لماذا الرجال أكثر عرضة للخطر من النساء في ارتفاع نسبة السكر في الدم؟

يواجه الرجال البدينون والمصابون بالنمط الثاني من مرض السكري مستويات أعلى من مقاومة الإنسولين في أنسجتهم الدهنية مقارنة بالنساء.

لاحظ علماء من معهد كارولينسا في ستوكهولم في السويد، وجود فوارق بين الجنسين فيما يتعلق بالنمط الثاني من مرض السكري.

نسب الباحثون ارتفاع مستويات مقاومة الإنسولين لدى الرجال إلى انخفاض كفاءة تثبيط تحلل الشحوم في الخلايا الدهنية لديهم.

تشير الأدلة إلى أن تحطم الخلايا الدهنية نتيجة تحلل الشحوم يزيد من مستويات الأحماض الدهنية الحرة في الدم، ما يساهم في زيادة الالتهابات ومقاومة الإنسولين. وأكد الباحثون أيضًا على وجود مورثة قد ترفع من مستويات مقاومة الأنسولين لدى الرجال.

وضح الطبيب البروفيسور دانيال أنديرسون، وهو الباحث الرئيس في الدراسة، واستشاري في الأمراض القلبية، والأستاذ المساعد في معهد كارولينسا، وذلك في مقابلة له مع صحيفة Medical News Today: «سلط فريق البحث -ولمدة سنوات عدة- الضوء والاهتمام على دراسة الجوانب المختلفة لمقاومة الإنسولين في الأنسجة الدهنية. توجد اختلافات معروفة بين الجنسين فيما يتعلق بخطر الإصابة بالنمط الثاني من مرض السكري. مع ذلك، ما تزال الآليات الكامنة وراء الفوارق وذلك في خطر الإصابة بين الجنسين، إضافة إلى تأثير هذه الاختلافات على مقاومة الإنسولين الموضعية في الأنسجة الدهنية، غير مفهومة تمامًا».

نُشرت نتائج الدراسة أولًا في المجلة الدولية للسمنة في آذار عام 2024، ثم قُدمت في الكونغرس الأوروبي لمكافحة السمنة في فينيس بإيطاليا، والذي عقد بين 12 و15 أيار.

الاختلافات بين الجنسين في تصنيع الدهون واستقلابها:

تضمنت جمهرة الدراسة مرضى من ستوكهولم مصابين بالنمط الثاني من مرض السكري، جمعوا بين عامي 1993 و2020، وذلك لإجراء مجموعة من الدراسات على الاستقلاب لديهم.

استعان فريق البحث في هذه المرحلة من الدراسة بنحو 2344 امرأة و787 رجل أبلغوا ذاتيًا عن ثبات أوزانهم لمدة 3 أشهر. طُلب من المشاركين الصيام طوال الليل ثم القدوم إلى العيادة في اليوم التالي الساعة 8 صباحًا.

جمعت أيضًا معلومات حول مؤشر كتلة الجسم والعمر، والنشاط الجسدي، والأمراض القلبية الوعائية، واستخدام التبغ لدى المشاركين.

أجرى الباحثون إضافة إلى ذلك اختبار دم لقياس مستويات الأحماض الدهنية الحرة والإنسولين في الدم لدى المشاركين ذكورًا وإناثًا، وضبطوه بما يناسب مؤشر كتلة أجسامهم وأنشطتهم الجسدية وإصابتهم بأمراض القلب والأوعية الدموية إضافة إلى درجة استهلاكهم من التبغ.

أُخذت عينات أيضًا من الدهون تحت الجلد في منطقة البطن، من مجموعة جزئية لمجموعة ثانوية ضمت 259 امرأة و54 رجلًا.

أشار اختبار الدم Adipo-IR، إلى أن الرجال سجلوا مستويات أعلى من الأحماض الدهنية والإنسولين في الدم مقارنة بالنساء، لكن اقتصر هذا الفرق على حالة إصابتهم بالسمنة.

ظهرت الاختلافات هذه بين الجنسين بوضوح وبغض النظر عن مستويات الأنشطة الجسدية، أو إصابتهم بأمراض قلبية وعائية أو استهلاكهم للتبغ والنيكوتين.

