تعتبر تكنولوجيا تلقيح السحب تقنية تُستخدم لزيادة كمية الوابل من خلال تحفيز عملية تكوين الغيوم والغيث، وقد ظهرت في منتصف القرن العشرين، حيث بدأت الدراسات والتجارب العلمية باختبار فكرة تأثير العوامل الخارجية في الهطول المطري؛ ويتم حقن مواد مثل كلوريد النوديم أو فورميد في الغيوم، مما يعزز تكوين قطرات المطر. الجدير ذكره، هو توظيف هذا التكنيك في عدة دول حول العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة، الصين، روسيا، الإمارات العربية المتحدة، المملكة العربية السعودية، أستراليا، الهند، ودول أخرى، وقد تختلف الطرق والمواد المستعملة باختلاف البلدان والظروف المناخية والبيئية.
الوسائل متعددة… ماذا عن الاثار المترتبة؟!
على المقلب الاخر، تثير هذه التقانة بعض القلق بشأن الآثار البيئية والصحية المحتملة، لكن لم يتم تأكيد وجود انعكاسات سلبية خطرة، كما لا تزال الدراسات تبحث في تأثيرات تلقيح السحب في البيئة والصحة، وبالرغم من ذلك النتائج لم تكن قاطعة حتى الآن. وبحسب العلماء من المهم تنفيذ عمليات تلقيح السحب بحذر ووفقاً للمعايير الدولية، وأن تكون الأبحاث والتقنيات مستمرة لضمان سلامة البيئة والإنسان، لأنها قد تؤثر في السيول والفيضانات بشكل غير مباشر عن طريق زيادة كمية الترسب في مناطق معينة. وإذا نجح التلقيح، فمن الممكن ساعتئذ ان تزيد الكميات المتساقطة من الأمطار في فترة زمنية قصيرة، مما قد يضاعف من احتمالات حدوث السيول والفيضانات في المناطق المعنية.
بالمقابل، ينبغي ملاحظة أنه يجري تنظيم هذه الاساليب بحيث تكون فاعليتها في السيول والفيضانات قابلة للتنبؤ والسيطرة عليها. علاوة على ذلك، لا بد من انتقاء المناطق المستهدفة بعناية وفقا للتحليلات الجوية ومراقبة الظروف المناخية عن كثب لتقدير المعدلات المناسبة من التطعيم.
التلقيح الاصطناعي قد يفشل!
في موازاة ذلك، أوضح مصدر في مصلحة الارصاد الجوية اللبنانية لـ “الديار” “ان هذه التكنولوجيا من الممكن أن تفشل في زيادة معدلات الهطول المطري بالشكل المطلوب أو المتوقع، كما ان هناك عدّة اشياء يمكن أن تؤثر في فلاح هذه المهارة مثل، الأحوال المناخية الراهنة ونوعية الغيَم المستهدفة، والكمية المناسبة من المواد والاساليب المستخدمة في تنفيذ العملية. لافتا الى هذا الانجاز يعتمد بشكل كبير على فهم دقيق للظروف الجوية والعوامل المؤثرة في تكوين السحب وتساقط المطر؛ وقد لا توفق هذا الصناعة إذا لم تكن هذه العوامل في صالحها”.
وأردف “إذا تعثّر التخصيب الاصطناعي في تراكم كمية الهطول المطري كما هو متوقع، فقد يكون لذلك عدة سَطَوات ويتسبب في عدم حدوث زيادة ملحوظة في معدل المتساقطات، مما يؤثر في الجهود المبذولة للتصدي للجفاف أو تحسين استجلاب الغيث في المناطق المستهدفة. كما قد يؤدي اخفاق هذا الأسلوب إلى إضافة تكاليف إضافية دون الحصول على النتائج المرجوة”.
واضاف، “يرجح العلماء بروز بعض الاضطرابات في البيئات المحيطة نتيجة المواد الكيميائية المستخدمة للتلقيح حيث تؤثر سلبا في الغلاف الجوي وتؤدي إلى تكوين غيوم غير مرغوب فيها لذلك يجب أن تتم عمليات التلقيح بحذر وفقا للمعايير البيئية والصحية”.
ماذا جرى في الإمارات التي تستخدم هذه التكنولوجيا؟
ليس خافيا على أحد ان الإمارات لجأت الى تطعيم السحب منذ عام 2002 لمعالجة قضايا القحط والجفاف، لكن على الرغم من التقدم الاقتصادي والعمراني في البلاد الا انها لا تزال تعاني من خلل في امدادات الصرف الصحي في العديد من المناطق وهذا الامر قد ينتج منه حدوث الفيضانات.
البارز في كل ما تقدم، ان الامطار المنهمرة والوافرة غطّت دبي في 16 نيسان الحالي، مما أدى إلى إلغاء الرحلات الجوية وزعزعة حركة المواطنين وخوف وقلق دفع بالناس الى التساؤل عن هذه الحالة. وكان انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي صور ومقاطع فيديو بينت ان الغيث الفائض غمر الشوارع وجرف المركبات، وهدّ سقوف مجمعات تجارية مهمة.
العناصر الجوية تضاربت!
من جانبه، قال المتخصص بأحوال الطقس والارصاد الجوية الاب ايلي خنيصر لـ “الديار” “كشفت دراسة اعديتها حول وضع دول الخليج وتتضمن تحليلا دقيقا للخرائط من الناحية العلمية، عن تشكّل منطقة من الضغط المنخفض جنوب السعودية؛ وسيتدنّى يوم الاحد المقبل انطلاقا من قيم الضغط الى حدود 998 هكتوباسكال وعندما ينخفض الضغط بجنوب المملكة في ظل وجود ضغوط مرتفعة في المناطق الشمالية بين تركيا وبحر قزوين؛ فحتما تؤدي هذه الحالة الى تدفق الرياح الباردة نتيجة الضغوط العالية والتي تتأثر بالضغط المنخفض”.
وأشار الى “ان الرياح الشمالية الباردة القادمة من العراق وشمال السعودية تصل الى المناطق الجنوبية وتسيطر عليها، وترافق هذه الظاهرة رياح جنوبية حارة متصاعدة من بحر العرب حاملة رطوبة عالية والتي كانت اخترقت سلطنة عمان. وبدورها اصطدمت الرياح الرطبة الحارة بتلك الشمالية الباردة، وبدأ المنخفض الجوي يتكوّن فوق عمان تدريجيا وتمدد ليتصادم مع الرياح ويكبُر. وانطلاقا من كل ما ذكرته، لقد رأينا ما حدث يوم الاثنين الفائت حيث سيطر على الأجواء منخفض عميق جدا وعالي الفعالية وهذا الامر تطرقت اليه في نشرتي بـ 12 نيسان الحالي واشرت الى ان هذه الدول تشهد امطارا طوفانية ونسبة صواعق بين الـ 100% و105% وبالتالي يمكن بوضوح ملاحظة السحب الكثيفة جدا وتساقط البرد الذي يؤلف السيول والفيضانات”.
حدث تلقيح ام لم يحدث!
اعتبر الاب خنيصر “ان تكنولوجيا التلقيح الاصطناعي لم تستخدم للاستمطار في دبي مؤخرا، وهناك تضارب بالآراء حول ما جرى، لكن بغض النظر عن كل ما قيل، فهذا لا يعني ان عملية التلقيح هي التي أتت بالغيم والامطار لوجودهما في الأساس”.
وختم لافتا الى “ان آلية التلقيح تُنفذ في الدول الصحراوية حيث تكون الامطار ضئيلة ويُستعان بمواد معينة للتمطير الاصطناعي؛ كما ان دولة الامارات تهتم بمواطنيها وتحافظ على البلاد وتعي خطورة هذا التكنيك الذي يُحدث اضرارا كبيرة تطال الاماراتيين والبلاد كافة، لكنها ان ارادت تلقيح السحب فبالتأكيد تقوم بإعداد دراسة علمية تسبق هذه الخطوة. لذلك اجزم بأن هذه الدولة التي تعتني بالشعب والسياحة لا تتصرف بطريقة قد تؤذي الناس والاقتصاد المحلي وتلحق الضرر بالبنى التحتية”.
ندى عبد الرزاق – الديار
The post خنيصر: أجزم أن الإمارات لم تُجرِ تلقيحا لاستمطار الغيم وهذا ما حدث فعلا! appeared first on LebanonFiles.
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :www.lebanonfiles.com
بتاريخ:2024-04-21 08:16:51
الكاتب:Stephny Ishac