واللقاح الجديد مشتق من مادة تُعرف باسم الكيتين؛ وهي بوليمر طويل السلسلة من مشتق الجلوكوز، وتشكل مكوناً أساسياً في الهياكل الخارجية للمفصليات مثل الحشرات والعناكب والقشريات، بالإضافة إلى جدران خلايا الفطريات، وتتميز تلك المادة بقوتها ومرونتها؛ ما يجعلها أحد أهم المواد التي يتم استخدامها في التطبيقات الصناعية والحيوية.
ووفق ما نُشر في دورية “سيل ريبورتس ميديسن“، يقول العلماء إن “الكيتين” فعال للغاية في تحفيز جزيء رئيسي للاستشعار والإشارة الذي ينظم الاستجابات المناعية المضادة للورم.
تعمل لقاحات السرطان من خلال الاستفادة من جهاز المناعة في الجسم، للتعرف على الخلايا السرطانية ومهاجمتها، على عكس اللقاحات التقليدية، التي عادةً ما تقدم مستضدات من مسببات الأمراض لتحفيز الاستجابة المناعية، بينما تستخدم اللقاحات الموضعية ورم المريض نفسه كمصدر للمستضدات.
وتتضمن العملية حقن العوامل مباشرة في موقع الورم، ويمكن أن تكون هذه العوامل عبارة عن مزيج من المواد المحفزة للمناعة والمواد المساعدة، وهي مركبات تساعد على تعزيز الاستجابة المناعية.
ومن خلال حقن هذه العوامل في الورم، يكون الهدف هو تنشيط الجهاز المناعي محلياً، مما يؤدي إلى التعرف على المستضدات الخاصة بالورم وبدء الاستجابة المناعية المضادة للورم، وينتمي اللقاح المساعد الجديد ينتمي إلى فئة؛ أو المواد المحفزة للمناعة.
ويعد استخدام المواد المساعدة أمراً بالغ الأهمية في هذه العملية، لتضخيم الاستجابة المناعية ضد الورم والحفاظ عليها؛ إذ تساعد على تحفيز وتوجيه استجابة الجهاز المناعي تجاه مستضدات الورم، مما يعزز فعالية العلاج.
ويقول أستاذ علم مناعة اللقاحات في معهد “ترينتي” للعلوم الطبية الحيوية، إد لافيل، إن اللقاح المعزز الجديد “قادر على إعطاء إشارة البدء للمناعة لمهاجمة الأورام”.
كيف يعمل اللقاح المساعد؟
يبحث العلماء باستمرار عن جزيئات داخل الجسم يمكن استهدافها لتعزيز الاستجابة المناعية ضد السرطان، وأحد هذه الجزيئات التي تم تحديدها كهدف محتمل هو جزيء يسمى STING، يشارك ذلك الجزيء في استشعار وجود مسببات الأمراض أو المكونات الخلوية غير الطبيعية، وبدء الاستجابة المناعية.
ويتم تنشيط ذلك الجزيء عندما يكتشف شيئاً غير عادياً، مثل الحمض النووي الغريب من الفيروسات أو الطفرات في الحمض النووي الخاص بنا، والتي يمكن أن تؤدي إلى السرطان.
وعندما يستشعر هذه التهديدات، يقوم بروتين يسمى cGAS بتكوين جزيء إشارة يسمى cGAMP، والذي يرتبط بعد ذلك ببروتين آخر يسمى STING ، ويؤدي هذا إلى سلسلة من الأحداث التي تنشط بروتينات أخرى، مما يؤدي إلى إنتاج جزيئات تستدعي المساعدة من جهاز المناعة لدينا، مثل الإنترفيرون، وتنبه الإنترفيرون خلايانا المناعية لتدمر الخلايا المصابة أو السرطانية، مما يساعد على الحفاظ على صحتنا.
في الغالب؛ يستطيع السرطان التغلب على استراتيجية ذلك الجزيء ويمنع تنشيط المناعة بشكل كامل، وبالتالي؛ ولتنشيط ذلك الجزيء يجب وجود “مادة مساعدة” تُحفزه على القيام بدوره الطبيعي.
لكن حتى بعد تحديد هدف محتمل مثل STING، هناك العديد من العقبات التي يجب التغلب عليها في تطوير المواد المساعدة الفعالة التي تعزز استجابة الجسم المناعية للمستضدات، وفي سياق العلاج المناعي للسرطان، يتم استخدام المواد المساعدة لتعزيز الاستجابة المناعية ضد الخلايا السرطانية.
فالمواد المساعدة القديمة التي تستهدف ذلك الجزيء واجهت صعوبات في التغلب على بعض العقبات داخل البيئة الخلوية؛ من ضمنها قدرة المادة المساعدة على التفاعل بشكل فعال مع STING داخل الخلايا، مما يؤدي إلى الاستجابة المناعية المطلوبة دون التسبب في آثار جانبية ضارة.
تغلب اللقاح المساعد الجديد على تلك المشكلة؛ بعد أن تمكن من استخدام آلية عمل جديدة تقدم أملاً كبيراً وتشعل الاستجابة المناعية التي يأملها العلماء والأطباء، فاللقاح المساعد الجديد يقوم بتنشيط جزء معين من مسار الإشارة cGAS-STING؛ يمكن أن يؤدي إلى استجابات التهابية قد تعيق قدرة الجسم على محاربة الأورام.
وقد وجد الباحثون أن اللقاح المساعد الجديد يمكنه تنشيط جزء واحد فقط من هذا المسار، مما يسمح له بتعزيز الاستجابات المناعية المضادة للورم، دون التسبب في التهابات غير مرغوب فيها.
أهمية الاكتشاف
ويعد هذا الاكتشاف بالغ الأهمية، لأنه يعني أن العلاجات التي تستخدم اللقاح المساعد الجديد يمكن أن تكون أكثر فعالية في علاج السرطان، دون الآثار الجانبية التي قد تمنعها من النجاح في التجارب السريرية، بالإضافة إلى ذلك، اكتشف الفريق أن حقن اللقاح المساعد الجديد أدى إلى تأثيرات علاجية تآزرية مع أنواع محددة من الأدوية المناعية.
من ضمن تلك الأنواع التي تثبت أن اللقاح يساعدها على تدمير الأورام هي أدوية مثبطات نقاط التفتيش المناعية، التي تعمل عن طريق منع البروتينات التي تسمى جزيئات نقاط التفتيش، وتستخدمها الخلايا السرطانية عادة لتجنب الكشف عنها والهجوم من قبل الجهاز المناعي.
وتقول المؤلفة الأولى للدراسة، جوانا تورلي، إن تلك التأثيرات تسلط الضوء على إمكانات اللقاح المعزز الجديد في تحسين معدلات الاستجابة لعلاج السرطان.
وتؤكد تورلي أن “العمل الجديد يقدم رؤى جديدة مفصلة حول كيفية عمل اللقاح المساعد، وهو أمر بالغ الأهمية لأنك تحتاج إلى مخطط وظيفي لتتمكن من تصميم خطة معركة علاجية، ولدينا الآن أمل كبير في إمكانية تطوير ذلك اللقاح إلى مادة مساعدة فعالة للغاية للاستخدام في العلاجات المناعية للسرطان في المستقبل”.
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :asharq.com بتاريخ:2024-05-10 10:36:37
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي