الادارة في المجال الدفاعي والعسكري
الشيخ دعموش: الردُّ الإيراني هشّم صورة الكيان
رأى نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش أنّ “مشهد الردّ الإيراني على استهداف القنصلية في سوريا كان عظيمًا وأظهر صدق وشجاعة واقتدار وصلابة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في مواجهة العدو الصهيوني، وقال “بقدر ما أظهر الرد غيرة واهتمام إيران بقضية الشعب الفلسطيني المظلوم، كشف في المقابل حجم التخاذل والوضاعة والخيانة لدى خصومها وأعدائها في المنطقة”.
وخلال خطبة الجمعة التي ألقاها في مجمع السيدة زينب (ع) في الضاحية الجنوبية لبيروت، شدّد الشيخ دعموش على أنّ “الضربة الإيرانية هي ضربة تاريخية علنية في العمق الصهيوني تحدّت بها إيران ليس “إسرائيل” فقط، بل كل المنظومة الغربية الحامية لها، وأدخلت الصراع مع هذا الكيان المحتل في مرحلة جديدة وثبّتت معادلات جديدة في مسار الصراع مع العدو الصهيوني”.
وتناول الشيخ دعموش الحدث الأمني الذي حصل فجر اليوم الجمعة في أصفهان، لافتًا الى أن هذا الحدث “لن يغيّر في المعادلات التي أرساها الردّ الإيراني مع العدو الصهيوني وفي المنطقة”، مضيفًا أنّ “الردَّ الإيراني أدخل الرعب في قلوب الصهاينة وأحزن المتخاذلين، بينما أدخل الفرحة في قلوب شعوب المنطقة والشعب الفلسطيني وأحرار العالم”.
وأكّد سماحته أنّ “الردَّ الإيراني هشّم صورة الكيان الصهيوني الذي طالما صوّر نفسه على أنّه كيان مقتدر أمنيًا وعسكريًا ولا يحتاج الى غيره، بينما أظهر الردُّ هشاشة هذا الكيان، وأنّه لا يمكن أن يحمي نفسه من دون حماية الأميركي والغربي له”.
وأشار إلى أنّ “الردَّ الإيراني كشف أيضًا ان انتشار القواعد العسكرية والأمنية الأميركية والغربية في دول المنطقة، لا لحماية مصالحهم وإنما لحماية الكيان الصهيوني باعتباره أحد أهم ركائز مشروع الهيمنة الغربية على المنطقة، وهم باندفاعهم لحماية هذا الكيان كأنهم يقولون “عندما يُصبح هذا الكيان مهددًا تُصبح حمايته والحفاظ عليه أولوية مطلقة لهم”.
وقال: “هم لا يتعاملون مع حلفائهم العرب عندما يتعرضون لتهديدات بنفس المستوى، ولا يندفعون لحمايتهم من المخاطر كما اندفعوا لحماية الكيان، وهذا يؤكّد أنّ وجود هؤلاء في منطقتنا إنما لحماية هذا الكيان وليس لحماية حلفائهم الآخرين، وهذا ما يجب أن يفهمه حلفاء وأصدقاء أميركا وأن يأخذوا العبر منه”.
نص الخطبة
احتشدت في شهر شوال ثلاث مناسبات تاريخية جهادية خالدة، ففي الثالث من شوال كانت معركة الخندق في مواجهة تحالف الاحزاب ضد الاسلام، وفي 6 شوال كانت معركة حنين سنة 8 هجرية، وفي 15 شوال كانت معركة احد التي حاول المشركون فيها الثأر لقتلهم في معركة بدر .
هذه المعارك الثلاث هي من المعارك الكبرى التي خاضها النبي(ص) والمسلمون في مواجهة اعدائهم.
فقد أحصى المؤرخون المعارك التي خاضها المسلمون في حياة النبي(ص) فبلغ عددها ٦٧ معركةعلى رواية، وعلى رواية أخرى ٧٥ معركة، وقد قسموا المعارك إلى قسمي:ن
الاول: اصطلحوا عليه بالغزوات، وهي المعارك التي تولى النبي(ص) قيادتها وحضر وشارك فيها بنفسه، وعددها ١٩ غزوة.
الثاني: اصطلحوا عليها بالسرايا، جمع سرية، وهي المعارك التي لم يتولى النبي(ص) قيادتها مباشرة ولم يحضر ويشارك فيها بنفسه، وانما أمّرَ احد اصحابه لقيادتها، وعددها ٤٨ او ٥٦ سرية.
وقد حصلت كل هذه المعارك في اقل من عشر سنوات، بذل فيها المجاهدون جهودا وتضحيات جليلة، وحققوا فيها انجازات كبيرة، وصنعوا من خلالها انتصارات عظيمة للإسلام والمسلمين.
وليس من المعقول ان يكون هذا الجهد العسكري الضخم تلقائيا وارتجاليا ومن دون تخطيط مسبق ودقيق، ومن دون تنظيم، بل ان الروايات تدل على ان هذه الإنجازات الجهادية العسكرية الضخمة بالقياس إلى تلك الفترة الزمنية القصيرة، والظروف الصعبة، كانت تستند إلى تنظيم دقيق وجهد واسع النطاق، مكّن اضافة إلى توفيق الله وتسديده وتأييده، المسلمين من تحقيق تلك الإنجازات والانتصارات .
وما يمكن استفادته من الروايات والوقائع التاريخية في كيفية إدارة النبي(ص) للحرب، وفي الشأن التنظيمي والإداري في المجال الدفاعي والعسكري هو عدة أمور، أهمها:
اولًا: اضافة الى الايمان الراسخ الذيث تحلى به المجاهدون واليقين والاعتماد على الله والصدق معه والاخلاص له والثقة بوعده بالنصر والصبر والشجاعة والصبر والثبات والقدرة على تحمل الصعاب والمشاق والالام والازمات وتداعيات الحروب ،اضافة الى هذه العاناوين التي كانت عاملا اشايا في تحقيق الانجازات والانتصارات والتي من خلالها نحن في المقاومة انتصرنا على اسرائيل بالرغم من التفاوت بين امكاناتنا وامكانات العدو وانعدام ميزان القوة ، اول اضافة الى ذلك التنظيم والتخطيط وان القرار العسكري اي قرار الحرب والسلم، كان بيد النبي(ص) وحده، باعتباره ولي أمر المسلمين ورئيس الدولة والقائد العام للقوات المسلحة، ولم يكن لاحد من المسلمين غير النبي(ص) صلاحية اتخاذ قرار بالحرب او بالسلم او اتخاذ اي قرار عسكري استراتيجي او تكتيكي، ولكن هذا لا يعني ان النبي(ص) كان يتفرد بالقرار ولا يستمع الى اراء وافكار اصحابه، فان من الثابت ان النبي(ص) كان يستشير اصحابه في الشؤون العسكرية والجهادية، ويستمع بعناية لاقتراحاتهم وتوصياتهم في المسائل الدفاعية والعسكرية، ويعمل بها في حروبه.
ففي معركة احد مثلا: استشار أصحابه من المهاجرين والانصار في شأن الخروج من المدينة لملاقاة المشركين في منطقة احد خارج المدينة او البقاء فيها ومواجهتهم داخل المدينة؟ فمنهم من قال: نواجههم داخل المدينة، ومنهم من قال نواجههم خارج المدينة في احد، فأخذ برأي الناصحين بالخروج من المدينة ومواجهة العدو في احد.
وفي معركة الخندق استشار(ص) اصحابه وعمل براي سلمان الفارسي عندما اشار عليه بحفر خندق حول المدينة لمنع العدو من اقتحامها والوصول اليها.
وقد ذكر المؤرخون العديد من الوقائع التي استشار فيها النبي(ص) اصحابه في شؤون الحرب والدفاع، وكان هؤلاء الاصحاب بمثابة مجلس الأمن القومي للدولة الإسلامية الذي يبحثون فيه قضايا الحرب والدفاع ويقدمون الأفكار والمقترحات والتوصيات في المسائل العسكرية والأمنية للنبي(ص)، وعلى ضوء ذلك كان النبي(ص) وحده هو من يتخذ القرار النهائي والجميع كان يلتزم العمل به.
