الصحيفة إلى أن هذا البيان يتناقض بالكامل مع موقف طاقم المفاوضات.
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :madar.news
بتاريخ:2024-07-10 17:14:56
الكاتب:علي دراغمة
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
JOIN US AND FOLO