تعلن شركات السيارات منذ سنوات عن طرح موديلات جديدة مزودة بأنظمة القيادة الذاتية، ويتم التحكم فيها بواسطة أنظمة معقدة للغاية تشتمل على مستشعرات وكاميرات ذكاء اصطناعي، لكن ما الذي يحول دون ابتكار نموذج يعتمد عليه حتى الآن.
ضجت صناعة السيارات في العقد قبل الماضي بتوقعات بأن تنتشر المركبات آلية القيادة بشكل واسع بحلول الوقت الحالي، لكن ذلك لم يحدث بسبب الكثير من الصعوبات.
وبدأت الشركات في إدخال عناصر محدودة من الأتمتة مثل القيادة دون استخدام اليدين، وأنظمة تجنب الاصطدام ضمن الطرز المُنتجة بكميات كبيرة.
وعلى الرغم من الترويج لهذه الميزات لجعل القيادة أكثر أمانا وسهولة، تُخضع الجهات التنظيمية هذه النوعية من السيارات للفحص الدقيق بعد سلسلة من الحوادث الكبيرة، بعضها أدى إلى وفيات.
وتوقفت بعض الشركات عن محاولة تطوير السيارات ذاتية القيادة بسبب التكاليف العالية والتعقيد الكبير. ولكن في المقابل، تواصل أخرى تحقيق تقدم على هذا الصعيد، مثل وايمو التي توسعت هذا العام في تقديم خدمة سيارات الأجرة دون سائق.
وتواصل شركة تسلا المضي في هذا المسار، فقد كشفت عن جهود في مجال التاكسي الروبوتي قبل أسبوعين في فعالية وي روبوت التي أقامتها تسلا في استوديو وارنر براذرز ديسكفريفي بربانك بولاية كاليفورنيا.
ووصف مالكها إيلون ماسك في الحدث الذي كان مقررا في أغسطس، لكن تأجل بعدما طلب تعديلات على التصميم، ذلك بأنها “اللحظة الأكثر أهمية للشركة منذ الكشف عن موديل 3”، أولى سياراتها المُنتجة بكميات كبيرة، عام 2016.
وشرح كيف سيتم دمج التاكسي الروبوتي وربما حتى سيارات تسلا الحالية في شبكة لنقل الركاب تديرها الشركة، بنموذج عمل مشابه لأسلوب تأجير العقارات على منصة أير بي.أن.بي.
وتحتاج السيارات ذاتية القيادة إلى دَفعة تعززها بعد عام صعب في 2023. فقد كانت أكبر انتكاسة لوحدة القيادة الذاتية كروز التابعة لشركة جنرال موتورز، عندما دهست سيارة أجرة روبوتية أحد المشاة في سان فرانسيسكو.
وهناك آمال بآفاق جديدة في القطاع مع اقتراب نهاية 2024، حيث تتوسع شركات مثل بايدو الصينية، ووايمو في خدماتها لتشمل مدناً جديدة.
ومع أن هذه الآمال عريضة، إلا أن الواقع يبدو مختلفا حتى الآن نظرا لوجود الكثير من العقبات التقنية الكبيرة، حيث تعتزم مرسيدس مع بداية 2025 طرح بعض موديلاتها المزودة بأنظمة القيادة الآلية وفقا للمستوى الثالث حتى سرعة 95 كيلومترا في الساعة.
وفي حين تخطط الشركة الألمانية أيضا إلى طرح النظام المعروف باسم (2++) للمدن في الصين في منتصف العام المقبل، تسعى نيسان اليابانية أيضا إلى إطلاق بعض موديلاتها المزودة بنظام القيادة الآلية بدءا من عام 2027.
وتُعين أنظمة مساعدة السائق المتقدمة السائقين في الركن والبقاء في مسارهم وتجنب الاصطدام باستخدام الكاميرات والرادار والمستشعرات الإلكترونية الأخرى.
ويمكن لهذه الأنظمة أن تنبه السائقين، وفي بعض الحالات، تتولى التحكم في السيارة لفترة وجيزة لتجنب الحوادث.
وتستخدم الشركات هذه الأنظمة بشكل متزايد في مركباتها. وكان أحد أوائل خصائص الأتمتة في أدنى مستوياتها هو نظام المكابح المانعة للانغلاق الذي ظهر قبل أكثر من أربعة عقود وأصبح الآن أحد الخصائص القياسية.
وتتضمن الأنظمة الأحدث مزايا مثل الكبح الذاتي في حالات الطوارئ والركن الآلي.
يُصنف قطاع السيارات ذاتية القيادية مستويات لأنظمة الأتمتة من صفر إلى 5، حيث تقدم أنظمة المستوى الصفر معلومات فقط للسائق، مثل إطلاق صفارة تحذير عند الخروج عن المسار.
ويُصنف نظام تسلا للقيادة الذاتية كمستوى 2 لأنه يتطلب تدخلاً مستمراً من السائق ومتابعة، كما يتابع الطيار أنظمة آلية معينة في قمرة القيادة.
أما مرسيدس فتقدم نظاماً ذاتياً من المستوى 3، الذي لا يحتاج السائق لوضع يديه على المقود أو متابعة الطريق، وذلك في بعض المركبات ضمن ظروف محددة في بعض مناطق ألمانيا والولايات المتحدة.