ثانيا التشكيلات العسكرية، فلم يشكل النبي(ص) في حياته جيشا نظاميا له تشكيلاته العسكرية على النحو الموجود اليوم في الدول الحديثة، ويكون موجودا بكل تشكيلاته في حال السلم وفي حال الحرب، وانما ما كان معمولا به في زمن النبي(ص) هو ان النبي(ص) كان يشكل جيشا او مجموعات من المجاهدين المقاتلين القادرين على الانخراط الفعلي في العمل الجهادي العسكري حين تدعو الحاجة للقيام بعمل عسكري هجومي او حين تدعو الحاجة للدفاع عن المدينة والمسلمين، اي حينما كان يقرر النبي (ص) القيام بعملية عسكرية وحين كانت تتعرض الدولة لخطر الغزو والهجوم من قبل العدو .
ولم يرد في التشريع الإسلامي ما يدل على وجوب تشكيل جيش نظامي بالشكل الموجود اليوم بحيث يتفرغ عدد من المقاتلين لحياة الجندية حتى في حال السلم.
كما لم يرد في تشريع الجهاد ما يوجب التجنيد الإجباري على كل فرد على النحو المعمول به في بعض الدول، وانما ما هو موجود في تشريع الجهاد هو ان الخدمة العسكرية والانخراط في العمل الجهادي العسكري واجب الزامي على كل ذكر بالغ صحيح الجسم، على نحو الوجوب الكفائي وليس العيني، بحيث إذا قام بهذا الواجب عدد كاف من المسلمين سقط عن الباقين .
نعم كان هناك بعض المسلمين شبه متفرغ للقتال وهم اهل الصفة او بعضهم وهم مجموعة من المهاجرين كان عددهم حوالى أربعمائة شخص من المؤمنين المستضعفين كانوا يسكنون بالقرب من المسجد في مكان يسمى الصفة، فان هؤلاء بسبب عدم وجود مساكن وأسر وعمل لهم كانوا شبه متفرغين للجهاد والقتال، وكانوا يشاركون في كل سرية وعملية عسكرية يبعثها النبي(ص) لمواجهة الاعداء.
وعندما كان النبي يستدعي المجاهدين للمعركة والانخراط في القتال كان يقسم الجيش إلى خمس مجموعات القلب والميمنة والميسرة والمقدمة والساقة ولذا سموا الجيش خميسا.
وفي التشكيلات الداخلية للجيش قسم النبي(ص) الجيش إلى عرافات، وجعل لكل عشرة عريفا، اي مجموعات من عشرة أشخاص وعلى كل مجموعة ضابطا يديرها.
ثالثا: التدريب والتسليح العسكري انطلاقا من قوله تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ) فانطلاقا من هذه الاية، كان شباب المسلمين في المدينة يتدربون على استعمال السلاح وفنون القتال، وكان في المدينة في زمن النبي(ص) مكان يشبه المعسكرات اليوم امخصصة للتدريب، وكان بعضهم يختار آخر النهار للتدريب، اي بعد ان يفرغ من عمله. وقد ورد في الروايات ان النبي(ص) امر بالتدرب على الفروسية وركوب الخيل والرمي.
وكان التدرب على السلاح وأساليب القتال جزء من الثقافة العامة للمجتمع بحيث كان يعتبر غير الخبير بالقتال شاذا عن النمط العام.
وكان النبي يشتري السلاح ليسلح به المجاهدين فقد روي ان النبي(ص) بعث سعد بن زيد الأنصاري إلى نجد ليشتري له خيلاً وسلاحاً .
بل ان النبي(ص) كان يعمل على التصنيع العسكري، فقد ارسل عروة بن مسعود إلى منطقة في الأردن تسمى جرش ليتعلم كيفية تصنيع المنجنيق والدبابات.
وقد استعمل النبي (ص)هذه الأسلحة التي تعتبر متطورة وغير تقليدية في ذلك العصر في حصار الطائف.
وهناك العديد من الاجراءات والتدابير التي تدخل في اطار التنظيم العسكري وادراة الحرب، مما كان يعمل بها النبي(ص) في معاركه وهي مهمة كالتجسس العسكري وغيره لكن الوقت لا يسمح ببيانها وتفصيلها.
رابعا واخيرا اخلاق النبي(ص) في الحروب، والقيم الانسانية التي كان يراعها في معاركه، وهذا العنوان لا يمكن بيانه في الوقت المتبقي، وهو يحتاج إلى خطبة مستقلة بل الى اكثر من خطبة، لكن يكفي ان نذكر هنا ان النبي(ص)والمجاهدين معه جسدوا قمة الأخلاق والانسانية والرحمة في تعاملهم مع اعداءهم، فلم يتعرضوا للأطفال والنساء والأبرياء والاسرى بالقتل والتعذيب والتجويع والاذلال، ولم يدمروا بيوت الناس وأملاكهم وأرزاقهم، كما يفعل اليوم دعاة الانسانية وحقوق الانسان الذين كشفوا عن نفاقهم وانحدارهم الاخلاقي والانساني فيما يجري في غزة ولبنان وفي المنطقة.
اليوم كل محور المقاومة في المواجهة الدائرة مع العدو الصهيوني يلتزم هذه الاخلاق وهذا السلوك الانساني في الحرب، وهو اظهر تفوقه الاخلاقي والانساني في اسلوب المواجهة، فلم يستهدف المدنيين ولا المنشآت المدنية داخل الكيان على النقيض تماما من الاسلوب الهمجي والوحشي الذي ينتهجه الاسرائيلي والامريكي خصوصا في العدوان على غزة.
وايران اظهرت هذا المستوى من التفوق الاخلاقي والانساني في ردها السبت الماضي على الكيان الصهيوني حيث استهدفت قواعد عسكرية ولم تستهدف المدنيين ولا المنشآت المدنية مع انها كانت قادرة على ذلك.
مشهد الردَّ الإيراني على استهداف القنصلية في سورية كان عظيما واظهر صدق وشجاعة واقتدار وصلابة الجمهورية الاسلامية في مواجهة العدو الصهيوني، وهو بقدر ما اظهر غيرة واهتمام ايران بقضية الشعب الفلسطيني المظلوم كشف في المقابل حجم التخاذل والوضاعة والخيانة لدى خصومها واعدائها في المنطقة اتجاه هذه القضية.
الضربة الايرانية هي ضربة تاريخية علنية في العمق الصهيوني، تحدت بها ايران ليس اسرائيل فقط بل كل المنظومة الغربية الحامية له ، وادخلت الصراع مع هذا الكيان المحتل في مرحلة جديدة، وثبتت معادلات جديدة في مسار الصراع مع العدو الصهيوني.
والحدث الامني الذي حصل فجر اليوم في اصفهان هو بالتاكيد لن يغير في المعادلات التي ارساها الرد الايراني مع العدو الصهيوني وفي المنطقة.
الردَّ الإيراني أدخل الرعب في قلوب الصهاينة، وأحزن المتخاذلين والخونة، بينما أدخل الفرحة في قلوب شعوب المنطقة والشعب الفلسطيني وأحرار العالم.
الرد الايراني هشم صورة الكيان الصهيوني الذي طالما صور نفسه على انه كيان مقتدرامنيا وعسكريا ولا يحتاج الى غيره، بينما اظهر الرد الايراني هشاشة هذا الكيان ، وانه لا يمكن ان يحمي نفسه من دون حماية الامريكي والغربي له.
كما كشف هذا الرد ان انتشار القواعد العسكرية والامنية الامريكية والغربية في دول المنطقة ليست لحماية مصالحهم وانما هي لحماية الكيان الصهيوني باعتباره احد اهم ركائز مشروع الهيمنة الغربية على المنطقة وهم باندفاعهم لحماية هذا الكيان كانهم يقولون انه عندما يصبح هذا الكيان مهددا تصبح حمايته والحفاظ عليه اولوية مطلقة لهم ، وهم لا يتعاملون مع حلفائهم العرب عندما يتعرضون لتهديدات بنفس المستوى ولا يندفعون لحمايتهم من المخاطر كما اندفعوا لحماية الكيان وهذا يؤكد ان وجود هؤلاء في منطقتنا انما هي لحماية هذا الكيان وليس لحماية حلفائهم الاخرين وهذا ما يجب ان يفهمه حلفاء اميركا واصدقاء اميركا وان ياخذوا العبر والدروس من ذلك.
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :www.almanar.com.lb
بتاريخ:2024-04-19 19:00:13
الكاتب: