دراسة على الفئران تكشف عن خلية مناعية قد تسبب الألم العضلي الليفي (الفيبرومالغيا)

اكتشف العلماء من خلال نموذج حيواني نوعًا من الخلايا المناعية تغزو الخلايا العصبية، وقد تُشكل سببًا محتملًا للألم العضلي الليفي أو ما يُعرف بالفيبرومالغيا – fibromyalgia. يتميز الألم العضلي الليفي بالألم المزمن وأنه واسع الانتشار ومنهك. يُعتقد أنه ينجم عن عملية تُعرف بالتحسس المركزي للألم، يحدث ذلك عندما يضخّم الجهاز العصبي المركزي للجسم عن طريق الخطأ الإشارات العصبية التي تمر عبر الدماغ والحبل الشوكي، ما يؤدي إلى حلقة مفرغة من زيادة إحساس ووعي الشخص للألم.

مع تقدم الأبحاث الحديثة يتغير الفهم العام لهذا المرض الذي غالبًا ما يصيب النساء بسرعة، حيث تشير الدراسات إلى التغييرات التي قد تحدث في الجهاز العصبي المحيطي أو الخارجي.

في دراسة أجريت في عام 2021 نُقلت أجسام مضادة من مرضى الألم العضلي الليفي إلى الفئران، أدى ذلك إلى زيادة حساسية الفئران للألم. أظهرت نتائج الدراسة دليلًا قويًا على أن المتلازمة هي اضطراب مناعي ذاتي أو على الأقل أحد المتلازمات التي تلعب فيها الخلايا المناعية دورًا رئيسيًا. كتب فريق البحث بقيادة عالمة الأحياء الجزيئية والخلوية سارة كاكساريا من جامعة كوين ماري في لندن: «تُظهر الأدلة المتزايدة تفاعلًا متبادلًا ومعقدًا بين الخلايا المناعية والعصبونات الحسية».

باستخدام نهج مشابه للدراسة التي أٌجريت في عام 2021، أدخل الباحثون خلايا مناعية تسمى العدلات جُمعت من مرضى مصابين بالألم العضلي الليفي إلى الفئران.

لوحظ خلال التجربة أن الفئران السليمة أصبحت أكثر حساسية للألم فقط بعد إدخال العدلات البشرية إلى أجسادها، وأن حقن الأجسام المضادة أو المصل أو الخلايا المناعية الأخرى من مرضى الألم العضلي الليفي أو خلايا من متطوعين أصحاء لم يسبب الألم.

تشارك العدلات عادةً في الاستجابة المناعية الطبيعية، وتعدّ خط الدفاع الأول للجسم ضد مسببات الأمراض، تتميز بالاستجابة السريعة لكن غير المحددة، فهي تهاجم أي جسم غريب يُظهر العلامات الأولى للعدوى.

من المدهش أنّ الأبحاث قد وجدت عددًا كبيرًا من العدلات في مجرى دم مرضى الألم العضلي الليفي، إلى جانب ارتفاع مستويات السيتوكينات الالتهابية التي تُنتجها هذه الخلايا.

عادة لا يُعثر على العدلات داخل أنسجة الجهاز العصبي إلّا في حالات الإصابة أو المرض. لكن في سلسلة من التجارب التصويرية على حيوانات التجربة، شوهدت العدلات البشرية التي كانت قد جُمعت من مرضى الألم العضلي الليفي تغزو حزمًا من الأعصاب الحسية تسمى العقد العصبية في الجهاز العصبي المحيطي للحيوانات.

كان هذا الغزو سريعًا، فقد أصبحت خلايا النخاع الشوكي لدى الفئران شديدة الاستجابة للمنبهات المؤلمة في غضون ساعة واحدة فقط من إدخال الخلايا البشرية إلى مجرى الدم.

لا تفسر هذه التجربة الحالات التي غالبًا ما تصاحب الألم العضلي الليفي وأنواع أخرى من الألم المزمن مثل خلل النوم والتوتر والقلق والاكتئاب. لكن النتائج تشير إلى أن العدلات تلعب دورًا يتعدى الألم الالتهابي الحاد، بل تمتلك دورًا في تعطيل عمل الجهاز العصبي من خلال حالة من الألم المزمن الدائم.

إن دراسة كيفية اختراق العدلات للخلايا العصبية وإرسال إشارات الألم قد يفتح الباب أيضًا على أساليب علاجية محتملة للألم العضلي الليفي. قد لوحظ تأخر ظهور الألم المزمن والمنتشر عندما استنفذ الباحثون الفئران من العدلات التي سببت الألم.

قالت كاكساريا وزملاؤها: «تُظهر هذه البيانات أن العدلات أساسية لتطوير الألم المزمن المنتشر من طريق تسللها إلى العقد الحسية المحيطية».

لا شكّ أن الباحثين سيستمرون في النقاش حول ما إذا كان أصل الألم العضلي الليفي عصبيًا أم مناعيًا.

رغم أن نتائج هذه الدراسة تعزز الدليل حول الأصل المناعي للمرض، فإنه لا يزال هناك الكثير من الأسئلة.

لم تتمكن كاكساريا وزملاؤها من تكرار نتائج دراسة عام 2021 واستنباط استجابات غير طبيعية للألم لدى الفئران باستخدام الأجسام المضادة فقط من مرضى الألم العضلي الليفي.

قد تكشف المزيد من الأبحاث الاختلافات الطفيفة والفروقات الفردية في تجارب الألم لدى الأشخاص، فهذه هذه الاختلافات قد تُأثّر على النتائج.

لا يزال سبب إصابة النساء بالألم العضلي الليفي واضطرابات المناعة الذاتية أكثر من الرجال مجهولًا حتى الآن. خلال التجارب لاحظ الباحثون أن كلًّا من الفئران الذكور والإناث أحست بالألم بشدة، بالتالي لم تُحدد بعد الآليات الكامنة وراء فرق الانتشار بين الجنسين في الألم العضلي الليفي.

اقرأ أيضًا:

الألم الليفي العضلي: تعريفه، أعراضه وسبل علاجه

العقد العضلية أو الوتّاب: الأسباب والعلاج والوقاية

ترجمة: هيا منصور

تدقيق: فاطمة جابر

المصدر

المصدر
الكاتب:هيا منصور
الموقع : www.ibelieveinsci.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-07-11 14:11:15
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

Exit mobile version