صنوبري: الشركات الغربية، من خلال السماح باستغلال منتجاتها لتنفيذ عمليات ارهابية متواطئة في الإرهاب
اعداد:محمد ابو الجدايل
خاص pravda tv
تعرضت أجهزة اتصال في مناطق بلبنان لانفجارات في اطار هجمة ارهابية بدأت أمس الثلاثاء، عبر أجهزة لاسلكية (بيجر)،
في حين أكدت مصادر تعرّض أجهزة جديدة اليوم الأربعاء لتفجير بعضها من نوع “ووكي توكي أيكوم”.
كما نقلت وسائل اعلام عن مصدر أمني وشاهد عيان أن أجهزة الاتصالات التي انفجرت بعدد
من مناطق لبنان اليوم هي أجهزة لاسلكية محمولة ومختلفة عن أجهزة البيجر التي انفجرت أمس.
واعلنت وزارة الصحة اللبنانية سقوط عشرات الشهداء وآلاف الجرحى في تفجيرات يوم امس واليوم.
تعقيبا على هذه الحملة الارهابية اجرت برافدا تي في، حوارا مع د. محمد علي صنوبري
مدير ورئيس تحرير مركز الرؤية الجديدة للدراسات الاستراتيجية.
جاء في نص الحوار:
1) هل يمكن أن يتسبب هجوم إلكتروني في انفجار جهاز البيجر؟
أعتقد بأنه، في حين ترتبط الهجمات الإلكترونية عادة بالتسلل إلى الأنظمة، أو سرقة البيانات، أو تعطيل الأجهزة عن بعد، فإنها لا تمتلك عموماً القدرة المباشرة على التسبب في انفجارات.
ومع ذلك، هناك ارتباط محتمل، وإن كان غير مباشر، بين التلاعب الإلكتروني ومثل هذه الحوادث الإرهابية، وخاصة في سياق الحرب الحديثة.
إن أجهزة البيجر، باعتبارها جهازاً بسيطاً، تفتقر عادة إلى القدرة الكامنة على إحداث أضرار انفجارية.
ولكن إذا تم العبث بها وتزويدها بالمتفجرات مسبقاً، فقد يدخل العنصر الإلكتروني حيز التنفيذ لتشغيل المفجر عن بعد عبر إشارات اتصال تم التلاعب بها.
وهذا من شأنه أن يتضمن دمج أجهزة البيجر في نظام أكبر، حيث قد يستهدف الهجوم الإلكتروني بروتوكولات الاتصال أو يتجاوز تدابير أمنية معينة، مما يسمح بتنشيط جهاز متفجر عن بعد.
وفي مثل هذه الحالة، فإن “الهجوم الإلكتروني” سوف يعمل كآلية تشغيل وليس سبباً للانفجار نفسه.
في هذا الحادث الإرهابي في لبنان، تورط كيان الاحتلال بعملية واسعة بقصد تصفية أكبر قدر ممكن من المدنيين
ومن المهم أن ندرك أن مثل هذه العمليات تتطلب تنسيقًا متطورًا ودقة تكنولوجية.
إن القدرات التكنولوجية لكيان الاحتلال الإسرائيلي كبيرة، لكنها ليست فريدة في تعقيدها.
إن مشاركة الولايات المتحدة وأوروبا في المساعدة في العمليات السيبرانية المتقدمة والاختراق وزراعة المتفجرات في الأجهزة تضيف طبقات متعددة من الخبرة لمثل هذه الهجمات.
علينا ألا ننسى بأنّ حزب الله طوّر شبكة مراقبة سيبرانية قوية أصبحت متقدمة للغاية، مما يسمح له بالتنافس مع الأنظمة الغربية والإسرائيلية.
يتضمن جزء من إجراءات التشغيل القياسية لحزب الله فحصًا واختبارًا شاملين لأجهزة الاتصال التي يستخدمها أعضاؤه، وهي عملية قد تستغرق أسابيع.
على الرغم من هذا المستوى من التدقيق، فإن حوادث الانفجار الأخيرة يشير إلى ثغرة خطيرة.
كانت الأجهزة المستخدمة، مثل أجهزة البيجر، متاحة على نطاق واسع للمدنيين
مما أدى إلى تعقيد الجهود الرامية إلى اكتشاف أي تخريب محتمل أو خروقات أمنية.
يمكن أن تُعزى صعوبة تمييز مصدر الاختراق إلى الخطوط غير الواضحة بين شبكات الاتصالات المدنية والعسكرية بالإضافة إلى عملية الاختراق الخبيثة حيث
تم دمج المواد المنفجرة في البطارية وهذا كان نتيجة تنسيق جماعي غربي وصهيوني.
وقد رد حزب الله على الحادث الإرهابي بإطلاق تحقيق موسع، ومن المرجح أن يكشف
عن رؤى بالغة الأهمية من شأنها أن تساعد في منع وقوع حوادث مماثلة في المستقبل.
٢-هل من الممكن تنفيذ تفجير عن بُعد لأجهزة البيجر؟ أم أن الموساد قد أبرم صفقة مع الشركات التي تزود هذه الأجهزة؟
من الناحية الفنية، ليس من المستبعد أن تكون أجهزة النداء أو غيرها من أجهزة الاتصالات مزودة بأجهزة متفجرة صغيرة يتم التحكم فيها عن بعد.
وهذا يتطلب الوصول إلى سلسلة التوريد وعمليات التصنيع، مما يسمح بإدخال نقاط ضعف في الأجهزة أو البرامج في أجهزة تبدو غير ضارة.
ومع ذلك، فإن الاحتمال الأكثر إثارة للقلق هو أن بعض الشركات والدول الغربية والولايات المتحدة، عن علم وقصد، قد سهلت التلاعب بمنتجاتها من قبل أجهزة الاستخبارات مثل الموساد.
إن حقيقة تورط شركات غربية، وخاصة في قطاع الاتصالات، في هذه الانفجارات تزيد من ثقل هذه النظرية.
لقد اتُهمت شركة موتورولا، وهي شركة أمريكية كبرى، بالسماح باستخدام منتجاتها في مناطق الصراع دون إشراف كافٍ.
كما واجهت فروعها الفرنسية اتهامات مماثلة، كما تورطت كل من بلغاريا والنرويج في اختراق سلاسل التوريد والتلاعب بأجهزة البيجر التي انفجرت.
وهذا يرسم صورة واضحة للغاية هي أن كيان الاحتلال بمساعدة الشركات الغربية، تمكن من إدخال مواد متفجرة في أجهزة الاتصال هذه، والتي تم استغلالها بعد ذلك لتنفيذ هذا العمل الشنيع.
وعلى الرغم من الأصل التايواني لهذه الأجهزة، لا يمكن تجاهل تورط الشركات الغربية.
إن انتشارها العالمي، وسلاسل التوريد الواسعة، وتاريخها السابق من إساءة الاستخدام في مناطق الصراع يجعل
من الصعب تصديق أنهم مجرد متفرجين أبرياء. تتحمل الشركات الغربية، بما في ذلك تلك التي تتخذ من فرنسا والولايات المتحدة
ودول أوروبية أخرى مقراً لها، مسؤولية كبيرة عن السماح بإعادة استخدام منتجاتها لأعمال العنف والإرهاب.
إن هذا يشير إلى مؤامرة غربية صهيونية قديمة متجددة، لا تستهدف الأهداف العسكرية فحسب بل والسكان المدنيين اللبنانيين، وتمتد لأكثر من عقد من الزمان.
إن النمط الثابت للدول والشركات الغربية التي تنفي مسؤوليتها، في حين تستفيد من مبيعات الأسلحة ونقل التكنولوجيا، هو جزء من هذه المؤامرة الأوسع نطاقا.
إنها ليست ظاهرة جديدة، بل إنها ظاهرة تطورت بمرور الوقت، تستهدف شعب لبنان، حتى قبل أن تتفاقم حروب الإبادة للكيان الصهيوني الحالية في غزة ولبنان.
ويسلط هذا الواقع الضوء على الحاجة إلى مساءلة أكبر للشركات المعنية.
من جانب أخر، إن أحد أكثر الجوانب أهمية في هذه المأساة هو فقدان الثقة للأبد في المنتجات الغربية والحكومات التي تقف وراءها.
لقد ثبت أن الاعتقاد بأن الأجهزة المخصصة للاستخدام المدني آمنة بطبيعتها كاذب، مما أدى إلى الشعور بالخيانة.
والآن ينظر الشعب اللبناني، إلى جانب آخرين في جميع أنحاء المنطقة، إلى الشركات والحكومات الغربية باعتبارها متواطئة في معاناتهم.
كما تؤكد هذه الحادثة الإرهابية كيف تم تسليح منصات الاتصالات الغربية، مثل واتساب وفيسبوك، من قبل المخابرات الإسرائيلية لتتبع واستهداف شخصيات المقاومة والمدنيين.
إن هذه المنصات، التي كانت تهدف إلى تسهيل الاتصالات العالمية، أصبحت بدلاً من ذلك أدوات للمراقبة والتلاعب والعنف ضد شعوبنا في المنطقة.إن مسألة المسؤولية المؤسسية في هذا الوضع أخلاقية وقانونية.
فالشركات الغربية، من خلال السماح باستغلال منتجاتها لمثل هذه العمليات، متواطئة في أعمال الإرهاب.
ولا يكفي ادعاء الجهل أو الاختباء وراء تعقيدات التجارة الدولية. بل يجب محاسبة هذه الشركات، قانونيًا وأخلاقيًا، على دورها في تسهيل العنف وخيانة القيم التي تدعي أنها تدعمها.
والفشل في القيام بذلك من شأنه أن يمثل خيانة عميقة للمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان والعدالة.
٣- ما تداعيات مثل هذه الاعمال الاجرامية على المنطقة؟ وكيف يمكن محاسبة اسرائيل على هذه الجريمة؟
إن الكيان الإسرائيلي كان ينوي زعزعة استقرار لبنان وإثارة الصراع الداخلي من خلال عملية التفجيرات هذه، ولكن ما حدث هو العكس.
فقد أصبح الشعب اللبناني صفاً واحداً خلف حزب الله، بغض النظر عن انتمائه الديني أو السياسي، سواء كان مسيحياً أو سنياً أو شيعياً أو درزياً.
ويعكس هذا التوحد الإدراك الأوسع بأن عدوان كيان الاحتلال يستهدف جميع المواطنين اللبنانيين دون تمييز.
وترمز عمليات التبرع بالدم العفوية وجهود الإنقاذ الجماعية
إلى وحدة وطنية عميقة تتجاوز الخطوط الطائفية، وتعزز من عزيمة لبنان الداخلية بدلاً من تفتيتها.
إن توقع كيان الاحتلال بأن يؤدي مثل هذا العنف الواسع النطاق إلى استسلام الشعب والمقاومة اللبنانية، يعكس حسابات خاطئة تاريخية
فهي حاولت تقليد استراتيجيات حليفتها الولايات المتحدة عندما ألقت القنابل النووية على اليابان أثناء الحرب العالمية الثانية لدفعها للاستسلام.
ولكن خاب ظنها ولم يحدث الانهيار المتوقع.
وبدلاً من دفع لبنان نحو الاستسلام، أصبح الشعب أكثر تصميماً، حيث طالب اللبنانيون
بانتقام المقاومة من هذا العدوان بشكل حاسم وحازم.
والواقع أن الهجمات الصاروخية الأولية التي شنها حزب الله على المواقع العسكرية الإسرائيلية
مثل المجمع الصناعي في حيفا وقاعدة رامات ديفيد ترسل رسالة واضحة بأنّ حزب الله مستعد للذهاب
إلى أقصى حد بعد الوحدة التي أظهرها الشعب اللبناني خلفه.
إن محاولة الكيان الصهيوني لإضعاف لبنان وحزب الله أدت إلى تعميق عزيمة حزب الله والشعب اللبناني ككل
مما وضعهم في موقف يسمح لهم بالانتقام المستمر وهذا ما ننتظره في الأيام القادمة.
كما يعتبر هذا الهجوم بمثابة قصة تحذيرية للجهات الفاعلة الإقليمية التي قامت بتطبيع العلاقات مع كيان الاحتلال أو تلك التي تفكر في تطبيعها.
لقد كشف الحادث الإرهابي عن الطبيعة العشوائية للعدوان الإسرائيلي، مسلطًا الضوء
على أن حتى الدول أو السكان غير المتورطين بشكل مباشر في صراعات مع الصهاينة يمكن أن يصبحوا ضحايا.
كما أظهرت للعالم أجمع بأن الاحتلال لا يتوانى عن ممارسة إبادة جماعية في أي نقطة في هذا العالم ولا يقتصر ذلك على غزة.
من منظور قانوني، يشكل استهداف كيان الاحتلال المتعمد لأجهزة الاتصالات، التي لا يستخدمها حزب الله فحسب
بل يستخدمها أيضًا المدنيون، بما في ذلك الأطباء والمهندسون والعمال العاديون، انتهاكًا للقانون الدولي.
تطالب اتفاقيات جنيف بالتمييز الواضح بين الأهداف العسكرية والمدنية، ومن الواضح أن هذا الهجوم فشل في تلبية هذه المعايير.
إن الدمار الذي أحدثته هذه الأجهزة المفخخة، والتي تهدف إلى قتل الآلاف من المدنيين
يتماشى مع تعريف جرائم الحرب ويعكس التكتيكات الوحشية للجماعات المتطرفة مثل داعش، والتي تستخدم الأهداف المدنية لنشر الرعب.
إن مسؤولية الكيان الصهيوني عن هذه الأعمال تضعها في انتهاك لقانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.
إن طبيعة الهجوم، عملية مدروسة ومنظمة تستهدف المدنيين، تستحق الملاحقة القضائية في المحاكم الدولية.
يجب على المجتمع الدولي أن يعامل هذه الأعمال باعتبارها جرائم حرب وأن يقدم قوات الاحتلال
إلى العدالة من خلال الأطر القانونية الدولية، مثل المحكمة الجنائية الدولية.
إن الفشل في القيام بذلك من شأنه أن يشجع المزيد من الانتهاكات للقانون الدولي
مما يشكل سابقة خطيرة لكل من الجهات الفاعلة من الدول وغير الدول في جميع أنحاء العالم.
ظهرت المقالة صنوبري ل pravda tv:الشركات الغربية، من خلال السماح باستغلال منتجاتها لتنفيذ عمليات ارهابية متواطئة في الإرهاب أولاً على pravda tv.
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :pravdatv.org
بتاريخ:2024-09-23 13:10:04
الكاتب:قسم التحرير
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي