متلازمة نونان: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

تُعد متلازمة نونان (Noonan Syndrome) حالةً مرضية وراثية قد تصيب مناطق عدة من جسم الطفل المصاب، وتتمثل بأعراض مختلفة، أهمها ملامح وجه غير اعتيادية، وقصر القامة، ومشكلات قلبية. يُفيد الكشف المبكر للحالة وعلاجها في تخفيف الأعراض وتفادي أية مضاعفات.

يُعاني بعض الأطفال المرضى أعراضًا خفيفة، بينما قد تُسبب هذه الحالة لدى البعض الآخر مشكلات أكبر. وتتضمن الأعراض عادة ملامح وجه غير عادية مثل الجبهة العريضة والعيون الواسعة، وتوضع منخفض للأذنين بالإضافة إلى الرقبة العريضة، وغالبًا ما تسبب قصرًا في القامة (مقارنة مع الأطفال في نفس العمر)، ومشكلات في العيون، وضعفًا في العضلات بالإضافة إلى آفاتٍ قلبية ولادية.

لا يوجد علاج لمتلازمة نونان، لكن الطبيب سيساعد على الحفاظ على حياة المريض طبيعية قدر المستطاع، ويبقى على تواصلٍ دائم مع المريض ليمنع أي مضاعفات أو يعالجها في بداياتها، ما يؤمّن حياة طبيعية وصحية للطفل المصاب.

من يُصاب بمتلازمة نونان؟

قد يُصاب أي طفل بمتلازمة نونان، وغالبًا ما ينقل الآباء المصابون بمتلازمة نونان لأطفالهم في 50% من الحالات، إذ تُعد متلازمة نونان اضطرابًا وراثيًا شائعًا نسبيًا، وتظهر هذه بنسبة 1 من كل 1000 إلى 2500 شخص.

أسباب متلازمة نونان:

تظهر متلازمة نونان عادة بسبب تغيرات (طفرات) في جينات محددة تساعد على نمو أنسجة الجسم وتطورها، وتتسبب هذه الطفرات الجينية في تكوين بروتينات تبقى فعالة فترة أطول من المطلوب، ما يؤثر سلبًا في النمو والانقسام الطبيعي للخلايا.

قد تكون متلازمة نونان موروثة بأن ينقلها أحد الوالدين للطفل. أو قد تكون طفرة تلقائية تتطور دون وجود أي تاريخ عائلي للمرض. وتجد الاختبارات الجينية العيوب لدى 80% من المصابين بمتلازمة نونان، بينما لا يعلم الباحثون أسباب ظهور المتلازمة لدى باقي المصابين حتى الآن.

الحالات المرضية الشبيهة بمتلازمة نونان:

تنتمي متلازمة نونان لمجموعة من الأمراض المرتبطة ببعضها المعروفة باسم RASopathies، وتظهر هذه الحالات المرضية بسبب عيوب في نمو الخلايا وتطورها، وتتشابه في الأعراض، وتتضمن هذه المجموعة:

  •  متلازمة عيوب القلب والوجه والجلد.
  • متلازمة كوستيلو.
  •  الورم الليفي العصبي من النوع الأول.
  •  متلازمة ليجيوس.
  •  متلازمة نونان المترافقة بالنمش المتعدد (تعرف بمتلازمة ليوبارد).
  •  متلازمة تيرنر.

أعراض متلازمة نونان:

تتراوح شدة الأعراض اعتمادًا على العضو المصاب من جسم الطفل من الأعراض الخفيفة إلى المهددة للحياة. تبدأ معظم الأعراض بالتطور لدى الجنين داخل الرحم وتظهر لدى الأطفال قبل عمر 11 عامًا.

تُصبح ملامح وجه الأطفال المرافقة لمتلازمة نونان أقل وضوحًا مع التقدم بالعمر، وتتضمن هذه الملامح ما يلي:

  •  جبهة عريضة.
  •  انخفاض عميق في منتصف الشفة العلوية.
  •  انسدال الأجفان (تدليها).
  •  أنف مسطح مترافق بجذر أنف واسع ونهاية منتفخة.
  •  توضع منخفض للأذنين.
  •  عيون خضراء أو زرقاء باهتة.
  •  عيون واسعة ومائلة للأسفل مترافقة مع حول.

تتضمن بعض الأعراض الجسدية الأخرى ما يلي:

  •  انتفاخ أصابع اليدين والقدمين.
  •  عيوب في شكل الأظافر ولونها.
  •  رقبة قصيرة مع خط شعري منخفض وطيات جلدية زائدة.
  •  قصر القامة.
  •  صدر مقعر أو عظم قص منخفض.

يُعاني العديد من الأطفال المصابون بمتلازمة نونان عيوبًا قلبية ولادية، وقد تتطلب هذه الحالات علاجًا فوريًا أو تسبب أعراضًا في مراحل متقدمة من الحياة، وتتضمن الأعراض القلبية ما يلي:

  •  عيوبًا في الحاجز بين الأذينتين.
  •  اعتلال العضلة القلبية الضخامي (تسمك في العضلة القلبية).
  •  تضيق الشريان الرئوي.

وتسبب متلازمة نونان أيضًا ما يلي:

  •  مشكلات في التنفس، مثل تلين الحنجرة.
  •  تجمع للسوائل في اليدين أو القدمين (وذمة لمفية).
  •  تأخر نمائي.
  •  فرط تكدم ونزف.
  •  صعوبات في الإطعام (لدى الرضع).
  •  خصية غير نازلة (خصية هاجرة)، قد تسبب هذه الآفة مشكلات في الخصوبة عند عدم علاجها.
  •  انحراف وميول في النخاع الشوكي (جنف).
  •  مشكلات في الرؤية أو فقدان للسمع.
  •  مشكلات ولادية في الكلى.

المضاعفات المترافقة مع متلازمة نونان:

يُعاني العديد من الأطفال المصابون بمتلازمة نونان نموًا أبطأ من الطبيعي في أثناء البلوغ مع إنهم ولدوا بطول طبيعي. ويواجه 50% منهم صعوبات في التعلم، بينما يعاني القليل منهم إعاقة ذهنية، ويحتاج 10-15% من اﻷطفال المصابين بمتلازمة نونان إلى تعليم خاص. وتسبب متلازمة نونان أيضًا تأخرًا في النمو، أو مشكلات سلوكية، أو اضطرابات في الكلام.

يُعاني بعض الأطفال من زيادة احتمالية إصابتهم بابيضاض جوفينيل الوحيدي النقوي لدى الأطفال (JMML) أو بعض أنواع السرطانات الأخرى. ويُقدّر خطر الإصابة في عمر 20 عامًا بنحو 4%.

التشخيص والاختبارات:

يشتبه الطبيب بإصابة الطفل بمتلازمة نونان بعد الفحص الجسدي ومعرفة الأعراض، وقد يطلب بعض الاختبارات الجينية لتأكيد التشخيص واستبعاد الإصابة بأمراض أخرى، وتتضمن ما يلي:

  •  تعداد كامل عناصر الدم (CBC).
  •  تصوير الصدر بالأشعة السينية.
  •  التصوير المقطعي.
  •  مخطط صدى القلب.
  •  تخطيط كهربائية القلب (EKG).
  •  اختبارات جينية.
  •  التصوير بالأمواج فوق الصوتية.

المراقبة والعلاج:

لا يوجد علاج نهائي لمتلازمة نونان، لكن بعض طرق العلاج تساعد على التحكم في أعراض المتلازمة، إذ يطور فريق الرعاية الصحية خطة علاج خاصة بكل طفل مصاب بالمتلازمة تبعًا للأعراض وشدتها، ويتضمن ذلك:

  •  أجهزة طبية مساعدة مثل النظارات أو أجهزة السمع.
  •  معالجة للنطق أو السلوك.
  •  الدعم التدريسي لإعاقات التعلم.
  •  الأدوية تتعلق بالمشكلات القلبية للطفل، أو معالجة النزف، أو تحسين تأخر النمو.
  •  معالجة هرمون النمو.
  •  معالجة داعمة، مثل علاج الضغط للوذمة اللمفية.

ينصح الطبيب أحيانًا بإجراء عملية جراحية، ويفيد التشخيص المبكر للمرض في العلاج والرعاية اللاحقة له.

وقد يتضمن الفريق مختصين آخرين إلى جانب طبيب أطفال، ومنهم:

  •  مختص في طب الأوعية.
  •  طبيب عصبية (مختص في الدماغ والنخاع الشوكي والأعصاب).
  •  طبيب أورام.
  •  طبيب عينية.
  •  مختص في علم الجينات.
  •  طبيبة قلبية (مختص في طب القلب والأوعية).
  •  طبيب غدد (مختص في علم الهرمونات).
  •  مختص في أمراض الكلى.
  •  طبيب جلدية (مختص في البشرة، والشعر، والأظافر).

يقدم فريق الرعاية الصحية العلاج المناسب للطفل المصاب، إذ يراقب الأطباء حالة الطفل ووجود أي أعراض جانبية، ويصفون الأدوية أو العلاجات المناسبة بناءً على ذلك.

الوقاية من متلازمة نونان:

لا يمكن فعل أي شيء لحماية الطفل من الإصابة بمتلازمة نونان، إذ تظهر الآفة نتيجة تغيرات جينية. ويجب التواصل مع الطبيب لإجراء اختبارات جينية سابقة للولادة إذا كانت المتلازمة تجري في العائلة.

التوقعات:

يعيش معظم المصابين بمتلازمة نونان حياة طبيعية ومستقلة، ويعمل فريق الرعاية الصحية على التحكم بأعراض الطفل المصاب ومنع أية مضاعفات من الحدوث.
قد تلزم عملية جراحية لدى وجود مشكلات قلبية ولادية، وتستمر المراقبة بعدها للتأكد من صحته وسلامته. يقترح مقدم الرعاية الصحية عادة خيارات العلاج الفورية والدائمة على المريض.

الخلاصة:

قد يكون التشخيص الطبي لرضيع حديث الولادة أو لطفل أمرًا مخيفًا، لكن معظم الأطفال المصابين بمتلازمة نونان يعانون أعراضًا خفيفة ويعيشون حياة طبيعية وصحية. يُفضل التواصل مع الطبيب لتقديم العلاج والعناية المناسبين لاحتياجات الطفل. ويُفيد العلاج السريع للمتلازمة في تخفيف الأعراض والقلق وتأمين حياة طبيعية وصحية للطفل المصاب.

اقرأ أيضًا:

مرض فون ريكلينغهاوزن (الورم الليفي العصبي)

الصدر الجؤجؤي أو صدر الحمامة: الأسباب والأعراض والعلاج

ترجمة: رهف وقّاف

تدقيق: محمد حسان عجك

المصدر

المصدر
الكاتب:رهف وقاف
الموقع : www.ibelieveinsci.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-12-14 23:48:31
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

Exit mobile version