whatsupp
اقتصاد

“غربال” تراقب الشراء العام: إدارات رسمية رفضت كشف صفقاتها

انضم إلى قناتنا على واتس آب
تابعنا على اخبار غوغل

وصلت أزمة البلاد إلى مرحلة لا يمكن معها الاستمرار بنهج الإدارة نفسه الذي كان سائداً منذ العام 1992 على الأقل. ومع أن مؤشرات الانهيار بدأت بالظهور بين العامين 2016 و2017، إلاّ أن الفترة بين العامين 2018 و2019 كانت حاسمة لجهة ضرورة إجراء الإصلاحات لتدارك الوضع. وأولى أسس الإصلاح هي اعتماد الشفافية في عمليات الشراء العام، التي كانت تكبّد الخزينة العامة مليارات الدولارات التي تذهب سمسرات ومحاصصات. ولم تتجاوب الجهات السياسية المسيطرة على إدارات الدولة ووزاراتها مع توصيات المؤسسات الدولية المطالبة بالإصلاح، وعلى رأسها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. أما قانون حق الوصول للمعلومات وقانون الشراء العام، فلم يجرِ التعامل معهما بجدية. وهذا ما يبرز الحاجة للمزيد من الرقابة.

مراقبة عمليات الشراء العام

رفضت السلطة السياسية التعامل مع قانون حق الوصول إلى المعلومات كأداة رقابية بيد الرأي العام، الذي يمكّنه القانون من إجراء رقابة لاحقة على الصفقات العمومية وأكلافها والجهات المستفيدة منها. فكان قانون هيئة الشراء العام الذي أصبح نافذاً في 29 تموز 2022، أداةً رقابية بيد الجمهور. ولضمان حسن تطبيقه، جنباً إلى جنب مع رئيس الهيئة جان العلية، أطلقت مبادرة “غربال”، يوم الأربعاء 10 آب، مشروع “مناقصة”، وهو “منصة تفاعلية تسمح للمتعهدين وأصحاب المصالح بالتعرّف على فرص الصفقات حسب المناطق والإدارات والقطاعات وعلى تطورها وسبل التقديم عليها وشروطها، وتتيح للرأي العام والمجتمع الأهلي بمراقبة العقود الناتجة عنها”.
هذه الرقابة هي حاجة ملحّة، سيّما وأن بعض المؤسسات والإدارات العامة والمسؤولين عنها، رفضوا التعاون مع “غربال” وتقديم المعلومات المتعلقة بصفقات الشراء التي أجروها. ما يؤكّد أن ثمّة ما يُراد إخفاؤه. فأثناء إعداد التقارير المتعلّقة بعمليات الشراء العام، تبيَّنَ لمبادرة “غربال”، أن “هناك 4187 عقداً بقيمة 1.16 مليار دولار، تمّت عبر اتفاقات بالتراضي، يليها 1221 عقداً بقيمة 459 مليون دولار، تمّت بالمناقصات، ومن ثم 1070 عقداً بقيمة 414 مليون دولار، تمّت باستدراج العروض. علماً أن 10291 عقداً بقيمة 11 مليار دولار، لم تحدّد الإدارات العامة نوع العقود التي أجريت وفقها”.

وحسب “غربال”، فإنه “في العام 2017 أجري أكبر عدد من العقود خلال السنوات العشرين الماضية. أما في العام 2007 فكانت العقود ذات القيمة المالية الأعلى. واحتلت شركات سوكومي وسوكلين وهيئة أوجيرو والاتحاد للهندسة وشركة الجهاد للتجارة والتعهدات، قائمة الشركات من حيث قيمة العقود التي أبرمتها مع القطاع العام اللبناني (حسب الإجابات التي تمكنت المبادرة من الحصول عليها). كذلك تبيّن أن شركتيّ سوكلين وسوكومي وقّعتا أعلى أربعة عقود في السنوات العشرين (2001-2020). كذلك يتبين أن مجلس الإنماء والإعمار هو الجهة التي وقعت أعلى قيمة من العقود بين الإدارات (10.17 مليار دولار مقابل حوالى 3.3 مليار لبقية الإدارات الـ43).

المعطيات غير مشجّعة

عدم التزام الإدارات العامة حيال تقديم المعلومات المتعلّقة بالصفقات التي أنجزتها “يؤشر إلى تراجع مؤشرات الشفافية العامة في لبنان، وهو مرتبط بأداء الإدارات العامة المتراجع وتمسّك القائمين الحقيقيين عليها بنهج التعتيم”، وفق ما قاله رئيس هيئة الشراء العام جان العلية خلال مشاركته في المبادرة.

ولم يستغرب العلية لجوء الإدارات العامة إلى الاتفاقات بالتراضي طيلة 20 عاماً، وهو الذي اختبر أداء بعض الإدارات والوزارات من خلال ترؤسه إدارة المناقصات في التفتيش المركزي. وبرأيه، فإن اللجوء إلى الاتفاق بالتراضي “يسمح للإدارات بالتفلّت من رقابة إدارة المناقصات وتكريس نهج التحاصص”.

أيضاً، فإن معارضة بعض المؤسسات والإدارات لتطبيق قانون الشراء العام، يعني أن مسار التطبيق لن يكون سهلاً. وهو ما التمسته مديرة معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي، لمياء مبيّض، التي بيّنت أن “هناك معارضة كبيرة لتطبيق قانون الشراء العام. وهناك جهات كانت تظن بأن القانون لن يطبّق إلى حين دخوله حيّز التنفيذ. وهي اليوم تدفع الكتل النيابيّة على اختلافاتها لتعديل القانون قبل المباشرة بتنفيذه”. وأضافت أن مصرف لبنان على رأس هذه الجهات، فالمصرف “رفض تطبيق القانون، وأرسل كتاباً إلى رئيس مجلس الوزراء يعتبر فيه بأن قانون الشراء العام لا ينطبق عليه”. فضلاً عن أن عدداً من البلديات “لم ترسل موظفيها ولا أعضاء مجالسها للتعرف على القانون والتدرّب عليه. وهي تستبق تطبيق القانون وتشيع أنّه لا يطبّق وتدفع إلى تعديله”.

والأكثر غرابة، هو موقف وزير الداخلية السابق محمد فهمي، الذي كان قد “وجّه تعميماً إدارياً لكافة المديريات والإدارات التابعة للوزارة يفيد بعدم الرد على طلبات غربال”. ويتطابق هذا الرفض مع محاولات المديريات العامة لرئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء التنصّل من الاستجابة لطلب “غربال”، وكذلك بعض المؤسسات الأمنية، التي رفضت الإفصاح عن الأرقام أو أفصحت عنها منقوصة. فيما امتنع مجلس النواب عن تلبية المطلب. أما “الهيئة العليا للإغاثة، دار الافتاء الجعفري، الشركة المشغلة لموقف سيارات مطار رفيق الحريري الدولي، الشركة المشغلة للأسواق الحرة في بيروت وشركة طيران الشرق الأوسط، امتنعوا عن استلام طلب غربال”. ومن أصل 85 إدارة ومؤسسة ردّت على الطلب، “قامت 30 إدارة بتزويدنا بردود كاملة حول عقودها، بينما قدمت لنا 25 إدارة أخرى ردوداً غير كاملة”.

رغم الطابع السلبي للمعطيات، يعلن العلية تفاؤله لناحية قيامه بواجبه مستنداً إلى قانون الشراء العام. ويشير إلى أن الهيئة تتعامل بمرونة مع الجهات الشارية، وتدرّبها على مقتضيات القانون وكيفية التعامل معه. وفي المقابل، يدعو العلية إلى الردّ على هيئة الشراء العام بالمرونة المطلوبة والتي تقتضي تسليمها المستندات المتعلقة بعمليات الشراء. والهيئة ستراقب دفاتر الشروط وتدقّقها وتطلب تعديل الأخطاء. أما في حال عدم التجاوب مع الملاحظات، فستلجأ الهيئة إلى التفتيش المركزي والنيابة العامة، وإلى الرأي العام اللبناني الذي بات بامكانه المشاركة بالرقابة عبر تصفّح الموقع الالكتروني الخاص بالهيئة.

المصدر
hanay shamout الكاتب:
lebanoneconomy.netالموقع :
2022-08-11 06:48:28 نشر الخبر اول مرة بتاريخ :
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

انضم إلى قناتنا على واتس آب
زر الذهاب إلى الأعلى