ثينك تانك.. ما هو واقع النظام العالمي الحالي؟

العالم – ثينك تانك

وبين إيران والولايات المتحدة، علاقة لها تعقيداتها ومحاورها العديدة.. ملفات النووي وخارطة السياسة الإقليمية تحدد طبيعة العلاقة بين طهران وواشنطن .

لم تغب طموحات ترسيخ نظام جديد عن رقعة الشطرنج الخاصة بالسياق الدولي، رغم أن الساحة العالمية عاشت طوال العقود الثلاثة الماضية أحادية قطبية أميركية، بما فيها من عوامل إيجابية وسلبية بنظر الكثيرين.

لكن الكيانات التي أنتجتها الأحادية القطبية، سواء كانت متماهية مع خطط واشنطن كمجموعة السبع، أو مناهضة لها كمنظمة شانغهاي ومجموعة بريكس، هذه الكيانات هي التي ستكون الواجهة في عملية تغير النظام العالمي.

فهل بدأت ملامح النظام العالمي تتغير بالفعل، أم أن عملية التحول من الأحادية القطبية إلى تعددية تمنح المساحة الكافية لباقي الدول، ما تزال تحتاج خطوات وتجارب سياسية واقصادية وحتى عسكرية؟

ما يتفق عليه الباحثون في مراكز الدراسات ومنها معهد كارنيغي للسلام هو أن حالة من الأسف نتجت عن تآكل النظام الدولي القائم على القواعد.

هذا ترك أسئلة صعبة دون إجابة، لاسيما حول قواعد هذا النظام، والمجالات التي تغطيها، ونطاقها وعمقها؟ وأين تحتاج إلى التحديث، أو التخلص منها.. أو إنشائها من جديد؟

معهد كارنيغي يعتبر انطلاقا من هذه الفكرة أن تلك الحقبة المفعمة بالأمل قد انتهت، أو على الأقل توقفت مؤقتا.

فالتنافس الجيوسياسي والاقتصادي المتزايد أوجد خللا وظيفيا عالميا.. وهذا أدى إلى تراجع الالتزام بالمؤسسات المتعددة الأطراف، ما عقد بدوره التعاون في مواجهة التحديات العابرة للحدود.

من هنا يبدو أن القلق أصبح أكبر من شقوق عالمية نتيجة غياب التعاون تمتد اليوم على طول الخطوط بين الشمال والجنوب وكذلك بين الشرق والغرب.

هنا يسأل معهد كارنيغي.. هل الأمل بنظام عالمي متجدد وقائم على القواعد ما يزال موجودا؟

من أجل ظهور هذا النظام الجديد هناك قواعد يجب أن تحضر بشكل ملزم.. بداية من قواعد تعزيز الاستقرار الأساسي والتعايش السلمي، إلى قواعد تسهيل التبادل الاقتصادي والازدهار، مرورا بقواعد تعزيز التعاون لمواجهة تحديات تغير المناخ، وتنظيم التكنولوجيا المتطورة وغيرها، وصولا إلى قواعد ترسيخ القيم الليبرالية كما يسميها كارنيغي.

في المقابل يعتبر المعهد أن جودة النظام العالمي تباينت بشكل كبير بمرور الزمان، بعد ظهوره عقب الحرب العالمية الثانية، وهذه المرحلة شهدت وفرة من المنظمات والأطر والمعاهدات الدولية، لاسيما بعد الحرب الباردة.

السؤال الثاني الذي يطرحه كارنيغي هو ما إذا كانت القوى الطامحة لتغيير النظام العالمي تريد تحويله بشكل كامل أم مجرد هندسة تغييرات تدريجية في الحكم داخله.

ربطا بهذا السؤال، فإن معظم الأنظمة العالمية كانت نتاجا لخطة التعددية القطبية.. لكن النظام الدولي الذي نشأ بالفعل من الحرب العالمية الثانية انحرف بطرق مهمة وبشكل واضح عن هذا المخطط

كما ذكر معهد كارنيغي، فإن المنظمات والتكتلات العالمية ستكون واجهة التغيير في النظام العالمي.

ماذا إذن عن التنافس بين هذه المنظمات، لاسيما مجموعتي العشرين وبريكس؟ هذا ما تطرق إليه تقرير معهد مونتين بعنوان مجموعة بريكس بلاس ومجموعة العشرين والنظام العالمي الجديد.

الحدث المميز في قمة بريكس الأخيرة كان قرار توسيع عضويتها وانضمام ست دول جديدة منها إيران.

في الجهة الأخرى حدث مميز أيضا تمثل بقرار مجموعة العشرين توسيع عضويتها وانضمام الاتحاد الأفريقي إليها.

هناك من قلل من شان وأهمية توسيع عضوية بريكس، وهذا ينطوي على خطر سوء فهم للوضع القائم بحسب التقرير.. حيث تظهر رغبة في التحرر من الهيمنة الغربية على المؤسسات الدولية، إضافة إلى استياء عميق تجاه القوى الاستعمارية أو ‘الإمبريالية’ السابقة مثل الولايات المتحدة.

القوى المنافسة للغرب لعبت على هذا الخط، لاسيما الصين التي أصبح وجودها في أي تكتل عامل جذب رئيسي للراغبين في الانضمام إليه.

بناء على كل هذا، هل يمكننا القول إن عملية نزع التغريب عن العالم قد بدأت بالفعل كما في قمة بريكس؟

الحذر واجب للإجابة عن السؤال هذا بحسب معهد مونتين الذي اعتبر أن هناك بالفعل نفوذا متزايدا، للجنوب العالمي، وللقوى المتوسطة، التي هي محط أنظار كل من الولايات المتحدة والصين.

