قراءة سياسية للوضع في لبنان، وما يتعلق به في الداخل والخارج

قراءة سياسية للوضع في لبنان، وما يتعلق به في الداخل والخارج

د.غازي قانصو: عميد كلية جامعية

عضو اللجنة الوطنية للحوار الإسلامي المسيحي في لبنان

مقدمة

يعيش لبنان اليوم في خضم احداث صعبة، ووضع سياسي معقد، يتأثر بشكل مباشر بالتصعيد المتزامن للتهديدات وتحذيرات الدول حول الوضع العسكري المتازم في جنوبه، خاصة مع الوضع الحربي في غزة، حيث الجرائم الكبيرة المستمرة ضد الناس العزل جميعا وضو مستشفياتهم بصورة يندى لها الضمير الاساني، وتأثيره على المنطقة بأكملها. هذا التصعيد يأتي في وقت حساس، حيث يتعالى الحديث عن احتمالات الحرب الشاملة في المنطقة، وتأثيرها المباشر على لبنان الذي يعاني من ضغوط داخلية وخارجية متعددة.

 

 سنستعرض في هذا التحليل السياسي أبرز النقاط المحورية المتعلقة بهذا الموضوع:

التصعيد والتهديد والتطمين، وموقف المقاومة اللبنانية، والتحركات الدبلوماسية الدولية

بالإضافة إلى الوضع الداخلي اللبناني والتحديات السياسية التي تواجهها البلاد.

 

تصعيد متزامن للتهديدات وتحذيرات الدول

-تشهد المنطقة تصاعداً ملحوظاً في التهديدات وتحذيرات الدول

خاصة فيما يتعلق بالصراع بين العدو الإسرائيلي وحركة حماس والفلسطينين في غزة. 

هذا التصعيد أثر بشكل كبير على الأوضاع في لبنان، حيث تعتبر المقاومة اللبنانية

أحد الأطراف الرئيسية في هذا النزاع الإقليمي.

في الوقت الذي يزداد فيه القلق من امتداد الصراع إلى الأراضي اللبنانية

تبرز الحاجة إلى فهم أعمق لتوازن القوى والضغوط الدولية

التي تلعب دوراً حاسماً في تهدئة أو تفجير الأوضاع.

 

«دوّامة» غزة وتربك العدو

تواجه إسرائيل حالياً ما يمكن وصفه بـ”دوامة غزة”، حيث تشكل العمليات العسكرية في القطاع تحدياً كبيراً لقدرات الجيش الإسرائيلي.

 

هذه العمليات، بالإضافة إلى التهديدات القادمة من الشمال

تضع إسرائيل في موقف مربكٍ ومعقد، مما يزيد من ارتباك استراتيجياتها العسكرية.

فالمقاومة اللبنانية، على الجانب الآخر، تراقب وتستعد

لأي تطورات قد تستدعي تدخلها، مما يجعل الوضع أكثر تعقيداً وحساسية.

 

خيارات للحرب الشاملة في المنطقة

على الرغم من التصعيد المستمر، يبقى خيار الحرب الشاملة في المنطقة مستبعداً إلى حد ما، لا سيما مع لبنان.

تشير التصريحات الصادرة عن مسؤولين إسرائيليين إلى عدم جاهزية إسرائيل

لخوض حرب شاملة مع لبنان، نظراً للتكاليف البشرية والمادية

الكبيرة التي قد تتكبدها. هذا الواقع يعكس استعداد المقاومة اللبنانية

لخوض أي مواجهة محتملة مع العدو، مما يزيد من تعقيد الحسابات العسكرية والسياسية في المنطقة.

 

 الضغط الدولي المُتصاعد

تشهد الساحة الدولية ضغطاً متزايداً لمنع تفجر حرب شاملة خلال فصل الصيف، مع جهود دبلوماسية مكثفة لتهدئة الأوضاع.

هذا الضغط الدولي يأتي في سياق إدراك القوى الكبرى لطبيعة الصراع في المنطقة

وأهمية الحفاظ على الاستقرار النسبي. ومع ذلك، فإن الطبيعة العدوانية لإسرائيل

تبقى عاملاً لا يمكن تجاهله، مما يفرض على الدول الكبرى تكثيف جهودها الدبلوماسية لمنع أي تصعيد غير مرغوب فيه.

 

 الموقف الأمريكي

تعتبر الولايات المتحدة لاعباً رئيسياً في تحديد مسار الأحداث في المنطقة، حيث لا يمكن للحرب أن تصبح واقعاً دون موافقتها.

 

مصادر اعلامية تقول:

انه حتى الآن، لم تعطي الإدارة الأمريكية الضوء الأخضر لأي تصعيد واسع النطاق، مما يترك الباب مفتوحاً أمام الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة.

 

وفي الوقت ذاته، تستمر إسرائيل في التهويل الاستخباراتي والدبلوماسي بالحرب

رغم عدم وجود مؤشرات ميدانية مقلقة كبيرة، باستثناء تدمير القنابل

الإسرائيلية لمساحات واسعة من القرى اللبنانية الجنوبية.

 

الوضع الداخلي اللبناني

داخلياً، يعيش لبنان حالة من الارتباك السياسي، حيث تتداخل الأزمات الداخلية مع التوترات الإقليمية.

 

على الرغم من المبادرات الدبلوماسية، مثل زيارة الموفد البابوي المونسنيور بيترو “بارولين”

إلا أن المواقف الداخلية تبقى متباينة. تجلى ذلك في موقف غبطة البطريرك الراعي

وردة فعل سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب بالمقاطعة

الذي أكد على رفض المساس بالمقاومة اللبنانية وضرورة استنكار العدوان على لبنان وغزة.

 

 انتخاب رئيس الجمهورية

يرتبط انتخاب رئيس الجمهورية في لبنان بشكل كبير بالأوضاع الإقليمية والتطورات العسكرية المحتملة.

 

يعتقد العديد من المراقبين أن هذا الاستحقاق الدستوري مؤجل إلى ما بعد حل الأزمة الحالية

مما يعكس تعقيدات المشهد السياسي اللبناني والحاجة إلى توافق داخلي عبر الحوار

ولا ننسى الاثر الإقليمي في التأثير لتحقيق الاستقرار.

 

وفي هذا الإطار فإنّ عينً الفاتيكان على لبنان حيث خصه بزيارة الموفد البابوي المونسنيور بيترو بارولين، الذي حض للبنانيين لإنتخاب رئيس، لما لهذا الأمر من تداعيّات إيجابيّة على نفوس اللبنانيين مسيحيين ومسلمين”.

 

وقيل في بعض الاعلام:

شكّلت زيارة أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بارولين، جدليّة عن أسبابها ومضمونها، وحُمّلت أكثر ممّا هي عليه، فهي جاءت تلبية لدعوة “فرسان مالطا”، 

إلّا أنّ ذلك لم يَمنع من أنّ يطلّ الفاتيكان المهتمّ بالموضوع اللبناني على الواقع

ويحض مختلف الأفرقاء على ضرورة إنتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت مُمكن.

 

 دولة الرئيس نبيه بري

إستقبل رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة أمين سر الفاتيكان الكاردينال بيترو بلرولين، حيث جرى عرض للأوضاع العامة والتطورات السياسية لاسيما الملف الرئاسي .

 

وبعد اللقاء أجاب الكاردينال بارولين على أسئلة الصحفيين قائلاً :

الحوار مع الرئيس بري كان جيداً ، تحدثنا عن الوضع في لبنان والحلول المحتملة

وليس من المستبعد إيجاد الحلول لكنها ليست مهمتي

إنما هي مهمة السياسيين العمل من أجل ذلك، كما نقلنا لرئيس المجلس

رغبة قداسة البابا وسعادته بإنتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن .

وحول انتخاب رئيس للجمهورية، قال بارولين:

المشكلة هي مسؤولية الجميع ، وطبعاً المسيحيين الميسحيون، تقع عليهم مسؤولية لا سيما في مسألة إنتخاب الرئيس، لكن بالطبع هم ليسوا وحدَهم ، هناك فئات وأطراف أخرى من المجتمع كلهم يجب ان يتحملوا المسؤولية .

 

مختتما كلامه : الحل يبدأ من هنا.

ومن جهة اخرى كان الرئيس نبيه بري قال في مؤتمر صحافي، حول المقاومة :

“حركة أمل هي أمام حزب الله في الدفاع عن كل حبة تراب من لبنان

ولكن في هذه المعركة الحركة تقاوم ضمن إمكانياتها العسكرية، فهي لا تمتلك قدرات الحزب”.

 وحول انتخاب الرئيس للجمهورية قال الرئيس بري: أن الموضوع يحتاج توافقا.

 وفيما يتعلق بالنازحين اللبنانيين اعطى الرئيس بري هذا الموضوع الحيّز الذي يستحقه، مؤكدًا أن: “عودة هؤلاء إلى منازلهم تشكّل أولوية ملحّة بالنسبة إلينا، وهم من يحتاج إلى ضمانات وليس الاحتلال”.

 

سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب

فيما يختص بالصراع مع الكيان الصهيوني يعتبر الشيخ الخطيب أن قضية الصراع مع العدو الصهيوني ليست مختصة بالموضوع الفلسطيني فقط، وإنما يمسّ لبنان في الصميم، فالكيان الغاصب تهديد وجودي للكيان اللبناني فضلاً عن فلسطين وشعبها”.

 

 ويضيف: حينما ندعو الى وحدة الأمة لا نعتبر المكونات الدينية الأخرى الا جزءاً عزيزاً منها

وان كرامتهم من كرامة سائر مكوناتها، على أن هؤلاء الداعين دائماً الى التجزئة

والتمزيق يحملون روح التعصب والاستعلاء على أبناء هذه الأمة.

 وبخصوص المقاومة يعتبر الشيخ الخطيب انّ ارتباط المقاومة بالأرض والوطن ارتباطٌ غير قابل للانفكاك الى حد الشهادة يروونه بدمائهم، فهو لا يُقدَّر بثمن سوى بقاء الوطن الذي لا تقبل حبة تراب منه المساومة ولو بكل أثمان الدنيا.

 

كما يدعو الدولة كلها أن تقوم بما يتوجب عليها من واجب الإغاثة للنازحين والمتضررين.

 ورأى ان التحريض على المقاومة يفاقم من تعقيد الوضع اللبناني 

ويحول دون التفاهم الداخلي على معالجة الازمات ،وفي طليعتها الشغور الرئاسي

الذي يمنع انتظام المؤسسات الدستورية ويعكس مزيدا من الفوضى على الساحة الداخلية .

ولذلك ندعو جميع الفئات والمرجعيات اللبنانية الى اعتماد تقوى الله في وطنهم الذي يعاني اهله من كل صنوف العذاب والقلق والا يزيدوا من معاناته الى جانب ما يرتكبه اعداء لبنان ويستمعوا لصوته الذي يقف في غالبيته خلف المقاومة دفاعا عنهم وعن سيادة بلدهم في وجه الارهاب الصهيوني

 

وكذلك يدعو الى الاستجابة لدعوة دولة رئيس مجلس النواب للجلوس على طاولة الحوار

 واما في موضوع الموفد الفاتيكاني فان سماحة العلامة علي الخطيب يصرح بقوة قائلا:

“لن نسمح لأحد أن يُسيء للعلاقات الطيبة والتاريخية مع الفاتيكان التي نأمل أن تتعمّق أكثر وأكثر، ونحن شاكرون لدوره المهم في المساعدة على حلّ الأزمة اللبنانية”.

 وأشيرُ، الى أنّ المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، تاريخيًا

يسعى دومًا جاهدًا للحفاظ على أفضل العلاقات مع الفاتيكان

بدءًا من سماحة الإمام موسى الصدر والإمام الشيخ محمد شمس الدين والإمام الشيخ عبد الأمير قبلان

وحاليًا مع سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب. يعبر هذا عن التقدير العميق للفاتيكان ولدوره الإيجابي في لبنان.

 

غبطة البطريرك الراعي

إنّ الموقف الاخير للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي خلال عظة قداس الاحد، التي طالب خلالها برئيس جمهورية يعنى بـ”تطبيق القرار 1559 ونزع السلاح وتنفيذ القرار 1701 وتحييد لبنان

 

وألّا يعود لبنان منطلقا لأعمال إرهابيّة تزعزع ،أمن المنطقة واستقرارها”

كان له تداعياتٌ كبيرةٌ على المقاومة وجمهورها، حيث توجه قسمٌ كبيرٌ منهم لمطالبة المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بالرد

مع ان الجو الخاص لسماحة العلامة الشيخ علي الخطيب كان بهذا الوارد وأتخذ موقفه الحكيم

بالرد بييان، وبمقاطعة الدعوة إلى الغداء بحضور الموفد البابوي بارولين

وهذا الموقف اعتبره سماحة الشيخ علي الخطيب ليس موجها ضد الموفد البابوي المونسنيور بيترو بارولين، بل على الرحب والسعة، واشاد الشيخ الخطيب بموقف الفاتيكان في مساعيه لمساعدة اللبنانيين على حل قصاياهم، أما موقف الشيخ الخطيب كان انطلاقا مبدئيًا من غير المسموح لأحد على الإطلاق أن يتهم المقاومين بالارهاب، فهم.

 

الشرفاء النبلاء المخلصين في سبيل الدفاع عن الوطن والامة ولو كلفهم ذلك دماءهم وأرواحهم

بل يجب استنكار فعل العدو على اجرامة، والوقوف إلى جانب النازحين الجنوبيين من قراهم المدمرة .

ويبدو أن الموضوع هو قيد الاهتمام بروح ايجابية، وإلى خير.

وكان للاب عبدو ابو كسم وغيره مساعٍ طيبة في رأب ما تم صدعُه.

 من جانب آخر كان اكد الراعي، في الجبل، مؤخرا على ضرورة تلاقي اللبنانيين والتحاور للخروج من الازمة، ودعا لتلبية الدعوة للحوار التي وجهها الرئيس نبيه بري لجميع الافرقاء.

 

خاتمة

في الختام، يمكن القول أن لبنان يقف على مفترق طرق حاسم، حيث تتداخل العوامل الداخلية والخارجية لتشكل صورة معقدة للمستقبل السياسي والأمني للبلاد.

ورغم الضغوط الدولية والتهديدات المتصاعدة، يبقى الحل مرهوناً بالتوصل إلى تسوية شاملة

للأزمة في غزة وتفادي اندلاع حرب واسعة النطاق. على اللبنانيين

أن يدركوا أهمية العمل المشترك والتوافق الوطني، عبر الحوار

لمواجهة التحديات الراهنة وتحقيق الاستقرار والازدهار لمستقبل وطنهم.

 

 

 

 

ظهرت المقالة قراءة سياسية للوضع في لبنان، وما يتعلق به في الداخل والخارج أولاً على pravda tv.

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :pravdatv.org
بتاريخ:2024-06-30 16:00:23
الكاتب:jihan
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

Exit mobile version