والظاهر أن العمليات الثلاث الأخيرة، والتي وقعت خلال اليومَين الأوّلين من شهر رمضان، دفعت الأميركيين إلى التعاطي بجدّية أكبر مع التهديد الذي باتت تشكّله «المقاومة الشعبية»، والتي أعلنت عن نفسها رسمياً، من خلال تبنّي «لواء الغالبون» الهجوم على قاعدة مطار رميلان في الحسكة، والذي ولّد إرباكاً وتخوّفاً أميركيَّيْن غير مسبوقَين، فضحهما حجم التدابير التي أُعلن البدء بتطبيقها بعد العملية.
وما كان زاد الوضع إثارةً للحرج، تعطّلُ الدفاعات الجوّية الأميركية خلال الهجمات، وتمكّن المسيّرات والصواريخ من تجاوزها، فضلاً عن التحليق المستمرّ للطائرات الروسية في أجواء قاعدة التنف، من دون أيّ رادع.
وفي ظلّ توجّسها من تكرار القصف على قواعدها، أرسلت الولايات المتحدة ثلاث دفعات من التعزيزات العسكرية إلى مواقع في الحسكة ودير الزور، عبر 46 آلية وشاحنة متنوّعة وصلت إلى «العمر» و«كونوكو» و«الشدادي».
كما لم تَغِب الطائرات المسيّرة عن أجواء المنطقة التي تفصل مساحة سيطرة «قسد» عن معاقل الحكومة السورية في دير الزور، في محاولة لرصد وتعقّب أيّ نشاط «مشبوه»، بالإضافة إلى تسيير دوريات جوّية عبر عدّة مروحيات في أجواء الحسكة ودير الزور للغرض نفسه.
الولايات المتحدة نشرت دفعة جديدة من بطّاريات ومعدّات الدفاع الجوّي في قواعدها
وفي هذا المجال، تؤكد مصادر ميدانية، لـ«الأخبار»، أن «الولايات المتحدة نقلت دفعة جديدة من بطّاريات ومعدّات الدفاع الجوّي، وتلك المتخصّصة بالتعامل مع المسيّرات، وقامت بنشرها في قواعدها في كلّ من دير الزور والحسكة»، كاشفةً أن «هذه المنظومات هي الثانية من نوعها التي تُنشر في تلك القواعد، بعد فشل منظومة تمّ نشرها سابقاً في التعامل والكشف عن الصواريخ والمسيّرات التي استهدفت خراب الجير وكونوكو والعمر، منذ نحو عشرة أيام».
واعتبرت المصادر أن «ادّعاء واشنطن عدم اكتمال منظومة الدفاع الجوّي في سوريا قبل الهجمات الأخيرة غير دقيق»، مرجّحةً «نجاح صواريخ المقاومة في اختراق النظام الذي نصبه الأميركيون قبل هجوم خراب الجير، وهو ما دفعهم إلى استقدام أنظمة أكثر تطوّراً في محاولة لمنع أيّ هجمات جديدة».
ولم تكتفِ الولايات المتحدة بذلك، بل أعلنت وزارة الدفاع الأميركية حزمة من الإجراءات تمّ اتّخاذها في الشرق الأوسط، بهدف حماية الوجود الأميركي في سوريا، من بينها، بحسب المتحدّث باسم «البنتاغون» فيل فينتورا، «نشر سرب من طائرات A -10 الهجومية في المنطقة».
وأوضح فينتورا، في بيان، أن «موعد إرسال الطائرات إلى المنطقة تمّ تقديمه جرّاء الهجمات في سوريا»، مضيفاً أن «المجموعة الهجومية الخاصة بحاملة الطائرات جورج دبليو بوش، ستبقى في البحر الأبيض المتوسط تحت إشراف القيادة الأوروبية للقوات المسلّحة الأميركية، لكنها ستدعم القوات الأميركية المنتشرة في الشرق الأوسط في حال حدوث أيّ تطوّرات أو تنفيذ عمليات مفاجئة».
وتشي تلك المعطيات بأن الأميركيين يخشون من تصعيد كبير ضدّهم في سوريا، في حال نجحت الجهود الروسية – الإيرانية المشتركة في إتمام المصالحة بين دمشق وأنقرة، والتي ستؤدّي حتماً إلى تضافر جهود الأطراف الأربعة لحمل واشنطن على سحب قواتها، في ظلّ اتّفاقهم على أن ذلك الوجود غير شرعي وغير مبرَّر.
وفي هذا السياق، زار قائد القوّات الروسية العاملة في سوريا، القاعدة الروسية في مدينة القامشلي، والتقى عدداً من الضبّاط الروس والسوريين، وسط معلومات عن لقائه أيضاً عدداً من قيادات «قسد».
وتسعى موسكو، من خلال الزيارات المتكرّرة لمسؤوليها إلى هذه المنطقة، إلى تأكيد رغبتها في تعزيز نفوذها في شمال شرق البلاد، ومواصلة الوساطة بين أنقرة و«الإدارة الذاتية»، في محاولة لتقريبهما وإنهاء خلافاتهما. كما أنها تسعى إلى دفع «قسد» إلى اتّخاذ خطوات إيجابية تجاه دمشق، يما ينزع الذرائع التركية في استمرار احتلال مناطق واسعة من الشمال، ويعجّل من خطوات التقارب السوري – التركي، وصولاً إلى مصالحة شاملة بين البلدَين.
بقلم – أيهم مرعي
المصدر “وكالة اوقات الشام الاخبارية” عن “الأخبار”
المصدر
الكاتب:
الموقع : www.alalam.ir
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-04-07 11:04:36
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي