فقد عانى سكان أكبر مدينة في الصين، وعددهم زهاء 25 مليون نسمة، شهرين من الإحباط والضغط النفسي والخسارة الاقتصادية، إذ عارضت بلادهم الإجماع العالمي بخصوص عدم إمكانية هزيمة كوفيد بشكل حاسم، وفرضت سياسة صارمة للقضاء على الجائحة. وقال الطالب الجامعي هانج ميتشين: “أشعر أنني استعدت حريتي”.
وتحدى عداؤون ومتزلجون ومحبون للمشي مع الكلاب حرارة الطقس المشبعة برطوبة، فعجت بهم المتنزهات المطلة على النهر. وأخذ أصحاب المتاجر ينظفون نوافذها، وسار الموظفون لمكاتبهم لكن ليس بالأعداد التي كانت قبل تفشي المرض، إذ فرضت عديد من الشركات عودة متقطعة إلى العمل.
ولم تعد الحياة إلى ما كانت عليه قبل كوفيد بشكل طبيعي، إذ لا يزال تناول الطعام داخل المطاعم محظورا، ويمكن للمحلات أن تعمل بسعة 75% فقط وسيتم إعادة فتح القاعات الرياضية لاحقا.
كما أن هناك طوابير طويلة في أماكن الفحص، إذ يحتاج السكان إلى نتائج سلبية حديثة لفحوصهم، من أجل استخدام وسائل النقل العام ودخول المباني المختلفة، واصطف كثيرون في مراكز التطعيم.
ومن يرى الناس يلمس مدى قلقهم من احتمال عودة كوفيد ومعه القيود الصارمة على الحياة الاجتماعية. ويرتدي رجال الشرطة والموظفون في المكاتب العامة بدلات واقية كاملة، كما يضع العديد من الركاب قفازات ودروعا واقية للوجه، ويضع الجميع الكمامات.
توقعات متضاربة
لدى الشركات أيضا مواقف متضاربة بخصوص توقعاتها بعد الإغلاق الذي أضر بقطاعي التصنيع والتصدير في شنغهاي، وعطل سلاسل التوريد في الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وفي أماكن أخرى، وأدى إلى تباطؤ التجارة الدولية.
فقد انكمش نشاط المصانع في الصين بشكل أقل حدة في مايو أيار مع استئناف بعض الإنتاج، لكنه لا يزال ثاني أكبر انخفاض شهري منذ فبراير شباط 2020، في المراحل الأولى من جائحة كوفيد.
ويتوقع كثير من المحللين أن ينكمش الاقتصاد الصيني في الربع الثاني، وأن يكون الانتعاش عملية طاحنة تعتمد بشكل كبير على تطورات كوفيد، إذ من غير المرجح أن يستعيد المستهلكون والشركات الثقة على الفور. لكن زيادة الاستهلاك كانت ملحوظة على بعض المنتجات.
فقد أقبل السكان على المتاجر التي أُعيد فتحها لشراء فاكهة وخضروات طازجة، وغير ذلك من المنتجات التي كانوا يتوقون لها أثناء الإغلاق، عندما لم يتمكنوا دائما من طلب كل ما يريدونه، معتمدين بشكل كبير على الطلبات الجماعية للإمدادات الأساسية مع الجيران.
وقالت امرأة تُدعى وانغ وهي تدفع دراجة محملة بمواد البقالة “اشتريت بعض حبوب الصويا، ولم يكن من الممكن شراؤها من خلال عمليات الشراء الجماعية وبعض البروكلي وبعض الروبيان (الجمبري).
أثار أسلوب تعامل مدينة شنغهاي مع الإغلاق احتجاجات نادرة، حيث كان الناس يقرعون أحيانا الأواني خارج نوافذهم للتعبير عن استيائهم. كانت تلك مشاهد محرجة للحزب الشيوعي الحاكم في عام حساس، إذ من المتوقع أن يضمن الرئيس شي جين بينغ فترة ولاية ثالثة غير مسبوقة.
ونشرت حكومة شنغهاي ما سمته خطاب “شكر” للسكان، وكان أفراد الطاقم الطبي والشرطة والجيش والصحفيون وكوادر “القواعد الشعبية” من بين العديد ممن حصلوا على تنويه خاص لمساهماتهم.
وجاء في الخطاب: “في ظل القيادة القوية للجنة المركزية للحزب الشيوعي وفي قلبها الرفيق شي جين بينغ، وبعد أكثر من شهرين من القتال المستمر، حققت المعركة الشاقة للدفاع عن شنغهاي إنجازا كبيرا. هذه لحظة انتظرها الجميع … نود أن نشكر جميع مواطني شنغهاي على وجه الخصوص على دعمهم وتفانيهم”.
وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، رد بعض المستخدمين على الخطاب باحتفالات النصر، بينما طالب البعض الآخر برسالة اعتذار بدلا من ذلك. وعلق أحد المستخدمين متسائلا: “ألا يجب أن يحاسب أولئك الذين يملكون نفوذا كبيرا ويمكن أن يلحقوا الأذى بالآخرين بشكل تعسفي؟”.
وأخرج أكبر مرفق للحجر الصحي في شنغهاي، وهو قسم يضم 50 ألف سرير في المركز الوطني للمعارض والمؤتمرات، يوم الثلاثاء آخر حالتين من حالات الإصابة بفيروس كوفيد من بين 174308 حالات تم إيواؤها هناك. وأعلن المرفق أنه مغلق. لكن محنة الإغلاق في شنغهاي أضحت رمزا لما يقول منتقدوه إنه عدم استدامة التزام الصين بسياسة صارمة، لعدم تفشي فيروس كورونا.
الكاتب :
الموقع :arabic.euronews.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2022-06-01 16:30:27
رابط الخبر
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي