حاملة الطائرات الأمريكية ‘آيزنهاور’.. إلى مثواها الأخير!

العالم- الامريكيتان

داية الأحداث، كانت مع إعلان عملية (طوفان الأقصى) في السابع من أكتوبر 2023م؛ ففي اليوم التالي أرسلت واشنطن حاملة الطائرات آيزنهاور إلى شرق البحر الأبيض المتوسط؛ لتنضم إلى شقيقتها “جيرالد آر فورد”، ورافق “آيزنهاور” في رحلتها طراد الصواريخ الموجهة (يو إس إس مونتيري)، والمدمـرة حاملة الصواريخ الموجهة (يو إس إس ميتسشر)، ومثيلتها (يو إس إس توماس هودنر).

كان الهدف الأمريكي من هذه الخطوة ردع التصعيد المتوقع من دول وحركات المقاومة المساندة لفلسطين وغزة، بحسب تصريح مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، الذي زعم على نحو واضح وفـج: إن نشر السفن الحربية يشير إلى “التزام واشنطن الحازم بأمن “إسرائيل” وتصميمنا على ردع أية دولة أو جهة غير حكومية تسعى إلى تصعيد هذه الحرب”.

كانت أعين البيت الأبيض على إيران وحزب الله بالدرجة الأولى، إلا أن دخول جبهة اليمن إسنادا لفلسطين بعد 25 يوما من العدوان الوحشي الإسرائيلي على غزة، شكل مفاجأة للعدو الأمريكي والإسرائيلي، وحين تصاعدت العمليات اليمنية في البحر الأحمر، أدرك الأمريكي -الذي تولى المعركة بالنيابة عن الكيان الصهيوني- أن اليمنيين لا يمزحون، وهكذا صدرت الأوامر إلى “آيزنهاور” للتحرك إلى البحر الأحمر، بعد أن رابطت شرقي المتوسط لأكثر من شهر دون أي تهديد.

شقت حاملة الطائرات الأمريكية طريقها المعتاد، دون أن تدري أنها مقبلة على رحلة شاقة ومصيرية، هي الأسوأ في تاريخ سجلها الحافل بالردع وإرهاب الخصوم..

وكعادة الأمريكان في الحروب النفسية التي ساعدتهم كثيرا على كسب معاركهم العسكرية حتى قبل أن تبدأ، انخرطت وسائل الإعلام في الدعاية للبحرية الأمريكية ومدى سطوتها، مع التركيز على درة التاج في قواتها ممثلة بحاملة الطائرات “آيزنهاور”. ويكفي أن نطلع على المعلومات التالية، حتى نعرف لماذا كان الأمريكي يتصرف بكل ثقة وغرور وهو يحذر اليمن من الاستمرار في معركة البحر الأحمر وإسناد أهلنا في غزة:

– آيزنهاور حاملة طائرات تعمل بالطاقة النووية، دخلت الخدمة في البحرية الأمريكية عام 1977م، وهي أول سفينة تحمل اسم الرئيس الرابع والثلاثين للولايات المتحدة والجنرال في الجيش دوايت دي آيزنهاور.

– في يناير 1979، أبحرت في أول انتشار لها في البحر الأبيض المتوسط. ومنذ دخولها الخدمة شاركت في العديد من المعارك، بما في ذلك حرب الخليج الفارسي في التسعينيات، ومؤخرا في دعم العمليات العسكرية الأمريكية في العراق وأفغانستان.

– يبلغ وزنها 114 ألف طن وطولها 332.8 متر وتبلغ سرعتها 56+ كم/ساعة.

– يبلغ عدد طاقم السفينة 3200 ضابط وبحار و2480 طيارا، وتتمتع بقدرة حمولة 90 طائرات حربية وهليكوبتر.

– يتم تسليحها بصاروخ آر أي إم-116 ذي الهيكل الدوار‏.

كانت الولايات المتحدة قد أعلنت عن تحالف أطلقت عليه مسمى “حارس الازدهار”، وهو تحالف عسكري بحري متعدد الجنسيات، تأسس يوم 18 ديسمبر 2023، بمبادرة أطلقتها الولايات المتحدة؛ بهدف التصدي للهجمات اليمنية التي تستهدف السفن التي تتعامل مع “إسرائيل” وتبحر منها وإليها عبر البحر الأحمر. وأعلن وزير الحرب الأمريكي، لويد أوستن، عن تشكيل التحالف العسكري عقب اجتماع افتراضي لأوستن مع وزراء ومسؤولين لأكثر من 40 دولة، فضلا عن ممثلين للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.

في المقابل وبعد أقل من يومين على إعلان تحالف “حارس الازدهار”، خاطب السيد القائد عبدالملك الحوثي الأمريكيين بلغة الحزم والقوة والثقة في الله وفي الشعب اليمني وقواته الباسلة، محذرا من أية مغامرة قد يرتكبونها، وقال في خطابه المتلفز بتاريخ 20 ديسمبر 2012م:

“إذا صعد الأمريكي.. فلن نقف مكتوفي الأيدي سنستهدفه هو، سنجعل البارجات الأمريكية، والمصالح الأمريكية، وكذلك الحركة الملاحية الأمريكية، هدفا لصواريخنا، وطائراتنا المسيرة، وعملياتنا العسكرية، نحن لسنا ممن يقف مكتوف الأيدي والعدو يضربه، نحن شعب نأبى الضيم، ونتوكل على الله سبحانه وتعالى”.

“نحن لا يمكن أن نخاف من التهديد الأمريكي.. إذا أراد أن يرسل جنوده إلى اليمن، فــإن ما سيواجهه في اليمن -ليعرف، وليفهم، وليتيقن، وبإذن الله تعالى- سيكون أقسى بكثير مما واجهه في أفغانستان، ومما عانى منه في فيتنام”.

“إذا أراد الأمريكي أن يدخل في حرب مباشرة، وعدوان مباشر على بلدنا؛ فهذا ما نتمناه، وكنا نتمناه منذ اليوم الأول: أن تكون الحرب مباشرة بيننا وبين الأمريكي والإسرائيلي”.

ربما لم يستمع قبطان آيزنهاور إلى كلمة قائد اليمن، ولعله استمع إليها ولم يسمع كلمة “البارجات الأمريكية”، أو لعله سمع هذا التهديد المباشر وتجاهله؛ إذ لم يسبق لقوة عظمى أن تهدد أمريكا، فكيف باليمن؟!

كانت آيزنهاور قد انخرطت في التصدي للصواريخ والمسيرات اليمنية، وتعاملت معها على نحو جيد، لكن ما بعد خطاب السيد، بدأت المتاعب تلاحق آيزنهاور ومن عليها، فقد اشتدت عمليات القوات اليمنية في البحر الأحمر كما ونوعا، وباتت آيزنهاور في حالة استنفار مرهق على مدى خمسة أشهر، كانت كفيلة لأن ترفع الراية البيضاء وتلوذ بالفرار في نكسة مدوية أمام العالم أجمع.

وفي حدث مفاجئ أعلن المتحدث باسم البنتاغون، باتريك رايدر، بتاريخ 23 يونيو 2024م، أن “دوايت آيزنهاور” غادرت مياه البحر الأحمر بالفعل..

فما الذي حدث في البحر الأحمر حتى قررت آيزنهاور الرحيل على نحو سريع في جنح الظلام؟

مساء الجمعة، الموافق 31 مايو 2024م كان فارقا في تاريخ المواجهات الحربية بالنسبة للأمريكان، وكان تحولا كبيرا لصالح اليمن، حيث أعلن الناطق باسم القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع عن تمكن القوة الصاروخية اليمنية من استهداف حاملة الطائرات الأمريكية اليمنية آيزنهاور في البحر الأحمر لأول مرة.

كان الخبر أكبر من أن يستوعبه العالم، وبين مصدق ومستغرب ومستنكر، تناولت وسائل الإعلام بيان القوات المسلحة اليمنية بحذر كبير.. إلا أن المفاجأة الكبرى كانت مع إعلان اليمن استهداف آيزنهاور للمرة الثانية خلال 24 ساعة، في حدث غدا حديثا لكل وسائل الإعلام العربية والدولية التي تنافست في إبراز الخبر، وأفردت مساحات مهمة في تقاريرها وبرامجها السياسية والتحليلية عن العمليات النوعية للقوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر، وصـولا إلى استهداف آيزنهاور وتهديدها أكثر من مرة.

لاحقا وفي 21 -6-2024م، نشر الإعلام الحربي اليمني مشاهد لتجربة الزورق الحربي اليمني “طوفان1” نسبة لـ (طوفان الأقصى)، وربطت وسائل الإعلام بين الإعلان عن هذا الزورق المتطور وعملية استهداف آيزنهاور.

لكن ماذا عن آيزنهاور وطاقمها.. كيف تصرفوا مع هذه الأحداث والمستجدات الخطيرة، وكيف تبخرت أوهام العظمة والقوة المفرطة، حتى غدت أهم قاعدة عسكرية أمريكية متنقلة في البحر مثل ضفدع منهك يبحث حثيثا عن جحر ضب!

أراد قبطان آيزنهاور أن ينفي أي استهداف لسفينته، فوقع في خطأ كبير؛ إذ كشفت صحيفة صينية متخصصة في الشأن العسكري، أن المقطع المصور الذي نشره قائد السفينة قديم، وسبق أن تم نشره قبل ثلاثة أشهر من استهداف آيزنهاور؛ وهو ما رجح إصابة الحاملة رغم التكتم الأمريكي الكبير.

وسط هذه الأنباء ودحضا للرواية الأمريكية، جاء السيد القائد بالخبر اليقين، وأكـد في خطابه المتلفز بتاريخ 20 يونيو 2024م، أن آيزنهاور تعرضت للاستهداف للمرة الثالثة شمالي البحر الأحمر، وأنها تتجه للهرب مع استمرار المطاردة والقصف لها من قبل القوات المسلحة اليمنية، وبارك هذا المنجز ووصفه بالعمل الهام والمؤثر والجريء.

وتطرق السيد القائد في خطابه إلى المعاناة الأمريكية جراء الهجمات اليمنية في البحرين الأحمر والعربي والمحيط الهندي، لدرجة أن أحد خبراء البحرية الأمريكية صرح أن بلاده تواجه في اليمن أعنف قتال لها منذ الحرب العالمية الثانية.

في الأثناء وبدلا عن الاعتراف بالضربات اليمنية، كشفت وكالة “أسوشييتد برس” عن حالة الإرهاق التي أصابت طاقم حاملة الطائرات الأمريكية المكلفة بحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وقالت: “إن سبعة آلاف بحار على متنها يخشون من تمديد مهمة آيزنهاور في المنطقة، كما أشارت الوكالة إلى انقسام داخل البنتاغون بشأن آيزنهاور.. هل تستمر في البحر الأحمر أم تعود أدراجها من حيث جاءت.

لم تمض 48 ساعة على خطاب سيد القول والفعل عبدالملك الحوثي حتى أعلن المتحدث باسم البنتاغون، بات رايدر، مغادرة المجموعة الهجومية لحاملة الطائرات الأمريكية داويت آيزنهاور، البحر الأحمر بعد مرور 7 أشهر على نشرها في المنطقة.

لقد كان خبرا سارا جـدا للشعب اليمني والفلسطيني في آن، لكنه كان صادما للجمهور الأمريكي ومفاجئا للعالم، لقد انقلبت الموازين وتغيرت قواعد الاشتباك في المواجهات العسكرية البحرية، حين هربت آيزنهاور ولاذت بالفرار إلى مثواها الأخير!

ولا تكتمل البشارة إلا بإطلالة السيد القائد، الذي زف أكثر من بشارة هذه المرة.. أكـد السيد فرار آيزنهاور من البحر الأحمر بعد أن تلقت عدة ضربات بالصواريخ اليمنية، ومن ثـم تم استهدافها في اللحظات الأخيرة، حين انعطفت بشكل كبير جـدا لتتجه هاربة نحو قناة السويس.

أما البشرى الثانية، فقد كانت أكبر من أن يستوعبها الأصدقاء قبل الأعداء؛ إذ أعلن السيد القائد دخول صاروخ فرط صوتي خط العمليات، وحمل الصاروخ اسم “حاطم”، في دلالة على تحطيم آمال العدو الأمريكي.. وبهذا الإعلان أصبحت اليمن قوة عسكرية وازنة، وغدت ضمن دول محدودة جـدا تمتلك هذا النوع من الصواريخ.

البشرى الثالثة، جاءت لتعزيز ما سبق، وتمثلت في الإعلان عن طوفان المدمـر زورق مسير شديد التدمير الذي دخل الخدمة وميدان المعركة البحرية بالفعل.

على وقع “حاطم 2″ و”طوفان المدمـر” كانت آيزنهاور تسابق الريح قبل أن تنال منها القوات اليمنية وتغدو هيبة أمريكا في الحضيض، صمدت.. ناورت.. كابرت.. وفي الأخير ذهبت مع الريح، وأدبرت بما فيها ومن عليها هاربة لا تلوي على شيء.

لكن ما تحاشته آيزنهاور بسرعة الفرار لم يحل دون الانهيار المعنوي والهزيمة المدوية للولايات المتحدة الأمريكية وسمعتها العسكرية.. وما كان سرا بالأمس غدا اليوم فضيحة كبيرة سطرتها كبريات الصحف الأمريكية.

نشرت “ديلي ميرور” مقالا بعنوان: يو إس إس آيزنهاور في مواجهة الحوثيين- فأر ضد فيل، جاء فيه:

“إن الهجوم الصاروخي الحوثي على حاملة الطائرات البحرية الأمريكية دوايت آيزنهاور يشكل حدثا تاريخيا غير مجرى التاريخ في الحروب البحرية، لقد أصبح الهجوم الصاروخي الحوثي على حاملة الطائرات الأمريكية دوايت آيزنهاور تاريخا بالنسبة للرأي العام، ولكن لم ينسه المهاجم ولا المستهدف؛ لأنه حدث غير مسبوق في تاريخ الحروب البحرية، حيث هاجم فأر فيلا وأجبره على التراجع.

وجاء تعليق السيد القائد سريعا: “آيزنهاور هربت؛ لأنها واجهت الأسد في عرينه”.

*عبدالله علي صبري- موقع المسيرة

JOIN US AND FOLO

Telegram

Whatsapp channel

Nabd

Twitter

GOOGLE NEWS

tiktok

Facebook

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :www.alalam.ir بتاريخ:2024-07-29 11:07:41
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

Exit mobile version