ماذا يعني إعلان منظمة الصحة العالمية أن فيروس كورونا لم يعد حالة صحية عالمية طارئة؟

رسميًا لم يعد فيروس كورونا حالة طوارئ صحية عالمية، وإليكم ما يعنيه ذلك.

أعلن خبراء منظمة الصحة العالمية رسميًا أن فيروس كورونا لم يعُد يشكل حالة طوارئ صحية تثير قلقًا عالميًا. ويتزامن ذلك مع الخطة الجديدة لمنظمة الصحة العالمية للانتقال من الاستجابة لحالات الطوارئ إلى التدبير العلاجي طويل الأمد لمرض كوفيد 19.

لكن هذا قد لا يغير الكثير عمليًا. إذ سيبقى فيروس كورونا يُعد جائحة، وسوف تحتفظ الدول بسلطتها الخاصة في قرارها ما إذا كانت سوف تعامل فيروس كورونا على أنه حالة طوارئ داخل أراضيها أم لا. مثلًا، سبق وأعلنت بعض الدول من بينها الولايات المتحدة إنهاء حالة الطوارئ الوطنية بالفعل.

رغم ذلك، يُعد هذا حدثًا ذا أهمية كبيرة بالنسبة لمجتمع الصحة العالمي، لأننا نقترب من نهاية فترة الاستجابة للطوارئ التي بدأت في 30 يناير عام 2020.

في الوقت نفسه، قد يمر المرض دون أن يلاحظه الكثيرون.

إذ قد مر وقت طويل منذ أن اعتبر معظم الناس فيروس كورونا على أنه حالة طارئة.

مثلًا في المملكة المتحدة، لم يعد الفيروس يُذكر في استطلاع الرأي العام لمكتب الإحصاءات الوطنية الذي يسأل الناس عن رأيهم في القضايا المهمة التي تواجه بلادهم. وحتى قبل عام، كان اثنان فقط من كل خمسة بريطانيين قلقين إلى حدٍ ما بخصوص مرض كوفيد 19، وذلك وفقًا للاستطلاع.

تابع الخبراء دراسة تجارب الناس في الوباء بمساعدة علماء السلوك على مدى السنوات الثلاث الماضية. رغم عدم مراجعة نتائج الدراسة من قبل المختصين، ولكن بحلول صيف عام 2022، وصف العديد من المشاركين في الدراسة أن فيروس كورونا ذكرى بعيدة أو أنه لم يحدث أبدًا.

وبينما ننتقل من مرحلة الاستجابة للطوارئ، حان الوقت للنظر في ما تعلمناه حول السلوك البشري في أثناء الوباء، وما الذي سيحدث بعد ذلك.

إن التخلص من العادات القديمة صعب في الأيام الأولى من الوباء، إذ تساءل العديد من علماء السلوك إذا كانت بعض الإجراءات الوبائية موجودة واستمرت إلى وقتنا هذا.

هل ستصبح الكمامات عنصرًا أساسيًا في خزانة الملابس؟ وهل سيذهب الناس إلى عملهم عندما يكونون بصحة جيدة؟

تبيّن أن وباء فيروس كورونا لم يغير العادات وسلوك معظم الناس ولم يخلق عاداتٍ جديدة. وبالعودة مجددًا إلى المملكة المتحدة، فإن استخدام الكمامة ينخفض باستمرار، إذ تشير الأرقام في الشهر الماضي أن أقل من واحد من كل ستة بالغين ما زال يرتدي الكمامة. أما الاستخدام المنتظم للكمامة فقد أصبح أقل شيوعًا.

إضافةً إلى اختفاء التباعد الاجتماعي منذ فترة طويلة، باستثناء نسبة صغيرة من الناس لا سيما الأكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا.

علمتنا جائحة فيروس كورونا أيضًا كيف يكون السلوك التكيفي، وكم كان الناس على استعداد لتغيير سلوكهم في سبيل الحفاظ على سلامتهم وسلامة الآخرين من حولهم. إذ اتبع معظم الناس القواعد، بغض النظر عن مدى صعوبة ذلك وهنا تعلمنا مدى مرونة وصمود البشر وقدرتهم على التكيف.

هذه التكيفات السلوكية في الوباء، وحقيقة أن سلوكنا قبل الجائحة تغير بسرعةٍ كبيرة، يوضح مدى أهمية العادات والأعراف الاجتماعية وكونها أساسية لأخذ اللقاح والاهتمام بالتدابير الوقائية عمومًا. فارتداء الكمامة أو التباعد الإجتماعي تُعد عادات أيضًا.

طُبقت هذه السلوكيات تلقائيًا استجابة لإشاراتٍ قياسية معينة مثل رؤية صور لأشخاص يطبقون التباعد الإجتماعي.

ومع اختفاء هذه الإشارات السياقية وتغيّر الأعراف الاجتماعية، وزيادة تغطية اللقاحات وانخفاض الخطورة على الأغلبية، تغير سلوكنا.

أثبتت الجائحة أيضًا مدى أهمية العلاقات الإجتماعية والاحتكاك الاجتماعي، لا سيما الاحتكاك البدني. هذا شيء لا يمكن لفيروس كورونا أن يبقيه بعيدًا للأبد.

ووفقًا لنظرية السلامة الاجتماعية، التي ترى الضغط أو الرفاهية نتاجًا لعوامل بيولوجية نفسية واجتماعية، فإن جائحة فيروس كورونا تشكل تهديدًا على النسيج الإجتماعي الذي يجعل البشر قادرين على الصمود ويبقيهم على قيد الحياة وبصحة جيدة.

فإنه ليس غريبًا أن تنخفض مستويات سعادة الناس ورضاهم عن الحياة في أثناء فترات الإغلاق والحجر، ويتعافون مجددًا بعد عودتهم للاختلاط من جديد.

في الختام، وبينما نحتفل بانتهاء حالة الطوارئ فإنها ما زالت لم تنته بعد بالنسبة للكثير من الناس لا سيما المرضى مرتفعي الخطورة وقد لا تنتهي أبدًا. وعلينا ألا ننسى أن سبعة ملايين شخص فقدوا بسبب فيروس كورونا منذ عام 2020.

ورغم أن منظمة الصحة العالمية أخبرتنا أن كوفيد 19 لم يعد مرضًا خطيرًا، فإن فيروس كورونا ما يزال مسؤولًا عن ملايين الإصابات وآلاف الوفيات كل أسبوع حول العالم، وعن العديد من المرضى الذين ما زالوا يحتاجون إلى العناية بسبب فترة الإصابة الطويلة بالفيروس.

سنحتاج مستقبلًا إلى الانتقال من الاعتماد على مرونة الأفراد إلى بناء مرونة المؤسسات. إذ يمكننا جميعًا اتخاذ التدابير المناسبة لحماية أنفسنا ومن حولنا من فيروس كورونا والفيروسات الأخرى التي تُصيب الجهاز التنفسي، مثل غسل اليدين وأخذ اللقاحات.

في نفس الوقت لا ينبغي أن تقع مسؤولية مواجهة حالات الطوارئ الصحية العامة على عاتق الشعوب فقط.

إذ يمكن للحكومات والسلطات الصحية وأرباب العمل اتخاذ إجراءات الحماية في حالات الطوارئ الصحية العامة. مثل معالجة المعلومات المضللة و تصحيحها، وتحسين التهوية في المدارس وأماكن العمل والأماكن الداخلية العامة الأخرى، وإجراء تحسينات على الإجازات المرضية مدفوعة الأجر.

كل هذه سوف تكون طرقًا جيدة للبدء في بناء مؤسسات أكثر مرونة مستعدة لمواجهة أي وباء جديد قادم الذي هو أمر نأمل أن لا نراه مجددًا في حياتنا.

اقرأ أيضًا:

ما سر الأشخاص الذين لم يصابوا بفيروس كورونا مطلقًا؟ وهل هم محصنون؟

لقاح كوربيفاكس للجميع: إليكم اللقاح الذي سينهي جائحة كورونا!

ترجمة: تيماء القلعاني

تدقيق:فادي الخطيب

المصدر

المصدر
الكاتب:تيماء القلعاني
الموقع : www.ibelieveinsci.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-06-02 17:53:20
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

Exit mobile version