زيارة بزشكيان الى العراق.. رسائلها ونتائجها

العالم مقالات وتحليلات

كما ان الزيارة امتدت على مجمل الجغرافيا العراقية، وكان الجانب الشعبي فيها واضحا. الامر الذي دفع المراقيين الى مقارنتها بالزيارات السرية التي يقوم بها رؤساء امريكا الى العراق، والتي تجري عادة بليل وبالخفاء، تصل الى حد اطفاء اضواء الطائرة الرئاسية التي لا تهبط في مطار بغداد، بل في قاعدة عين الاسد، ولا يتم الاعلان عن الزيارة الا بعد ان يغادر الرئيس الامريكي الاجواء العراقية.

العالم كله شاهد الرئيس الايراني بزشكيان، الذي نزل في مطار بغداد في وضح النهار، و زار 6 مدن عراقية في غضون 3 ايام، حيث زار العراق من الشمال الى الجنوب، فقد زار بغداد، كما زار اربيل والسليمانية في اقليم كردستان العراق، وزار النجف الاشرف وكربلاء المقدسة، واختلط مع الناس هناك كإي زائر، وزار مدينة البصرة في جنوب العراق، واستقبل هناك استقبالا حافلا من قبل اهالي المحافظة الكرماء والاصلاء.

من هنا يمكن فهم طبيعة العلاقة التي تربط الشعب العراقي بايران، وطبيعية العلاقة التي تربط الشعب العراقي بامريكا، ولسنا بحاجة للتنظير المبتور والمغرض والمسموم، والقفز على الواقع، وليّ عنق الحقائق. كما فعلت وتفعل ابواق المغرضين والحاقدين، ممن تفجروا غيظا من نتائج الزيارة.. قل موتوا بغيظكم.

الاختلاف في الكيفية التي تتم فيها زيارات الرؤساء الايرانيين والامريكيين الى العراق، تعود في الاساس الى بوصلة الشعب العراقي في تحديد الصديق من العدو، وهي بوصلة لم ولن تنحرف ابدا، حتى لو تكالبت عليها اعتى القوى السياسية في العالم، بكل جيوشها العسكرية والاعلامية، فالشعب العراقي الفطن والواعي والذكي، مازال يرى في امريكا، دولة، تتربص بثرواته وخيراته، وتعمل جاهدة على اضعافه وتفتيتيه، مرة عبر “داعش”، ومرة عبر العصابات الصدامية، ومرة عبر الاعلام والحرب الناعمة، التي تستهدف الاسلام والتقاليد العراقية العريقة والشعائر الحسينية والمجتمع والاسرة. وفي المقابل كان ومازال هذا الشعب العريق ينظر الى ايران كصديق والى الشعب الايراني كشقيق، وقف ويقف الى جانبه في السراء والضراء، دون مقابل، وقدم خيرة ابنائه للدفاع عن وحدة ومقدسات العراق، وليس بمقدور لا امريكا ولا داعش ولا ايتام ولقطاء البعث، اعطاب او حرف البوصلة العراقية.

من مظاهر ثبات البوصلة العراقية، هو الاحترام الكبير الذي يكنه الشعب العراقي لقادة النصر، والذي تجلى في اقامة نصب تذكاري لقادة النصر الشهيدين الخالدين قاسم سليماني وابو مهدي المهندس ورفاقهما الابرار، في مكان الجريمة الامريكية الجبانة، هو تاكيد عراقي واضح على ان دم العراقيين والايرانيين، هو دم واحد، ولا يمكن للعراقيين ولا الايرانيين، ان ينسوا تلك الدماء الطاهرة، الامر الذي جاء كدليل اضافي على فشل الدعاية الامريكية وذيول امريكا القذرة، في خلق هوة بين العراق وايران، والتقليل من شأن من قدم حياته قربانا لوحدة العراق ومقدساته. لذلك بدأ الرئيس بزشكيان زيارته الى العراق، صباح الاربعاء الماضي، بزيارة نصب القائدين قرب مطار بغداد الدولي، في تأكيد لا لبس فيه ان ايران والعراق، لن ينسيا ولن يغفرا تلك الجريمة النكراء.