اكتشف الباحثون وجود فوارق بين مستويات تكون الشحوم وتحللها، إضافةً إلى حساسية الخلايا لهذه التغيرات، وذلك بين الرجال والنساء المصابين بالسمنة فقط، ولم ينطبق الأمر على غيرهم من غير المصابين بالسمنة.

تملك الأنسجة الدهنية لدى النساء المصابات بالسمنة حساسية للإنسولين أكبر بعشر مرات من الرجال، بينما تُظهر الخلايا الدهنية لدى الرجال المصابين بالسمنة معدلات تحلل الشحوم أكبر بمرتين من النساء.

نظر فريق البحث أيضًا في التعبير الوراثي لمجموعة أخرى من المشاركين بلغ عددهم 234 امرأة و115 رجلًا مصابين بالسمنة.

درس الباحثون الـRNA المرسال الذي يُعبر عنه في الخلايا الدهنية، وذلك لتحديد المورثات التي يعبر عنها فيه، إذ اكتشفوا حينها أن المورثة المعبرة عن ركيزة مستقبل الإنسولين IRS1، يُعبر عنها بنسبة أقل لدى الرجال مقارنةً بالنساء.

بينت التحليلات أيضًا وجود فوارق في التعبير عن بعض المورثات، مثل مستقبلات التستوستيرون في النسيج الدهني لدى الذكور، مقارنةً بالنسيج الدهني المدروس لدى النساء المشاركات.

نسب باحثو الدراسة الفوارق السابقة بين الجنسين إلى اختلاف الطبيعة الهرمونية بين الرجال والنساء، ما يؤثر بدوره في السبل الاستقلابية للنسج الدهنية لدى كل منهما.

أوضحت الطبيبة أليكساندرا كاوتزكي-ويلر من كلية الطب في فيينا، وهي اختصاصية في علم الغدد وطب الفوارق بين الجنسين، ولم تشارك في الدراسة، وقالت لصحيفة Medical News Today: «تؤدي السمنة الزائدة دورًا أساسيًا في إصابة النساء بالسكري، ما يعني أنهن يمتلكن مؤشر كتلة أعلى للجسم عند تشخيصهن بالسكري مقارنة بالرجال، ما يفسر أنهن يظهرن مقاومة للإنسولين مشابهة للرجال في هذه المرحلة».

يواجه الرجال مخاطر أكبر للإصابة بمضاعفات السكري:

أشارت الأبحاث السابقة إلى أن الرجال أكثر عرضة للإصابة بالنمط الثاني من مرض السكري مقارنة بالنساء، ومنهم الذين يملكون مؤشر كتلة جسم أقل.

يظن بعض الاختصاصيين أن ذلك يتعلق باختلاف توزع الدهون في أجسامهم، وغالبًا ما يصاب الرجال أيضًا بالسكري في سن أصغر من النساء.

بينت دراسة أخرى نُشرت في صحيفة الصحة العامة والأوبئة أن الرجال معرضون لمخاطر إصابة أكبر بمضاعفات النمطين الأول والثاني من مرض السكري مقارنةً بالنساء، بغض النظر عن مدة إصابتهم بالسكري قبلها.

أظهرت تحليلات لدراسات حشدية سابقة ضمت 25713 رجلًا وامرأة من أستراليا تتجاوز أعمارهم 45 عامًا، أن الرجال واجهوا خطر إصابة أعلى بأمراض القلب والأوعية بنسبة 51%، وبالمضاعفات المؤثرة في الطرف السفلي بنحو 47%، والاختلاطات الكلوية بنسبة 55%، واعتلال الشبكية السكري بنسبة 14% أكثر مقارنة بالنساء.

هل يجب أن يتبع كل من الرجال والنساء أساليب علاجية مختلفة للسكري؟

يُسلط الضوء أكثر حاليًا على ما إذا كان يجب على الرجال والنساء اتباع خطط علاجية مختلفة، نظرًا لوجود فوارق في مقاومة الإنسولين وخطر الإصابة بمضاعفات خطيرة متعلقة بالسكري بين الجنسين.

وضحت الطبيبة كاوتزكي-ويلر للصحيفة قائلة: «ينصح المرضى المصابون بالنمط الثاني من مرض السكري بتناول أدوية تخفيض الوزن، وخصوصًا النساء، وأظهرت مناهضات الهرمون GLP-1 أيضًا فاعليتها لدى النساء أكثر من الرجال».

أكملت كاوتزكي-ويلر قائلة: «تزداد مقاومة أجسام النساء للإنسولين خلال فترة البلوغ، لكن ترتفع بعدئذ حساسيتهن للإنسولين حتى سن انقطاع الطمث، وتستجيب أجسادهن للإنسولين بشكل أفضل، ويملكن مستويات أقل من الكوليسترول الضار، وضغط دم أقل مقارنة بالرجال. تخزن أجساد النساء الشحوم بصورة أفضل للحفاظ على احتياطي من الطاقة لحالات الحمل، لكنهن يفقدن هذه الأفضلية الحيوية بعد سن انقطاع الطمث وتظهر لديهن تأثيرات الأندروجيات أكثر».

يوضح مؤلفو الدراسة الأولى أن نتائج بحثهم تشير إلى إمكانية علاج مقاومة الإنسولين والسمنة لدى الرجال بالاعتماد على الأدوية وتغيير نمط الحياة للوقاية من الإصابة بالنمط الثاني من مرض السكري، لكن ما تزال هذه النتائج تحتاج تأكيدًا من قبل الدراسات المستقبلية.

دراسة الاختلافات بين الجنسين في الإصابة بالسكري: سبل البحث المستقبلية:

أكدت كاوتزكي-ويلر على أهمية إجراء مزيد من الأبحاث حول الأسباب الكامنة وراء الاختلافات في توزع الشحوم واستقلابها بين الجنسين، إذ قالت في ذلك: «تجب دراسة الفوارق بين الجنسين في التداخلات والأساليب العلاجية أكثر. لا تستطيع معظم الدراسات تقديم نتائج قيمة يمكن اعتمادها، إذ لا تتجاوز نسبة النساء في الدراسات الحشدية نحو 30%. غالبًا ما تضم الدراسات المتعلقة بالسمنة أعدادًا أكبر من النساء قد تصل إلى 70%، وتشكل النساء في الدراسات العشوائية المضبوطة المتعلقة بالسمنة نسبة 50%. يجب أن يستغل الباحثون هذه الفرص لدراسة الاختلافات بين الجنسين في الآليات الفيزيولوجية الإمراضية والاستجابة للعلاج».

اقترحت كاوتزكي-ويلر إجراء بعض التعديلات لتحسين جودة الأبحاث حول السكري قائلة: «تجب دراسة التغيرات في توزع الشحوم في الجسم وكتلة العضلات، بالإضافة إلى دراسة التغيرات في ترسب الدهون داخل الأعضاء وتجمعها مثل القلب والبنكرياس وغيرها، وذلك عوضًا عن حساب نقصان الوزن فقط واعتماده بمنزلة نتيجة بحثية. يمكّن ذلك الباحثين من تحديد أهداف بحثية جديدة وبدء أساليب علاجية أدق وأفضل للرجال والنساء المصابين بالسكري».

أجريت الدراسة الأولى على مجموعة يعود 95% منها إلى أصول أوروبية بيضاء العرق، ما يجعل تطبيق نتائجها على المرضى من الأعراق المختلفة أمرًا شبه مستحيل وغير صحيح، ناهيك عن أن الأشخاص من الأصول الأفريقية والآسيوية أكثر عرضة للإصابة بالنمط الثاني من مرض السكري. تتمثل الخطوة القادمة والهامة بضم مشاركين من مختلف الأعراق في الدراسات المتعلقة بالسكري.

اقرأ أيضًا:

تناول الأفوكادو بانتظام يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بالسكري لدى النساء

كيف يؤثر التوتر والاكتئاب في مرض السكري؟

ترجمة: رهف وقّاف

تدقيق: نور حمود

المصدر

JOIN US AND FOLO

Telegram

Whatsapp channel

Nabd

Twitter

GOOGLE NEWS

tiktok

Facebook

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :www.ibelieveinsci.com بتاريخ:2024-06-29 00:55:00
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

Exit mobile version