وسيارات الأجرة الروبوتية التي تُختبر في مناطق محددة بالولايات المتحدة والصين، يمكن تصنيفها كأنظمة من المستوى 4 الأكثر تطوراً، لكنها لا تزال محدودة من حيث الأماكن التي يمكنها الذهاب إليها.
وذروة الأتمتة التي لم نصل لها بعد، هي السيارات من المستوى 5 التي يمكنها القيادة بشكل مستقل في جميع الظروف وفي أي مكان.
ويوضح تانر كانديمير مدير مشروع القيادة الآلية لدى مرسيدس قائلا “يتطلب الانتقال من المستوى الثاني إلى المستوى الثالث لأنظمة القيادة الآلية جهدا كبيرا للغاية”.
ونسبت وكالة الأنباء الألمانية إلى كانديمير قوله “لدواعي السلامة يجب أن تكون الأنظمة في سيارة المستوى الثالث مصممة بوفرة، وخاصة فيما يتعلق بالمكابح والتوجيه والإلكترونيات، حتى تتأكد الشركات من أنه في حالة تعطل أحد مكونات النظام سيتولى الجزء الآخر العمل”.
وأضاف “في حالة تعطل نظام التوجيه مع القيادة الآلية من المستوى الثاني يمكن لقائد السيارة تولي مسؤولية قيادة السيارة، ولكن مع القيادة الآلية من المستوى الثالث لا يوجد وقت كافٍ، ولذلك يتعين على السيارة الوصول إلى نظام الأمان”.
وتبنى كبار المصنعين تقريباً هذه الأنظمة، مع استخدام أكثرها تميزاً للسيارات الأعلى سعرا، فقد قدمت جنرال موتورز نظام سوبر كروز، الذي يسمح للسائق بترك المقود لفترات وجيزة، في السيارة كاديلاك سي.تي 6 منذ عام 2017.
وتأتي سيارة السيدان الكهربائية الرائدة مرسيدس إي.كيو.أس بميزة توقف السيارة وإجراء مكالمة طوارئ إذا أصبح السائق عاجزا.
ويمكن للزبائن في الولايات المتحدة الحصول على نظام المستوى 3 الذي تقدمه الشركة الألمانية، والمعروف باسم “درايف بايلوت”، باشتراك سنوي قدره 2500 دولار.
كما جعلت شركة فولفو أجهزة الاستشعار بالليزر المعروفة باسم “ليدار” خاصية قياسية في سيارتها الكهربائية الرياضية الرائدة إي.إكس 90 .
وهذه الأجهزة المكلفة التي تعمل بتقنية استخدمها رواد الفضاء في المهمة أبولو 15 لرسم صورة لسطح القمر أكثر قدرة على اكتشاف محيط السيارة مقارنة بالكاميرات.
وتدمج شركات السيارات الصينية أنظمة القيادة المساعدة في السيارات ذات الأسعار المنخفضة، حيث تقدم بي.واي.دي أنظمة مثل مكابح الطوارئ، والمساعدة في البقاء على المسار وغيرها من الميزات في طراز دولفين البالغ سعرها 14 ألف دولار.
وقدمت الشركة المصنعة للسيارات الكهربائية مؤخراً نظاماً يُطلق عليه “الملاحة على القيادة الذاتية”، والذي يسمح للسائقين بترك المقود ورفع أقدامهم عن الدواسات في بعض المواقف.
غير أن نظام القيادة الآلية لا يعمل عند تغيير المسار أو في مواقع البناء أو الأنفاق أو في ظل ظروف الطقس السيء أو عند انخفاض درجة الحرارة أقل من 4 درجات مئوية.
ويعتقد الخبراء والمختصون أنه يجب أن تكون هناك مركبة تسير أمام السيارة ولا تزيد سرعتها على 95 كيلومترا في الساعة، ويمكن تفعيل نظام القيادة الآلية من خلال الضغط على الزر الموجود بالحافة العليا للمقود.
وتظهر على الشاشة رسالة تفيد بأن السيارة تولت مهمة القيادة، وفي نفس الوقت يشير الزران الموجودان على المقود إلى جاهزية النظام للعمل.
وفي حالة إضاءة الأزرار بشكل دائم فيمكن لقائد السيارة أن يوجه تركيزه إلى مهام أخرى، طالما أن نظام القيادة الآلية لم يصدر تنبيها، وبعد ذلك يتعين على قائد السيارة تعطيل النظام في غضون ثوان معدودة عن طريق الزر الموجود بالمقود ويتولى قيادة السيارة بنفسه.
ولا تزال تقنية السيارات المزودة بأنظمة القيادة الآلية باهظة التكلفة، وتطلب بي.أم.دبليو 6 آلاف يورو نظير مساعد الطرق السريعة، وتصل تكلفة النظام لدى مرسيدس 5950 يورو.
وبناء على ذلك، فإن أنظمة القيادة الآلية لن تكون مجدية خلال السنوات القادمة، إلا في موديلات الفئة الفارهة أو في قطاع السيارات التجارية لأن التقنية، التي ستحل محل قائد السيارة قد تكون اقتصادية في بعض الأحوال.
The post عثرات تحول دون تحقيق اختراقات في ابتكار سيارات روبوتية موثوقة appeared first on Lebanon Economy.
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :lebanoneconomy.net بتاريخ:2024-11-14 05:26:00
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي