يرتفع الطلب على السلع الأساسية بلمح البصر عند الحديث عن خطر محتمل أو أزمة مرتقبة. فكيف إذا كانت المسألة متعلّقة باحتمال وقوع الحرب؟
لا شيء يستدعي، حتى الآن، القلق من اشتعال الجبهة عند الحدود الجنوبية مع فلسطين. لكن لا يمكن الجزم طالما أن الاعتداء الإسرائيلي على قطاع غزّة مستمر، ومعه التهديد بنقل المعركة، كلياً أو جزئياً إلى لبنان. وحتى اتخاذ القرار الحاسم، يتساءل اللبنانيون عمّا إذا كان مخزون المحروقات من بنزين ومازوت وغاز، يكفي السوق. ويبحثون في احتمالات انقطاع الطرقات وتوقُّف عملية التوزيع بين المناطق، وربما الاستيراد أيضاً. الأمر الذي يرفع الأسعار ويحجب الكمّيات، في استعادة لمشهد إخفاء المحروقات خلال فترة ما قبل رفع الدعم عن الاستيراد. فهل يتكرّر السيناريو؟
المحروقات متوفّرة
لا مشاهد غير مألوفة حتى اللحظة على محطات المحروقات. البنزين والمازوت متوفّران بالأسعار التي تصدرها وزارة الطاقة ضمن جدول تركيب الأسعار الذي يصدر مرّتين في الأسبوع، يوميّ الثلاثاء والجمعة.
وباستثناء القرى الحدودية، فإن حركة السيارات على محطات المحروقات طبيعية، بل إن “الطلب خفيف ولا يوجد أي ضغط على المحطّات”، وفق ما يؤكّده ممثل موزعي المحروقات، فادي أبو شقرا. وفي ذلك دلالة على أن الشارع لم يتفاعل بعد بشكل سلبي مع العمليات العسكرية في الجنوب.
ولمزيد من الطمأَنة، يشير أبو شقرا في حديث لـ”المدن”، إلى وصول “ثلاثة بواخر جديدة. حمولتها تكفي السوق لمدة شهر على الأقل”. ويرفض أبو شقرا “التكهّنات حول احتمال حصول الحرب أم لا. ومع ذلك، في حال وقوعها، سيستمر الموزّعون في نقل المحروقات من منطقة لأخرى طالما أن الطرقات بين المناطق سالكة”.
قطاع الغاز أكثر حذَراً
في مقابل الطمأنينة التي يبديها أبو شقرا، يبدو قطاع الغاز أكثر حذراً في التعامل مع احتمال وقوع الحرب. سيّما وأن ما شهده القطاع منذ نحو سنتين من طوابير وشح في المخزون وتقلُّب الأسعار، يجزم أن التعامل مع الأزمات ليس سهلاً ويستدعي اتخاذ التدابير.
الخطوة الأولى التي يتّخذها أهل قطاع الغاز، وقبل وقوع الحرب، هي “عدم ملء خزانات المحطات بشكل كامل، تجنّباً لاحتمال قصفها”، بحسب ما تقوله مصادر من بين أصحاب محطات الغاز. وهذا الإجراء يدفع أصحاب المحطات إلى تعبئة خزاناتها بكميات محدّدة “وكل يوم بيومه”.
قدرة قطاع الغاز على الصمود في حال الحرب “يتوقّف على مدّة الحرب وعلى الوضع السياسي في البلد وعلى مدى تهافت الناس لشراء الغاز”. وتؤكّد المصادر في حديث لـ”المدن”، أن “المخزون يُوزَّع عادة على المحطات يكفي السوق حالياً لنحو 15 يومياً. لكن اذا حصلت الحرب قد لا تكفي الكمية لهذه المدة، بل أقل، بسبب التهافت على الشراء والتخزين”.
ولا تنفي المصادر الدور الذي قد تلعبه بعض المحطات في تخزين الكميات التي تملكها، تحسباً لارتفاع الأسعار عند ارتفاع الطلب. وتكشف المصادر أنه مع بداية الأزمة الاقتصادية وتقلّب الأسعار في ظل سياسة الدعم غير الفعّالة التي اعتمدتها السلطة السياسية “كان بعض أصحاب شركات الغاز الكبرى، يطلبون من أصحاب المحطات إقفال الأبواب وعدم بيع مخزونهم، بهدف كسب المزيد من الأرباح عند ارتفاع الأسعار. لكن بعض أصحاب المحطات كانوا يرفضون ذلك، وفي المقابل، كان غيرهم يوافق. وفي حال اندلاع الحرب مع اسرائيل، فإن احتمال تكرار هذه الطلبات وارد، ولهذا السبب نسمّي كبار التجّار في هذا القطاع، بالمافيات”.
وللوضع السياسي العام في لبنان والعالم دوره في تغذية الأزمة. “فإذا كان هناك قرار بالتصعيد، فقد يُفرَض حصار بحري على لبنان وتتقلّص فرص وصول بواخر الغاز، ما يرفع حدّة الأزمة”.
يأمل الجميع عدم وقوع الحرب، لأن الشارع اللبناني مجهَّز بشتّى أسلحة الاستغلال، والسوق السوداء حاضرة لإعلان افتتاح موسم الربح غير المشروع. ولتفادي أكبر قدر من الاستغلال “تنسِّق بعض شركات الغاز مع البلديات الواقعة ضمن نطاقها، لتنظيم عمليات تفريغ الغاز وبيعه. وطلبت بعض البلديات من المحطات، عدم إبقاء الصهاريج داخلها، فيتم تفريغ الحمولة وخروج الصهاريج فوراً”.
المصدر الكاتب:hanay shamout الموقع : lebanoneconomy.net نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-11-01 06:35:04 ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي