إسرائيل اليوم 10/1/2025، د. ايتان اوركيفي: ماذا سنكسب من السلطة الفلسطينية في غزة
إذا كان ثمة اجماع على طول وعرض اليمين السياسي في إسرائيل فانه يتلخص في رفض جارف لخيار السلطة الفلسطينية في غزة، هذه إمكانية رفضت رفضا باتا في كل بحث، وتستقبل بنفور ممزوج باشمئزاز. التفكير في أن يتلقى أبو مازن غزة على طبق من فضة، سكب جنودنا دما كي يوسعوا مساحة قضاء حكمه تبعث على نفور أخلاقي.
كثيرون في اليمين يذكرون أيضا، وعن حق، بانه لا فرقا شاسعا بين المفاهيم الايديولوجية الأساسية للسلطة الفلسطينية وتلك لحركة حماس. لاسامية فظة، تعليم على الكراهية والعنف، اعتراف واحترام لقتلة اليهود وعبادة الإرهاب – هي جزء لا يتجزأ من الثقافة السياسية وفلكلور السلطة الفلسطينية. يجد هذا تعبيره في مناهج التعليم من روضة الأطفال وحتى الجامعة، في كتب التعليم، في وسائل الاعلام، في خطب الجوامع، وفي الخطابات العلنية للشخصيات العامة والزعماء.
إن نقل الحكم في غزة من حماس الى السلطة الفلسطينية، سيقولون لكم في اليمين، هو القفز من الرمضاء الى النار؛ هو ان توصي – وتتلقى – مزيدا من الامر ذاته.
سيطرة إسرائيلية في المنطقة
كل هذه حجج صحيحة. لكن ما يفوته كثيرون من أصدقائي في اليمين هو أن نقل الحكم في غزة الى السلطة الفلسطينية هو ليس جائزة، وبالتأكيد ليس جائزة للارهاب. هذا صعب، لكن ينبغي التحرر من خط التفكير الذي يفحص ويقيس هذه الخطوة بتعابير الربح أو الخسارة للطرف الاخر. ينبغي التفكير بأمر واحد فقط: ما نحققه نحن من منفعة.
مع الاعتراف بالسلطة الفلسطينية كجسم سلطوي معترف به وشرعي في غزة، سيفتح لإسرائيل مجال جديد من الشرعية الدولية. أروني دولة واحدة، جسم دولي واحد، سياسي واحد – سيعارض ذلك. عمليا، الاعتراف بالسلطة الفلسطينية كالجسم السلطوي المعترف به في غزة واشتراط كل تقدم أو انسحاب إسرائيلي بإقامة كاملة وناجعة لمؤسسات السلطة الفلسطينية على كل أراضي القطاع، هو اغلب الظن المسار الشرعي الوحيد لاعتراف دولي وتأييد سياسي كامل للهدف الأساس لإسرائيل في حرب السيوف الحديدية: تقويض حكم حماس وازالته.
هذه خطوة ستؤيدها أيضا الدول العربية المعتدلة وكذا تلك التي تعد سيدة الفلسطينيين – بمن فيهم حماس – مثل قطر. من الصعب التصديق بانها ستوقف أو تحبط خطوة توحيد سلطوي بين قطاع غزة والضفة. من الصعب التصديق بانها ستحبط ترتيبا رسميا للجسم السلطوي المعترف به، الشرعي والمقبول الوحيد للفلسطينيين.
يتخيل الإسرائيليون في رؤوسهم أبو مازن يدخل على رأس قافلة سيارات فاخرة الى غزة ويستقبل كمنتصر وكالرابح الأكبر من كل الحدث. عن حق ينزعجون من مجرد التفكير بذلك. لكن بعد أن ينقضي الانزعاج، سيبدا واقع يعرفونه جيدا – ليسوا مستعدين لان يتخلوا عنه.
المقصود هو التنسيق الأمني مع قوات السلطة الفلسطينية، واكثر من ذلك: اليد الحرة التي لإسرائيل للعمل في كل لحظة معطاة في كل مناطق يهودا والسامرة. هذا هو المعنى العملي، غير الرمزي، لطرد حماس وفرض حكم السلطة الفلسطينية على غزة: حرية عمل إسرائيلية في كل المنطقة. إمكانية الدخول والخروج على أساس يومي. تنفيذ الحملات من كل الأنواع. ترميم وتشغيل الاستخبارات بكل أنواعها، بما في ذلك الاستخبارات الشخصية.
في غضون زمن ما سيتحول قطاع غزة من ثقب اسود استخباريا وشرك موت عملياتي – الى مجال مفتوح وقابل للوصول اليه يمكن للشباك وأماكن أن يقرأوا ما يفعل فيه ككتاب مفتوح، وقوات الامن يمكنها أن تعمل فيه بمرونة وبتواجد نسبي. هذا هو معنى حكم السلطة الفلسطينية في غزة؛ هذا هو المقابل الذي سنحصل عليه من تقديم “الجائزة” لابو مازن. وكل ذلك في اطار شرعية سياسية وعالمية.
هزيمة فلسطينية في الواقع
ثمة في دوائر اليمين أفكار مشوقة – لا ينبغي رفضها رفضا باتا وهي جديرة بالبحث – عن مبنى سلطوي جديد تماما في غزة. احتلال كامل وسيطرة مدنية على المناطق، وربما أيضا إقامة بؤر وخلايا استيطانية. حكم عسكري على السكان المدنيين يدمج حكما إداريا ذاتيا للسكان وفقا لمفتاح القبائل والعشائر.
مشكوك أنه سيكون لإسرائيل تفويض سياسي لاجراء هذه التجربة في غزة. مشكوك جدا ان يكون بوسعها دفع الثمن، اذا ما انهارت هذه النماذج التجريبية. مشكوك اكثر اذا كانت هذه النماذج السلطوية المميزة والاصيلة ستسمح باعمار القطاع بمشاركة الاسرة الدولية – دون أن يقع العبء اللوجستي والاقتصادي على كاهل إسرائيل. ولعله ينبغي أن نذكر بان على المجتمع الإسرائيلي أن يرمم في السنوات القريبة القادمة نفسه وليس اعدائه.
لكن بقدر ما نفكر في هذا، من زاوية نظر يمينية أيضا فان الاعتراف بالسلطة الفلسطينية كالجسم السلطوي المخول في غزة هو الامر الأقرب الذي يمكن لإسرائيل أن تقبله، بشرعية دولية، لجباية ثمن إقليمي في اعقاب هجمة حماس المفاجئة. فواضح للفلسطينيين أيضا كالشمس الفرق بين الدكتاتورية الشمولية لحماس التي كان يمكنها أن تحقق إمرتها السلطوية والسياسية دون عراقيل ودون كوابح، وبين حكم السلطة الفلسطينية الذي يتناسب اكثر مع تعريف الحكم الذاتي المحدود منه للدولة السياسية. كما انه واضح للفلسطينيين أيضا بان حدود حكم السلطة الفلسطينية والسيطرة العسكرية، النظامية والسياسية لإسرائيل في الضفة.
السلطة الفلسطينية قد تحتفل لكن الهزيمة الرنانة لحماس ستكوي الوعي الوطني الفلسطيني كانهيار مدوٍ للتجربة السياسية الأولى للفلسطينيين في أن يعيشوا كوحدة سياسية مستقلة. ما سيحتفل تجاه الخارج كانجاز، هو عمليا هزيمة. بشكل مفعم بالمفارقة، هذا بالضبط هو الوضع الذي ينبغي توجيه اليمين السياسي اليه.
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :natourcenters.com
بتاريخ:2025-01-10 14:43:00
الكاتب:Karim Younis
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
/a>