خلال زيار بزشكيان للعراق، ونظرا للدور الخطير للاعلام الهادف والموضوعي، وكذلك من اجل سد الطريق على المغرضين والحاقدين وذيول وايتام البعث الصدامي لتحريف الحقائق وطمسها وزرع الاحقاد والعزف على الوتر الطائفي والعنصري، الذي كان سمة مميزة للاعلام الوسخ للنظام الاجرامي الصدامي خلال 35 سنة من حكمة الاسود على العراق، وقع وزيرا خارجية إيران سيد عباس عراقجي، ونظيره العراقي فؤاد حسين، وثيقة للتعاون الإعلامي المشترك بين البلدين، وبناء على هذه الوثيقة، يتعاون البلدان في مجال المؤسسات الإعلامية من خلال تشكيل فريق عمل مشترك، وتطوير إنتاج المحتوى، والتغطية الإعلامية لمراسم الأربعين السنوية، وإنشاء مكاتب تمثيلية إعلامية في البلدين.

كما ينص هذا التعاون على تنظيم زيارات للوفود الإعلامية، واعداد دراسات وتبادلات إعلامية، وإنتاج محتوى مشترك بهدف دعم الشعب الفلسطيني المظلوم والتأكيد على حقه التاريخي في الأرض الفلسطينية.

بات واضحا ، لاسيما بعد سقوط صنم بغداد، ان ايران هي عمق استراتيجي للعراق، وان العراق هو عمق استراتيجي لايران، ولن يسمح الشعبان الشقيقان فيهما، للحقبة الصدامية السوداء ان تتحول الى عقبة او تعكر صفو العلاقات بينهما، او تخلق هوة بين الاشقاء، فالنظام الصدامي وسنينه السوداء ذهبت الى مزبلة التاريخ، وافاق المستقبل باتت مشرقة امام ايران والعراق، لبنائه على اسس مباديء حسن الجوار والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة المشروعة بعيدا عن فرض الارادات والاجندات المشبوهة.

خلال زيارة الرئيس الايراني الى العراق والتي استغرقت ثلاثة ايام، اجرى بزشكيان محادثات مع نظيره العراقي عبداللطيف رشيد، و رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ونائب رئيس مجلس النواب محسن المندلاوي، وزعيم اقليم كردستان مسعود بارزاني، و رئيس الاقليم نيجرفان بارزاني، ورئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني، وعدد كبير من الزعماء السياسيين العراقيين، في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والامنية. كما تم خلالها التوقيع على 14 مذكرة تفاهم في مجالات التعاون الضريبي والزراعة والموارد الطبيعية والإتصالات والنقل الحديدي والرياضة والتربية والسياحة والتبادل الثقافي والفني والتدريب المهني وتطوير التعاون بين الغرف التجارية. الا ان الجانب الاهم في هذا الخصوص يعود الى الاتفاق على اعتماد لغة مشتركة وتشكيل فريق يضم مسؤولين عراقيين وايرانيين لاعداد خطط استراتيجية مشتركة وطويلة الامد، ليتم توقيعها خلال الزيارات اللاحقة.

من اهم رسائل زيارة بزشكيان، كانت الرسالة التي كتبت بحروف كبيرة، تقول ان من يراهن على تعكير صفو العلاقة بين ايران والعراق ، وخاصة مع اقليم كردستان العراق، رهان على حصان خاسر. فايران والعراق يدركان جيدا، ان الامن في البلدين، هو أمن واحد، ولا يمكن للعراق ان يستقر والامن الايراني يتعرض للخطر، ولا يمكن لايران ان تستقر وأمن العراق يتعرض للخطر، وبات الجميع يعلم ان الامريكيين، ما انفكوا يراهنون على هذا الحصان الاعرج، عبر محاولات مستميتة للاساءة الى الامن في البلدين، بهدف خلق حالة من الفوضى، تتحول الى غطاء لشرعنة تواجدها غير الشرعي في المنطقة. وهذه الحقيقة تلمّسها الرئيس بزشكيان، خلال لقاءاته مع القيادات الكردية في أربيل، خاصة التصريح الواضح والصريح لرئيس اقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، الذي اكد ان الاقليم لن يشكل ابدا تهديدا لايران، بل على العكس، فانه سوف يسعى ليكون فرصة بالنسبة للجمهورية الإسلامية الإيرانية.

JOIN US AND FOLO

Telegram

Whatsapp channel

Nabd

Twitter

GOOGLE NEWS

tiktok

Facebook

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :www.alalam.ir بتاريخ:2024-09-14 18:09:55
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

Exit mobile version