وهذا النفوذ المتزايد لدول الجنوب بدأ يقلق الغرب.. حيث يبدو الآن أن بلدان الشمال العالمي أدركت مدى التغيرات الجارية.. وبالتالي بدأت تتحرك لمواجهة تبعات هذه المتغيرات، لذلك كان الإعلان من منبر مجموعة العشرين عن مشروع الممر الاقتصادي الذي قد يجمع المختصون على أنه سيكون المنافس الرئيسي والأقوى لمبادرة الحزام والطريق الصينية.

ثوابت ومتغيرات حكمت العلاقة بين إيران والولايات المتحدة، لاسيما بالنسبة لواشنطن التي لعبت على خطوط مصالح الأمن القومي الثابتة لديها من جهة، ومصالحها المتغيرة وفقا لتطورات الساحة الإقليمية من جهة أخرى

أما إيران فاعتمدت استراتيجية ثابتة تجاه واشنطن، لاسيما فيما يتعلق بحقوقها النووية، وأيضا طموحها في الوصول إلى قوة دفاعية قادرة على منحها القدرة في مواجهة التحديات الأمنية العديدة إقليميا ودوليا.

وبين ملفات النووي والعلاقة مع المنطقة، يحضر لاعبون إيجابيون وآخرون سلبيون في تحديد رؤية واشنطن وإداراتها المتعاقبة تجاه طهران.. فما هو الثابت والمتغير في العلاقة بين الولايات المتحدة وإيران؟

عوامل داخلية وخارجية تحكم استراتيجية الولايات المتحدة تجاه إيران.. لكن لدى إدارة بايدن قانون خاص واستراتيجية خاصة في هذا السياق بحسب معهد أبحاث السياسة الخارجية.

المعهد في تقرير له تحدث عن دلالات على تحرك أميركي من أجل احتواء الأزمة النووية مع إيران، يحتوي على احتمالات معينة للنجاح.

العوامل المحيطة بهذا التحرك تتعلق بالمنطقة حيث السياسات الجديدة لأطراف إقليمية لاسيما السعودية والكيان الإسرائيلي.

الأخير يعتبر مصدر قلق بالنسبة لواشنطن في سياق تعاطيها مع إيران.. حيث تتخوف الإدارة الأميركية من أي خطوة إسرائيلية متهورة، قد تكون اعتداء على مواقع للطاقة النووية السلمية الإيرانية، ما قد يجر المنطقة إلى حرب تجد الولايات المتحدة نفسها طرفا فيها، وهو آخر شيء تريده واشنطن.

إذن، ما تأمل إدارة بايدن بتحقيقه هو حل مؤقت على شكل صفقة شاملة مع إيران، رغم الردود غير المشجعة التي يمكن أن توجد على هذه الصفقة من قبل السعودية أو الكيان الإسرائيلي.

لكن هذا قد يبدو بعيدا بحسب معهد أبحاث السياسة الخارجية.. فالكيان الإسرائيلي يعيش أزمة سياسية كبرى نتيجة سياسات الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ الكيان.. هذه الأزمة قد تكون لها تأثيرات طويلة المدى على الأمن القومي الإسرائيلي.

في المقابل عامل آخر قد يحضر ليمنع مواصلة واشنطن لهذه الاستراتيجية.. المقصود هنا الانتخابات الرئاسية العام المقبل، إضافة إلى أولويات واشنطن المتمثلة بأوكرانيا والحرب التي ترعاها هناك ضد روسيا، ومنافسة الصين التي تمثل الخطر الأكبر بالنسبة للأميركي بحسب مراكز الدراسات واراء فريق الأمن القومي الخاص ببايدن.

مستقبل مسار العلاقات الإيرانية الأميركية، كان محور تقرير لمعهد ورلد بولتكس ريفيو.. في هذا التقرير إشارة إلى تعقيدات السياسات المحيطة بالاتفاق النووي لدى كل من واشنطن وطهران، وأيضا بسبب العلاقات المتوترة بين البلدين، لاسيما في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب

نتائج سياسة ترامب والتي أكملها بايدن أتت بنتائج عكسية بالنسبة لواشنطن.. في المقابل لعبت علاقات إيران مع روسيا ووقوف طهران إلى جانب موسكو في الحرب في أوكرانيا دورا في موقف واشنطن.. كما ساهم دعم إدارة بايدن لأعمال الشغب داخل إيران في تزايد الحذر الإيراني من نوايا واشنطن.

إلى جانب كل هذا، لم تمنح الحكومة الإيرانية إدارة بايدن إشارات تتعلق باستعداد لمعالجة ومناقشة الملفات الأخرى التي تحاول الولايات المتحدة فرضها على طاولة العلاقات مع طهران، والمقصود هنا القوة الدفاعية الإيرانية.

في المقابل يشير التقرير إلى الدور السعودي والإسرائيلي في أي صفقة محتملة بين واشنطن وطهران.. وحاليا فإن التقارب الإيران السعودي لا يمنع وجود عامل تخريبي إسرائيلي، إن كان بشأن اتفاق نووي دائم أو مؤقت، أو بشأن الاستفزازات التي يقوم بها الكيان الإسرائيلي ضد طهران والتي يمكن أن تفجر الأوضاع في أي لحظة، وتأخذها في مسار مغاير لمسار الرؤية الأميركية.

للمزيد إليكم الفيديو المرفق..

المصدر
الكاتب:
الموقع : www.alalam.ir
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-09-20 23:09:26
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

Exit mobile version