رائحة الفاكهة الناضجة قد توقف نمو الخلايا السرطانية

ازداد الوعي أكثر حول حاسة الشم منذ بدء تفشي جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19). ويبين بحث جديد حاليًا أن الروائح المشابهة للروائح التي تفوح من الفواكه الناضجة أو الأطعمة المتخمرة باستطاعتها إنتاج تغيرات في طرق التعبير عن الجينات داخل الخلايا البعيدة عن الأنف.

أثارت هذه النتائج فضول العلماء وتساؤلهم، ما دفعهم إلى المزيد من الأبحاث لمعرفة إمكانية أن يكون استنشاق المركبات الطيارة والمنقولة بالهواء وسيلة لعلاج السرطان أو الأمراض التنكسية العصبية البطيئة.

مع إن فكرة تلقي الدواء عبر الأنف ليست بالأمر الجيد، لكنها حقًا وسيلة لإحداث قفزة كبيرة بحسب التجارب على الخلايا والذباب والفئران. قد توجد أيضًا مخاطر صحية وغير متوقعة ترتبط بالمركبات الخاضعة للاختبار، ما يدعو إلى الحاجة إلى مزيد من الدراسات لفهم عواقب هذا الاكتشاف اللافت للنظر بطريقة أفضل.

يقول عالم البيولوجيا الخلوية والجزيئية في جامعة كاليفورنيا ريفرسايد وكبير مؤلفي الدراسة أنانداسانكار راي: «إن التعرض لرائحة ما قد يبدل التعبير الجيني بشكل مباشر، والمفاجئ بهذا بأن ذلك يحدث حتى في الأنسجة الخالية من المستقبلات الشمية».

عرض الفريق ذبابة الفاكهة سوداء البطن والفئران لجرعات مختلفة من أبخرة ثنائي الأسيتيل مدة خمسة أيام، وهو مركب متطاير تطلقه الخميرة في الفواكه المتخمرة. واستُخدِم تاريخيًا لنقل رائحة تشبه رائحة الزبد للأطعمة مثل الفشار، ويوجد أحيانًا في السجائر الإلكترونية، بالإضافة إلى كونه منتج ثانوي للتخمير.

وجد الفريق في الخلايا البشرية المزروعة مخبريًا أن ثنائي الأسيتيل قد يعمل مثبطًا هيستون دياسيتيلاز. ويحدث تغيرات واسعة المدى في التعبير الجيني لدى الذباب والفئران، وتضمن ذلك خلايا أدمغة الحيوانات ورئتي الفئران وقرون استشعار الذباب.

مثبطات الهيستون دياسيتيلاز هي أنزيمات تساعد على التفاف الحمض النووي حول الهيستون بإحكام أكثر، لذلك يصبح التعبير عن الجينات أسهل أكثر إن ثُبطت، واستُخدِمت سابقًا بوصفها علاجًا لسرطان الدم.

وجد الباحثون في تجارب لاحقة أن أبخرة ثنائي الأسيتيل أوقفت نمو خلايا الورم الأرومي العصبي للإنسان المزروعة في طبق. وأبطأ أيضًا التعرض لها في نموذج الذبابة لمرض هنتنغون من تقدم التنكس العصبي.

يقول راي: «كانت نتائج البحث المهمة التي توصلنا إليها أن بعض المركبات المتطايرة المنبعثة من الميكروبات أو الطعام قد تبدل الحالات المتعلقة بالتخلق المتوالي في الخلايا العصبية وغيرها من الخلايا حقيقية النوى، وتقريرنا هو أول تقرير عن أشيع الأبخرة المتطايرة التي تتصرف بهذه الطريقة … قد لا يكون هذا المركب المرشح المثالي للعلاج، فقد درس الفريق تأثيرات ثنائي الأسيتيل للبرهنة على المفهوم فقط، ولكن بينت أبحاث أخرى أن استنشاقه يسبب تغيرات في خلايا مجرى الهواء ومرضًا رئويًا يسمى التهاب القصبات الهوائية الطمسي أو رئة الفشار».

ويضيف راي المؤسس لشركتين ناشئتين والذي سجل عدة براءات اختراع بناءً على عمل فريقه: «نعمل مسبقًا على تحديد المواد الطيارة الأخرى التي تؤدي إلى تغيير التعبير الجيني … يوجد أيضًا الكثير من القيود الأخرى على العمل، فقد لفت انتباهنا أحد المراجعين للدراسة إلى عجز الدراسة عن التزويد بتحليل كامل للآليات الأساسية والتي بإمكانها تفسير كيفية تحفيز الروائح للتبدل بالتخلق المتوالي في الخلايا البعيدة عن الأنف».

التعرض للروائح الشائعة التي تواجهنا (سواء أكان متكررًا أو لمدة طويلة) قد يكون له عواقب طويلة الأمد وخارج نطاق هذه الدراسة المخبرية قبل السريرية أيضًا. وتذكر ما تقوله الحكمة بأن الجرعة هي ما تجعل السم مؤذيًا.

وأضاف الباحثون بعض الملاحظات التي دونوها فيما يخص بحثهم: «نظرًا لتكرار تعرضنا لنكهات وروائح معينة، فإن خلاصة النتائج هنا تسلط الضوء على اعتبار جديد لتقييم أمان بعض المواد الكيميائية المتطايرة التي قد تعبر غشاء الخلية».

تحتوي النباتات أيضًا على أنزيمات الهيستون ثنائي الأسيتيلاز، وقد أشارت أبحاث أخرى إلى أن هذه الأنزيمات تبدي استجابة قوية ومفاجئة للمواد الكيميائية الطيارة في الهواء، لذلك قد يكون تطبيق هذا العمل عمليًا أكثر في مجال الزراعة.

اقرأ أيضًا:

لقاح يقتل الخلايا السرطانية في الدماغ ويمنعها من النمو

قد تستيقظ الخلايا السرطانية الخاملة بسبب تغير في هذا البروتين الرئيسي!

ترجمة: رغد شاهين

تدقيق: بشير حمّادة

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :www.ibelieveinsci.com بتاريخ:2024-04-20 00:19:28

Exit mobile version