أكد نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش أنّ “الرهان اليوم لوقف العدوان هو على ثبات وصلابة المقاومة في الميدان وتمسكها بشروطها ومطالبها في المفاوضات، وليس على الإدارة الأميركية التي مهما بلغ الخلاف بينها وبين رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو تبقى شريكًا أساسيًا للعدو في هذه المعركة، وهي ليست وسيطًا نزيهًا ومحايدًا، وإنما منحازة بالكامل إلى “إسرائيل””، مضيفًا أن “من السهل أن تتراجع واشنطن عن التزاماتها وضماناتها وتُوجد المبرّرات لذلك، عندما تقتضي مصلحة ”إسرائيل” التراجع عنها”.
وخلال خطبة الجمعة التي ألقاها في مجمع السيدة زينب (ع) في الضاحية الجنوبية لبيروت، تابع سماحته: “لا ينبغي الرهان على الضغط الأميركي والخلاف الأميركي – الإسرائيلي الذي إنما هو خلاف على الأولويات وليس على أهداف المعركة”، وقال: “لا نستبعد أن تكون عملية رفح التي يتظاهر الأميركي بأنّه يعارضها، تتم بالتنسيق معه لخلط الأوراق من جديد بعد موافقة حماس على الاتفاق والضغط على المقاومة كي تتنازل عن بعض شروطها ومطالبها التي لا تُرضي العدوّ الإسرائيلي”.
ورأى أن “الحقيقة التي يجب أن يعترف بها الجميع، هي أن “إسرائيل” هُزمت وهزمت معها كلّ الدول الداعمة والمتواطئة والمطبّعة بفعل صمود الشعب الفلسطيني وصلابة المقاومة في الميدان وأضطرار العدو “الإسرائيلي” ومعه الأميركي تحت ضغط عمليات المقاومة للتفاوض معها للوصول إلى اتفاق”.
ولفت الشيخ دعموش إلى أنّ “ما يحصل على الرغم من الجراح والمعاناة وحجم الدمار والتضحيات الجسيمة هو انتصار للمقاومة ولمحور المقاومة الذي لم يترك غزّة لوحدها، وبادر منذ الأيام الأولى للحرب إلى مساندتها على امتداد الجبهات”، وأكد أنه “مهما حاول العدوّ تجاهل حقائق الميدان والمكابرة والاستعلاء فلن يستطيع أن يُخفي فشله وهزيمته أو يخفّف من وهج انتصارات المقاومة”.
نص الخطبة
نبارك لكم ذكرى ولادة كريمة اهل البيت(ع) السيدة فاطمة المعصومة(رضوان الله عليها) التي كانت التي تصادف ذكرى ولادتها في الاول من شهر القعدة، ونعزيكم بشهادة الامام الصادق(ع) حيث لا زلنا في اجواء ذكرى شهادته التي كانت في الخامس والعشرين من شهر شوال.
هذا الامام العظيم الذي ملأ الواقع الاسلامي ايمانا وورعا واخلاقا وطهرا وعلما وفكرا ومعرفة، فقد اتيحت للامام الصادق فرصة التحرك بحرية بعيدا عن مضايقة السلطة الأموية الظالمة التي كانت تلاحق ائمة اهل البيت وتمنعهم من ممارسة دورهم.
أُتيحت للامام حرية الحركة بسبب انشغال الامويين بصراعهم مع العباسيين، فاستثمر الامام هذا الفرصة، لطرح فكر اهل البيت(ع) وشرح معالم التشيع بأبعاده المختلفة حتى نسب هذا المذهب الشريف إلى اسمه المبارك فسمي بالمذهب الجعفري
الامام هو الذي اوضح معالم هذا المذهب الشريف هو الذي بلور التشيع بصيغته التفصيلية حيث سنحت الظروف السياسية لهذا الإمام العظيم أن يقوم بهذا الدور الذي لم يتمكن قبله احد من الائمة القيام به بسسب منع السلطة الجائرة قيامهم باي دور رسالي في المجتمع، فاستفاد من هذه الفرصة لنشر علوم أهل البيت(ع) في مختلف مجالات المعرفة وحدد المعالم الفكرية والفقهية والأخلاقية والسلوكية لهذا المذهب الإسلامي الأصيل.
وقد حدد الإمام الصادق (عليه السلام) في عشرات النصوص المواصفات والخصال التي ينبغي أن يكون عليها شيعته وأتباعه والتي يجب ان نربيها في انقسنا واولادنا والاجيال ومجتمعنا لتكون صورة هذا المجتمع هي الصورة التي ارادها اهل البيت(ع) اي المجتمع الاسلامي الاصيل الذي يكون قدوة للكل المجتمعات الانسانية:
الصفة الاولى او المحور الاول الذي يتتحدث عنه الروايات هو: التقوى ومكارم الأخلاق، فعن جابر الجعفي قال: قال أبو جعفر (الامام الباقر)عليه السلام: “يا جابر أيكتفي من ينتحل التشيّع ان يقول بحبّنا أهل البيت؟، فوالله ما شيعتنا إلاَّ من اتّقى الله وأطاعه، وماكانوا يعرفون إلاَّ بالتواضع، والتخشّع، وأداء الأمانة، وكثرة ذكر الله، والصوم،والصلاة، والبرّ بالوالدين، والتعهد للجيران من الفقراء، وأهل المسكنة، والغارمين، والأيتام، وصدق الحديث، وتلاوة القرآن، وكفّ الألسن عن الناس إلاّ من خير، وكانوا أمناء عشائرهم في الأشياء .
في حديث اخر عن أبي أسامة قال : سمعت أبا عبد الله(الامام الصادق) عليه السلام يقول : عليك بتقوى الله والورع والاجتهاد وصدق الحديث وأداء الأمانة، وحسن الخلق، وحسن الجوار، وكونوا دعاة إلى أنفسكم بغير ألسنتكم ، وكونوا زيناً لنا ولا تكونوا شيناً علينا (أي عارا).
ولاجل هذه الصفات وهذا السلوك الاخلاقي الاسلامي اصبحوا ملجأ وملاذا للناس، فكان اذا اراد احد ان يؤمن احدا على مال او عرض او ملك او على اشياءه الخاصة كان يلجأ الى اتباع اهل البيت لتدينهم وتقواهم وأمانتهم وامتلاكهم لهذه الصفات النبيلة، فقد ورد عن عبد الله بن زياد، قال: سلّمنا على أبي عبد الله عليه السلام بمنى، ثمّ قلت: يا بن رسول الله إنّا قوم مجتازون لسنا نطيق هذا المجلس منك كلّما أردناه، فأوصِنا قال عليه السلام: “عليكم بتقوى الله وصدق الحديث وأداء الأمانة وحسن الصحبة لمن صحبكم وافشاء السلام وإطعام الطعام صلّوا في مساجدهم وعودوا مرضاهم واتبعوا جنائزهم، فإنّ أبي حدّثني أن شيعتنا أهل البيت كانوا خيار من كانوا منهم، إن كان فقيه كان منهم وإن كان مؤذّن كان منهم، وإن كان إمام كان منهم ، وإن كان صاحب أمانة كان منهم، وإن كان صاحب وديعة كان منهم، وكذلك كونوا، حبّبونا إلى الناس، ولا تُبغِّضونا إليهم.
وفي الحديث المتقدم عن الامام الباقر(ع): وكانوا أمناء عشائرهم في الأشياء .
وفي حديث اخر عن الامام الصادق(ع) يتحدث فيه عن سلوك شيعته فيقول ما مضمونه: ان الناس كانوا يشيرون بالبنان لمن يتبع اهل البيت لأدبهم واخلاقهم وامانتهم ويقولون: هذا أدب جعفر.
المحور الثاني من الروايات هو الاحاديث التي توجه الشيعة الى الانفتاح على الاخرين واحترامهم ومراعاة حقوقهم والانخراط معهم في حياة اجتماعية كاملة والمساهمة معهم في تحقيق المصالح الوطنية، واتباع اهل البيت(ع) على مر التاريخ وبالرغم من الاضطهاد والقمع والملاحقة لم يعتزلوا المجتمع وانما كانوا جزءا اساسيا وفاعلا في المجتمع وائمة اهل البي(ع) بالرغم من انهم سجنوا واحيانا بعضهم لسنوات طويلة وتمت ملاحقتهم ومنعهم من ممارسة دورهم الرسالي والفكري والعلمي في المجتمع الا انهم لم ينكفئوا ولم يعتزلوا وانما اصروا على ممارسة دورهم وقاموا بجهود عظيمة لحماية الاسلام والحفاظ على رسالة رسول الله ووحدة المجتمع الاسلامي، والامام الصادق (ع) هو من ابرزالائمة الذين قاموا بهذا الدور ووجه اتباعه الى الانخراط في المجتمع والتعامل بالحسنى والاحترام والمحبة وحسن العشرة مع الذين نختلف معهم في العقيدة او المذهب او غير المذهب.
فعن معاوية بن وهب قال: قلت له: كيف ينبغي لنا أن نصنع فيما بيننا وبين قومنا وبين خلطائنا من الناس ممن ليسوا على أمرنا؟ قال: تنظرون إلى أئمتكم الذين تقتدون بهم فتصنعون ما يصنعون فوالله إنهم ليعودون مرضاهم ويشهدون جنائزهم ويقيمون الشهادة لهم وعليهم ويؤدون الأمانة إليهم.
لقد وجه ائمة اهل البيت(ع) شيعتهم الى انه اذا عاشوا في مجتمع متنوع ان يكونون مصدرا للخير والسلام والاستقرار والطمانينة،فعن الإمام عليّ عليه السلام: “شيعتنا المتباذلون في ولايتنا، المتحابّون في مودّتنا، المتزاورون في إحياء أمرنا، الذين إن غضبوا لم يظلموا، وإن رضوا لم يُسرفوا، بركة على مَن جاوروا، وسلم لمن خالطوا”.
والصورة التي يجب اظهارها للاخرين عن مجتمعنا هي هذه الصورة الحسنة، فقد ورد عن الامام الصادق عليه السلام انه قال: شيعتنا من قدّم ما استحسن، وأمسك ما استقبح، وأظهر الجميل وسارع بالأمر الجليل رغبة إلى رحمة الجليل فذاك منّا وإلينا ومعنا حيثما كنّا.
المحور الثالث: انهم اهل الجهاد والاباء والنصر‘، يعني هم في الميدان وفي قلب المواجهة عندما يدعوهم الوجب الى ذلك ولانهم من اهل الجهاد والمقاومة والشجاعة واثبات والصبر فانهم عندما يخوضون المعركة ينتصرون ويفتح الله على ايديهم، فقد ورد الامام الصادق (عليه السلام)أنه قال : ” شعيتنا أهل الهدى ، وأهل التقى ، وأهل الخير ، وأهل الإيمان ، وأهل الفتح والظفر” .
وعن المفضل بن عمرو، عنه (عليه السلام): ” إياك والسفلة، فإنما شيعة علي من عف بطنه (وفرجه)، واشتد جهاده ، وعمل لخالقه ورجا ثوابه وخاف عقابه ، فإذا رأيت أولئك فأولئك شيعة جعفر”.
هذه وصايا الامام جعفر الصادق وائمة اهل البيت لشيعتهم واتباعهم، وهذه هي التربية التي ربانا عليها الامام الصادق وبقية ائمة اهل البيت(ع) وهي التربية التي يجب ان نربي عليها ابنائنا واجيالنا ومجتمعنا وامتنا.
فنحن لا نزال في قلب المواجهة، والمواجهة الدائرة اليوم ليست مواجهة عسكرية وسياسية واقتصادية فقط بل ايضا مواجهة ثقافية واخلاقية وسلوكية ، لتشويه ديننا وعقيدتنا وثقافتنا ، لتضليل شبابنا وفتياتنا واجيالنا وابعادهم عن قيم دينهم وعن المقاومة.
الولايات المتحدة الامريكية أنفقت مليارات الدولارات لحرف شبابنا عن قيمهم وعن المقاومة لكنها فشلت.
واليوم بعد طوفان الاقصى وببركة جهاد المقاومة والتضحيات ودماء الشهداء هناك تحول في المزاج العام اتجاه نصرة القضية الفلسطينية والتنديد بالكيان الصهيوني خصوصا لدى الشباب، ليس في لبنان فقط بل في اميركا واوروبا والعالم، وهذا امر بالغ الاهمية في تكوّن رأي عام جديد حول هذه القضية الاساسية، وفي هذا السياق تأتي الاحتجاجات والاعتصامات الطلابية في الجامعات الامريكية والغربية، رافعة رايات فلسطين وراية حزب الله والمقاومة، فهذا الحراك الطلابي العارم هو جزء من هذا التحول الذي بدأنا نشهده في اميركا والعالم تأييدا للقضية الفلسطينية وتنديدا بالكيان الصهيوني.
راية حزب الله التي انفقت الولايات المتحدة مليارات الدولارات لتختفي في لبنان باتت ترفع اليوم في جامعات اميركا والغرب كرمز للنضال والحرية والكرامة ومواجهة الطغيان والعدوان الصهيوني
هذا الحراك الطلابي الداعم لغزة والمعادي للكيان الصهيوني أغضب الادارة الامريكية وأشعرها بالخطر على صورة الكيان الصهيوني امام الراي العام العالمي، ولذلك حشدوا الشرطة لمواجهته، وقمعوا المعتصمين وفككوا بعض الاعتصامات.
اليوم الرهان لوقف العدوان هو على ثبات وصلابة المقاومة في الميدان وتمسكها بشروطها ومطالبها في المفاوضات وليس على الادارة الامريكية التي مهما بلغ الخلاف بينها وبين نتنياهو تبقى شريكا اساسيا للعدو في هذه المعركة، وهي ليست وسيطا نزيها ومحايدا، وانما هي منحازة بالكامل الى اسرائيل، ومن السهل ان تتراجع عن التزاماتها وضماناتها وتُوجد المبررات لذلك، عندما تقتضي مصلحة اسرائيل التراجع عنها.
ولذلك لا ينبغي الرهان على الضغط الامريكي والخلاف الامريكي الاسرائيلي الذي انما هو خلاف حول الاولويات وليس على اهداف المعركة، ونحن لا نستبعد ان تكون عملية رفح التي يتظاهر الامريكي بانه يعارضها تتم بالتنسيق معه لخلط الاوراق من جديد بعد موافقة حماس على الاتفاق والضغط على المقاومة كي تتنازل عن بعض شروطها ومطالبها التي لا ترضي العدو الاسرائيلي .
اليوم الحقيقة التي يجب ان يعترف بها الجميع ان اسرائيل هزمت وهزمت معها كل الدول والانظمة الداعمة والمتواطئة والمطبعة، بفعل صمود الشعب الفلسطيني، وصلابة المقاومة في الميدان، واضطرار االعدو الاسرائيلي ومعه الامريكي تحت ضغط عمليات المقاومة للتفاوض معها للوصول الى اتفاق .
وما يحصل اليوم بالرغم من الجراح والمعاناة وحجم الدمار والتضحيات الجسيمة هو انتصار للمقاومة وانتصار لمحور المقاومة الذي لم يترك غزة لوحدها، وبادر منذ الايام الاولى للحرب الى مساندتها ونصرتها على امتداد الجبهات، ومهما حاول العدو تجاهل حقائق الميدان والمكابرة والاستعلاء فلن يستطيع ان يخفي فشله وهزيمته او يخفف من وهج انتصارات المقاومة.
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :www.almanar.com.lb
بتاريخ:2024-05-10 18:58:37
الكاتب:
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي